08-فبراير-2021

تجدد قوى سياسية بشكل مستمر رفضها للإشراف الأممي التام (Getty)

صدرت العديدُ من المطالبات خلال انتفاضة تشرين وبعدها بتدخل الأمم المتحدة في الانتخابات المبكرة التي كانت أحد مطالب المتظاهرين لضمان نزاهة عملية التصويت بعد سنوات من التزوير الذي أقرت به قوى سياسية مشاركة في النظام.

تعالت أصوات بعض القوى السياسية الرافضة للإشراف الأممي لكونه "مرتبطًا بسيادة العراق" في وقت تدافع الحكومة عبر أطراف عدة عن التدخل الأممي وتعدّه مراقبةً طبيعية "لا تمس السيادة"

لم تُبادر الأحزاب بالرفض اتجاه مطلب الانتخابات المبكرة والإشراف عليها إلا لاحقًا، مع تمييزات بدأت تظهر على الساحة بين المراقبة والإشراف والإدارة، إذ أن العراق طالب بالمراقبة والتي تعني بحسب مستشار الكاظمي لشؤون الانتخابات وجود "فريق دولي يتابع عمل المفوضية ويكفية العمل وله رأي خاص مقدم".

أسباب الرفض

تعالت أصوات بعض القوى السياسية الرافضة للإشراف الأممي لكونه "مرتبطًا بسيادة العراق" في وقت تدافع الحكومة عبر أطراف عدة عن التدخل الأممي وتعدّه مراقبةً طبيعية "لا تمس السيادة وتقوم على أساس دعم العراق والمفوضية" كما يقول مستشار الحكومة عبد الزهرة الهنداوي.

اقرأ/ي أيضًا: بين فقدان المكاسب و"الانتصار المؤجل".. ماذا حصد متظاهرو العراق؟

يصف زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي وضع الانتخابات تحت الإشراف الدولي بـ"الخطير جدًا" والذي يمثل "خرقًا للسيادة الوطنية"، ويشير القيادي في ائتلافه كاظم الركابي إلى "مخاوف من أن يكون الإشراف لصالح جهات سياسية ضد جهات سياسية أخرى من خلال التلاعب في الانتخابات أو نتائجها".

ويؤكد نواب عن سائرون على التمييز بين الإشراف على عمليات إجراء الانتخابات، وإجراء الانتخابات، وأنهم رافضون لقيام أي طرف دولي بإجراء الانتخابات العراقية.

وكان وزير الخارجية فؤاد حسين أعلن إرسال طلب إلى مجلس الأمن بشأن الرقابة الانتخابية، كما التقى بمسؤولين في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة بهدف "دعوة مراقبيين دوليين لمراقبة الانتخابات"، مؤكدًا عزم حكومته على إجراء انتخابات "تلبي المعايير الدولية. تزامن ذلك مع حديث عن دراسة مجلس الأمن الدولي لقرار المراقبة الدولية على الانتخابات العراقية.

جدوى التواجد الأممي

إصدار قرار مُحتمل من مجلس الأمن بمراقبة الانتخابات عدّه مراقبون دخولًا رسميًا للعراق تحت الوصاية الدولية، وأن الدافع لذلك هو عزوف الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الأخيرة. ويعتقد سياسيون من الكتل السنية أن الإشراف الأممي الحقيقي سيحث المواطنين على الانتخابات ما سيُغير النتائج كثيرًا.

في هذا الصدد يقول مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة جالوب الدولية منقذ داغر إن هناك "أزمة ثقة عميقة بين كل الأطراف، والقوى المدنية وخصوصًا بعدما حصل في 2018 أصبحت لا تثق بقدرة الدولة على ضمان انتخابات حرة نزيهة في ظل السلاح المنفلت والمال السياسي".

بالمقابل، تُطرح مخاوف أخرى حول المراقبة التقليدية والتي لم تكن غائبة في أوقات سابقة، والتي أُعتبرت إجراءات شكلية بسبب استمرار عمليات التزوير على حالها، وعدم قدرتها على الحد من بعض أدوات التلاعب بالأصوات كاستخدام المال السياسي في جذب الناخبين.

ويشير داغر إلى أن الجبهة الرافضة للإشراف الأممي ليس لديها مانع من الإشراف الذي حصل كون "الأمور كانت تمر من تحت يده، فالإشراف لا يعني ضبط الانتخابات مع عدم قدرة المراقبين على مراقبة أكثر من 200 صندوق انتخابي".

يتحدث المستشار الهنداوي في تصريح تلفزيوني سابق تابعه "ألترا عراق" عن ضرورة معالجة "عمليات ترهيب كانت تحدث خارج الدوائر الانتخابية" وسط غياب المراقبة الحقيقية. ويشير الهداوي إلى حادثة سابقة حيث "بقى مراقبو الجامعة العربية في فندق الرشيد (في المنطقة الخضراء) أثناء الانتخابات خوفًا من اختطافهم".

الحسم في النجف .. ولكن؟

رغم اعتماد أنظمة عد وفرز جديدة في انتخابات 2018 إلا أن مراقبين ومتخصصين أعربوا عن تخوفهم من حدوث تزوير في الأنظمة الانتخابية بغض النظر عن الصناديق.

بدوره، يلفت مدير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة جالوب الدولية منقذ داغر إلى أن التزوير لا يحصل في المركز الانتخابي ذاته بل في المفوضية ومرافق أخرى، مع تهديد المرشحين، وهي عملية لا يُمكن ضبطها إلا بإشراف داخل المفوضية ذاتها وإشراف على عمليات العد والفرز وبرمجيات النظام".

يرى منقذ داغر أن موازين القوى في الانتخابات لن تتغير بشكل كبير ما لم يحصل زحف جماهيري على صناديق الانتخابات

بين السيادة والمخاوف من فقدان الأصوات تجدد قوى سياسية بشكل مستمر رفضها للإشراف التام والذي من شأنه أن يشكل "تهديدًا خطيرًا للقوى التي من الممكن أن تخسر مع فقدانهم الكثير من فاعليتها ومقبوليتها في الشارع، متخذين من رفض مستشار خامنائي لتدخل قوى خارجية في الانتخابات العراقية، والسيادة، حججًا للرفض"، بحسب داغر.

اقرأ/ي أيضًا: المفاهيم العميقة ونظامنا البدائي.. تعقيد بلا معنى

وقد زارت ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت مؤخرًا إيران، الأمر الذي فُسّر كاعتراف بالوجود الإيراني المؤثر على الانتخابات، ما دعا تحالف القوى إلى إعلان رفضهم تدخل بلاسخارت في الانتخابات القادمة بسبب الزيارة.

سبق وأن استقبل المرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، ما أعطى لتحركاتها شرعية لدى الأوساط الشعبية والسياسية خصوصًا مع دعوات السيستاني لإجراء انتخابات نزيهة مع مراقبة فاعلة.

ويقول منقذ داغر في حديث لـ"ألترا عراق" إن المرجعية سيكون لها الدور الحاسم في الموضوع بفرض رقابة أكبر وإشراف أكبر"، مستدركًا بالقول: "مع هذا، لن تتغيير موازين القوى في الانتخابات بشكل كبير ما لم يحصل زحف جماهيري على صناديق الانتخابات".

ويجدد داغر دعوته للحكومة بسن قانون يلزم الناخب العراقي بالإدلاء بصوته لرفع نسبة المشاركة، والتي إن تجاوزت الخمسة وستين بالمئة ستتغير الخارطة والقوى بشكل حقيقي وليس بالأوجه فقط، حسب رأيه.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بعد عام من غياب "غير مؤثر".. ما الضرورة لعودة مجالس المحافظات؟

أكثر من عام على قرار تعديل الدستور العراقي.. ما الذي أنجز منه؟