بعد استقالة رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، ظفر المتظاهرون بأول نصر ملموس، والذي كان مطلبهم الأساس طوال الفترة الماضية من عمر الاحتجاج، الاستقالة الأولى في تاريخ الجمهورية العراقية والتي أتت بضغط شعبي دون انقلاب أو احتلال، ما جعل مطالب الكثير من المحتجين تنقسم إلى فورية، وهي محاسبة قتلة المتظاهرين من مصدري الأوامر وليس الاقتصار على صغار الضباط والمراتب، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين، وأخرى مرهونة بسقف زمني، مثل حكومة مؤقتة وبمهام رئيسية تنجزها ومن ثمّ تذهب إلى انتخابات مبكّرة.
المحتجون وضعوا خارطة طريق واضحة لمطالبهم أمام القوى السياسية لتنفيذها، لكن هذه القوى تصر على تسويف المطالب وعدم جديتها أمام ضغط الشارع
يدور الجدل حول آلية اختيار رئيس الحكومة الجديد، حيث يعود مأزق الكتلة الأكبر المسؤولة عن تقديم مرشحها إلى رئيس الجمهورية برهم صالح وفقًا للسياقات الدستورية، فيما دعت قوى سياسية إلى مشاركة المتظاهرين في ساحة التحرير لاختيار شخصية تحظى بقبول شعبي، بالوقت الذي استغرب فيه محتجون من إدخالهم بقضية هم ليسوا جزءًا منها.
القوانين الثلاثة.. انتخابات مبكرة
وضع المحتجون خارطة طريق واضحة أمام القوى السياسية لتنفيذ المطالب التي من شأنها إنهاء الاحتجاج، بحسب المعتصم علي حسن، والذي يقول إن "الجميع في ساحة الاحتجاج يدرك التسويف والبالونات الإعلامية التي تحاول السلطة تمرير إراداتها من خلالها، لذلك، إن المتظاهرين غير معنيين بشخص رئيس الوزراء القادم بقدر المهام التي عليه إنجازها".
اقرأ/ي أيضًا: استقالة عبد المهدي.. خطوة أولى نحو الإصلاح أم خطة بديلة للكتل السياسية؟
يرى حسن في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "منظومة الفساد متكاملة في البلاد، تبدأ من رئيس الوزراء وحتى أصغر منصب تتقاسم القوى السياسية كل شيء، وهذا ما لا يمكن مواجهته إلا من خلال وضع آليات جديدة لإدارة الدولة". يضيف حسن أن "القوى السياسية أخذت بتشريع قوانين مصيرية على مقاساتها تضمن استمرار مكاسبها، خاصة قوانين الانتخابات والأحزاب ومفوضية الانتخابات، لذلك مطالبنا واضحة بتعديل شامل للقوانين الثلاثة وبسقف زمني محدد بالإضافة إلى انتخابات مبكرة".
الاصطفاف في مواجهة الشعب
في السياق، قال مصدر إن "الكتل السياسية لم تضع في حساباتها استقالة الحكومة خاصة مع وجود أطراف دولية داعمة وضامنة لبقائها، مستدركًا "لكنها أرغمت على ذلك بعد استمرار الضغط الشعبي وتدويل قمع المحتجين بالإضافة إلى دور المرجعية الدينية، وهذا الخيار جعلها الحلقة الأضعف في معادلة الأزمة الراهنة، ما يساعد من احتمالية رضوخها لأي مطلب قد يبدو مستحيلًا".
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لحساسية موقعه في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الكتل السياسية كانت مكاسبها الفردية العامل الأساسي في جولات التفاوض على منصب رئيس الوزراء سابقًا"، مستدركًا "لكنها اليوم تصطف فيما بينها في مواجهة الضغط الشعبي، لتمرير أي رئيس وزراء يضمن لها عدم خسارة المزيد، والخسارة هنا مرهونة بعدم تلبية مطلب الانتخابات المبكرة، بالإضافة إلى تشريع القوانين الثلاثة بطريقة لا تهدد مكاسبها".
لا تريد القوى السياسية أن تنفذ ما يطلبه المحتجون خاصة بما يتعلق بالقوانين الثلاثة خاصة أنها ترى أن تنفيذ قوانين منصفة هو انتحار سياسي
وتابع المصدر أن "القوى السياسية تعوّل على إكمال الثلاث سنوات المتبقية من عمر هذه الدورة، لتخفيف نسبة المشاركة في الانتخابات، فيما تراهن على تنظيماتها والمال في الحصول على تمثيل نيابي مستقبلًا"، لافتًا إلى أن "الكثير من القوى السياسية بدأت بالترتيب لواجهات جديدة في الانتخابات القادمة تحاول التواصل مع محتجين تغريهم بالأموال".
اقرأ/ي أيضًا: الاستقالة وطريق النضوج.. تحوّل المتظاهر إلى ناشط
المصدر رجح أيضًا "رضوخ القوى السياسية إلى الضغوط، خاصة بعد المجازر التي ارتكبت ووسعت من الهوة بين الطبقة الحاكمة والشعب"، فيما قلّل من احتمالية تمرير القوانين الثلاثة بصيغة ترضي الشباب الموجود في الاحتجاج، فالقوى السياسية متنفذة وتملك المال والسلاح، ولن تذهب إلى الانتحار بنفسها وبهذه البساطة، بحسب تعبيره.
لا تقتصر نزاهة الانتخابات على القوانين الثلاثة، بحسب المحلّل السياسي جاسم الموسوي، والذي يقول إن "السؤال الأهم هو عن نظام المفوضية وطريقة إدارتها للعملية الانتخابية من حيث الأجهزة والأفراد"، بالإضافة إلى "مدى جودة القوانين الثلاثة".
يضيف الموسوي في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "رئيس الوزراء القادم لن يستلم مهامه بوصفه مكملًا للدورة الحالية، فالمعطيات تشير بشكل واضح إلى أنه سيأتي بمهام وسقف زمني محدد".
اقرأ/ي أيضًا: