14-يونيو-2019

بسبب التقاليد والثقافة الاجتماعية السائدة تنتهي صداقات كثيرة بعد الزواج (تويتر)

كم عدد الفتيات والشباب الذين خسروا صداقات جميلة ومميزة نتيجة لارتباطهم؟ لاشك أن العدد لا يحصى، لأن ثقافتنا الاجتماعية السائدة ترفض أن يكون للشاب والفتاة أصدقاء من الجنس الآخر بعد الزواج، وإذا تمسك أحدهم بهذه الصداقة، فحتمًا إن لم تنتهي العلاقة الزوجية بـ"الطلاق" فستكون ملأى بالخلافات والمشاكل، وعلى أبسط الأمور، نتيجة للجذر أو المسبّب الرئيسي أو ما يسمى "الغيرة".

 ثقافتنا الاجتماعية السائدة ترفض أن يكون للشاب والفتاة أصدقاء من الجنس الآخر بعد الزواج وإذا تمسّك أحدهم بصداقة ما فحتمًا ستسبّب المشاكل إن لم تأتي بـ"الطلاق"

هناك فرضيات كثيرة، خاصة في مجتمعاتنا التي مرّت بظروف كثيرة، تقول إن الزواج هو "امتلاك"، وإن الشريك يحق له أن يملك شريكه ويتصرّف بحياته كما يشاء، وكأنها حياته هو. فيما يبقى هناك جانب مهم يرجعه مختصون إلى العادات والتنشئة الاجتماعية، وهو اعتقاد الكثير من الأشخاص بأنهم مجرد ما يعلنون ارتباطهم بشخص ما، فإن حياتهم أصبحت ملكًا لشخص آخر، وإن العلاقة بين الرجل والمرأة في وجهها هي علاقة عاطفية فقط، ولا يحق للشريك أن يحتفظ بصداقته مع أصدقاء من الجنس الآخر.

اقرأ/ي أيضًا: رسائل أوستر وكوتزي.. طعم الصداقة الإلكترونية

لكل منّا مساحة من الخصوصية والحرية التي تجعله يحظى ويحافظ على صداقات مختلفة، ويخرج ويمرح معهم، حتى وإن كانت تلك الصداقات مع الجنس الآخر، من قال إن الرجال عندما يريد أن يشاهد فيلم في السينما يجب أن يشاهده مع زوجته ولا يحق له الخروج مع مجموعة من الصديقات ويشاهدون ذلك الفيلم؟ ومن قال إن المرأة عندما يحدث لها شيء سيء أو ترغب بمشاركة همومها يجب أن تشاركها مع شريكها ولا يحق لها أن تشارك تلك الهموم مع أصدقائها؟

يرى عدد من المختصين في علم النفس أن "غيرة" الشريك على شريكه بكل شيء، وتدخله بكل عمل يقوم به، يضعف من شخصية كل منهما، ويكونان غير اجتماعيين وغير قادرين على قيادة حديث معيّن مع شخص آخر، فتجهدهم يميلون إلى الانطوائية، ولا يشاركون في التجمعات ولا يحضرون المناسبات، وإن حضروا فإن حديثهم يكون مختصرًا جدًا لأنهم غير قادرين على الاستمرار في النقاش لأكثر من عدّة دقائق، مؤكدين أن أولئك الأشخاص يكونون أكثر عرضة للمشاكل الزوجية لأنهم يكونون مقربين من بعضهم البعض وكأنهم شخص واحد، وهذا يؤدي في كثير من الحالات إلى الملل وفقدان الاشتياق بينهم.

من جانب آخر، يؤكد علماء الاجتماع على أن مشاركة الشريك بكل التفاصيل اليومية وأدقها يساهم في خلق أشخاص غير منتجين اجتماعيًا مقارنة بمن لهم خصوصية معينة، ولديهم عدد من الصداقات، كما أنهم يكونون غير مبدعين لأن أفكارهم وتصرفاتهم ليست ملكًا لأنفسهم، بل ملك لشخص آخر من الجنس الآخر الذي يختلف عنهم اختلافًا كبيرًا. إذ أن هناك اختلاف كبير بين النساء والرجال من النواحي العاطفية والاجتماعية، وقد وضح جون جراي صاحب كتاب "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، الكثير من هذا الاختلاف في كتابه، حيث فيقول إن "أكبر تحديات الرجل ترجمة كلام المرأة إذا تحدثت ومساندتها بالتفهم والتأييد المناسبين للموقف ولمشاعرها، ويضيف في جانب آخر "أكبر تحديات المرأة تأويل صمت الرجل ومساندته بتقبله ودعمه بأن تترك له المساحة التي يحتاج إليها"، كما أن المرأة الواقعة تحت الضغوط غير مهتمة بالعثور على حلول لمشكلاتها، بل تبحث عن الراحة بالتعبير عن نفسها، بينما الرجل الواقع تحت ضغط يميل إلى التركيز على نقطة واحدة عكس المرأة.

كما أن هناك جانب إيجابي آخر في علاقات الأصدقاء من الجنس الآخر، وهي أن هذه الصداقات تجعلهم يفمهون شريكهم أكثر، فالرجل الذي يملك عدد من الصديقات يستطيع أن يفهم كيف تفكر النساء، وكيف يتعامل معهن، وبالتالي سينجح في تعامله مع شريكته، كذلك الفتاة أيضًا تستطيع من خلال أصدقائها أن تتفهم صفات وطريقة تفكير شريكها وتتفادى العديد من المشاكل التي قد تحدث، وبذلك ينجح كل منهما في تعامله مع الآخر حيث تكون حياتهم الزوجية ناجحة، عكس ما يعتقده البعض بأن صداقة الرجل والمرأة هي علاقة تخفي من وراءها هروبًا من حياة زوجية فاشلة، وتعتبر هذه الصداقة تعبيرًا عن أمر آخر داخل كل منهما.

من قال إن الرجل عندما يريد أن يشاهد فيلم في السينما يجب أن يشاهده مع زوجته ولا يحق له الخروج مع مجموعة من الصديقات ويشاهدون ذلك الفيلم؟

إن لعنصر الثقة أيضًا دور مهم جدًا في هذه العلاقات مع الأصدقاء ومع الشريك، كما يرى مختصون، خاصة نحن الآن في عالم السرعة وعالم التكنولوجيا التي أصبح بإمكان الشريك أن يخون شريكه وهو بجانبه عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فإن كانت هنالك ثقة بين شريكين أقسما بعهدٍ أن يكملا بعضهما البعض ما تبقى من حياتهما، لا يخون شريكه مع صديقة أو صديق قد يكون أقدم من هذا العهد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

فضيحة كامبريدج أناليتيكا.. فيسبوك يضحي بخصوصية 57 مليار صداقة

شجرة الكتابة.. بستان الصداقة