ما زال الغموض يكتنف مصير الانتخابات المبكرة، التي اقترحت الحكومة موعدها في 6 حزيران/يونيو المقبل، والجدل قائمًا بين القوى السياسية حول قانون الانتخابات بالدرجة الأولى الذي يتضمن الدوائر المتعددة في مسودته المعدة حاليًا، وتطالب بعض القوى السياسية بالعمل على القانون بصيغته السابقة، فيما يرى مراقبون أن الثلاثة أشهر القادمة سَتحدد مصير حكومة الطوارئ.
يعتقد خبير في شؤون الانتخابات أن قرار إجراء الانتخابات المبكرة سياسي، ولا يتعلق بالاستعدادات الفنية واللوجستية للمفوضية
ويدور الحديث عن معرقلات إجراء الانتخابات المبكرة، إذ يحتج فريق بالتجهيزات الفنية لمفوضية الانتخابات، خاصة في حال إقرار قانون الانتخابات الجديد، والذي يحتاج إلى حزمة عوامل من ضمنها ما يتعلق بالتفاصيل الإدارية للأقضية والنواحي المتداخلة ـ بحسبهم ـ فيما يشترط فريقًا آخر إكمال نصاب المحكمة الاتحادية.
القرار سياسي
ويعتقد الخبير في شؤون الانتخابات عادل اللامي، أن قرار إجراء الانتخابات المبكرة سياسي، ولا يتعلّق بالاستعدادات الفنية واللوجستية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، مبينًا أن "إعلان المفوضية استعداداها لإجراء الانتخابات هو برهان على أن حديث القوى السياسية عن العوامل الفنية مجرد حجج، أو هي محاولة لإجراء الانتخابات وفق المقاسات التي يريدونها".
اقرأ/ي أيضًا: بين "الصوريّة" و"الأبكر".. شبكة علاقات السلاح تهدد الانتخابات
وأضاف اللامي لـ"ألترا عراق"، أن "المفوضية قبل إعلانها الاستعداد تعلم بتفاصيل القانون الجديد، وهي مدركة بكل تأكيد لمتطلبات العملية الانتخابية، سواء كانت دوائر متعددة بعدد مقاعد مجلس النواب، أو دوائر متعددة داخل كل محافظة مقسمة حسب عدد سكانها إلى دوائر، كذلك خيار العودة إلى الآلية القديمة، المحافظة دائرة انتخابية واحدة".
وحول توزيع الدوائر المتعددة في حال إقرار القانون الجديد، أوضح اللامي "أجرينا نحو عشر انتخابات ولم يكن هناك تعداد سكاني، والانتخابات البرلمانية لا تحتاج إلى حسم ملف المناطق المتنازع عليها والتداخل الإداري بين الأقضية والنواحي، فهي ليست انتخابات مجالس محافظات، والمعيار الذي تستخدمه المفوضية هو قاعدة البيانات التي تملكها، وتحتوي على معلومات جميع الناخبين في البلاد، من خلال 1079 مركز تسجيل، وهذه المراكز ستُقسم على عدد الدوائر المقرة".
وبشأن تأثير عدم اكتمال نصاب المحكمة الاتحادية خاصة وأن البرلمان سيُحل قبل إجراء الانتخابات ما يؤدي إلى غياب الجهات التي من شأنها أن تعالج الطعون في نتائج الانتخابات، قال اللامي إن "انتخابات 2018 أجريت قبل 45 يوم من انتهاء الدورة النيابية، ما سمح للبرلمان بتعديل قانون المفوضية وسمح لقضاة بإكمال العملية، وهذه التفصيلة لا تتعلق بالمحكمة الاتحادية التي دورها يأتي بعد إعلان النتائج".
في السياق، أصدر مكتب المرجع السيستاني بيانًا، قال إن "الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في العام القادم تحظى بأهمية بالغة، ويجب أن توفر لها الشروط الضرورية التي تضفي على نتائجها درجة عالية من المصداقية، ليتشجع المواطنون على المشاركة فيها بصورة واسعة. ولهذا الغرض لا بد من أن تجرى وفق قانون عادل ومنصف بعيدًا عن المصالح الخاصة لبعض الكتل والأطراف السياسية، كما لا بد من أن تراعى النزاهة والشفافية في مختلف مراحل إجرائها، ويتم الإشراف والرقابة عليها بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة".
في الأثناء، حددت المفوضية 5 شروط لإجراء الانتخابات المبكرة، وقالت في بيان أطلع عليه "ألترا عراق"، إنها "ستكون مستعدة للانتخابات بعد أن تتحقق الشروط الموضوعية التي أعلنتها مرارًا والتي تتلخص بما يأتي:
- أولًا: أن يقوم البرلمان بإنجاز قانون الانتخابات بأسرع وقت ممكن ونشره في الجريدة الرسمية كونه يمثل الإطار القانوني لعملية الانتخابات.
- ثانيًا: أن يقوم البرلمان بإكمال تشريع قانون المحكمة الاتحادية التي هي الجهة الوحيدة المخولة قانونيًا بالمصادقة على نتائج الانتخابات.
- ثالثًا: أن تقوم الحكومة بتهيئة الموازنة الانتخابية وتوفير المستلزمات التي طالبت المفوضية بها سابقًا من الوزارات المعنية، والتي يساعد وجودها على قيام المفوضية بإجراء الانتخابات في وقتها المحدد.
- رابعًا: أن يقوم مجلس الوزراء بالمصادقة على تعيين المدراء العامين المنتخبين من قبل مجلس المفوضين.
- خامسًا: تدعو المفوضية الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى المختصة إلى تقديم المساعدة الانتخابية وتوفير الرقابة اللازمة لإنجاز انتخابات حرة وشفافة ونزيهة تمثل إرادة الشعب العراقي الحقيقية عن طريق ملاكها التقني والمختص والمتنوع. بالإضافة إلى زيادة عدد خبرائها وتوزيعهم ميدانيًا بين المحافظات كافة وعدم اختصارهم بعدد قليل لا يتلاءم مع طبيعة التحدي الكبير ودور المفوضية المهم في إنجاز الانتخابات.
حكومة طوارئ
ووفقًا للسيناريوهات المطروحة في حال عدم إجراء الانتخابات المبكرة، يرجح الخبير الستراتيجي أحمد الشريفي اللجوء إلى حكومة الطوارئ من خلال حل البرلمان عبر تقديم رئيس الوزراء طلب إلى رئيس الجمهورية، وهذا الخيار لا يحتاج إلى موافقة البرلمان.
يرجح الخبير أحمد الشريفي اللجوء لحكومة الطوارئ في حال عدم إجراء الانتخابات المبكرة
وقال الشريفي لـ"ألترا عراق"، إن "حكومة الطوارئ تعني حكومة عسكرية أو شبه عسكرية، وهذا الخيار هو ترجمة لتوافق إرادة دولية بين الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، حول شكل الحكومات القادمة وهو استنساخ لتجربة السيسي في مصر"، مبينًا أن "الثلاثة أشهر القادمة هي من تحدد شكل المرحلة القادمة، إذا استمر الخلاف بين البرلمان والحكومة، فالأخيرة ماضية بحل البرلمان من خلال تقديم رئيس الوزراء طلب إلى رئيس الجمهورية الذي يصدر مرسومًا جمهوريًا وفقًا لصلاحياته الدستورية دون الحاجة إلى موافقة البرلمان".
اقرأ/ي أيضًا: