14-أكتوبر-2020

عمل نافذة بيع العملة يشوبه الكثير من الملاحظات (فيسبوك)

واحدة من أكثر القضايا المثيرة للجدل في الواقع الاقتصادي الوطني هي: نافذة بيع العملة في البنك المركزي، ويبدو أنها مبهمة لدى الكثير من غير المختصين، والسبب قد يعود لظاهرة (المتطفلين) من يبيعون الكلام تحت عنوان الخبير والمحلل، مع كامل الاحترام للمختصين، ناهيك عن المزايدات السياسية، وتشويش الفاسدين من القوى الفاعلة سياسيًا.

عمل نافذة بيع العملة يشوبه الكثير من الملاحظات، لكن هذا لا يعني أن الآلية كلها فاسدة ومضرة بالاقتصاد العراقي

ببساطة شديدة؛ إن ميزان المدفوعات الخارجية، لا سيما الحساب التجاري للعراق، يهيمن عليه النفط الخام بشكلٍ كبيرٍ بل مطلق تقريبًا، إذ تبلغ نسبة تركز الصادرات النفطية إلى إجمالي الصادرات بحدود ٩٩% معدل. وهذا يعني أن إيرادات العراق من الدولار (تحتكره) الحكومة بشكلٍ كاملٍ بدون منازع، كون إنتاج النفط حكرًا للحكومة. 

اقرأ/ي أيضًا: مصرف الرافدين يعلن رفع قيمة قروض المشاريع الخاصة

وبما أن القطاع الخاص التجاري، والذي يوفر جانب كبير من حاجات السوق المحلية، من السلع والخدمات، هو بحاجة لسيولة دولارية لغرض قيامه بمهمة استيراد السلع للداخل، ولا يملك القدرة بالمطلق أن يحصل على السيولة الدولارية اللازمة؛ كونه لا يسهم في الصادرات، والنسبة أعلاه الدليل على ذلك، ومن ثم لا بد من وسيلة، لنقل إيرادات الحكومة من تلك الدولارات إلى التجار العراقيين.

وبعيدًا عن توصيف سياسة البنك المركزي على الصعيد النقدي، وآلية ضبط الأسعار عبر إجراءات التعقيم عبر سعر الصرف، كونها مطولة وتشتت ذهن المتابع غير المختص. وصار لزامًا إيجاد منفذ تسويقي للدولار عبر آلية (o.m.o) عمليات السوق المفتوحة في ترويج الدولار، وهذا ما دفع البنك المركزي لإيجاد هذه النافذة. 

إن عمل النافذة يشوبه الكثير من الملاحظات، وصارت يقينيات مثل غسيل الأموال، والفواتير المزورة وغيرها، والتي أشارت لها تقارير عالمية، واعترافاتٍ من مسؤولين عراقيين، لكن هذا لا يعني أن الآلية كلها فاسدة ومضرة بالاقتصاد العراقي.

إن دعوات إلغاء النافذة التي تنطلق بين الحين والآخر، وآخرها ما صرح به وزير المالية الحالي (علي عبد الأمير علاوي)، بالحقيقة تحتاج للنقاش المعمق، ويجب أن تجيب على السؤال الأهم والأخطر وهو: كيف يحصل التجار على الدولار  لغرض تغذية الاستيرادات؟

أنا شخصيًا تابعت أطروحات أكاديمية لبعض المختصين تشير إلى بدائل عن النافذة، من قبيل إيكال المهمة إلى المصارف ومنحها إجازة توفير الدولار للطالبين له من تجار وغيرهم، وغيرها من الإطروحات التي عالجت قضايا سعر الصرف. المهم أن الطرح الأول يمثل تغييرًا بالشكل لا الجوهر، أي بدل ما يقوم البنك المركزي بالبيع، تقوم المصارف به، وهذا لا يحل بديلًا كاملًا عن الفكرة، بمعنى بالتأكيد ما رافق عمل النافذة من فساد سيرافق عمل المصارف إن لم يكن أكبر؛ بسبب تعدد المنافذ في ظل ضعف الرقابة، أما التوجه الثاني فيعالج سعر الصرف، وهذا يتعلق بالسياسة النقدية أكثر من التجارية. عمومًا قد تكون هنالك بدائل، لم أطلع عليها شخصيًا، لكن الإشكال الجوهري المتمثل بالسؤال أعلاه، يبقى قائمًا ويعيدنا إلى إشكالية (الشكل والجوهر).

إن الحل الوحيد كما أعتقد، هو تنظيف عمليات النافذة من الفساد وليس الغاءها؛ فمثلًا من غير المعقول إلغاء وزارة التربية، أو الداخلية، حتى لو كانت ترزح تحت سلطة الفساد، كذلك الأمر بشأن نافذة العملة، فهي الوسيلة الوحيدة لإيجاد المنفذ لتوفير الدولار للقطاع التجاري. إن هذه النتيحة هي بسبب الاختلال الهيكلي للاقتصاد، أما مع الإصلاح الاقتصادي، وتنويع النشاط، وتحسن الصادرات، فعند تلك الحالة الأمر يختلف، والفرضية القائمة على أن النافذة لا يمكن إلغائها ستتغير بكل تأكيد.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

تفاصيل مهولة تكشفها "الورقة البيضاء": نفقات الرواتب ارتفعت 400%

بينها تفعيل الضرائب.. لجنة برلمانية تطرح حلولًا لمواجهة الأزمة المالية