20-فبراير-2019

في مخيمات النزوح (Getty)

بعد حزيران/يونيو 2014 بدأ أهالي الموصل بالنزوح هربًا من تنظيم داعش الذي اجتاح مدنهم، حيث وصلت أعداد النازحين إلى الملايين، فيما تجاوزت الأعداد أثناء المعارك 670 ألف مدني نزحوا من مناطقهم للهروب من القصف وآثار الحرب.

تجاوزت أعداد النازحين أثناء المعارك في الموصل 670 ألف مدني توزعوا بين إقليم كردستان وبغداد والمخيمات في نينوى

ووفق مسؤول ملف الهجرة والمهجرين في الموصل، خالد عبد الكريم، فإن في نينوى 14 مخيمًا، وفي أربع مناطق هي حمام العليل والقيارة والنمرود وسنجار، مبينًا لـ"ألترا عراق"، أن "المخيمات فيها 40 ألف عائلة و190 ألف شخص". لكن هذه المخيمات شهدت معاناة كبيرة، أبرزها تعرض الذين يسكنون بها إلى الابتزاز مقابل الحصول على المواد الإغاثية، أو خيام أفضل لتقيهم برد الشتاء وحر الصيف، فيما يرى ناشطون من الموصل أن هناك عصابات تقوم باستغلال أطفال المخيمات للتسول في مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى.

اقرأ/ي أيضًا: التهريب والأتاوات في الموصل..هل هو الانهيار مجددًا؟

ويشير النشطاء إلى أن "لا قوائم رسمية تحدّد الساكنين في داخل المخيمات ويمكن لأي عائلة أن تخرج أو تدخل من المخيم من دون متابعة، مبينين أن "عوائل داعش هي الأكثر انتشارًا في مخيمات جنوب الموصل، القيارة وحمام العليل".

في حي السماح وصلت للتو عائلة أم أحمد، وهي سيّدة مطلقة، تقول لـ"ألترا عراق، إنها "وإلى جانب اثنين من أطفالها غادروا مخيم المدرج في القيارة بحثًا عن مكان آمن لهم بعدما ازدادت عمليات الاعتداء عليهم".

تسكن أم أحمد بشكل مؤقت منزلًا قيد الإنشاء، لكنها متخوفة من أن تطرد من المنزل أو لا تستطيع الحصول على تأييد سكن من مختار المنطقة، لأنها كانت زوجة عنصر في تنظيم داعش وقد تطلّقت منه منذ أربع سنوات، وحول هذا تقول أم أحمد، إن "الناس لم تسامحها حتى الآن رغم أنها رفضت زوجها وتطلقت وتركت كل شيء للحفاظ على أطفالها".

أضافت السيدة الأربعينية، أنها تعرّضت "لعمليات إجبار لممارسة الجنس مقابل الحصول على الطعام أو المياه المعقمة أو حتى للبقاء في الخيمة، من قبل بعض عناصر حماية المخيم وبعض موظفي المنظمات المسؤولة عن المخيمات، وتنقلت من مخيم إلى آخر بدءًا من حمام العليل إلى القيارة".

تعرضت أم أحمد إلى عمليات إجبار لممارسة الجنس مقابل الحصول على الطعام أو المياه المعقمة أو حتى البقاء في الخيمة

من جانبها، أشارت منظمات دولية فعليًا لوجود عمليات حجز إجباري لعوائل "داعش"، في تلك المخيمات، قبل عامين تقريبًا، ولكن منذ ذلك الحين يقول مسؤولو محافظة نينوى لـ"ألترا عراق"، إن "الحكومة الاتحادية لم تحرك ساكنًا لإنهاء تلك المخيمات".

اقرأ/ي أيضًا: تحت الموصل القديمة.. هكذا تعامل جثث جنود البغدادي

في ذات السياق، يقول متطوعان من الموصل لـ"ألترا عراق"، إن "عمليات الاجبار على ممارسة الجنس موجودة، لكن في الأغلب لا يتم الإفصاح عنها، لخوف النساء، وهي معروفة منذ وقت انتهاء الحرب في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، لكن عملية استغلال الأطفال للتسول بدأت تزداد مؤخرًا".

عبد الله الشبكي، وهو متطوع، يقول لـ"ألترا عراق"، إن "عائلات "داعش" تتركز في مجموعة مخيمات الجدعة وتحديدًا في الجدعة 6، في القيارة، وحالات الاعتداء رغم عدم الإبلاغ عنها رسميًا، لكن المشاهدات والمعلومات التي حصلنا عليها تشير إلى أن أغلب الحالات تقع بين قطاع aa إلى قطاع xx"، في إشارة إلى تسمية قطاعات وفق الحروف داخل المخيمات لتمييز الخيام.

أضاف الشبكي، أن "هناك أيضًا إبلاغات عن وجود بعض المساومات والاعتداءات داخل مجموعة مخيمات حمام العليل، وجرى الكشف الميداني حيث تبيّن وجود خمس فجوات في الجدار الذي يحيط بمخيم حمام العليل 2، وعند إبلاغ القوى الأمنية، وبالتعاون مع منظمة الإغاثة النرويجية تم ردم تلك الفجوات".

وبحسب الشبكي فإن "تلك الفجوات تستخدم لدخول أشخاص من خارج المخيم إلى داخل الخيام، مبينًا أن "بعض العائلات يقع على عاتقها البقاء داخل دوامة المعاناة وذلك رغبة منها في العيش بهذه الطريقة، مستدركًا "لكنهم أقلية، حيث أن الأغلبية أما ممنوعين من دخول مناطقهم بسبب انتماء أبناءهم لـ"داعش"، أو منازلهم مدمرة، مشيرًا إلى أنهم "ينتظرون تعويضات لغرض إعادة بنائها، كما أنهم يستغلون القانون الأممي الذي يمنع إجبار النازحين على مغادرة المخيمات من دون رضاهم".

لا يتم الإفصاح عن الإجبار على عمليات ممارسة الجنس لأن النساء تخاف فيما تزداد عمليات استغلال الأطفال للتسول

سعد عامر، وهو متطوع آخر، يكشف لـ"ألترا عراق"، عن "وجود بعض الجهات أو كما يجب أن تسمى عصابات تقوم بإخراج الأطفال من المخيم، برضاهم أو بإجبارهم ونقلهم بسيارات إلى الموصل، لغرض التسوّل في شوارع المدينة، وبعد حلول الليل يتم إعادة الأطفال إلى المخيّم مع سحب الأموال التي حصلوا عليها، وإعطائهم مكافئات تتراوح بين الـ7 إلى 15 ألف دينار عراقي".

يبيّن عامر "هناك عائلات تخرج للسكن في المدن ومن ثم تعود للمخيم وبالعكس، من دون أن تتم محاسبتهم أو متابعتهم بسبب سوء الإدارة في المخيمات".

الهجرة تنفي

يقول مسؤول ملف الهجرة في محافظة نينوى، والتابعة رسميًا لوزارة الهجرة الاتحادية خالد عبد الكريم، إنه "لا معلومات مؤكدة عن وجود مساومات حول الجنس مقابل الإغاثة في مخيمات نينوى الـ14، وهناك تقارير دولية، لكن في الحقيقة لم نجد شيء على أرض الواقع، مستدركًا في حديثه لـ"ألترا عراق"، "لكننا نعرف جيدًا أن هناك أناسًا تتراوح نسبهم بين 3 إلى 4 بالمئة، وبرغبتهم قد يبيعون أنفسهم أو يدفعون بأطفالهم للتسول".

أضاف عبد الكريم، أن "الهجرة تعمل على توعية الناس حول ذلك الأمر، كما أنها لا تمنع الناس من الدخول والخروج من المخيم ولديهم حرية كاملة، لأنهم ليسوا محتجزين، ونحن نعمل بشكل دوري على مسح ميداني للكشف عن سكان المخيم، ودائمًا ما نجد أن بعض الناس يستغلون الخيام وهم يسكنون المدينة سعيًا للحصول على المواد الإغاثية، وتتم مصادرة خيامهم بعد التأكد".

وحول الموقف من عائلات "داعش"، يقول المسؤول العراقي، إن "الهجرة تتعامل مع النازحين وفق النظم الدولية وهي المعاملة الإنسانية، لذلك لا نسأل عن موقفهم الاجتماعي أو السياسي، ويقتصر على  الموقف الأمني حتى لا يؤثروا على استقرار المخيمات والمحافظة".

الحكومة المحلية: هناك "استثمار" للمخيمات من قبل الحكومة الاتحادية والمنظمات!

عضو مجلس محافظة نينوى، خلف الحديدي، قال لـ"ألترا عراق"، إن "المنظمات تتحدث عن عمليات اغتصاب أو ممارسات جنسية إجبارية، وفي حقيقة الأمر لا توجد أي بلاغات رسمية من العائلات، مستدركًا "لكن واقع المخيمات يشير إلى وجود صعوبة بالعيش داخل الخيام، وقد تدفع الناس فعليًا لبيع أنفسها مقابل الطعام، لجهات فردية وليست جهات منظمة".

أضاف الحديدي، أن "الحكومة الاتحادية والمنظمات الدولية مسؤولة عن استمرار المعاناة في المخيمات لأنهم يستثمرون الأموال الطائلة الممنوحة لإغاثة النازحين لزيادة أرصدتهم المالية الشخصية، ولو كانت فعليًا تسعى لإنهاء المأساة لكانت قد حولت أموال الإغاثة إلى تعويضات للناس المتضررين، وعزلت عائلات "داعش" المشبوهة في مخيم واحد، وسمحت للناس العاديين بالمساهمة في إعادة الاستقرار من خلال العودة إلى المدن وبناء منازلهم".

هناك توقع في أن تنمو عصابات الإجرام في داخل مخيمات النزوح بالإضافة إلى تجارة المخدرات 

لفت الحديدي إلى أننا "نتوقع أن تنمو عصابات الإجرام في داخل المخيمات وأن تدخل المخدرات وتتفشى المتاجرة بها هناك، في حال بقي الوضع على ما هو عليه".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

نائب يحذر من الأمراض الوبائية في أيمن الموصل.. الحكومة لم ترفع الجثث

النصر المتوهم.. تسريب حصري يجيب سؤال إلى أين ذهب عناصر داعش في العراق؟