15-سبتمبر-2022

تخوفات من تمرير قانون مشابه في العام 2023 (فيسبوك)

بدأ خبراء في الاقتصاد والعديد من المراقبين يطرحون أسئلة بشأن آلية صرف أموال قانون الأمن الغذائي من قبل الحكومة، خصوصًا وأن العديد من الجهات التي شملت بالقانون لا تزال تطالب بالتخصيصات المالية الخاصة بها، بينما يزداد الحديث في الآونة الأخيرة داخل الأروقة الحكومية عن إمكانية تمرير قانون مشابه في حال عدم إقرار مشروع موازنة 2023.

تقول اللجنة المالية في مجلس النواب إن 22 مليون عراقي تضرّروا من عدم إقرار الموازنة المالية للعام 2022

ومرّر مجلس النواب في حزيران/يوليو الماضي، قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، في خطوة تتيح للحكومة التي تعمل ضمن مهام تصريف الأعمال الإنفاق على بعض المشاريع، في حين جاء القانون بعد خلافات عديدة حول قانونية تشريعه، مع عدم إقرار موازنة العام 2022.

وحذر خبراء اقتصاديون، من توجه مجلس النواب نحو تمرير قانون جديد مشابه لـ "قانون الأمن الغذائي"، كون الحكومة لديها فائض مالي من القانون المقر، والذي يمكن التصرف فيه العام المقبل، فيما أكدوا أنّ هذه القوانين قد تفتح بوابة أمام الصفقات التي تشوبها ملفات فساد.

اللجنة المالية في مجلس النواب، وفي وقت سابق، كشفت عن تضرر نحو 22 مليون عراقي جراء عدم إقرار الموازنة للعام 2022، محذرين من تكرار هذه الخطوة العام المقبل.

تعليق حكومي

ولا يزال القانون الطارئ للأمن الغذائي والتنمية في مرحلة الصرف وقد تستكمل مصروفاته خلال العام المقبل أيضًا في حال عدم تشريع قانون الموازنة العامة للعام 2023، وفقًا للمستشار الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء، مظهر محمد صالح. 

وتقدر القيمة الإجمالية لقانون الأمن الغذائي بـ 25 تريليون دينار ما يعادل (17 مليار دولار)، خصصت منها 4 تريليونات دينار لتسديد ديون الكهرباء، و5.5 تريليون دينار لشراء محصول الحنطة المحلية والمستوردة.

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يرى المستشار المالي للكاظمي، أنّ "القانون متكامل الأوجه في مسألتي الإنفاق الاستثماري والإنفاق التشغيلي، وبخلاف ذلك، فإنّ الصرف سيستمر بموجب قاعدة الصرف 1/12 من المصروفات الفعلية الجارية المتحققة في العام 2022".

ونصت القاعدة أعلاه، ـ والحديث لصالح ـ  حسب التفسير الميسر للمادة 13 من قانون الإدارة المالية النافذ رقم 6 لسنة 2019 المعدل، مؤكدًا أنّ "الصرف سيكون بالتأكيد ما جرى صرفه فعلاً في العام 2022 يضاف إلى ذلك صرف بقية التخصيصات التي لم تصرف، وتضمنها القانون الطارئ للأمن الغذائي والتنمية".

ويستعد العراق الدخول العام 2023، دون إقرار الموازنة المالية للبلاد على غرار ما حصل العام الماضي نتيجة للانسداد السياسي وعدم التوصل إلى اتفاق لتشكيل الحكومة الجديدة، رغم مرور نحو عام على إجراء الانتخابات.

مخالفات دستورية

ويستشكل الخبراء في الاقتصاد بأنّ قانون الأمن الغذائي دخل حيز التنفيذ وصدرت تعليماته من قبل وزارة المالية، لكن إلى الآن لا توجد بيانات رسمية حول أبواب الإنفاق أو نسب الإنجاز الخاصة بالقانون لتأخر إصدار التقارير من وزارة المالية، بحسب الخبير الاقتصادي، نبيل جبار العلي. 

وأصدرت وزارة المالية، في 8 آب/أغسطس، التعليمات الخاصة بصلاحيات صرف قانون الأمن الغذائي والتنمية رقم 2 لسنة 2022، ما يعني أنّ الوزارة المعنية احتاجت أكثر من شهرين لإصدار التعليمات الخاصة بالقانون.

ووصف الخبير الاقتصادي، نبيل العلي، القانون بـ"الموازنة التكميلية"، التي عادةً ما كانت الحكومات تستخدمها في السنوات الماضية لتوسيع موازناتها العامة، في حين استخدمت القوى السياسية تسمية قانون الأمن الغذائي لإضافة صلاحيات إنفاق حكومية تقارب 25 تريليون دينار، وهي تمثل قيمة الجزء الاستثماري من كل موازنة سنويًا بشكل تقريبي.

وبحسب العلي، فإنّ المشاريع وأبواب الإنفاق في القانون هي أبواب تقليدية تركز على توزيع الأموال لجميع المحافظات على شكل تنمية الأقاليم أو مشروع البترودولار، فيما تم تخصيص 9 تريليون لدعم الأمن الغذائي الذي لم يظهر نتائج هذا الإنفاق لغاية اليوم.

ويقول العلي لـ"ألترا عراق"، إنّ "القانون مرر عبر وسيلة قد تكون غير قانونية عبر تشريعه من قبل البرلمان لصالح الحكومة، مشيرًا إلى أنّ "القانون سجل عليه مخالفة كونه ذا جنبة مالية، وليست من صلاحيات البرلمان تشريع مثل هذه القوانين لاعتبارات تتعلق فصل السلطات".

ويضيف العلي أنّ "المحكمة الاتحادية لا تزال تنظر في الطعون المقدمة بشأن هذا القانون الذي يعتقد أنه زاد من أزمة المشهد السياسي، كونه ساهم بإعطاء الحكومة صلاحيات أقرب بأن تكون كاملة مما ساهم بالأطراف الداعمة لها بالمطالبة باستمرارها بدلًا عن اختيار حكومة جديدة".

عديدون يتخوفون من عدم تمرير موازنة 2023 في ظل الخلاف السياسي

وفي أيار/مايو من العام الجاري، قررت المحكمة الاتحادية العليا، إلغاء مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية الذي أرسلته حكومة تصريف الأعمال إلى البرلمان، بناءً على دعوى أقامها النائب باسم حسان.

وبشأن إمكانية تمرير قانون مشابه، تحدث العلي قائلًا إنّ "الأقرب هو العمل على إقرار قانون الموازنة خصوصًا بعد الجدل القائم على مدى إمكانية استمرار الإنفاق العام مرة أخرى بداية السنة المقبلة في ظل تكرار تأخر إقرار الموازنة لعامين متتاليين".

مراحل صرف المصروفات

لكنّ الخبير الاقتصادي، مصطفى أكرم حنتوش، يؤكد أنّ التخصيصات الخاصة بقانون الأمن الغذائي لا تزال تصرف إلى الآن من قبل الحكومة والجهات المعنية. 

ويقول حنتوش لـ"ألترا عراق"، إنّ "مرحلة صرف مصروفات القانون تكون وفقًا لجدولين؛ الأول يكون لسد الديون المتعلقة بالكهرباء والمتبقي يذهب نحو الزراعة وتعيين العقود وشراء المواد الغذائية وغيرها".

ويبيّن الخبير الاقتصادي أنّ "تخصيصات الجدول الثاني تكون للمشاريع الاستثمارية والتنموية في بغداد والمحافظات، ويكون صرفها مناطًا بشروط أبرزها تصرف المحافظات 50% من التخصيصات فقط ويترك الباقي للحكومة المقبلة".

ويتخوف كثيرون من عدم تمرير الموازنة المالية للعام المقبل، بالتزامن مع التصريحات التي تحذّر من احتمالية توقف رواتب الموظفين الحكوميين والمتقاعدين وذوي الرعاية الاجتماعية خلال 2023 في حال عدم تشريع الموازنة.