في ظل إرباك كبير تعيشه أسواق العراق على خلفية تذبذب أسعار صرف الدولار، جاء انتشار العملة المزورة من فئة 25 ألف دينار ليفاقم الركود الاقتصادي في عموم المحافظات، وسط تحذيرات تداعيات خطيرة على قيمة العملة المحلية.
مواقع التواصل الاجتماعي في العراق تداولت بكثافة مقاطع مصورة تظهر العملة المزورة تجتاح الأسواق، ما أثار الخوف والقلق لدى الشارع من وقوعهم في فخ هذه العملة.
مطبوعة بشكل متقن
يقول أبو محمد، صاحب مكتب صرافة في هذا الصدد، إنّ "الأيام القليلة الماضية شهدت انتشار العملة المزيفة في الأسواق"، مشيرًا إلى أنّ "هذه العملة مطبوعة بدقة عالية ومن الصعب اكتشافها، إلاّ عن طريق أجهزة كشف العملات المزورة المتطورة".
يشير مختصون إلى ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة لمنع تداول العملة المزورة للحد من تداعياتها الخطيرة على اقتصاد البلاد
ويضيف في حديث لـ "الترا عراق"، أنّ "أجهزة عد الأموال من الفئة الاعتيادية والمتوسطة لم تستطع التعرف على العملة المزورة، ما يعني أن فئة الـ 25 ألفًا انتشرت بشكل كبير دون ملاحظة أحد"، مؤكدًا أنّ "أجهزة العد ذات الفئة العالية فقط لها قدرة التعرف على هذه العملة المزورة".
مخاوف كبيرة أثارها "انتشار الفئة المزورة" بين التجار والزبائن، ما فاقم من الركود الناجم عن أزمة أسعار الصرف، كما يشير أبو محمد، الأمر الذي يتطلب تدخل الجهات المعنية لـ "الحفاظ على قيمة الدينار قبل فوات الأوان".
ومع الحديث المتزايد حول انتشار هذه العملة، نفى البنك المركزي العراقي، الأسبوع الماضي، وجود زيادة ملحوظة في العملة المزورة، مؤكدًا أنّ "تزييف العملة ضعيف ورديء، وغالبًا ما يكتشفه الجمهور والقطاع المصرفي والبنك المركزي".
رؤية اقتصادية
ويجرم قانون البنك المركزي في العراق مرتكبي عمليات تزوير العملة وفق المادة 50 من القانون، التي تنص على: "كل شخص يشرع في الإعداد لسك نقود مزيفة يعتبر مرتكبًا لجناية يعاقب عليها القانون بدفع غرامة لا تزيد على 50 مليون دينار، أو الحبس لمدة لا تزيد على 5 سنوات أو كلاهما معًا".
بدوره، يحذر الخبير الاقتصادي عامر الجواهري من أنّ "تداعيات انتشار العملة المزورة ليست اقتصادية فقط، بل لها جوانب سياسية"، مضيفًا أنّ "الأجهزة الأمنية مطالبة بالكشف عن الجهات التي تقف وراء طباعة هذه العملة المزورة".
ويقول الجواهري لـ "الترا عراق"، إنّ "الجهات القضائية مطالبة هي أيضاً بتعديل وتشديد عقوبة التزوير للحد من هذه الجرائم"، مبينًا أنّ "استمرار انتشار هذه العملة سيعمل على زعزعة ثقة المواطن بالعملة المحلية التي هي تعاني منذ مدة".
انتشار العملة المزورة، والكلام للجواهري، في هذه التوقيت "له بعد سياسي بحت"، خاصة وأنّ "الأسواق تعاني إرباكًا بفعل أسعار صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي".
مؤخرًا، أعلنت وزارة الدفاع اعتقال شخص بتهمة التعامل بفئات نقدية مزورة، مشيرة إلى ضبط "أموال مزورة من فئتي 25000 و50000".
أضرار اقتصادية
إلى ذلك، يقول الخبير الاقتصادي خطاب الضامن لـ "الترا عراق"، إنّ "انتشار عملة مزورة يؤثر سلبًا على المعاملات التجارية اليومية، بانعدام ثقة المتعاملين بهذه الفئة من العملة، ما يضطرهم إلى التحقق بإجراءات مطولة قبل إتمام عمليات البيع والشراء".
ويؤكّد الضامن، أنّ "الأضرار الناجمة عن انتشار عملة مزورة تشمل انخفاض القيمة الشرائية للعملة، نتيجة ضخ كميات من النقود غير مغطاة من قبل البنك المركزي، ناهيك عن أضرارها المباشرة على الأفراد والمؤسسات بعد أن يقعوا ضحية مروجيها".