28-نوفمبر-2022
النازحون

تغير المواسم وخاصة الشتاء يعد كابوسًا للنازحين (فيسبوك)

يواجه النازحون العراقيون في شتاء كل عام أزمة حقيقية تتمثل بصعوبة مواجهة موجات البرد القارس والأمطار الغزيرة، والتي قد تتزامن مع إمكانية حدوث سيول قادمة من دول الجوار كما حدث في السنوات الماضية، وبعد مرور 8 سنوات منذ العام 2014 على نزوح ملايين العراقيين جراء سيطرة تنظيم "داعش" على محافظاتهم ومناطقهم، إلا أنّ الحكومة فشلت بإعادة النازحين الذي يعانون من صعوبة العيش في المخيمات إلى مناطقهم رغم الدعم الدولي الكبير لهذا الملف، والذي كان له أولوية الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الأخيرة الماضية.

خطة حكومية جديدة

ويقول علي عباس جهانكير، المتحدث الرسمي لوزارة الهجرة، إنّ "هناك خطة وزارية جديدة خاصة بملف مخيمات النازحين في عموم العراق من خلال توفير المزيد من الوقود خصوصًا للمخيمات القريبة من إقليم كردستان كون الشتاء هناك يكون أكثر برودة".

تغير المواسم وخاصة الشتاء يعد كابوسًا للنازحين بسبب رداءة وسوء الخدمات المقدمة لهم

وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يشير جهانكير، إلى أنّ "الخطة تضمنت أيضًا استبدال العديد من الخيم وتوفير الملابس والأغطية الجديدة والمواد الغذائية استعدادًا لفصل الشتاء"، مبينًا أنّ "الأيام القليلة المقبلة ستشهد الانتهاء من استكمال الخطة".

ووفقًا لحديث المسؤول الحكومي، فإنّ هناك 26 مخيمًا خاصًا بالنازحين في إقليم كردستان، فيما تمتلك محافظة نينوى مخيمين فقط وتحديدًا في جنوب مدينة الموصل، كما أنّ هناك 37 ألف نازح يتواجدون داخل هذه المخيمات، بحسب جهانكير الذي أكد أنّ "16 مخيمًا هم من نازحي الديانة الإيزيدية كانوا يسكنون في قضاء سنجار في نينوى". 

وبشأن أسباب عودة النازحين، يضيف المتحدث الحكومي، أنّ "الأوضاع الأمنية والخدمية هي من تعيق عودة النازحين إلى مناطقهم بعد تحريرها من تنظيم داعش"، مشيرًا إلى أنّ "عودة النازحين مرتبط أيضًا بوجود قرار سياسي بالدرجة الأساس يتيح لهم العودة والجميع بانتظار تفعيل اتفاقية سنجار".

ووقعت بغداد وأربيل، في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2020، اتفاق تطبيع الأوضاع في سنجار، برعاية الأمم المتحدة والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، حيث يهدف هذا الاتفاق إلى إخراج الجماعات المسلحة من القضاء، تمهيدًا لعودة نازحيها الذين لا يزال نحو 80% منهم يرفضون الرجوع بسبب توتر الأوضاع فيه.

ومنذ العام 2020، تحث الأمم المتحدة لدى العراق على مضاعفة الجهود لمعالجة شواغل حقوق الإنسان للنازحين، لا سيما الأطفال منهم، داعيةً إلى "زيادة التدابير في مجال المساعدة الإنسانية والتنمية والتماسك الاجتماعي والمصالحة، إلا أن "الحكومة لم تأخذ هذه الدعوات على محمل الجد إلى الآن"، بحسب ناشطين في حقوق الإنسان.

أرقام صادمة

وموضوع ملف النازحين فيه العديد من المأساة والآلام، حيث على الرغم من انتهاء الحرب مع داعش (السبب الأساسي وراء النزوح) قبل 5 أعوام، إلا أنّ بقائهم دليل فشل واضح في إدارة هذا الملف من قبل المسؤولين عليه، على  حد تعبير عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، علي البياتي.

ويقول البياتي لـ"ألترا عراق"، إنّ "أرقام منظمة الهجرة الدولية تشير إلى وجود مليون و177 ألف نازح بواقع أكثر من 200 ألف أسرة موزعين في 2000 موقع بـ 18 محافظة منهم 25% فقط في مخيمات رسمية".

ويتابع البياتي قائلًا إنّ "بقاء خمس عدد النازحين الكلي بعد هذه الفترة الطويلة دليل على وجود خلل في الخطط المعدة من قبل الحكومة لإنهاء هذا الملف أو عدم جديتها في ذلك"، موضحًا أنّ "تغير المواسم وخاصة الشتاء يعد كابوسًا للنازحين بسبب رداءة وسوء الخدمات المقدمة لهم، فالخيمة أو مخيمات النزوح لا يمكن أن تكون بديلًا عن السكن والخيم من المفترض أن تكون مأوى وقتيًا فقط لمدة أشهر وليس سنوات".

وبحسب البياتي، فإنّ هناك حاجة حقيقة لإيجاد بدائل للعوائل التي يصعب إعادتها حاليًا لأسباب عديدة (منها الظرف الأمني وقلة الخدمات أو غياب فرص العمل أو الألغام أو انهيار البنى التحتية لمناطقهم)، من خلال سكن أكثر أمانًا، وما يحدث الآن في هذه المخيمات هو انتهاك لحقوق الإنسان.

وضمن مساعي الحكومة لحل أزمة النازحين، وجّه مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي بتنفيذ قرار إلغاء التدقيق الأمني على النازحين، فيما حدد المشمولين به، مؤكدًا أنّ "التدقيق الأمني يشمل فقط المتواجدين خارج العراق، مع التأكيد على عدم استغلال الدواعش والمرتبطين بهم للقرار، والإفلات من الإجراءات الأصولية".

تقصير حكومي

وفي يوم الأربعاء 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، وجهت وزيرة الهجرة والمهجرين، إيفان فائق بتعليق عمليات إعادة النازحين العراقيين من مخيم الهول السوري إلى مركز الجدعة لحين تهيئة الظروف المناسبة، حسب قولها.

ويقع المخيم في محافظة الحسكة شمال شرقي سوريا قرب الحدود العراقية، في حين يسكن المخيم أكثر من 70 ألف شخص من عوائل وذوي عناصر تنظيم "داعش" وهم من العراقيين والسوريين والأجانب.

إلى ذلك، يقول علي العبادي، صاحب منظمة مهتمة بحقوق الإنسان، خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، إنّ "هناك تقصير واضح من قبل الحكومة بشأن ملف النازحين، كون أنّ الحروب ضد التنظيمات الإرهابية انتهت منذ سنوات".

ويستطرد العبادي، بالحديث قائلاً إنّ "المصالح والنزاعات السياسية أخذت جانبًا كبيرًا في قضية النازحين الذين يتواجدون داخل المخيمات في كردستان والمحافظات الأخرى رغم الدعم الدولي والتخصيصات المالية الكبيرة لهذا الملف".

ويتطلب هذا الملف وقفة حقيقية، خصوصًا وأن فصل الشتاء قد بدأ الأمر الذي قد يعرض النازحين إلى مأساة كبيرة جراء انخفاض درجات الحرارة وغزارة الأمطار، خصوصًا في المخيمات القريبة من إقليم كردستان، وفقًا للعبادي.

أرقام منظمة الهجرة الدولية تشير إلى وجود مليون و177 ألف نازح بواقع أكثر من 200 ألف أسرة موزعين في 2000 موقع بـ18 محافظة

وتسببت الأزمة المائية في العراق والجفاف الذي ضرب المحافظات الجنوبية منذ أشهر، بنزوح أكثر من نصف مليون شخص وفقًا لأرقام وإحصائيات دقيقة، وسط تحذيرات دولية من ارتفاع نسب النازحين جراء التغير المناخي ونقص المياه في البلاد.