12-مايو-2019

سرقت الكثير من آثار العراق بعد الاحتلال الأمريكي وتم إهمال الكثير أيضًا من قبل الحكومة العراقية (فيسبوك)

بلاد ما بين النهرين أو وادي الرافدين، التسميات مختلفة لكن المعنى واحد وهي الأرض التي أقيمت عليها أعظم وأكبر الحضارات الإنسانية "سومر وأكد وبابل وآشور". ومنذ آلاف السنين أنشأت أولى الحضارات في العالم على أرض العراق واستمرت هذه الحضارات لفترة طويلة من الزمن، ولهذا فإن العراق يتمتع بالكثير من المواقع الأثرية المنتشرة من شماله إلى جنوبه، والتي تم إرسال البعثات الأجنبية إلى العراق في القرن العشرين لغرض الحفر والتنقيب والبحث عن هذه المواقع المهمة.

الآثار العراقية المسروقة، ذهب بعضها إلى دول الجوار ومنها إلى دول أوروبية لتنتقل بعدها إلى "إسرائيل"، لأنها لا تلتزم بالاتفاقيات الدولية في ما يتعلق بإعادة الآثار المسروقة!

وفي ظل غياب القانون والإهمال وعدم الاهتمام بالآثار والمواقع التاريخية تم سرقة الآلاف من القطع الأثرية الثمينة، إضافة إلى إخراج الكثير منها من العراق خاصة بعد الغزو الأمريكي، حيث تحوّلت آثار العراق إلى شتات في متاحف العالم، حيث تشير مصادر صحفية إلى أن متاجر "هوبي لوبي"، قامت بشراء 5548 قطعة أثرية عراقية مسروقة من وسطاء إسرائيليين وتاجر مقيم في دولة الإمارات في تموز/ يوليو 2017، بينما يقول مختصون إن الآثار العراقية المسروقة والتي ترصد مسار التطور التاريخي العراقي، ذهب بعضها إلى دول الجوار ومنها إلى دول أوروبية لتنتقل بعدها إلى "إسرائيل"، لأنها لا تلتزم بالاتفاقيات الدولية في ما يتعلق بإعادة الآثار المسروقة.

اقرأ/ي أيضًا: هل يمهد هولاند لـ"امتلاك" آثار العراق وسوريا؟

فيما تم تهريب آلاف الآثار العراقية التي تعود إلى الحضارات السومرية والبابلية والآشورية بعد الاحتلال الأمريكي للعراق، الأمر الذي تشير فيه دراسات إلى أن عدد القطع الأثرية المسروقة من المتحف الوطني العراقي بعد العام 2003 بحدود 200 ألف قطعة أثرية.

وتعرضت مواقع أثرية في العراق إلى هجمات وتدمير من قبل المتطرفين، بالإضافة إلى ما حدث لآثار الموصل والتي تعود إلى الحضارة الآشورية من قبل "داعش"، وتم بيع الكثير من القطع في نينوى وتهريبها والمتاجرة بها في خارج العراق، لتتحول الآثار إلى قصة "نهب" من الاحتلال الأمريكي إلى سقوط الموصل، فضلًا عن الإهمال الحكومي الواضح.

أثناء تدمير تنظيم "داعش" لآثار نينوى (تويتر)

قام موقع "ألترا عراق" بجولة في أحد المواقع الأثرية في العراق وتحدث مع موظفي وزارة الثقافة في الموقع، فقال لنا أحد الموظفين الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته، إن "المواقع الأثرية في العراق تتعرّض إلى الإهمال الكبير، مبينًا أن "من الممكن أن يتم إغراء بعض الموظفين بمبالغ عالية مقابل سرقة الآثار وتهريبها".

وحاول "ألترا عراق" أن يلتقط بعض الصور للموقع الأثري الذي قد شهد الإهمال الكبير وانتشار النفايات، لكن لن يسمحوا لنا بالتصوير لأن انتشار الصور التي تثبت الإهمال للمواقع الأثرية المهمة يعتبر مشكلة لدى الجهة المسؤولة عن هذا الموقع.

في السياق، تحدث "ألترا عراق" مع وكيل وزارة الثقافة لشؤون السياحة والآثار ورئيس هيئة الآثار قيس رشيد الذي أكد بأن "سبب ازدياد سرقة الآثار وتهريبها عام 2003 هو بسبب ظروف الاحتلال الأمريكي وغياب الدولة ومؤسساتها، مستدركًا "ولكن بعد ذلك انخفضت نسبة السرقات بشكل كبير ونجح العراق في إيصال صوته إلى المحافل الدولية من أجل مساعدته في إيقاف بيع وشراء الآثار العراقية واستعادتها إلى وطنها وصدرت قرارات من مجلس الأمن الخاصة بذلك".

وكيل وزارة الثقافة لشؤون السياحة الآثار لـ"ألترا عراق": لا توجد إحصائية لما تم تهريبه من قبل "داعش"، لأن ذلك تم بالحفر غير المشروع للمواقع الأثرية، وبالتالي لا أحد يعرف العدد الحقيقي لما تم حفره وسرقته

أضاف رشيد أنه "‏خلال فترة احتلال "داعش" تم سرقة وتهريب الكثير من الآثار العراقية لأن "داعش" اتخذ من الاتجار بالآثار مصدرًا من مصادر تمويله، لافتًا إلى عدم "وجود إحصائية لما تم تهريبه، لأن ذلك تم بالحفر غير المشروع للمواقع الأثرية، وبالتالي لا أحد يعرف العدد الحقيقي لما تم حفره وسرقته".

اقرأ/ي أيضًا: نوتردام والثور المجنح.. لماذا سكت العالم عن "اغتصاب بلاد الرافدين"؟

أشار رشيد إلى أن "وزارة الثقافة نجحت بالتنسيق والتواصل مع المجتمع الدولي والدول الصديقة والمنظمات الدولية، وأهمها اليونسكو من أجل إعادة تأهيل المواقع المخربة من جرّاء احتلال "داعش" لها، مبينًا أن "هناك بعثة ألمانية في موقع النبي يونس بالإضافة إلى بعثة إيطالية في موقع كويسنجق وبعثة فرنسية في موقع خرسباد وبعثة أمريكية في موقع آشور وغيرها".

أما المستشار الإعلامي في وزارة الثقافة، باسم الزاملي، قال لـ"ألترا عراق"، إن "الوزارة شكلت 15‏ بعثة تنقيبية، فضلًا عن 3 بعثات في إقليم كردستان ضمن خطة وضعتها الوزارة مؤخرًا للحفاظ على المواقع الأثرية المنقبة ‏كما كثفنا الجهود لاسترداد القطع الأثرية المهربة من خلال التنسيق مع المجتمع الدولي ممثلًا بالجهات الحكومية والمنظمات الدولية المتخصصة".

من ضمن الآثار التي استلمها العراق من الأردن (ألترا عراق)

لفت إلى أن "العراق استرجع 1300 قطعة أثرية نادرة مهربة من الحكومة الأردنية وكذلك وبالتعاون مع جامعة بنسلفانيا وجامعة كورنيل تم استرجاع 10,000 قطعة مهربة سلمت إلى السفارة العراقية في واشنطن، مبينًا أن "العراق تسلم من الحكومة الألمانية معدات بالغة الأهمية في عمليات الحفر والتنقيب عن الآثار ستساعد كثيرًا في مجال الحفر والتنقيب، فيما أصدرت تعليمات تمنع تحول المناطق الأثرية إلى مناطق إدارية".  

فيما يعتقد مختصون أن عددًا كبيرًا من المدن الأثرية تحت الأرض ولم يتم استخراجها من قبل الحكومة العراقية إلى الآن بسبب الانشغال بالحروب والصراعات السياسية المستمرة في البلاد.

حيدر البدري، وهو من سكنة بابل، قال لـ"ألترا عراق"، إن "وزارة الثقافة لا تعمل على قدر من المسؤولية لاستعادة آثار العراق والحفاظ عليها، مشيرًا إلى أن "الأماكن الأثرية ومنها بابل فيها إهمال كبير ولا تحظى باهتمام يليق بحجمها وتاريخها وأهميتها للعراقيين وللعالم"، لافتًا إلى أن "المراقد المزيفة تعتبر أهم من آثار العراق بالنسبة للكثير من المتنفذين في السلطة". 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هدمها "جنود البغدادي" ولن تعود.. معالم اختفت من نينوى

الخارجية تسترد قطعة أثرية بابلية عمرها 3200 سنة