29-يوليو-2019

فقراء العراق يبحثون بين الأنقاض عن الطعام بينما هناك أطفال في أوروبا يأخذون الرواتب من الحكومة فقط لأنهم ولدوا من رفحاوي (تويتر)

لا يزال الجدل مثارًا حول معتقلي رفحاء، وما يتقاضونه من امتيازات يراها كثيرون بأنها تثقل كاهل ميزانية الدولة، إضافة إلى أنها تخلق تمايزات اجتماعية، على اعتبار أن القانون أعطاهم ما لم يعط لغيرهم من شرائح المجتمع، في الوقت الذي يشهد فيه البرلمان حراكًا لتعديل القانون وإعادة النظر فيه، يرى مراقبون صعوبة تعديل هذا القانون لأنه ارتبط بـ"التجارة السياسية"، والتي صارت في بعض الأحيان تجارة مذهبية، حيث تعمد بعض الكتل على استثمار أصوات رفحاويي الخارج، وهم كثيرون.

فهمي: قانون رفحاء تضمَّن منح امتيازات تشمل كل أفراد الأسر المشمولة به، وبطريقة مختلفة عن الطريقة التي تمنح بها رواتب ذوي الشهداء والسجناء السياسيين

والآلاف من محتجزي مخيم رفحاء السعودي يتسلمون رواتب شهرية من قبل مؤسسة السجناء السياسيين بناءً على تعديل قانون المؤسسة الرابع للعام 2006 الذي صوَّت عليه مجلس النواب في أيلول/سبتمبر لعام 2013، والتي تصل شهريًا إلى أكثر من 21 مليون دينار للأسرة الواحدة.

معايير تثير التساؤل

النائب عن تحالف سائرون، رائد فهمي قال إن "قانون رفحاء تضمَّن منح امتيازات أو تعويضات تشمل كل أفراد الأسر المشمولة به، وبطريقة مختلفة عن الطريقة التي تمنح بها رواتب ذوي الشهداء والسجناء السياسيين".

أضاف فهمي في حديث لـ"ألترا عراق"، أنه "ليس لدينا طعن بالمشمولين بقانون رفحاء بأنهم كانوا ضحية للنظام أو لا، لكن هناك تمايزًا بينهم وبين الشرائح الأخرى للشعب العراقي، ما يتسبب بإشكالية للتعويض"، مؤكدًا أن "هذا القانون يحتاج إلى وقفة لمراجعة الشروط أو المعايير التي يُمنح بمقتضاها التعويض، وندعو إلى إعادة النظر بالقانون".

اقرأ/ي أيضًا: المليارات مقابل العدس.. ماذا يميز "الرفحاويين" عن "أبناء الرفيقات"؟

بيَّن فهمي أن "عددًا كبيرًا من النواب قاموا قبل مدة بجمع تواقيع لمراجعة قانون رفحاء وتعديله؛ لأن المعايير تثير التساؤل ويحتاج إلى تدقيق"، موضحًا أننا "في المدة المقبلة نترقب إدراج الطلب من قبل رئاسة البرلمان بجدول أعمال المجلس".

قانون كلفته "تفاليس"

بدوره، قال الأمين العام لحركة النور- الانتفاضة والتغيير ـ محمد الهنداوي، وهو المدافع الأبرز عن قوانين تعويض محتجزي رفحاء، إن "القانون يطبق وكلفته (تفاليس)"، متسائلًا "هل يعلم الإخوة أن راتب الرفحاوي يبدأ من ٤٠٠ ألف دينار لمن لديه أقل من ستة أشهر وأكثر من شهر، ومن له ستة اشهر وأقل من سنة فراتبه ٨٠٠ ألف دينار، ومن كان له سنة في محتجز رفحاء فراتبه ١٢٠٠٠٠٠ (مليون ومئتي ألف دينار)، وإذا كان له سنة أخرى يضاف له ٦٠ ألف دينار وهكذا".

أضاف الهنداوي ببيان نشره عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك"، وتابعه "ألترا عراق"، أن "قلة قليلة منهم بقوا إلى سقوط صدام فتحسب لهم الفترة من دخولهم المحتجز بعد الانتفاضة الشعبانية في عام ١٩٩١ ولغاية 8ـ4ـ2003"، موضحًا أن "من بقي في المخيم بعد هذا التاريخ لا تحتسب له هذه الفترة لأن قوانين العدالة الانتقالية محددة من حين وقوع الضرر ولغاية آخر يوم سبق سقوط الطاغية".

وبيّن الهنداوي أن "أعلى راتب يتقاضاه رفحاوي هو مليون وثمانمائة ألف دينار وهؤلاء قليلون بحدود السدس من مجموعهم البالغ ما بين الثلاثين ألفًا والأربعين ألفًا، وفيهم الآلاف ممن حرموا لعدم توفر وثائق أو لديهم أسماء مستعارة، أو لم يسجلوا في الصليب أو سجلوا بتواريخ متقدمة مثل 14ـ3ـ1991 أو كان في رفحاء، وعاد وليس له وثائق، ومثل هؤلاء قبلت المؤسسة بعضهم ورفضت القسم الأكبر وهم كثيرون".

تابع أن "المرأة الرفحاوية حالها حال المعتقلة السياسية، وكم بقيت في رفحاء، فعلى سبيل المثال، إذا ما بقيت سنة واحدة فراتبها يكون مليون ومائتي ألف دينار لأن علاقتها انتهت بخروجها من المخيم"، مضيفًا أن "الأطفال حالهم حال أبناء المعتقلين إذا دخلوا السجن مصاحبين لأمهاتهم أو آبائهم أو ولدتهم أمهاتهم في السجن، فيأخذون حكم أمهاتهم وكذلك ابن الرفحاوية يأخذ حكم أمه، مشيرًا إلى أنه "من بقيت أمه سنة فهو يأخذ راتب سنة واحدة، ومن ولد من رفحاوي أو رفحاوية بعد خروجهم من المحتجز وعادوا إلى العراق أو ذهبوا إلى ديار اللجوء فلا راتب لهم".

وأشار إلى أن "القانون لا يمنح هذا الراتب إلا لمن ثبت اشتراكه في الانتفاضة الشعبانية"، مؤكدًا أن "المؤسسة تشددت كثيرًا بحيث لا تصادق على أحد إلا لديه وثائق صحيحة من الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي، وشاهدين شاهداه أثناء اشتراكه في الانتفاضة الشعبانية، والشاهدين مصادق عليهما".

غياب للإنصاف والعدالة

من جانبه قال الخبير القانوني طارق حرب، إن "قانون رفحاء لم يساوِ بالمركز القانوني بين حالتين، الأولى بين جندي احتجز من قبل القوات السعودية، وبين محتجزي معسكر رفحاء الذين حصلوا على أفضل الخدمات، وأرسلوا إلى الغرب وحصلوا على جنسيات".

طارق حرب: القوانين الانتقالية يجب أن ينتهي تطبيقها بعد مرور 5 أعوام، أي كان من المفترض أن ينتهي تطبيقه منذ عام 2008، بما فيها قانون السجناء والشهداء ورفحاء

أضاف حرب في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "القوانين الانتقالية يجب أن ينتهي تطبيقها بعد مرور 5 أعوام، بحسب ما نصَّ عليه الدستور، أي كان من المفترض أن ينتهي تطبيقه منذ عام 2008، بما فيها قانون السجناء والشهداء ورفحاء"، مؤكدًا أنه "من غير المنصف والعدالة ألَّا يحصل الشهداء الذي سقطوا أثناء عمليات تحرير محافظات البلاد على عشر ما يحصل عليه سجناء رفحاء".

اقرأ/ي أيضًا: الرفحاويون "قربانًا" للصدر.. سائرون ترفض تحاصص المناصب إلا بشرط "التكنوقراط"!

وبيَّن حرب أنه "يؤيد جمع تواقيع من قبل أعضاء مجلس النواب لإعادة النظر بالقانون؛ لأن الوقت قد حان لإلغاء القوانين الانتقالية، ولأن العراق اليوم بأمس الحاجة إلى المساواة بين جميع فئات الشعب".

امتيازات ترهق ميزانية الدولة

القيادي في ائتلاف الوطنية حيدر الملا قال إن "من الخطأ اليوم ترتيب امتيازات مبالغ بها لسجناء رفحاء باعتبارهم ضحايا للنظام السابق"، مضيفًا أن "هناك مبالغة في مفهوم الامتياز لسجناء رفحاء وحتى السجناء السياسيين؛ لأنها أصبحت ترهق كاهل الموازنة العراقية، ما ينعكس على واقع الحياة اليومي بشكل سلبي".

وأضاف الملا في حديث لـ"ألترا عراق"،  أن "المناضل لا يأخذ ثمن نضاله، والامتياز هو معنوي واعتباري وليس ماديًا"، مبينًا أنه "حينما يتحول الوطن إلى سلعة ومادة، فهذا يعني إلغاء الوطنية، وعلى مجلس النواب في هذه الدورة أن ينهي مرحلة هذه الامتيازات التي ترهق الموازنة".

وانطلقت انتقادات وحملات واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي ضد الامتيازات الحكومية الممنوحة لمعتقلي رفحاء، فضلًا عن اتهامات للحكومة والبرلمان العراقي للانحياز لفئة معينة على حساب شرائح كبيرة ممن قاتلوا النظام السابق، وبقوا محتجزين في معتقلاته، فضلًا عن ضحايا الإرهاب.

الملا: هناك مبالغة في مفهوم الامتياز لسجناء رفحاء وحتى السجناء السياسيين؛ لأنها أصبحت ترهق كاهل الموازنة العراقية

وأنشئ مخيم رفحاء لللاجئين العراقيين بعد حرب الخليج الثانية، وما سمي بـ"الانتفاضة الشعبانية" التي حصلت في العراق، ويقع قرب الحدود العراقية مع السعودية، ويبعد عن محافظة رفحاء السعودية 20 كم، وقد ضم المخيم أكثر من 40 ألف محتجز خلال فترة 1991 إلى فترة 2003 بعد غلقه نهائيًا، حيث تبنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين حصول المحتجزين على إقامة في دول عديدة، منها أستراليا وأميركا وكندا والدنمارك وفنلندا والمملكة المتحدة وإيران وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا وسوريا.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل سيلغي البرلمان رواتب "رفحاء"؟.. سائرون يجيب

شرط الدولة المفقود عراقيًا