ألترا عراق ـ فريق التحرير
دخلت عمليات الجانب التركي في الشمال العراقي ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني، مرحلة جديدة فاقت العمليات العسكرية والضربات الجوية، وأصبح التوغل في الأراضي العراقية أمرًا واقعًا ليتكلل مؤخرًا بإجراء تغييرات بيئية وإنشاء طرق للدعم اللوجستي عبر تخريب وتجريف الأشجار في المناطق الحدودية لإنشاء طريق عسكري للجيش التركي يتوغل في العمق العراقي.
قدرت منظمات معنية في مجال البيئة ما دمره الجيش التركي من الأراضي الطبيعية بحدود 1000 دونم
وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وصور عن قيام شركات تركية وبمساندة الجيش التركي بقطع آلاف الأشجار في منطقة بادينان الحدودية، ونقلها إلى تركيا للاتجار بيها واستخدامها في الصناعات الخشبية بحسب تقارير، حيث يعمل الجانب التركي على حصد فائدتين من عمليات التوغل والتجريف هذه، الأول عسكري بإنشاء طريق دعم لوجستي يدخل للعمق العراقي، والآخر اقتصادي بنقل والاستفادة من أخشاب الأشجار العراقية بعد تجريفها وقطعها.
اقرأ/ي أيضًا: أنقرة تواصل غرس "مخالبها" في العراق.. عجز أم "تفاهمات" من تحت الطاولة؟
ودق هذا التطور ناقوس الخطر لدى وزارات الزراعة للحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم حتى صدر بيان مشترك بين الوزارتين، وصف هذه العمليات بـ"التصرفات العدائية ضد الطبيعة والبيئة العراقية وبيئة إقليم كردستان، بل عملًا عدائيًا ضد الإنسانية وكل العالم لأن البيئة ليس لها حدود"، فيما طالب البيان الحكومتين الاتحادية وحكومة الاقليم للتحرك بسرعة بهذا الشأن.
وبينما أصدرت حكومة الإقليم بيانًا رافضًا لهذه الممارسات مطالبة الجانب التركي بإيقافها وإبلاغها بـ"عدم مقبولية هذا التصرف"، إلا أنها ألقت اللوم على مسلحي حزب العمال الكردستاني، محملةًا إياه مسؤولية الأضرار العسكرية والبيئية التي لحقت بأراضي الإقليم.
وقدرت منظمات معنية في مجال البيئة ما دمره الجيش التركي من الأراضي الطبيعية بحدود 1000 دونم، بالإضافة إلى إلحاقه ضررًا فادحًا بالحيوانات البرية، فيما هدد ممثلو تلك المنظمات في مؤتمر صحفي، بإنهم سيبعثون بمذكرة احتجاج إلى الأمم المتحدة ويرفعون شكوى ضد تركيا، معتبرين أن "الجيش التركي انتهك القانون الدولي، ولوائح الأمم المتحدة مرارًا وتكرارًا لسنوات عديدة بخرقه لحدود دولة أخرى وإلحاقه الضرر بآلاف الدونمات من الأراضي الطبيعية في المناطق الحدودية".
ويسعى الجيش التركي عبر هذه الممارسات، لإنشاء طريق ممتد من منطقة جلي التركية إلى قضاء العمادية في إقليم كردستان، الذي تم إنشاء نحو 12 كلم من هذه الطريق داخل أراضي الإقليم، وأن عملية قطع الأشجار بدأت منذ سنوات ويتم إرسالها إلى تركيا، وذلك بحسب بيان للحزب الأخضر في إقليم كردستان، الذي بيّن أن "الإرهاب البيئي دمر مليون و700 ألف دونم من الغابات في منطقة بادينان التي تضم أكبر مساحات خضراء في الإقليم".
اتفاقية لوزان وميثاق الملي
تجري هذه الأحداث وعمليات التوغل التركية المستمرة في شمال العراق ومناطق عديدة أخرى في المنطقة، بالتزامن مع اقتراب انتهاء اتفاقية لوزان في عام 2023 بعد مرور 100 عام على توقيعها، وهي الاتفاقية التي تشكلت بموجبها الحدود التركية عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية.
ويكثر الرئيس التركي أردوغان من ذكر هذا التاريخ، ويظهر جليًا في أحاديثه مدى رهانه على حلول هذا العام الذي سينهي صلاحية هذه المعاهدة، وكانت المرة الأولى التي يشير فيها الرئيس التركي إلى هذا الميثاق، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، عندما تم استبعاد تركيا من المشاركة في حملة التحالف الدولي بقيادة أمريكا لتحرير مدينة الموصل من داعش، حيث ردّ أردوغان حينها بالقول "في الموصل التاريخ يكذب علينا.. وإذا رغب السادة الأفاضل في التحقق من ذلك فعليهم بقراءة الميثاق الملي ليفهموا معنى الموصل بالنسبة إلينا".
تجري عمليات التوغل التركية بالتزامن مع اقتراب انتهاء اتفاقية لوزان في عام 2023 بعد مرور 100 عام على توقيعها
وميثاق الملي ينص على أن "المناطق التي تسكنها غالبية تركية مسلمة في الموصل وحلب هي مناطق تركية الأم"، إلا أنه تم خسارة هذه المناطق وفق اتفاقية لوزان والتي من المفترض أن تنتهي في عام 2023 بعد مرور 100 عام على إنشائها أول مرة.
اقرأ/ي أيضًا:
"حجة التوغل".. هل تستطيع تركيا الاعتماد على الاتفاق مع صدام حسين؟
قصص من القصف التركي لشمال العراق.. علاقة "العمال" بالسلطات والناس