21-أكتوبر-2022

ما سيتم استيراده يعادل الحاجة الكلية وليس تعويض النقص فقط (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

يشخص مختصون أنّ من أكثر الأشياء التي تبعث الحيرة في العراق هي تضارب الأرقام، خصوصًا إذا كانت صادرة من جهات رسميّة، وهو ما يتضح بشكل جلي فيما يتعلق بمصير الحنطة والإنتاج والاستهلاك في العراق، حيث صدرت تصريحات من جهات رسمية ومختصة قد تكون غير  مفهومة نسبيًا، حيث أنّ إحدى التصريحات يمكن تفسيرها على أن العراق لن يزرع الحنطة أبدًا العام المقبل أو الذي بعده.

 سيتم زراعة 1.5 مليون دونم فقط بالطريقة الإروائية خلال هذا الموسم

لم تذهب تصريحات وزارة الزراعة بشأن مساحة زراعة الحنطة هذا الموسم بعيدًا عن الموسم السابق، بل يبدو أنّ وزارة الموارد المائية تريد تقليص زراعة الحنطة إلى ربع الكمية بعد أن قلّصتها إلى النصف الموسم الماضي.

المتحدث باسم وزارة الزراعة، حميد النايف، قال إنّ "وزارة الزراعة قدّمت خطة زراعية إلى وزارة الموارد المائية، إلا أنّ الأخيرة رفضت هذه الخطة، بداعي أن المياه لا تكفي”، مبينًا أنّ "اجتماعًا عقد  بعد ذلك بين الوزارتين واتفقنا على زراعة مليون ونصف المليون دونم ضمن الخطة الإروائية، ما بين الحنطة والشعير والخضار". 

ويتضح أنّ المساحة هي تقريبًا نصف المساحة المزروعة الموسم الماضي عندما تم تخفيض الخطة الزراعية للنصف إلى 2.5 مليون دونم انخفاضًا من 5 ملايين دونم في الموسم الذي سبقه، لكنّ هذا الموسم سيتم زراعة 1.5 مليون دونم فقط بالطريقة الإروائية.

وتؤكد وزارة الزراعة أنّ "المعطيات تشير إلى حصول نقص كبير في إنتاج الحنطة، بناء على الخطة التي أقرتها وزارة الموارد المائية، التي تقدر بزراعة مليون و300 ألف دونم".

حيث أنّ هذه المساحة لن تنتج حنطة أكثر من مليون طن فقط، أي أقلّ من 25% من حاجة العراق الكلية، إلا أنّ وزارة الزراعة ستلجأ إلى الآبار لزراعة مساحة أكبر من الحنطة، وهذا ما أكده النايف مشيرًا إلى أن "الموافقة حصلت على زراعة مليونين ونصف المليون دونم من الحنطة، وهذه الخطة لن يصل بها إلى درجة الاكتفاء الذاتي، لكنها ستكون عاملًا مساعدًا لزيادة إنتاج المحصول في الموسم المقبل". 

وفق ذلك؛ يبدو أنّ زراعة 2.5 مليون دونم حنطة بمياه الآبار فضلًا عن 1.5 مليون بمياه الأنهر، سيؤدي لزراعة 4 ملايين دونم قد تنتج 3 مليون طن من الحنطة تكفي لسد حاجة 65% من حاجة العراق العام المقبل 2023 وحتى شهر نيسان/أبريل لعام 2024.

هل العراق لن يزرع الحنطة أبدًا العام المقبل؟

تصريح صدر من الشركة العامة لتجارة الحبوب التابعة لوزارة التجارة مؤخرًا، يعد غريبًا وغير مفهوم، سوى بطريقة واحدة، وهي أنّ العراق لن يزرع شيئًا ابدًا العام القادم.

يقول معاون مدير عام الشركة حيدر نوري إنه "خلال العام الحالي استلمنا فقط مليونين و200 ألف طن من الحنطة وهذه الكمية غير كافية لتغطية العام المقبل وصولًا إلى موسم التسويق"، مبينًا أنّ "الشركة العامة لتجارة الحبوب تحتاج الى مبالغ كبيرة لاستيراد مليوني طن على الأقل من الحنطة لتغطية الأشهر الأربعة من العام المقبل وصولًا إلى موسم التسويق".

وفقًا لذلك، فإنّ الـ4.2 مليون طن المذكورة كافية لتغطية احتياجات العراق خلال عام كامل بين إنتاج 2.2 واستيراد مليوني طن، حتى شهر نيسان/أبريل المقبل الذي سيبدأ به حصاد ما سيتم زراعته هذا الموسم، لكنّ نوري أشار إلى أنّ "العام المقبل بسبب شح المياه قد نستلم خلاله من الحنطة أقل من 1.5 مليون طن أو أقل من ذلك"، وهو رقم يتضارب مع المساحة التي تريد وزارة الزراعة زراعتها والبالغة قرابة 4 ملايين دونم بين مياه أنهر وآبار.

إلا أنّ التصريح الأكثر غرابة، قول نوري إنّ "العراق بحاجة إلى استيراد 5 ملايين طن من الحنطة خلال عام 2023".

وتنبعث الغرابة من كون أن العراق يستهلك 4.5 مليون طن سنويًا فقط من الحنطة، ما يعني أن استيراد 5 مليون طن يوحي بأن العراق لن يزرع شيئًا أبدًا هذا الموسم أو الموسم المقبل مما سيضطره لاستيراد كامل احتياجه من الحنطة.

وحاول "ألترا عراق" تفسير هذا الأمر، وبمراجعة تصريحات نوري يتضح أنّ الأخير كان يقصد أن العراق يحتاج استيراد مليوني طن بشكل أولي لتغطية الحاجة للأشهر الأربعة الأولى من العام المقبل بسبب عدم كفاية ما تم حصده هذا العام.

وبعد ذلك، أي بعد نيسان/أبريل من العام المقبل الذي سيتم به حصاد ما سيتم زرعه هذا الموسم، سيحتاج العراق لاستيراد 3 مليون طن أخرى لتغطية الحاجة حتى شهر نيسان/أبريل من العام 2024، لأن حصاد نيسان من العام المقبل من المتوقع أن ينتج 1.5 مليون طن فقط حسب تقديرات معاون مدير عام شركة الحبوب، ومن هنا تأتي الـ5 ملايين طن، وهي لسد النقص الحاصل للأشهر الأولى من العام المقبل وحتى الأشهر الأولى من عام 2024.

العراق يستهلك 4.5 مليون طن سنويًا فقط من الحنطة

وبينما سيتم استيراد كميات تبلغ مليوني طن العام المقبل لتغطية الاحتياج حتى شهر نيسان/أبريل، فأنه يجب أن يستورد 3 مليون طن إضافية لتغطية الاحتياج حتى نيسان/أبريل المقبل بحسب حساباته بأنّ يتم حصاد مليون ونصف طن فقط العام المقبل، ما يعني أن الـ٥ ملايين طن هي لسد النقص الحاصل لموسمين وليس موسمًا واحدًا.