24-أغسطس-2019

تبدو مهمة التمسك بالحياد "صعبة جدًا" بعد التطورات الخطرة التي شهدتها البلاد (Getty)

الترا عراق - فريق التحرير

منذ التفجير الذي شهده "معسكر الصقر" في بغداد وما خلفه من ضحايا وأزمة، بدأت حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تتحرك في اتجاهين، أحدهما يهدف إلى كبح جماح فصائل محددة في الحشد الشعبي توصف بأنها "موالية" لإيران، والآخر نحو محاولة "اقناع" الولايات المتحدة الأمريكية بإبعاد العراق عن الأزمة، ومنع خرق الأجواء العراقية من قبل الطيران المجهول والذي تتهم "إسرائيل" بالوقوف خلفه، في ظل عجز العراق عن حماية سمائه.

تتحرك حكومة عبد المهدي في اتجاهين بهدف التمسك بموقف الحياد أحدهما لـ "كبح" فصائل مسلحة موالية لإيران وآخر هدفه إقناع واشنطن بإبعاد العراق عن الصراع

للاتجاهين هدف واحد تركز عليه الحكومة ورئيسها فضلًا عن أغلب الأطراف السياسية وحتى الشعبية، وهو منع انزلاق البلاد نحو "الحرب بالوكالة"، وهو ما تسعى إليه كل من واشنطن وطهران، حيث ترفض كلاهما مبدأ الحياد الذي يحاول العراق التحصن به، إيران عبر فصائلها المسلحة، وواشنطن بضغط مستمر على رئيس الحكومة ومن ثم بإطلاق يد تل أبيب لضرب أهداف على صلة بإيران في البلاد، وفق ما تشير إليه تقارير عبرية وأخرى أمريكية.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة الحشد الشعبي.. قرارات "سيادية" مرتبكة تخرقها تهديدات بالصواريخ!

وتعد المرحلة الجديدة من الأزمة المتعلقة بالصراع الأمريكي – الإيراني، هي الأخطر على مستوى الداخل العراقي، بعد مرحلة "صواريخ الكوتيوشا"، التي ظلت تسقط لأسابيع على أهداف ومصالح أمريكية، فيما يرى مراقبون أن الضربات التي دوت في قواعد فصائل معينة من الحشد الشعبي تأتي ردًا على تلك القذائف التي لم تخلف أضرارًا تذكر، فيما تدمر الانفجارات الجديدة أسلحة نوعية لتلك الفصائل من بينها صواريخ بالستية بعيدة المدى، بحسب بعض التقارير والمصادر.

يوم الجمعة 23 آب/أغسطس، كشفت حكومة عبد المهدي عن تحرك جديد في الاتجاه الثاني، على مستويين أحدهما دبلوماسي والآخر عسكري، حيث أمر القائد العام للقوات المسلحة، عادل عبد المهدي، وزارة الدفاع بوضع "الخطط والإجراءات المناسبة لتسليح قيادة الدفاع الجوي بما يتناسب مع الوضع الحالي والمستقبلي"، مجددًا التأكيد على أوامره السابقة المتعلقة بإلغاء الموافقات الخاصة بتحليق جميع أنواع الطائرات في الأجواء العراقية إلا بموافقة القائد العام أو من يخوله أصوليًا، واتخاذ الإجراءات والخطوات الكفيلة بنقل الأسلحة والاعتدة إلى أماكن خزن مؤمّنة خارج المدن.

اجتماع مجلس الأمن الوطني بحضور رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض

على الصعيد الدبلوماسي، استدعى وزير الخارجية محمد علي الحكيم، القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى بغداد براين مكفيترز، لعدم تواجد السفير الأمريكي في العراق، وذكره بـ "الاتفاقية الاستراتيجية" التي تنص على التعاون الأمني بين بغداد وواشنطن.

تمر البلاد بمرحلة أشد خطورة تتمثل باستهداف قواعد الحشد الشعبي بعد أولى شهدت سقوط قذائف "كاتيوشا" على مصالح أمريكية

وحمل بيان وزارة الخارجية عن تفاصيل اللقاء، إشارات إلى الحديث عن الانفجارات في قواعد الحشد الشعبي وضرورة وقفها، حين ذكر أن حوار الحكيم ومكفيترز "ناقش آخر المستجدات على الساحة العراقية والإقليمية، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالتعاون الاستخباري والعسكري ومحاربة الإرهاب بموجب أولويات العراق ورؤية القائد العام للقوات المسلحة العراقية"، مبينًا أن "الحكيم أكد على أن العراق ملتزم بمبدأ حسن الجوار مع جيرانه وبما يحفظ أمن العراق والمنطقة، وأن العراق ليس ساحة للنزاع والاختلاف بل للبناء والتنمية".

أوضح الوزير الحكيم جليًا، على حد تعبير البيان، أن العراق وحكومته "يضع كل الخيارات الدبلوماسية والقانونية في مقدمة أولوياته لمنع أي تدخل خارجي في شأنه الداخلي وبما يصون أمن وسيادة العراق وشعبه"، فيما شدد وزير الخارجية أن استعمال كلمة "استدعاء" في البيان كان "مقصودة من قبل الحكومة".

جانب من لقاء وزير الخارجية بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى بغداد براين مكفيترز

قال الحكيم تعليقًا على اللقاء في تصريح صحفي، : "كنّا نحملُ موقفًا محددًا يتلخص: بأن الشراكة تستدعي تبادل المواقف والإحاطات  في كل ما من شأنه أن ينعكس على مصالحنا المشتركة. وحيث استجدت أحداث لها انعكاسات على بنية الأمن الوطني العراقي، في ظل منطقة تشهد اضطرابًا".

اقرأ/ي أيضًا: ليلة البيانات "النارية".. "انشقاق" داخل الحشد الشعبي عشية التهديد بـ "الحرب"!

أضاف الحكيم، أن "رؤية العراق ضمن السياسة الخارجية تتطلب النظر إلى الأولويات الواقعية للبلاد وفي مقدمتها تكريس مكتسبات العراق طيلة سنوات مضت وأخذنا لأدوار ممكنة وحقيقية ضمن نسق دعم التوازن والاستقرار في المنطقة. لذا كانت رؤيتنا بضرورة الالتزام بمسارات أوضح للشراكة الاستراتيجية وعدم إدخال العراق في كل ما يزعزع أستقراره وأمنه، وتتجلى هذه الرؤية بضرورة تبادل كافة المعلومات اللازمة".

يحظى عبد المهدي بـ "دعم كبير" لتجنب الحرب بـ "الوكالة" لكن تلك المهمة تبدو "صعبة جدًا" في ظل التوتر الذي تشهده أجواء البلاد

ويحظى بعد المهدي بدعم كبير في محاولته لتجنب الحرب، من قبل البرلمان ورئاسة الجمهورية، فضلًا عن أوساط شعبية كبيرة تعبر عن آرائها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وممثليها في البرلمان، لكن تلك المحاولات تبدو "صعبة جدًا" في ظل حالة كبيرة من التوتر تشهدها البلاد وانقسام الحشد الشعبي، الطرف الرئيس في أي حرب بـ "الوكالة" قد تنجر إليها البلاد بين واشنطن وتل أبيب من جهة وإيران من جهة أخرى. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

"ورطة" عبد المهدي بين السخرية والاتهام.. "إسرائيل" والحشد في حادثة جديدة!

انقسام وسخط داخل الحشد الشعبي مصدره "إسرائيل"!