06-أغسطس-2019

فصائل ما يسمى بـ"المقاومة" ساخطة على هيئة الحشد الشعبي (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير 

لا تزال المواقف متضاربة، والأنباء تتراوح بين الدبلوماسية والتصعيد، وتساؤلات حول حقيقة قصف "إسرائيل" لمواقع تابعة للحشد الشعبي بغية استهداف صواريخ بالستية إيرانية، فيما ظهرت بالآونة الأخيرة أسئلة يطلقها الكثير من المتابعين للشأن السياسي عن أسباب إخفاء هيئة الحشد الشعبي أمر القصف الإسرائيلي وتقديمها رواية "هادئة"، معتبرة "القصف" حادث عرضي داخلي.

هيئة البث العبرية:  بومبيو أكد لعبد المهدي أن واشنطن لن تتدخل إذا قصفت "إسرائيل" مواقع تابعة للحشد الشعبي المدعوم من إيران

مطلع العام الجاري، ذكرت هيئة البث العبرية "كان"، أن "وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أكد لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي أن واشنطن لن تتدخل إذا قصفت "إسرائيل" مواقع تابعة للحشد الشعبي المدعوم من إيران"، كما نقلت عن مصدر عراقي قوله، إن "العراق أعرب عن انزعاجه من ذلك، وأرسل رسالة إلى أمريكا يبلغها بأن أي استهداف لمواقع عراقية سيكون له تأثير وتداعيات خطيرة على المنطقة بأسرها"، وكان رد بومبيو بحسب الهيئة، أن "الولايات المتحدة ما زالت ترفض السماح لإسرائيل بتنفيذ غارات داخل العراق، لكنها لن تستطيع أن تقف إلى الأبد في وجه الرغبة الإسرائيلية".

اقرأ/ي أيضًا: صواريخ على الأرض و"رسائل ود" في فيسبوك.. "إسرائيل" لا تفكر بالسلام مع العراق!

لاحقًا، وفي شهر آذار/مارس من العام ذاته، كشفت قناة التلفزيون الإسرائيلية الـ13، قيام "تل أبيب" بجمع معلومات استخبارية عن العراق بهدف إضعاف النفوذ الإيراني والإطاحة بمظاهر التمركز العسكري للفصائل التابعة لإيران في العراق.

المعلق العسكري للقناة ألون بن دافيد، قال إنه "تمّ اتخاذ هذا القرار في أعقاب وجود مؤشرات على إقدام إيران على استثمار مقدرات كبيرة لبناء وجود عسكري بهدف تعزيز تأثيرها داخل العراق"، مضيفًا أن "التقديرات السائدة في "إسرائيل" تجمع على أن التمركز العسكري الإيراني في العراق يكتسب خطورة كبيرة، على اعتبار أن تل أبيب أخرجت عمليًا العراق من دائرة الدول التي تشكل تهديدًا استراتيجيًا على أمنها القومي في أعقاب سقوط نظام صدام حسين".

ونوه بن دافيد إلى أن "المحافل الأمنية والعسكرية في "إسرائيل" ترى أن نجاح إيران في إرساء بنية عسكرية كبيرة في العراق يمثل أحد استخلاصات طهران من الضربات التي توجهها "إسرائيل" لوجودها العسكري في سورية".

بعد ذلك، وفي شهر حزيران/يونيو من عام 2019، جرى استمرار لمسلسل قصف مواقع سورية من قبل الطائرات الإسرائيلية، حيث نشر "الجيش الإسرائيلي" مقطعًا مصورًا يظهر قصف طائراته لمواقع في ريف القنيطرة المحاذي للجولان، وذلك ردًا على صواريخ انطلقت من الأراضي السورية نحو الجولان، عقب اتهام الجانب الإسرائيلي طهران بالوقوف وراء الهجمات التي تنفذها قوات سورية على "إسرائيل"، وإعلانها بإنها لن تسمح بتمركز قوات إيرانية في الأراضي السورية.

في 19 تموز/يوليو الماضي، قصفت طائرات مسيرة (مجهولة) مقرًا تابعًا لحشد التركمان، والمسيطر عليه من قبل "كتائب حزب الله" في منطقة آمرلي

في 19 تموز/يوليو الماضي، قصفت طائرات مسيرة (مجهولة) مقرًا تابعًا لحشد التركمان، والمسيطر عليه من قبل "كتائب حزب الله" في منطقة آمرلي، ليعقبه موجة كبيرة من التكهنات والاتهامات والتلميحات من جميع الأطراف ذات الصلة، حيث توجه الموقف الرسمي للحشد الشعبي إلى نفي نظرية الاستهداف واعتبار ما جرى "خطأً عرضيًا سببه اشتعال الوقود الصلب ولم يكن استهدافًا عسكريًا نتيجة طائرة مسيرة أو صاروخ موجه"، أما موقف رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي فقد كان خجولًا وغامضًا، حيث قال إن "المعلومات الإعلامية عن قصف لمقر الحشد الشعبي في آمرلي غير دقيقة، ولا يوجد عدد كبير من الضحايا وقد ضُخم الأمر، وهناك الكثير من الروايات تحاول إيجاد حدث وتصعيد".

اقرأ/ي أيضًا: معسكر آمرلي "فخ جديد".. إسرائيل تُذكر بضربة تموز وبغداد تُبرئ تل أبيب

لكن الصحفي الإسرائيلي أيدي كوهين، قال في 17 كانون الثاني/يناير 2019، ردًا على قائد الحرس الثوري الذي هدّد بقصف "إسرائيل": "أحموا جنودكم في سوريا بالبداية ثم هددوا تل أبيب"، لافتًا إلى أن "الطائرات الاسرائيلية، حلقت فوق مناطق الميليشيات في العراق بطائرات شبح وتم مسح مواقعهم بالكامل".

تدريجيًا بدأت الصورة تتضح بشكل أكبر، خصوصًا بعد عرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، شريطًا دعائيًا ضمن حملته الانتخابية لمّح فيه إلى استهداف "معسكر الشهداء" في آمرلي، إضافة إلى كتابة وسائل الإعلام عالمية عن الموضوع، وتأكيدها على أنه من "مسؤولية سلاح الجو الإسرائيلي".

ما يثير الانتباه هنا هو تناقض المواقف في الداخل العراقي بشكل عام، وغموض وتناقض مواقف الفصائل التابعة "أو التي تُحسب على" الحشد الشعبي بشكل خاص، الأمر الذي أدى إلى أزمة داخلية في الحشد الشعبي، حيث ذكرت مصادر مقربة من قيادات الحشد الشعبي، وجود انشقاقات كبيرة بين جناح "السياسة"، وجناج "المقاومة".

مصدر قال لـ"ألترا عراق"، إن "الحشد الشعبي أصبح يعاني تشتتًا كبيرًا، مبينًا أن "بعض جهاته تحاول أن تتجه إلى الطابع الرسمي والدبلوماسي لكسب الشرعية الداخلية والإقليمية والعالمية، فيما تتجه الجهات الأخرى إلى الإبقاء على صبغة المقاومة للمحافظة على المقبولية لدى جماهيرها من جهة، وعلى علاقاتها الإقليمية مع إيران وحزب الله اللبناني من جهة أخرى".

أضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن "الفصائل من أمثال كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وسرايا الخراساني، وجزء من منظمة بدر وغيرهم، ساخطين جدًا من موقف هيئة الحشد الشعبي التي تهربت من اتهام "إسرائيل" بقصف المواقع العراقية".

لفت إلى أن "هذا الانشقاق ليس بجديد، ولكن في كل مرة يتم تدراك الموقف بغية عدم ظهور تلك المشاكل الداخلية للعامة".

مصدر خاص: الفصائل التي تطلق على نفسها "مقاومة"، ساخطة جدًا من موقف هيئة الحشد الشعبي التي تهربت من اتهام "إسرائيل" بقصف المواقع العراقية

وسط هذا التضارب في المواقف الرسمية وغير الرسمية، تعرض موقع آخر تابع للحشد الشعبي، إلى ضربة جوية جديدة، لكن هذه المرة بردود فعل مختلفة.

اقرأ/ي أيضًا: "لا دمج ولا حل".. ما مصير فصائل الحشد المقاتلة في سوريا بعد قرار عبد المهدي؟

وتعرض معسكر العراق الجديد، "أشرف سابقًا" في محافظة ديالى إلى ضربة جوية نفذتها طائرات (مجهولة) أدت إلى مقتل واصابة نحو 40 شخصًا كانوا متواجدين في المعسكر، ولم تصدر هيئة الحشد الشعبي موقفًا رسميًا لهذه الحداثة، لكن مصدرًا من داخلها تحدث لـ"ألترا عراق"، بأن "الهيئة شكلت لجنة للتحقيق بشأن الحادث وأصدرت تقريرًا يبيّن أن ما جرى في المعسكر كان حريقًا عرضيًا"، مضيفًا أنه "بعد أيام قليلة تم تشييع جثمان قائد عسكري في إيران يعتقد أنه لقى مصرعه في معسكر أشرف".

عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، والقيادي في منظمة بدر، كريم عليوي، قال في حديث متلفز، تابعه "ألترا عراق"، إن "نفي استهداف معسكر الحشد من قبل إسرائيل غير صحيح، وجاء بضغوط من قبل السفارة الأمريكية في بغداد"، مبينًا أن "الحكومة العراقية في الوقت الحاضر تتنازل عن معلومات كهذه بضغط من الإدارة الأمريكية، التي قد تؤدي إلى تشنج في الداخل العراقي، خاصة وأن المنطقة تقترب من معركة بين إيران وواشنطن، في ظل التصعيد الأخير بينهما".

وبشأن قدرة الفصائل المسلحة المقربة من إيران على قصف "إسرائيل"، أو اتخاذ احتياطات دفاعية، تحدث المحلل السياسي والخبير القانوني هاشم الهاشمي، في حديث متلفز، قائلاً، إن "سلاح الجو العراقي لا يمتلك تقنية قوية تسمح له بحماية أجواءه من ضربات جوية قد تنفذها "إسرائيل" أو دول أخرى داخل الأراضي العراقية".

أضاف أن "جهات سياسية طالبت بشراء منظومة روسية لحماية الأجواء العراقية من الاختراقات المتكررة التي تتعرض لها الأجواء العراقية، مستدركًا "ولكن الحقيقة أن هذه المنظومة لن ينفع استخدامها في العراق، ولن تقدر على كشف الاختراقات المتكررة للأجواء العراقية".

 لجنة الأمن والدفاع النيابية: نفي استهداف معسكر الحشد من قبل إسرائيل غير صحيح، وجاء بضغوط من قبل السفارة الأمريكية في بغداد

تابع الهاشمي أن "إسرائيل لن تدع الحشد الشعبي حتى ينسحب بالكامل من العمق السوري ويقطع طريق (طهران- بيروت)، وأن قيادات الحشد تنتظر توجيهات إيران بخصوص هذا الموضوع".

وفي السياق، قال  نائب رئيس الأركان العامة لشؤون العمليات في الجيش الإيراني، العميد مهديرباني، إن بلاده وسعت نفوذها الإقليمي حتى حدود إسرائيل، وأن إيران باتت تملك قوة عسكرية "جبارة"، مشيرًا إلى أن اليمن والعراق ولبنان شهدت نشوء وتبلور "قوة مقاومة لا تقهر"، بحسب تعبيره.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

حناجر إسرائيل في بغداد.. إيقاع التطبيع المنبوذ

بسفارة إلكترونية وحيلة اقتصادية.. إسرائيل على أسوار بغداد