الترا عراق ـ فريق التحرير
أخيرًا وفي 23 كانون الثاني/يناير الجاري، حدّد مجلس النواب العراقي موعده لإقرار الموازنة العامة للعراق واستكمال التصويت على الوزراء، خاصة وزارتي التربية والعدل، مع استمرار أزمة وزارتي الداخلية والدفاع. وبعد جدل طال لأشهر أقر البرلمان العراقي في منتصف ليلة الخميس ميزانية العام 2019 بقيمة 133 تريليون دينار (112 مليار دولار)، بناءً على توقعات بتصدير 3.88 مليون برميل نفط يوميًا بسعر يبلغ 56 دولارًا لبرميل النفط الواحد.
مصدر برلماني لـ"ألترا صوت": "حالما صوّت البرلمان العراقي على الموازنة، وطرح موضوع التصويت على الحكومة انسحب نواب الكتل السياسية من المجلس لكسر النصاب"
جاء تعليق رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، سريعًا على تمرير الموازنة، حيث قال في بيان اطلع عليه "ألترا صوت": "نرحب ونحيي التعاون الجاد والعمل الدؤوب والمستمر بين الحكومة ومجلس النواب والذي ساعد بإقرار الموازنة العامة للدولة العراقية لعام 2019"، مضيفًا "نهنئ شعبنا وكافة الأطراف التي عملت على إنجاز هذه المهمة التي تخللتها ظروف صعبة، في مرحلة تسليم وتسلم بين عهدين تشريعيين، والتي ما كان بالإمكان تجاوزها لولا الجهود الكبيرة التي بذلتها رئاسة مجلس النواب والعمل المثابر لأعضائه ولجانه خصوصًا اللجنة المالية".
اقرأ/ي أيضًا: أزمة استكمال الحكومة العراقية.. صراع أخير على تفاصيل المحاصصة
وأشار عبد المهدي إلى أن "الحكومة ستدرس التعديلات والإضافات التي أضافها مجلس النواب، كما ستضع بأسرع وقت التعليمات اللازمة للبدء بتطبيق مواد الموازنة"، مبينًا أن "الحكومة قد بدأت فعلًا بوضع الأسس لتكون موازنة عام 2020 موازنة مشاريع وأداء وليس موازنة بنود، وهو أمر إن نجحنا فيه فإنه سيمثل اصلاحًا كبيرًا وتغييرًا عما كان عليه الحال للمائة سنة الماضية من عمر الدولة العراقية"، متأملًا أن "يستكمل هذا الإنجاز الكبير بالإنجاز الآخر المتمثل باتفاق القوى السياسية على استكمال التشكيلة الوزارية، لتستطيع الحكومة الانطلاق بكافة طاقتها".
في هذا السياق، قال مصدر برلماني لـ"ألترا صوت"، إنه "حالما صوّت البرلمان على الموازنة، وطرح موضوع التصويت على الحكومة انسحب نواب الكتل السياسية من المجلس للهروب من التصويت وكسر النصاب"، مبينًا أن "هذا ربما يكشف عن الخلاف حول النقاط التي تم إسقاطها من الموازنة ما أدى إلى عدم اتفاق الكتل بخصوص الكابينة الوزارية".
وأشار المصدر إلى أن "موازنة 2019 التي قدمتها الحكومة العراقية في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تحتوي على 52 مادة، تم إلغاء ثلاث منها وإضافة نحو 30 مادة جديدة، لافتًا إلى أن "المواد الجديدة تشمل رواتب قوات البيشمركة الكردية"، ما يشير إلى تحسن العلاقة بين بغداد وأربيل بعد خلافات كبيرة عقب الاستفتاء الذي أجراه الإقليم في أيلول/سبتمبر 2017، والبيشمركة هي القوة العسكرية في إقليم كردستان العراق، والتي لفت المصدر إلى أن "التصويت على أي قانون لصالحها يقابله التصويت على قوانين تمرر لصالح فصائل الحشد الشعبي يصوّت عليه النواب الكرد".
البرلمان يخصص موازنة له!
ومن ضمن المواد الجديدة التي تمت إضافتها على موازنة 2019، صوّت مجلس النواب على مخصصات البرلمان بالموازنة، والتي بلغت، وفق نص القانون، 299 مليار دينار، ما يعادل 260 مليون دولار، حيث إن البرلمان صوت على موازنته ضمن قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 باتفاق الكتل جميعًا.
وبحسب الموازنة الاتحادية لـ 2019، تنص المادة المتعلقة بموازنة البرلمان العراقي، على تخصيص مبلغ مقداره حوالي 299 مليار ونصف لنفقات موازنة مجلس النواب، توزع على عدة مهام للمجلس، منها نفقات الموازنة الاستثمارية ونفقات الموازنة الجارية وإجراءات نقل وتعيين الموظفين في المجلس.
وكان جدل كبير قد أثير حول تخصيصات مجلس النواب في مواقع التواصل الاجتماعي بأوقات سابقة، أدت إلى أن يطالب النشطاء بالخروج بتظاهرات، لكن بالرغم من ذلك تم التصويت عليها ومررت في ليلة الخميس.
وبعد خلافات نشبت بين أعضاء بالبرلمان، جرى الاتفاق على حذف عدد من المواد الخلافية، حيث تم رفض التصويت على المادة 14 من الموازنة بسبب اعتراض تحالف سائرون عليها، والتي تنص على منح المحافظات غير المنتظمة في إقليم حق التوسع في فتح باب الاستثمار، على أن لا يترتب على ذلك أعباء مالية على خزينة الدولة، شرط أن تؤول نسبة 30% من إيرادات الاستثمار للجهات المستفيدة، والمتبقي يذهب لخزينة الحكومة المركزية.
موازنة سيئة أم ايجابية؟
لا تزال الخلافات حول الموازنة جارية بالرغم من التصويت عليها، حيث اعتبرت النائبة عن تحالف "سائرون"، والاقتصادية ماجدة التميمي أن الموازنة التي يقرأ مجلس النواب فقراتها حاليًا إيجابية بفقراتها، فيما عدّ النائب عن تيار الحكمة الوطني، فالح الساري أن موازنة العام الحالي هي اسوأ موازنة في تاريخ العراق.
وقال الساري في تصريحات صحفية، إن "الموازنة دمرت القطاع الخاص والاستثمار ولا تمت إلى الواقع الاقتصادي بصلة"، مبينًا أن "الموازنة مهلهلة ولا يمكن تغطية كل ما تم التصويت عليها"، معتبرًا أنه "لا يوجد أي شخص حريص على أموال الشعب العراقي".
اقرأ/ي أيضًا: غابة السلاح في العراق.. العنف الذي لا تحتكره الدولة!
لكن رئيس تحالف تمدن، فائق الشيخ علي، اعتبر أن الموازنة مررت وفق "ما يطلبه المستمعون"، قائلًا في تغريدة على صفحته الرسمية، إن "الموازنة التي نصوّت عليها في هذه اللحظة في مجلس النواب والساعة تقارب منتصف الليل، لهي موازنة طلبات وأحزاب كتل"، لافتًا إلى أنها "ليست موازنة شعب محطم وبلد مدمر مدين".
تمت مقايضة التصويت على أي قانون لصالح القوات الكردية بالتصويت على قوانين لصالح فصائل الحشد الشعبي من قبل نواب أكراد
بينما لفت محافظ نينوى السابق، والقيادي باتحاد القوى العراقية، أثيل النجيفي، في 24 كانون الثاني/يناير الجاري، إلى أن "الموازنة الاتحادية لعام 2019، التي أقرها البرلمان في ساعة مبكرة من صباح اليوم، اعتمدت بنسبة 95% على التدفق النقدي الأمريكي"، مبينًا أن "العراق يقر موازنة يعتمد 95% فيها على استمرار التدفق النقدي عبر الولايات المتحدة بينما تتصاعد أصوات تنادي بضرب المصالح الأمريكية انتصارًا لإيران"، مشيرًا إلى أنه "إما أن تكون هذه الأصوات فخ للجهلة والمغرر بهم، أو أن مطلقيها لا يعرفون هشاشة الأرض التي يقفون عليها".
اقرأ/ي أيضًا:
معركة التكنوقراط في العراق.. المحاصصة توحد الأضداد
احتمالات مقتدى الصدر الشاسعة.. هدم جدار المنطقة الخضراء أم الاعتصام أمامه؟