23-يونيو-2020

لملف محتجزي رفحاء والسجناء السياسيين مغزى انتخابي (Getty)

حالما وجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي ضمن سلسلة إجراءات لـ"الإصلاح المالي" بمعالجة ازدواج الرواتب والرواتب التقاعدية لمحتجزي رفحاء وفئة من المقيمين خارج العراق الذين يتقاضون رواتب أخرى، حتى خرجت مسرعةً الأصوات الرافضة للإجراء على المستوى السياسي والمستفيدين من تلك الرواتب. كان ذلك في نهاية شهر آيار/مايو الماضي. ومع استقطاع نسبة من رواتب المتقاعدين وما أثارته من اعتراضات كبيرة، أعلنت المديرية العامة للتقاعد في 10 حزيران/يونيو إيقاف رواتب محتجزي رفحاء لحين صدور تعليمات جديدة بخصوص رواتبهم وأكدت أنه ليس قطعًا نهائيًا.

رغم التظاهرات.. أوامر رسمية

المئات من المستفيدين من رواتب السجناء السياسيين وذوي الشهداء ومحتجزي رفحاء تظاهروا في عدد من المدن العراقية وقطعوا طرقًا رئيسة وهددوا بالتصعيد في حال مضت الحكومة بقطع رواتبهم.

أصدر الكاظمي أوامر رسمية بإيقاف ازدواج الرواتب ومستحقات محتجزي رفحاء 

لاحقًا، انتشر حديث عن تراجع الحكومة بقرار إيقاف ازدواج الرواتب لكن الكاظمي وفي 20 حزيران/يونيو نفى ما اعتبره "التشويش على الإصلاحات" مؤكدًا استمرار الإصلاحات المالية والاقتصادية وأنها "فرصة مهمة لمعالجة الأخطاء السابقة".

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات مسلحة و"تحريض".. ماذا يدور في مجموعات "رفحاء الإلكترونية"؟

تظاهرات لم تخلو من السلاح، وقطع للطرق، وتصريحات نارية وتحذيرات على المستوى الرسمي كانت بمثابة إنذار للكاظمي لمنعه من قطع تلك الرواتب في وقت تعاني فيه حكومة الأخير من أزمة اقتصادية في ظل تراجع أسعار النفط العالمي وتفشي وباء كورونا.

لكن الكاظمي أصدر في 22 حزيران/يونيو أوامر رسمية بإيقاف ازدواج الرواتب ومستحقات محتجزي رفحاء "واقتصارها على شخص واحد لا يتجاوز راتبه مليون دينار".

ومن ضمن الشروط التي وضعتها الحكومة أن يكون المحتجز ربًا للأسرة حاليًا ويكون الصرف له فقط ولا يُصرف لبقية أفراد أسرته، وألّا يتقاضى راتبًا من الدولة أو راتبًا تقاعديًا وأن يكون من المقيمين في العراق حاليًا، بحسب الوثيقة.

جدل قانوني

أكد الكاظمي في قراره الأخير على تنفيذ المادة (10) من قانون 26 لسنة 2019، وهو التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 بشأن إلغاء النصوص القانونية كافة التي تسمح بالجمع بين راتبين أو أكثر باستثناء الفئات المذكورة في المادة. لكن المدير العام في مؤسسة الشهداء طارق المندلاوي استند في حديث تلفزيوني تابعه "ألترا عراق" على ذات القانون المعدل في تأكيد قانونية الرواتب.

قال المندلاوي إن القانون المعدل في حكومة عادل عبد المهدي أضيفت له "فقرة واضحة وصريحة وهي المادة الأولى/هـ التي تعطي الحق لذوي الشهداء والسجناء السياسيين والمتضررين بجمع الرواتب".

أشار المندلاوي إلى أن القانون نافذٌ على الجميع ولا يمكن إلغاؤه إلا بقانون. ودعا المندلاوي، الخبير القانوني طارق حرب إلى الاتيان بالنص القانوني الذي يخالف تلك الرواتب أو أن يقول "لا أقدر أن أنفذ القانون".

المادة التي تعطي الحق لذوي الشهداء والسجناء السياسيين والمتضررين بجمع الرواتب أضيفت في حكومة عبد المهدي

بدوره، قال حرب إن "كل قرار لمجلس الوزراء نافذٌ حال صدوره ويجب أن ينفذ، وقرار إيقاف ازدواج الراتب صدر وبإمكان المتضررين مراجعة القضاء والطعن به".

اقرأ/ي أيضًا: هل يمكن للحكومة إيقاف الرواتب المزدوجة دون الذهاب إلى البرلمان؟

لفت الخبير القانوني في حديث لـ "ألترا عراق" إلى أن التعديلات المقرّة سيتضمنها "قانون الموازنة الجديد لأنه معلق إلى يوم الأربعاء"، حيث من المزمع أن يصوت مجلس النواب على مشروع قانون الاقتراض الداخلي والخارجي.

وأضاف حرب: "القرار يُنفذ، والتعديلات تدخل بقانون الموازنة، وستبقى مسألة الإيقاف أو التخفيض" غير محسومة.

تحشيد شعبي وسياسي

لم تكن هي المرة الأولى التي يتظاهر فيها، فالمرة ما قبل الأخيرة كانت أثناء اندلاع الموجة الثانية من انتفاضة تشرين بعد أن شاع قرار اتخذه مجلس النواب يلزم الحكومة بالتنفيذ الفوري لإلغاء "جمع الرواتب" في خطوة لامتصاص غضب الشارع وصفت بالتخديرية كونها "غير ملزِمة" بحسب متخصصين.

مطلع الشهر الحالي، أصدر النائب السابق ورئيس حركة النورـ الانتفاضة والتغيير محمد الهنداوي بيانًا دعا فيه ذوي الشهداء والمحتجزين السياسيين إلى تشكيل "لجنة التعبئة والتحشيد الجماهيري للنزول إلى الشوارع وتنظيم اعتصامات مفتوحة في بغداد والمحافظات".

بعد الأوامر الرسمية للكاظمي، كشف مصدر مقرب من حركة الانتفاضة والتغيير لـ"ألترا عراق" عن اجتماع قريب لبحث الرد على قرار الحكومة الأخير الذي وصفه بـ"غير القانوني" كون الرواتب هي "حقوق مقرة بقانون ولا تلغى إلا بقانون".

وتحدث عن "تواصل مع الكتل الشيعية" التي تدعم بمجملها موقف المشمولين بالقرار، وتنسيق مع جهات برلمانية داعمة كون "القوانين تخص الشيعة بشكل خاص في الوسط والجنوب".

يتوقع مراقبون أن تبادر بعض القوى الحزبية إلى حشد الأصوات النيابية لرفض قرار الحكومة بخصوص رواتب محتجزي رفحاء رغم الجدل القانوني حوله

وبما يخص تبني تحالف سائرون لتعديل الرواتب خلافًا للكتل الشيعية الأخرى، قال المصدر إن الموقف السابق الذي تبناه النائب حسن العاقولي تغير والدعم الآن واضح من خلال الكتاب الذي وجهه النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي.

اقرأ/ي أيضًا: فساد بالمليارات منذ ولاية المالكي الأولى: الدستور "يحرّم" رواتب رفحاء!

وكان الكعبي قد أعلن رفضه "محاولة الحكومة للمساس برواتب الشهداء والسجناء السياسيين" واصفًا إياها بـ"الأمر غير القانوني وغير اللائق".

حملة مقابل حملة؟

يرى سياسيون ومراقبون أن لملف محتجزي رفحاء والسجناء السياسيين مغزى انتخابي، ويتوقع آخرون أن تبادر بعض القوى الحزبية إلى حشد الأصوات النيابية لرفض قرار الحكومة رغم الجدل القانوني حوله. لكن الخبير القانوني طارق حرب يقول إن "زمن الجماعات الكبيرة التي كانت تضغط في البرلمان ذهب الآن ولا أحد يقبل منح 27 مليونًا كراتب".

على الجانب الآخر، كشفت مصادر مطّلعة لـ"ألترا عراق" عن وجود "تهديدات سياسية صريحة" من المستفيدين من رواتب الرفحاويين والسجناء التي "تمول الجيوش الإلكترونية في إدامة نفوذ الدولة العميقة".

كان الشيخ الهنداوي قد أشار في رسالته إلى أهمية "تفعيل الإعلام الإلكتروني بشكل واسع ومنظم لبيان حقوق ضحايا جرائم صدام وعدم السماح للحكوم بمسها".

وتوقعت المصادر المقربة من الكاظمي أن تظهر نتائج القرار وما تبعه من تهديدات خلال الأيام المقبلة في حملة منظمة ضد الحكومة ورئيسها.

فيما يرى طارق حرب أن تدخل المتظاهرين يعني إقرار قانون الموازنة مع إيقاف ازدواج من قبل النواب "وهم واقفون وليسوا جالسين"، في إشارة إلى إمكانية حشد المتظاهرين بالضد من الأحزاب الرافضة للإصلاحات المالية.

كشفت مصادر لـ"ألترا عراق" عن وجود "تهديدات سياسية صريحة" من المستفيدين من رواتب الرفحاويين

ومضى حرب بالقول: "عشرة متظاهرين أحرقوا حزبًا له صولة وجولة ولم يتحدث أحد. إذا تحرك المتظاهرون نحو حزب ما سنرى (تاليه). مثلما لدى الطرف المتضرر أدوات فللآخرين أدوات أيضًا".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

4 ضوابط "صارمة".. قرار رسمي يحسم جدل رواتب "محتجزي رفحاء"

المليارات مقابل العدس.. ماذا يميز "الرفحاويين" عن "أبناء الرفيقات"؟