10-أبريل-2020

كان العام الدراسي في العراق متعثرًا منذ بدايته (Getty)

على مدار السنوات العشر الأخيرة قد شهد قطاع التعليم في العراق عدة تغيرات في المناهج الدراسية، ومحاولات خجولة ومحدودة جدًا لمواكبة أنظمة التعليم وأساليب التدريس المتطورة. وبالرغم من انفاق أموال طائلة على ذلك، لكن النتائج أتت متخبطة حيث حل العراق بين الدول 6 التي كانت خارج نطاق التقييم لجودة التعليم العالمية والعربية وافتقاره المؤسسات التعليمية لمعايير الجودة الحديثة لمواكبة التطور الحاصل في هذا القطاع.

 النظام التعليمي في العراق يفتقر لقاعدة بيانات ومعلومات إلكترونية موحدة شاملة يمكن الولوج إليها بسهولة من قبل الكادر التدريسي

وبسبب حالة الحرب الكونية التي يعيشها العالم تم حجر الناس داخل منازلهم طوعًا حيث قامت الحكومة العراقية بعدة إجراءات وتدابير تولت إصدارها خلية الأزمة لاحتواء الوباء داخل العراق. وكان لقطاع التعليم سبيل واحد لإنجاز العام الدراسي الحالي المتعثر في العراق منذ شهر تشرين الأول/أكتوبر من عام ٢٠١٩، حيث شارك طلاب الجامعات والكليات العراقية بالإضراب عن الدوام على مدار أشهر مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية في بغداد، ومناطق كثيرة من جنوب العراق طالب فيها الآلاف برحيل النظام السياسي الحالي وإجراء إنتخابات مبكرة والقضاء على الفساد والمحاصصة الحزبية.

صعوبات التعليم عن بعد

أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حزمة من الإرشادات لتواصل الكادر التدريسي في الجامعات والكليات مع طلابهم، وهذا ما قامت بهِ وزارة التربية وطلبت من المعلمين والمدرسين بدأ العمل على طرق تواصل إلكتروني لم يتم تحديدها كون النظام التعليمي في العراق يفتقر لقاعدة بيانات ومعلومات إلكترونية موحدة شاملة يمكن الولوج إليها بسهولة من قبل الكادر التدريسي أو الطلبة على حد سواء!

اقرأ/ي أيضًا: بعد الإضراب.. كورونا يعطّل الجامعات والتعليم الإلكتروني "يتعثر"

ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من التعليم لم يسبق للجامعات والكليات العراقية أن اعتمدته بشكل جزئي لكي تكون سُبل العودة إليه أسهل في ظل الأوضاع الحالية. وهنالك جملة من العوائق التي تواجه الطرفين في التعليم الإلكتروني أضف إليها الوسيلة المستخدمة والمعلومة الموجهة وعدم وجود مسار واضح للمنهاج كل تلك عوائق تجعل من عملية التواصل بين الطرفين متعثرة، بالرغم من العمل على نظام إلكتروني أو ما يسمى التعليم المستمر واحتساب رسوم من طلاب الجامعات الحكومية والأهلية في السنوات الماضية.

لكن اقتصر النظام في بعض الجامعات على تزويد الطالب بنتائج الامتحانات النهائية ولم يتم تجاوز هذهِ العتبة، مما يوكد صعوبة في التعامل مع النظام الإلكتروني من قبل الجهات المعنية.

جامعة بغداد انموذجًا

يرى مجموعة من طلبة الدراسات العليا "الماجستير" في جامعة بغداد أن استخدام منصات التعليم عن بعد هو سبيلهم الوحيد في الوقت الحالي لإكمال العام الدراسي، وأشاروا إلى نظام "الكلاس روم" الذي تتيح استخدامه شركة جوجل، أصبح متاحًا للأساتذة والطلاب يفي بالغرض في الفترة الحالية، في سبيل مواكبة التعليم هم مستمرون وملتزمون في التواصل وتلقي المحاضرات خلال أوقات متفرقة من أيام الأسبوع بعد الاتفاق بين أستاذ المادة والطلاب، فيما تتيح لهم الصفوص الإلكترونية عدة خصائص تفاعلية تمكنهم من رفع التكليفات الأسبوعية المطلوب تسليمها وتتيح للأستاذ إمكانية تحديد فترة زمنية للتسليم مع العديد من الخصائص الأخرى.

ولكن عند الدخول لموقع جامعة بغداد الذي اتخذتهُ كنموذج أثناء كتابتي للمقال، وبعد إلقاء نظرة على عدد الحضور من طلبة الدراسات الأولية "البكالوريوس" للصفوف الإلكترونية، ومقارنته مع العدد الكلي للطلاب نجد أنه لا يتجاوز نسبة عشرة بالمئة من مجموع الطلبة الكلي، وهذا مؤشر إلى أن نسبة كبيرة من الطلبة لا يتفاعلون مع التقنية الجديدة للتعليم. وكذلك هنالك مواد دراسية خالية من الأساتذة لعدة أسباب في مقدمتها تأتي خدمة الإنترنت المتردية، أو عدم معرفة الكادر التدريسي كيفية الاستخدام الأمثل للتطبيقات أو حل المشكلات الفنية التي تواجههم.

إن مهام التعليم عن بعد لا بد أن تكون متبادلة بين الطرفين ولا يتم وضع السلبيات على عاتق الجهات المعنية خصوصًا مع الأوضاع الاستثنائية التي تشهدها البلاد، يأتي هنا دور الطالب في عدم التنصل من المسؤولية التي تعتبر تفاعلية وأخذ دوره والاستفادة مما وفرته الجامعة في وقت قياسي.

في المقابل عند زيارة مواقع لجامعات حكومية وأهلية أخرى نجد أن خدمات الموقع الإلكتروني متردية جدًا يحتوي على أخطاء فنية عديدة، ولا وجود لتعليم إلكتروني سوى نافذة واحدة، بعضها أضيفت إليه مؤخرًا المناهج التعليمية للمراحل والأقسام، وبعضها الآخر يخلو مما يسمى تعليم إلكتروني. ولتطبيق نظام التعليم الإلكتروني في العراق يتطلب وجود كادر تدريسي لديهِ قنوات تواصل مباشرة مع الطلبة مع معرفة واسعة بطرق التدريس عن بعد، كما معمول بهِ في قطاع التعليم الإلكتروني للدول الأخرى.

وعلى الكادر التدريسي أن يعي أن التعليم الإلكتروني يتطلب إيصال المعلومة وتحقيق الفائدة للمتلقي عن طريق التفاعلية والنقاش وتبادل الآراء، هذا النوع من التعليم ليس أسلوب تلقين وحفظ، الدافع الأهم للطرفين لا بد أن يكون دافع التَعلم وتَلقي العِلم.

وفي خضم التخبط الحاصل داخل المؤسسة التعليمة في العراق وكارثة الفيروس الذي اجتاح العالم، يخرج أحد الساسة العراقيين على شاشة التلفاز يطالب بتشكيل "لجنة التعليم عن بعد" للقيام بإجراءات وحلول! ولا أعلم هل هو يسخر من عقلية المواطن والطالب العراقي أم يمارس الاجتهاد والتنظير بعيدًا عن معطيات المشكلة بواقعية!

التعليم الإلكتروني يتطلب إيصال المعلومة وتحقيق الفائدة للمتلقي عن طريق التفاعلية والنقاش وتبادل الآراء

جميعنا نعرف أن على مدار سنوات والعراق يشكل لجان يترأسها السادة النواب والمختصون وغيرهم، ولم نر لجنة شُكلت وجنيننا ثمار جداول أعمالها أو لمسنا التغيير الإيجابي الذي يعود بالفائدة للعراقيين.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

"كورونا" يعطل المؤسسات الحكومية والتعليمية في العراق مجددًا

العراق.. حصيلة القرارات بشأن الجامعات والمدارس للوقاية من "كورونا"