06-مارس-2022

(Getty) صارت حروب الشرق الأوسط الجديدة حالة طبيعية ينبغي ألّا تُشاهد في مناطق التحضّر

لا تخلو الأحداث المأساوية من الفوائد، وهكذا هي الحروب، خصوصًا تلك التي عشناها في العراق ـ لأكثر من مرة ـ وجوار العراق وإقليمه العربي والإسلامي، حيث الملامح السمراء، والجينات المتخلفة المختلفة عن الرقي الغربي، حتى وصلت النيران إلى أوكرانيا، والتي على رغم شرّقيتها وأرثذوكسيتها (حوالي ثلاثة أرباع الأوكرانيين يتبعون إحدى الكنائس الأرثذوكسية) لكن شعبها أشقر اللون أزرق العين كما سمعنا من وسائل إعلام غربية في سياق الحديث عن حرب أوربية ـ أوروبية، وهو ما يميزها جزئيًا عن العرب بمسلميهم ومسيحييهم.

صارت حروب الشرق الأوسط الجديدة - حتى وإن صنعها أو تسبّب بها الغرب الأشقر – حالة طبيعية ينبغي ألّا تُشاهد في مناطق التحضّر!

تناست هذه البقعة التي نصطلح عليها "الغرب" حربيهم العالميتين نزولًا إلى حروبهم الداخلية والخارجية في عملية تصفير للتأريخ، وأعادت كتابة الحروب بوصفها حالة دائمة في الدول العربية والإسلامية. وفي البقعة التي اصطلحوا عليها "الشرق الأوسط" حيث يعاني من نزاعات أهلية "مستدامة"، صارت حروبه الجديدة - حتى وإن صنعها أو تسبّب بها الغرب الأشقر ـ حالة طبيعية ينبغي ألّا تُشاهد في مناطق التحضّر!

اقرأ/ي أيضًا: مؤشرات العنصرية الغربية: تشكيك بـ"التنوير الأوروبي" ومخاوف من انتعاش التطرف

رغم وقع الكلمات العنصرية التي أطلقها معلقون وصحفيون أوروبيون في وسائل إعلام غربية على مسامع أهالي الضحايا في منطقتنا المنكوبة؛ لكنها خيرُ جوابٍ للسؤال: لماذا تتفاعل دول "العالم الأول" بالطريقة التي نراها هذه المرة؟.. حتى باتت الرياضة ميدانًا للسياسة التي رُفضت حين تعلّق الأمر بمناهضة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين.

لقد خرق بوتين الأساس الذي أصبحت من أجله كرة القدم ميدان المنافسة الأوروبية بدل الحروب العالمية. هذه هي الإجابة الأقصر لتمييز التعاطي مع الحروب والإبادات الجماعية تبعًا لمكان الحرب والجينوسايد، ونوع الجنس المُباد.

لم ينسَ بعض الغربيين ثقافاتهم التي يفاخرون بها في معرض ردهم على العبارات العنصرية التي انطلقت من أفواه أنصاف الصحفيين والمعلقين، تلك العبارات التي لم نجرؤ نحن القاطنين في دول الاستبداد والفوضى على نطقها. لكنها على أية حال ليست حاسمة لناحية انعكاس العبارات العنصرية لمتبنيات في الذهن تعارض بالذات ما يتباهى به هؤلاء المتضخمون، وتناقض الثقافة الإنسانية التي تميّزهم عن الحضارات الأخرى.

من الواجب غلق دائرة النقاش هذه بوجه "أصدقاء الرئيس" على أشكالهم وطوائفهم، الذين لم يتركوا موبقة من السبع الموبقات إلا وارتكبوها في العراق وسوريا وغيرها

ندّعي نحن من نسمي أنفسنا "ديمقراطيين" في الوطن العربي الحق في محاججة ومعاتبة ومهاجمة الأصوات العنصرية، التي تُطلق من الغرب إلى الغرب لكنها تصيب أرواح الأجساد المتفحمة بالقنابل والصواريخ الذكية المتحضرة في العراق وسوريا وأفغانستان.

لدينا الحق – حين لا تزِل سلوكياتنا وكلماتنا عن أدبيات العصر الحديث، والتمسك بالمعايير الإنسانية والديمقراطية، في عز القهر والتعسف الغربي – أن نجادل أقراننا العنصريين الذين تناوبوا على الفضائيات، دفاعًا عن تلك القيم التي كان للغرب النصيب الأكبر في ترسيخها وتعميمها، وتأكيدًا على عمومية التفكير المريض في مجتمع البشر ولا محدوديته.

وفي الوقت نفسه، من الواجب غلق دائرة النقاش هذه بوجه "أصدقاء الرئيس" على أشكالهم وطوائفهم، الذين لم يتركوا موبقة من السبع الموبقات إلا وارتكبوها في العراق وسوريا وغيرها من بلداننا المنهَكة.

لن يكون نقاشنا واعتراضنا وانتقادنا للعنصرية الغربية حقًا ومنطقًا إن اصطففنا إلى جانب مغتصبي النساء والمراهقين، وقتلة الشباب والكهول، وتجار المخدرات الإقليميين، وصانعي الطائفية، والمحرضين على الكراهية والاقتتال الداخلي، والمشمئزين من عروبتهم، والمشككين بعروبة وإسلام الآخرين، المفقرين لبلدانهم، المتآمرين على شعوبهم، المتمسكين بمناصبهم وإنْ هلك الحرث والنسل.

               

 

اقرأ/ي أيضًا: 

غضب إثر حديث عنصري عن العراق عبر إحدى أشهر الشبكات الأمريكية

العراق "غير مهيأ".. الكفاح ضد الديمقراطية والتغيير