ألترا عراق ـ فريق التحرير
أصبحت إثارة الجدل صفة ملازمة لإقامة "معرض بغداد الدولي للكتاب" في كل عام، وبينما تتنوّع التفاصيل مثار الجدل بين دورة وأخرى، إلا أنها ناجمة من مسار واحد على صلة بالجناح السياسي الذي له "خصومة" شديدة مع الأوساط الثقافية والصحافية في العراق كما حصل مؤخرًا مع افتتاح رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي لمعرض الكتاب.
نظّمت الأوساط الثقافية والشعبية في مواقع التواصل حملة تحت وسم "#مقاطعة_معرض_الكتاب" احتجاجًا على افتتاحية نوري المالكي له
ويبدو الأمر غريبًا بالنسبة للمراقبين، أن تكون فعاليّة ثقافيّة مثل معرض بغداد للكتاب ذات صلة بجناح يعدُّ "عدوًا" للأوساط الثقافيّة، متمثلًا بالجناح الإسلامي المقرّب من إيران في العراق، الذي طالما اتهم بعمليات تصفيّة وقمع وتضييق على الصحفيين والكتّاب والمثقفين في العراق.
سلطة استهدفت "المثقفين" تفتتح المعرض
ورافق الجدل الدورة الـ29 لمعرض بغداد الدولي للكتاب المقام من 19 أيار/مايو الجاري وحتى الـ28 من الشهر ذاته، والذي تقيمه شركة "صدى المعارف" واتحاد الناشرين العراقيين، الذين اختاروا أن يقص شريط الافتتاح زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الشخصيّة الأكثر جدًلا في العراق، والذي يقفز من سجلّه ذكريات قاسيّة على العراقيين طوال فترة حكمه الممتدة لـ8 سنوات، من
معارك طائفية وفساد و
هدر قرابة 100 مليار دولار، و
سقوط عدة محافظات بيد تنظيم "داعش".
ورصد "ألترا عراق" جملة من المواقف الغاضبة في مواقع التواصل الإجتماعي ضد إدارة معرض بغداد للكتاب متمثلًا باتحاد الناشرين العراقيين، فيما نظّمت الأوساط الثقافية والشعبية في مواقع التواصل حملة تحت وسم "#مقاطعة_معرض_الكتاب"، احتجاجًا على تصدير نوري المالكي إلى الواجهة خصوصًا وأنه "لا يمتلك صفة رسمية أو أي منصب بالدولة أو البرلمان"، وبمشاركة وزير الثقافة الحالي حسن ناظم الذي ظهر وهو يمسك الشريط للمالكي.
واعتبر مدونون أنّ هذه الخطوة استهزاء بمشاعر العراقيين، وضحايا الوسط الثقافي الذين قضوا على يد السلطة التي تزعمها نوري المالكي لـ8 سنوات، فضلًا عن كون الفعاليات الثقافية وظيفتها هي أن تكون أداة ضدّ السلطات المتهمة بدماء العراقيين وشخوصها، لا أداة لها، بحسب التدوينات التي رصدها "ألترا عراق".
وفي عام واحد خلال فترة حكم المالكي، سجلت المراصد المختصة قرابة 300 اعتداء حكومي على صحفيين ومؤسسات إعلامية، ولعل قصة الصحفي هادي المهدي الذي اغتيل عام 2011 خلال فترة حكم المالكي وتنامي نفوذ الجماعات المسلحة حينها، مازال في ذاكرة الأوساط الاعلامية والثقافية حتى الآن وبعد مرور أكثر من عقد على اغتياله.
في الأثناء، قرر التيار الصدري، الانسحاب من معرض بغداد الدولي للكتاب فور افتتاح المعرض، قائلًا في بيان، إن "الإشراف العام على هيئة تراث الشهيد السعيد السيد محمد الصدر قرر إغلاق جناح الهيئة والانسحاب من معرض بغداد الدولي للكتاب".
وأرجع البيان، سبب الانسحاب، إلى "بعض إجراءات افتتاح المعرض"، في إشارة إلى الكلمة التي قدمها نوري المالكي.
سياسية ثابتة.. لا مصادفة
وفي مراجعات
لنشاطات اتحاد الناشرين العراقيين مع معرض بغداد الدولي للكتاب، لا يبدو أنّ افتتاح المالكي للمعرض "مصادفة"، بل كان جزءًا من سياسة وارتباطات اتحاد الناشرين العراقيين، حيث أثار الاتحاد في الدورة السابقة لمعرض بغداد للكتاب
ضجة مع قيامه بنصب صور قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في أروقة المعرض حينها.
وكشفت تغريدة للإعلامي المقرب من الفصائل المسلحة، أحمد عبد السادة، عن مدى الصلة الوثيقة بين اتحاد الناشرين والفصائل.
وكتب عدد من المدونين في هذا الصدد، بأن "افتتاح لمالكي لمعرض بغداد، خطوة غير مستغربة، كون اتحاد الناشرين العراقيين له ميول ولائية وإطارية"، في إشارة إلى قوى الإطار التنسيقي المقربة من إيران.
معرض بغداد.. ومعرض العراق
ويشهد العراق سنويًا معرضين للكتاب تتخللهما "مناكفات" واستهداف متبادل بين الجهات القائمة على معرض بغداد الدولي للكتاب الذي يقيمه اتحاد الناشرين العراقيين، وبين معرض العراق الدولي للكتاب الذي تقيمه مؤسسة المدى للثقافة والفنون.
ومن المثير للاهتمام، أنّ رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، أوفد وزير الثقافة حسن ناظم إلى معرض بغداد الذي يقيمه اتحاد الناشرين، فيما كان افتتح بنفسه معرض العراق للكتاب الذي أقامته مؤسسة المدى في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
ويرى الأكاديمي محمد ابراهيم، أنّ هناك عدّة عوامل ستؤدي لفشل معرض بغداد الدولي للكتاب الذي يقيمه اتحاد الناشرين بدورته الحالية، من بينها "عدم تحمل مدينة مثل بغداد إقامة معرضين للكتاب في أوقات متقاربة، فضلًا عن مصادفة موعد المعرض مع امتحانات طلبة المدارس وارتفاع درجة الحرارة والعاصفة الغبارية التي ستمتد لـ3 أيام خلال فترة إقامة المعرض، بالإضافة إلى دعوات المقاطعة احتجاجًا على افتتاح المالكي للمعرض".
وتناول "ألترا عراق" في مادة صحفية سابقة التضارب والتوتر بين مؤسسة المدى واتحاد الناشرين العراقيين منذ بروزه في 2019 وتحديد مواعيد إقامة المعارض وأماكنها وتغيير ذلك لاحقًا بين الطرفين.