24-يوليو-2019

كشف حادث معسكر آمرلي عن صفحة جديدة من التوترات والتناقض والحرج الحكومي

الترا عراق - فريق التحرير

ليلة التاسع عشر من تموز/يوليو، ألقت طائرة مسيرة مجهولة رمانة على معسكر "الشهداء" التابع للواء 16 في الحشد الشعبي بمنطقة آمرلي في محافظة صلاح الدين، ما أدى إلى جرح اثنين من المنتسبين، بحسب بيان لخلية الإعلام الأمني الحكومية.

اشتعلت النيران في معسكر للحشد الشعبي بمحافظة صلاح الدين وفتحت الباب أمام عدة روايات بشأن الحادثة وأمام تضارب حكومي لم يعد مستغربًا

أكد عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية مهدي تقي الآمرلي ذلك في تصريح يوم الجمعة 19 تموز/يوليو، يقول فيه إن "مقر الحشد الشعبي في صلاح الدين الذي استهدفته الطائرة المسيرة هو مقر للحشد التركماني العشائري"، داعيًا إلى "موقف قوي وواضح" من الحكومة ومجلس النواب.

تواجد الحرس الثوري.. والحشد ينفي!

ونشرت قناة "العربية" مقطع فيديو للقصف الذي تعرض فيه معسكر الحشد للقصف، مع رواية لرئيس مجلس العشائر العربية في العراق ثائر البياتي، يُرجح فيه مقتل وإصابة عدد من مقاتلي حزب الله والحرس الثوري الإيراني في القصف. كما زعم البياتي أن "المعسكر يضم صواريخ باليستية إيرانية الصنع نقلتها طهران مؤخرًا إلى المعسكر عبر شحانات تستخدم لنقل المواد الغذائية المبردة".

اقرأ/ي أيضًا: "لا دمج ولا حل".. ما مصير فصائل الحشد المقاتلة في سوريا بعد قرار عبد المهدي؟

من جانبها، نقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن المتحدث باسم العشائر العربية في المناطق المتنازع عليها مزاحم الحويت، قوله إن "طائرات مجهولة يُعتقد أنها أمريكية وراء استهداف معسكر الشهداء للحشد، والتابع للحرس الثوري الإيراني"، مبينًا أن "12 قياديًا عسكريًا إيرانيًا من أبرز المشاركين في الحرب العراقية الإيرانية سقطوا في استهداف معسكر الشهداء".

من جانبه، نفى المتحدث باسم هيئة الحشد الشعبي، علي الحسيني، وجود أي قتلى سواء من المستشارين الإيرانيين أو الحرس الثوري، واصفًا ذلك بـ "حديث وسائل الإعلام العربية المغرضة". كما بيّن أن الحادث أسفر عن "إصابة اثنين من المنتسبين بجروح بسيطة".

إعلام إسرائيل: نحن القاصفون

بدورها، أشارت صحيفة كويتية "الجريدة"، الأحد 21 تموز/يوليو، إلى "ضلوع إسرائيل في الهجوم على مقر الحشد الشعبي"، مبينة أن مصادر في فيلق القدس الإيراني أخبرتها بأن "طائرات (درون) إسرائيلية المسيرة هاجمت معسكر الحشد في آمرلي الذي يضم صواريخ صغيرة ومتوسطة المدى".

ورجح تقرير من إذاعة عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي، الأحد 21 تموز/يوليو، أن تكون إسرائيل الطرف المهاجم لمعسكر الحشد الشعبي.

أما مراسل الشؤون العربية في الإذاعة الإسرائيلية جامي حوجي فقد قال، إن "أسلوب الهجوم على معسكر الحشد الشعبي يدل على أن الجهة التي يمكن لها أن تكون قد نفذت هذا الهجوم هي إسرائيل"، ويرى عماتسيا برعام، مدير وحدة أبحاث العراق في جامعة حيفا، أن من غير المستبعد أن تكون إسرائيل الطرف الذي قام بالهجوم على معسكر للحشد في صلاح الدين .

أخيرًا، كتب المحلل السياسي والعسكري الإسرائيلي باباك تغافي، تغريدةً على حسابه في تويتر، قال فيها إن إسرائيل نفذت غارة جوية بطائرات أف 16 على معسكر للحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين، مبينًا أن "الغارة أسفرت عن مقتل ستة من عناصر الحرس الثوري وحزب الله، وتدمير صواريخ باليستية.

اتهمت جهات تابعة للحشد الشعبي أو مقربة منه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالوقوف وراء الحادث وسط تعزيزات من مصادر إسرائيلية

أشار تغافي إلى أن إسرائيل نفذت غارتها بعد 38 سنة، ملحمًا إلى قصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي "تموز" عام 1981، بداية الحرب العراقية الإيرانية.

اتهامات عراقية للولايات المتحدة

وسط التلميحات التي تُشير إلى تورط إسرائيل بقصف معسكر الحشد الشعبي، اتهم النائب عن ائتلاف دولة القانون منصور البعيجي، الولايات المتحدة بالوقوف وراء الهجمات التي استهدفت المعسكر، داعيًا الحكومة العراقية إلى "عدم اتخاذ موقف المتفرج على ما يحدث من استهداف للحشد الشعبي من قبل أمريكا، وهو الأمر الذي لا يخفى على أحد".

فيما اعتبر النائب عن كتلة صادقون النيابية عبد الأمير المياحي، في 30 تموز/يوليو، قصف معسكر الحشد "مؤشرًا خطيرًا"، داعيًا إلى البحث عمّا إذا كان لتركيا يد في الموضوع كرد فعل على مقتل نائب قنصلها في أربيل، أو أن تكون للولايات المتحدة يد أخرى تستهدف من خلالها الحشد الشعبي".

لكن، وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" نفت، في 19 تموز/يوليو، صلتها بالهجوم، مضيفة : "نحن على علم بتقارير المصادر المفتوحة حول أعمال عدائية محتملة ضد وحدة للحشد الشعبي في صلاح الدين".

الحشد يفاجئ الجميع!

حتى عصر الأحد، 21 تموز/يوليو، كان مسؤول إعلام محور الشمال في الحشد الشعبي علي الحسيني، يتحدث عن ترجحيات بتورط الولايات المتحدة أو إسرائيل بـ "قصف" معسكر الحشد، كون الطائرات الأمريكية هي من تسيطر على الأجواء العراقية.

ولفت الحسيني إلى أن "الصاروخ الذي أصاب المعسكر لا يدل على أنه أطلق من طائرة مسيرة، نظرًا لقوته"، مستبعدًا في الوقت ذاته أن تكون لدى تنظيم الدولة داعش إمكانيات كهذه. إذ لا يملك التنظيم إلا طائرات بسيطة تحمل قنابل يدوية، حسب قول الحسيني.

اقرأ/ي أيضًا: تصعيد غير مسبوق: أول "سهام" الميليشيات للجيش.. خيانة أم تخوين؟!

وعلق عضو المجلس السياسي لحركة النجباء المنضوية في الحشد الشعبي فراس الياسر، الأحد 21 تموز/يوليو، على التلميحات الإسرائيلية بضلوعها في قصف الحشد الشعبي، قائلًا : "نعتقد أن العدوان الإسرائيلي ضالع في الاعتداء على الحشد الشعبي، خصوصًا أن هناك تصريحات وتهديدات إسرائيلية صدرت بهذا الصدد"، لكنه أشا إلى عدم وجود "معلومات بشكل نهائي حول من يقف خلف الضربة، لكن هناك شكوك بتورط إسرائيل خصوصًا وأن نوعية الضربة يمتلكها الجيش الإسرائيلي والأميركي"، كما لم يستبعد الياسر امتلاك الجيش التركي لها.

عاد الحشد الشعبي ليفند الرواية الرسمية وينفي وقوع قصف أو ضحايا في الحادث ويلقي بقيادييه والمقربين فيه في فخ الحرج

وتتفق رواية الياسر مع تعليقات المحللين الإسرائيليين والتقارير التي تحدثت عن تشابه بين غارات إسرائيلية سابقة في سوريا، والعملية التي استهدفت مقر الحشد في العراق.

في ذات الوقت، عصر الأحد 21 تموز/يوليو، أعلنت لجنة التحقيق المركزية التابعة للحشد الشعبي، نتائج التحقيق بحادثة قصف معسكر الشهداء. وجاء في البيان أن التحقيقات "أثبتت أن الانفجار لم يكن استهدافًا عسكريًا نتيجة طائرة مسيرة أو صاروخ موجه، إنما كان مجرد حريق لوقود صلب نتيجة خلل داخلي"، نافيًا وجود قتلى في صفوف الحشد الشعبي.

ورفض العديد من قادة الحشد الخروج في وسائل الإعلام للتعليق على الحادث، مكتفين ببيان لجنة التحقيق المركزية المرسلة إلى معسكر الشهداء في آمرلي.

في اليوم التالي، 22 تموز/يوليو 2019 علق رئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال لقائه مجموعة من الصحفيين بالقول : "التقارير التي حمّلت إسرائيل مسؤولية الهجوم على مقر الحشد الشعبي في آمرلي ليس دقيقة، وتلك الحادثة بسيطة ولا يوجد فيها ضحايا". مؤكدًا أن الحادث لم يكن نتيجة قصف طائرة مسيرة أو صاروخ، وفق تقارير القوة الجوية. وهي تقارير الجهة ذاتها التي نفت إنطلاق الطائرات المنفذة لهجوم السعودية سابقًا.

ليس بجديد .. وغير مستبعد

يقول الكتاب والمحلل الاستراتيجي الدكتور محمد الحياني إن "الروايات تعددت، وهناك من يعزو الهجوم لطائرات ضربت معسكر الشهداء، بالرغم من الرواية الحكومية التي تتحدث عن خلل فني أحدث انفجارًا في مادة الوقود الصلب"، مشيرًا إلى أن "الانفجارات في المعسكر استمرت لنصف ساعة وهناك خسائر بشرية حسب ما سمعنا".

ولم يستبعد الحياني في حديث لـ "ألترا عراق" وجودَ قصفٍ بالطائرات، خاصة وأن استهداف الحشد الشعبي والجيش ليس بالأمر الجديد، بل تكرر عدة مرات.

وفي حال صحّ هذا الأمر، يقول الحياني إن ذلك "مؤشر لإخفاق كبير في وجود أجهزة إنذار مبكر تحذر من وجود أهداف جوية خاصة وأن الأمريكيين يسيطرون على الأجواء العراقية بالكامل، ويُفترض أن يكونوا على علم كما حصل مع استهداف أنابيب النفط السعودية بطائرات مسيرة من العراق".

ويرى الحياني أن اعتماد الرواية الحكومية عن الحادث لا ينفي احتمالية قصف معسكر الحشد بطائرات مسيرة أو طائرات تُطلق الصواريخ من مسافات بعيدة من النوع الذي تملكه الولايات المتحدة وإسرائيل حصرًا".

أكد رئيس الحكومة رواية الحشد الشعبي ببرود كبير لكن مختصين لا يستبعدون قصف المعسكر بطائرات من مسافة بعيدة كما جرى في مناطق عدة سابقًا منها سوريا 

كانت عدة حوادث مشابهة وقعت، في وقت سابق داخل الأراضي السورية، يقول مواطنون وشهود عيان مثل "الخوذ البيضاء" إنها انفجارات ناجمة عن قصف بالطائرات، ويُرجح أن تكون إسرائيلية، كما حدث في مطار المزة العسكري ومركز جمرايا للبحوث العلمية، لكن النظام السوري يعزو ذلك لحوادث عرضية مثل "التماس الكهربائي"، عدا التي تتبناها إسرائيل رسميًا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ائتلاف النصر عن قرار عبد المهدي بشأن "الحشد الشعبي": نظّم "البيشمركة" أيضًا!

كيف تُهرب مخصصات الحشد الشعبي إلى إيران؟