ألترا عراق ـ فريق التحرير
تظاهر أنصار تيار الحكمة الوطني، الجمعة، في عدد من المحافظات، للمطالبة بتوفير الخدمات ومحاسبة الفاسدين وإنهاء المحاصصة السياسية، وسط إجراءات أمنية مشددة.
تظاهر العشرات من أنصار تيّار الحكمة أمام مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ضمن منطقة العلاوي
قال راسل "ألترا عراق"، في بغداد، إن "العشرات من تيار الحكمة يتوافدون أمام مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ضمن منطقة العلاوي، وسط انتشار أمني كثيف تحسبًا لأي طارئ".
أضاف أن "القوات الأمنية قطعت جميع الطرق المؤدية إلى منطقة العلاوي".
اقرأ/ي أيضًا: المعارضة السياسية.. دور المُحاسِب أم ضغط للمكاسب؟
في الأثناء، انطلقت تظاهرة لأنصار تيار الحكمة في محافظة البصرة بالقرب من مبنى ديوان المحافظة، فيما قطعت القوات الأمنية جميع الطرق المؤدية إلى مبنى المحافظة.
فيما انطلقت تظاهرات في كربلاء في منطقة شارع النقيب، بمشاركة المئات بعد دعوة تيار الحكمة للخروج بتظاهرات للمطالبة بتحسين الخدمات.
كما تشهد محافظة المثنى في قضاء الرميثة تظاهرات لعدد من تيار الحكمة.
بينما شهدت محافظة صلاح الدين تظاهرة للمطالبة بالخدمات ومحاسبة الفاسدين، بالوقت الذي قال مصدر لـ"ألترا عراق"، إن "القوات الأمنية تمنع تجمع المتظاهرين في تكريت وتفرقهم، والمتظاهرون يحاولون التجمع في مكان آخر".
كان تيار الحكمة برئاسة عمار الحكيم دعا في وقت سابق إلى الخروج في مظاهرات بأربع عشرة محافظة، اليوم الجمعة، للمطالبة بتوفير الخدمات ومحاسبة الفاسدين وإنهاء المحاصصة السياسية.
في الأثناء، وجّه رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، رسالة إلى زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم بخصوص التظاهرات التي انطلقت اليوم بدعوة من التيار، محذرًا من أن الأمن المجتمعي الهش قد يفلت من أيدي الجميع.
قال عبد المهدي في رسالته التي اطلع عليها "ألترا عراق"، إن "الموالاة والمعارضة مفهوم غير دقيق وسيقود استخدامه في العراق لأخطاء منهجية خطيرة، ولعله نقل الينا من التجربة اللبنانية وتجربة ٨ آذار و١٤ آذار استنادًا لبعض المتشابهات بين أوضاع البلدين، مشيرًا إلى أن "الأمور المتشابهة يجب أن لا تنسينا الفروقات الكبيرة. فمفهوم الموالاة والمعارضة قام أساسًا على فكرة التعطيل (الثلث المعطل وقيام حكومة تصريف أعمال لسنوات عدة) وليس على أساس الأغلبية والأقلية السياسيتين، وخشيتنا أن ننقل إلى التجربة العراقية فقط مفهوم التعطيل وليس أولًا وأساسًا مفهوم التأسيس والتطوير. فالموالاة والمعارضة مفهوم خاص بالتجربة الديمقراطية/النموذج اللبناني، بينما الأقلية المعارضة والأغلبية الحاكمة مفهوم ينتمي لنماذج ديمقراطية عالمية غربية وشرقية".
أشار عبد المهدي إلى أن "عدم الأخذ بكل المباني قد يقود لانزلاقات خطيرة. فالعراق سعى لتأسيس نظام دستوري وديمقراطي، وهذا النظام ما زال هشًا بكل تأكيد ولم يستقر تمامًا بشكل نهائي، وما زالت تتداخل فيه الكثير من المحاصصة والطائفية ونزعات الشخصنة والسيطرة التي تحل أما بلي الاذرع او بالتوافق"، لافتًا إلى أنه "إذا كرسنا السير في نظام يقوم على الموالاة والمعارضة فسنكرس واقعًا نعلن علنًا رفضنا له، ناهيك عن تعارضه مع الدستور وسياقات النظام الديمقراطي الذي يقوم على نظام الأغلبية والأقلية ويحجز الطريق أمامه".
لفت عبد المهدي إلى أنه "بهذا نجهض التجربة بدل تطويرها، وذلك بغض النظر عن النوايا. فالنظم تبنى بالمناهج والبناءات الصحيحة قبل أن تبنى بالنوايا والخواطر والانطباعات".
عبد المهدي مخاطبًا الحكيم: الموالاة والمعارضة مفهوم غير دقيق وسيقود استخدامه في العراق لأخطاء منهجية خطيرة
تابع عبد المهدي أنه "في نظام الموالاة والمعارضة في لبنان تعطلت الحكومة بسبب الثلث المعطل.. وفي حالتنا حيث لا وجود لثلث معطل على صعيد تشكيل الحكومة، فأن التعطيل لن يتحقق سوى باستخدام قوى الضغط الإعلامية الصحيحة أو الخاطئة (حملات إعلامية، تنسيقيات، تسقيطات، مواقع وجيوش الكترونية، الخ)، أو وسائل التعبير الشعبية الصحيحة (اعتصامات، تظاهرات نظامية.. الخ) والخاطئة (تمردات، عصيان، ثورات، انقلابات، الخ) وأن بعض قوى الضغط هذه قد تشترك مع ممارسات ديمقراطية، مستدركًا "لكنها أيضًا قد تنزلق لممارسات خطيرة مناقضة تمامًا للديمقراطية".
اقرأ/ي أيضًا: "الدرجات الخاصة".. كيف تجمع بين المعارضة والمحاصصة؟
أوضح عبد المهدي أنه "نرى (واعتقد جازمًا أن هذا ما ترونه أيضًا في نهاية المطاف) أن التأسيس يجب أن يقوم على أساس الأغلبية والأقلية الدستورية والسياسية بكل ما يستلزمه ذلك من شروط وبناءات"، مبينًا "وهذا واقع لم ننهي تأسيسه في العراق حقيقة، وهو مسؤولية لا تتحملها الحكومة الحالية أساسًا، بل تتحملها الحكومات السابقة التي كلنا شركاء فيها والقوى السياسية كافة ونحن جزء منها".
وزاد "ومع عدم انجاز ذلك –بل قد يكون بسبب ذلك- يحصل هذا الانزلاق السريع لتوصيف الممارسة بالموالاة والمعارضة. عندها سنضع أنفسنا كمعارضة افتراضية تقوم على الرفض دون أن نبني لذلك واقعًا برلمانيًا وشعبيًا (إذا كنا في تجربة ديمقراطية) أو واقعًا ثوريًا (إذا كنا في تجربة ثورية). فنحن مرة جزءًا من النظام لا نريد أن نتحمل مسؤولياته بل نطالب فقط بحقوقه، ومرة جزءًا من خارجه لا نريد أن تخلط أوراقنا بكل ما هو خارجه من وقائع وأحداث وضغوطات وأعداء وظروف تحيط ببلادنا وتجربتنا".
ومضى بالقول، "والخشية أن الخلط في المفاهيم سيقود إلى خلط خطير في الممارسات، خصوصًا عندما يزداد ضغط التدافعات وتتسع دوائر الحركة ويصبح لها من يتصدى ويتكلم وينطق باسمها ويستسهل طرح المفاهيم ويدعو لممارسات قد تقود لمجاهيل ترتد علينا جميعًا. إذ لا يستطيع شخص أو جهة أن يسيطر على شارع فيه الكثير من الانفلات، حديث التجربة بالحريات والممارسات الديمقراطية، ومحاط بمنطقة غير مستقرة، ينتشر فيها حمل السلاح، في بلد قضى سنين اختلطت فيا المظاهرات السلمية بالسلاح وحرق المقرات وسقوط مدن، ففي مثل هذه الأجواء يجب الحذر من التصعيد وتجنب الحافات التي قد يفلت فيها الأمن المجتمعي الهش من أيدي الجميع".
بيّن عبد المهدي "أما استخدام تعبير المعارضة فنحن أمام خيارين: إما أن تكون معارضة للنظام والدولة أو معارضة للحكومة وسياساتها. لا اعتقد ان مقصدكم هو التوجه الأول.. إذ ترددون دائمًا أنكم مع الدولة لكنكم تعارضون الحكومة. وبالطبع أن معارضة الحكومة أمر سليم وضرورة ولكن بشرطها وشروطها. ومعارضة الحكومة –حسب الفرضية الثانية- تعني أن الحكومة هي حكومة أغلبية وأنكم تريدون كأقلية احتلال مواقع المعارضة. وجميع هذا مشروع كما ورد أعلاه".
عبد المهدي مخاطبًا الحكيم: من السهل التنصل من المسؤوليات التاريخية والذاتية ورميها على الآخرين، وتحميل الحكومة كل شيء والظهور أمام الرأي العام كمجرد ناقدين ومستهجنين ومعارضين
استدرك "لكن في هذا كله تبسيط ولا يمكن القفز عليه بسهولة. فالحكومة لم تأت إلا لفشل القوى السياسية الفائزة في الانتخابات في الوصول إلى أغلبية سياسية تنقذ البلاد من ورطتها، فاضطرت للتوافق مرة أخرى وفق صيغة لا تخلو من تعقيدات لا يمكن رميها الآن على الحكومة بمفردها".
اقرأ/ي أيضًا: المحاصصة.. إعادة الإنتاج بـ"المعارضة" وغيرها!
لفت عبد المهدي إلى "أنها حكومة تسوية يراد منها حل الإشكالات الأمنية والاقتصادية والخدمية والإقليمية والدولية خلال أشهر من تشكيلها. فمن السهل رؤية النواقص المتراكمة.. كما من السهل التنصل من المسؤوليات التاريخية والذاتية ورميها على الآخرين، وتحميل الحكومة كل شيء والظهور أمام الراي العام كمجرد ناقدين ومستهجنين ومعارضين ومتظاهرين وعاملين للصالح العام".
أضاف أنه "لاشك أنكم تتفقون معنا أن الدعوة للتظاهر أو للاعتراض أمر سهل، مستدركًا "لكن البناء وشق الطريق وسط كل هذه التراكمات والصعوبات والظروف الداخلية والخارجية أمر في غاية الصعوبة، فنرجو وضع الأمور في نصاباتها. فلابد للاعتراض والتظاهر أن تكون له غايات. فاين سيقف؟ هل سيقف بإسقاط الحكومة وكيف سيقوم بذلك؟ هل يقوم به برلمانيًا أم بالعصيان؟ وما العمل لو قدمت الحكومة استقالتها؟ وهل يستهدف تعطيل المصالح ليرغم الحكومة على اتخاذ مواقف محددة؟ ام سيكون معارضًا في السلبيات متنصلًا من اعبائها، ومواليًا في الإيجابيات مطالبًا بحصة في منجزاتها؟ أم ستتحول التظاهرات إلى مجرد نمط حياة ومجرد أسلوب للتحشيد والتعبئة للحالة الجزئية والخاصة دون الأخذ بالاعتبار الحالة الكلية والعامة؟".
خاطب عبد المهدي الحكيم بالقول، إنه "باختصار التظاهر ليس هدفًا بذاته بل وسيلة لأهداف واضحة ومحددة ومقبولة ومدروسة. نقول هذا كله لأن الضجة التي أثيرت حول الموضوع وبعض المفردات المستخدمة من بعض الناشطين تفتح المجال لمثل هذه الأسئلة والاحتمالات. أملنا كبير أن يبقى التظاهر وسيلة للتعبير عن الرأي، ولا يقود للتصعيد وتوتر الأوضاع وله موضوعات محددة وهدفه التقويم ودفع العملية السياسية والاقتصادية والأمنية للأمام، ولا يعطل المصالح الخاصة والعامة ولا يربك عمل الحكومة والدولة، فهذا أمر مرحب به، وهو بلا شك ما ستوصون به".
تابع عبد المهدي أن "الديمقراطية -رغم كل نواقصها- هي الوسيلة الأفضل تحت أيدينا اليوم لحكم البلاد عبر ممثلين حقيقيين للشعب"، مشيرًا إلى أن "هذه الديمقراطية أساسها الدستور الذي تم استفتاء الشعب عليه، والانتخابات المباشرة النزيهة حيث لكل مواطن صوت واحد وحيث تحترم توازنات البلاد، وحيث تعمل المؤسسات الجادة والحقيقية والشفافة، والنظم الانتخابية السليمة التي لا تحتكر أو تكرس سلطة شخص أو طائفة أو حزب، والحياة الحزبية والسياسية السليمة حيث تمارس المفاهيم الدستورية والديمقراطية داخلها كما يراد ممارستها في النظام العام".
عبد المهدي مخاطبًا الحكيم: يجب الحذر من التصعيد وتجنب الحافات التي قد يفلت فيها الأمن المجتمعي الهش من أيدي الجميع
أوضح عبد المهدي "إذ كما يقولون لا ديمقراطية بدون ديمقراطيين ولا دستور بدون دستوريين. عند توفير أو توفر هذه الشروط التي يجب على الجميع العمل عليها واستكمال نواقصها يمكن قيام أغلبية دستورية سياسية، وأقلية دستورية سياسية برلمانية وحكومية تتنافس عبر صناديق الاقتراع أساسًا لتشكيل حكومات تقوم ليس على أسس الفردنة والمحاصصة والطائفية بل على أساس المناهج والبرامج والتوازنات الوطنية العامة، عندها تأخذ التظاهرات والمعارضات معانيها الحقيقية وتتحول إلى ممارسات طبيعية واعتيادية ووسائل مشروعة ومطلوبة للتعبير عن الرأي ولكسب الجمهور لقضايا مشروعة، وليس لأي أمر آخر".
اقرأ/ي أيضًا:
مواجهات رجل الحكيم الساخنة في واسط: "معارضة" على طريقة "الميليشيات"!