07-أكتوبر-2021

استنساخ التجربة المغربية (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

تناقش الأوساط الشعبية والأكاديمية في العراق، وبـ"الوقت الضائع"، فكرة جديدة بعيدة عن النقاش السائد طوال الفترة الماضية بين فريق المشاركة "المتفائلة" للتغيير والتعويل على مرشحين وأحزاب جدد، وبين فريق المقاطعة الذي اختار النأي بنفسه عن أن يكون مساهمًا في "لعبة غير متكافئة"، والمتمثلة بالانتخابات.

يرى الدعون لفكرة "التصويت العقابي" بأن مهمة هذه الطريقة التضييق على الكتل الكبرى وحرمانها من الفوز المريح

هذه الفكرة تدعو للمشاركة في الانتخابات، ولكن ليس بالتعويل على جهة أو مرشح أو مشروع جديد، بل لمشاركة "تخريبية" مهمتها الوحيدة التضييق على الأحزاب والكتل السياسية الكبرى وحرمانها من "الفوز المريح"، خاصة التي تمتلك سلاحًا.

اقرأ/ي أيضًا: بيان عالميّ حول اقتراع تشرين: أكبر بعثة دولية تراقب انتخابات العراق

ويرى الداعون لهذه الاستراتيجية، أن قانون الانتخابات الجديد الذي يتيح الفوز لمن يحصل على أعلى الأصوات في دائرته الانتخابية، يهيأ بسهولة إمكانية حرمان مرشحي الأحزاب السلطوية المعروفة من الفوز في الدوائر الانتخابية المرشحين ضمنها، وذلك عبر تكثيف التصويت من قبل الناخبين لأي مرشح من أي جهة مناهضة أو لا تلتقي مع القوى الكلاسيكية التي كانت مسيطرة على البرلمان في الدورات السابقة وأفرزت الحكومات.

ويقول الأكاديمي القانوني وائل منذر في إيضاح تابعه "ألترا عراق"، إن "التصويت  العقابي هو عدم التصويت للمرشح أو الحزب السياسي الذي أخل بوعوده الانتخابية تجاه ناخبيه والتصويت لمرشحين آخرين".

وأضاف أن "الأصل في النيابة عن الشعب أن يعمل النائب على الإيفاء ببرنامجه ووعوده التي أعلنها للجمهور أثناء الحملة الدعائية، والتي على أساسها تمكن من إقناع الناخبين  وحاز على أصواتهم"، معتبرًا أن "أخلاله بهذا الاتفاق يتطلب جزاءً يوقعه الناخب ويتمثل في سلوك انتخابي مقتضاه عدم التصويت لهذه الشخصيات ونبذها في الانتخابات اللاحقة، وإعطاء الصوت لمرشحين جدد أو أحزاب منافسة".

واعتبر أن "هذا نوع من العقاب الشعبي غير المنظم قانونيًا لكل من تولى نيابة الشعب وفشل في أداء مهامه أو أفسد دون أن يحاكم على فساده، فضلًا عن كونها طريقة لمساءلة شاغلي المناصب الانتخابية من خلال تغيير الناخب لتفضيلاته الحزبية بما ينسجم مع منهج معاقبة الفاشلين".

وفي لغة الأرقام، فإن دائرة انتخابية واحدة تضم بداخلها اكثر من 450 ألف ناخب، من المفترض أن يخرج منها 4 فائزين بأعلى الأصوات، فإذا شارك نحو 200 ألف فقط بالانتخاب، وجميعهم من جماهير الأحزاب والكتل التقليدية المعروفة، فأن أعلى الأصوات سيحصل عليها مرشحو هذه الكتل والأحزاب، أما إذا قرّر الـ250 ألف المتبقين المشاركة، وصوتوا لمرشحين في هذه الدائرة ينتمون لكتل أو أحزاب جديدة مناهضة للكتل والأحزاب التقليدية الكبرى، فيحصل عدد من هؤلاء المرشحين الجدد على 70 أو 60 ألف صوت لكل منهم، مقابل توزع الـ200 ألف من جمهور الأحزاب على مرشحي الكتل والأحزاب التقليدية المعروفة ليحوز كل منهم على 30 إلى 40 ألف صوت، فأن المرشحين الجدد سيكونون هم الفائزون على هذه الدائرة، وهكذا لجميع الدوائر الأخرى البالغة 83 دائرة في عموم العراق، وفقًا لمؤيدي هذه الطريقة. 

ويستشهد دعاة هذه الطريقة من التصويت بـ"تجربة المغرب"، التي مورست بالفعل في انتخابات المغرب في أيلول/سبتمبر الماضي، حيث أدى التصويت العقابي الذي جاء على خلفية أداء الحكومة التي يقود ائتلافها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، إلى تهاوي هذا الحزب من المركز الأول عام 2016 إلى المركز الثامن في انتخابات 2021، وبتراجع عدد مقاعده من 125 مقعدًا إلى 13 مقعدًا فقط في الانتخابات الأخيرة أي فقدان نحو 90% من المقاعد.

تخوّف من انتقام مضاد

بالمقابل، لا يستطيع الرأي الآخر تصديق إمكانية إسقاط الأحزاب والكتل المسلحة في الانتخابات، ومن ثم قبول هذه الكتل بالنتائج كما هي، فحتى لو لم يقوموا باتخاذ مواقف عنيفة صريحة ومباشرة، فإن الأعمال التخريبية والعنف والدم سيكون حاضرًا وينتظرالحكومة التي من الممكن أن تنبثق من الكتلة الفائزة بالتصويت العقابي.

ويقول المتظاهر علي عدنان في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "هذه الاستراتيجية ومهما حملت من نوايا صادقة، إلا أنها متفائلة وتفترض إمكانية قبول الكتل المسلحة وخضوعها لنتائج الانتخابات في حال أزاحت مقاعدها".

ويضيف عدنان "نحن نتمنى بالفعل صعود أي جهة منافسة غير مسلحة للحد من تمدد قوى الفصائل المسلحة في مفاصل الدولة"، إلا أنه يستدرك أن "هذا يقود إلى تخوف من تداعيات صعود خصوم قوى السلاح".

يقول منتقدو طريقة "التصويت العقابي" إن الكتل التي تمتلك سلاحًا لا تقبل بنتائج تقلل من سيطرتها وربما تلجأ للعنف

ويشير إلى أن "قوى السلاح هذه حتمًا لن تتنازل بسهولة، وسيستخدمون كل إمكانياتهم في سبيل الحفاظ على ما هو بأيديهم الآن من مكاسب"، معتبرًا أن "بقاء الأمور على ماهي عليه الآن أفضل من الاصطدام المباشر مع قوى أكثر قوة من الدولة بحسب المعطيات، وأبسط دليل على ذلك هو ما قامت به من محاصرة رئيس الوزراء في المنطقة الخضراء في وقت سابق وبسلاحها وأمام الجميع، لذا فالنتيجة واحدة".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

النظام العراقي وشرعيته.. إمكانات "السقوط والإسقاط"

جدل المقاطعين والمشاركين.. الثقة العمياء