08-أكتوبر-2021

75 ألف مراقب لم يمنعوا التزوير السابق (Getty)

في تصريحات مريبة وتدعو لاتساع بؤرة الشك في الانتخابات البرلمانية المبكرة بعد أيام قليلة، أقرّت البعثة الأممية في العراق، بوجود تزوير حصل في نتائج انتخابات العام 2018، فيما عبّرت بالوقت نفسه عن أملها بـ"عدم تكرار ما حدث". 

تقول الأمم المتحدة إننا نعمل على منع التزوير وتكرار تجربة 2018 ونحاول التعاون من أجل منع التزوير

وقالت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، جينين بلاسخارت، في مؤتمر صحفي تابعه "ألترا عراق"، إن "القوات الأمنية تركز كل جهودها على يوم الانتخابات وتوفير مناخ آمن، وهذا يعني تأمين مناخ آمن للانتخابات وهو أمر ضروري"، موضحة "أننا نعمل على منع التزوير وتكرار تجربة 2018، ونحاول التعاون من أجل منع التزوير"، فيما لفتت إلى أن "الأمم المتحدة ليست غافلة عن المخاوف والتحديات، وستكون شريكة للعراقيين، لتكون هذه الانتخابات مختلفة عن انتخابات 2018".

اقرأ/ي أيضًا: وزارة الداخلية تقول إنّ 68% من العراقيين سيشاركون في الانتخابات

وبيّنت أن "هناك 900 مراقب دولي من أجل المراقبة وهو أمر غير مسبوق"، موضحة أن "العراق لديه آلاف المراقبين المحليين، ولا يمكن أن يكون جميعهم في مكان واحد وسيكونون في جميع المناطق".

وبالحديث عن هذا الإقرار الأممي بتزوير انتخابات 2018 وما شابها من أحداث، تجدر المقارنة بوجود أكثر من 75 ألف مراقب محلي ودولي للانتخابات حينها، بحسب بيان للمفوضية في يوم الاقتراع، في حين يتواجد اليوم أقل من ذلك بكثير، وفقًا لعدد المراقبين الذي صرّحت به الممثلة الأممية.

ويعبّر الخبير في شؤون الانتخابات سعد الراوي، عن استغرابه من الاعتراف الأممي الصريح بتزوير الانتخابات البرلمانية السابقة، قبل أيام قليلة فقط من انتخابات 2021، مبينًا أنها "عندما تطالب بعدم تكراره يجب عليها إثبات ومصارحة الشعب العراقي بحقائق التزوير السابق".

وقال الراوي في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "يفترض على الجهات الحكومية ومفوضية الانتخابات مطالبة بلاسخارات بدلائل تثبت تزوير انتخابات 2018 التي أقرّت بها في مؤتمرها الصحفي الأخير، فضلًا عن ضرورة معرفة إجراءات الأمم المتحدة بشأن الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها والإخفاقات التي يوجد تخوّف منها تحديدًا".

ويضيف أن "الأوضاع بشأن الانتخابات لا تزال تدور في ذات الحلقة المفرغة، حيث سيصار إلى انتخابات مبكرة فيها إشكاليات كبرى لتأتي الأمم المتحدة لتتماشى مع الوضع وتدعو للتهدئة، وبالتالي تكون العملية غير موثوقة بالنسبة للشعب الذي ينتظر الشفافية والنزاهة بهذه الانتخابات المنتظرة وسط التأكيدات من أطراف عدة". 

ويتابع الراوي، أن "على الناخبين عدم ترك أوراق اقتراعهم بلا تصويت أو تسقيط لتكون عرضة للتشكيك والتلاعب، مبينًا أن "كل السياسيين والمنظمات المحلية والدولية تشكك بالاستعدادات، لكن بذات الوقت لم توجد أي مراقبة مهنية رصينة لتحديد الإخفاقات وتحديد المعالجات، لافتًا إلى أنه "عندما تكون نسبة المشاركة 20% ويترك 80% ممن لديهم حق التصويت أو بطاقاتهم بلا اقتراع، فهذا يعتبر الجزء الأكبر الذي يجب إيلاء الأهمية له وحسمه بشكل لا يقبل الشك".

وعن تجارب المحاكاة التي قامت بها المفوضية، أكد الراوي، أن "التجربة الأولى كان عليها تقرير مفصل من 22 صفحة وتوجد فيه إشكاليات كبيرة نتمنى أن لا تحصل، أما ما يخص التجربتين الأخيرتين لم يكن عليهما أي تقرير منشور من قبل المفوضية، مستدركًا "لكن سمعنا أنها كانت جيدة وتلافت الأخطاء في التجربة الأولى".

ويبلغ عدد الناخبين في هذه الانتخابات 25 مليونًا يتوزعون على 83 دائرة انتخابية و8273 صندوق اقتراع، أما عدد الناخبين الذين يمكن لهم نظريًا التصويت فهو 23 مليونًا كونهم أصدروا البطاقات الانتخابية البايومترية، حيث ستنتخب كل دائرة بين 3 إلى 5 نواب، وفقًا لعدد المقاعد المثبت لكثافتها السكانية.

من جهتها، اعتبرت المتحدث باسم مفوضية الانتخابات، نبراس أبو سودة، أنه "لا يمكن البت بقصد الممثلة الأممية بث رسالة محبطة للناخبين بحديثها عن تزوير انتخابات 2018 مع قرب الانتخابات المبكرة، مؤكدة أن "هذه التصريحات تأتي بعد حضور بلاسخارات لجميع الاستعدادات والمؤتمرات وتجارب المحاكاة التي نفذتها المفوضية واطلعت بشكل كامل على كل التفاصيل".

وقالت أبو سودة، في تصريح لـ"ألترا عراق"، إن "البعثة الأممية دائمًا ما تشدد على ضرورة المراقبة والمحافظة على الانتخابات من تجربة التزوير التي حدثت في السابق، مبينة أن "التجربة السابقة تختلف كليًا عما سيحصل حاليًا خاصة على مستوى موظفي مراكز الاقتراع سيكونون من دوائر الدولة عكس الانتخابات في السابق لضمان مراقبة رصينة للمحطات والمراكز". 

يقول محللون سياسيون إن مشكلة الأمن السيبراني والاختراقات الكثيرة حول العالم تهدد تجربة الانتخابات العراقية المقبلة

وتابعت أبو سودة أن "القوات الأمنية وعددها الكبير الذي سيؤمن الانتخابات وقانون انتخابات جديد ومفوضية جديدة كلها عوامل ضمان لوجود استحقاق مختلف كليًا عن التجارب السابقة، مشددة على "ضرورة نظر المواطنين للنقاط الإيجابية المتوفرة ومشاركتهم الفاعلة لنجاح الانتخابات بشكل أكبر". 

اقرأ/ي أيضًا: تقرير أمريكي عن مقاطعة الانتخابات العراقية: النظام "محصن" ضد الإصلاح

وأكدت أن "المفوضية توجه رسالة للناخبين، بأنها تعمل وبقوة على سرية أصوات الناخبين وقامت بإجراءات كبيرة تضمنت منع دخول أجهزة الموبايل لمراكز الاقتراع إلا لفئات رقابة محددة، فضلًا عن منع التأثير الناخبين ومحاولات شراء أصواتهم، مشيرة إلى أن "النتائج ستعلن خلال 24 ساعة من إقفال الصناديق ليتم تزويد مراقبي الكيانات بنسخ الكترونية من الأصوات وصور لسجلات الاقتراع لبث الشفافية والنزاهة في فرز وعد الأصوات". 

وأشارت المتحدثة إلى أن "دعوات التشكيك بتجارب المحاكاة التي أجرتها المفوضية، هي محاولة للتأثير على إرادة الناخبين وكسب حالة العزوف لصالح جهات معينة، مستدركة "لكن الشركة الفاحصة رصينة ووجودها بموجب أمر ديواني ضمن لجنة بعضوية جهات أمنية عليا وخبراء في الأمن السيبراني لرفع تقارير متواصلة عن البرمجيات والوسط الناقل والتقنيات المستخدمة، كما أعطت وثيقة تؤكد صلاحية عمل الأجهزة ضمن المناخ والأجواء المتوفرة في العراق". 

أما عن بطاقات الناخبين المتبقية لدى المفوضية، أوضحت أبو سودة، أنها "ستسلم للمكتب الوطني جميعها، كما تم توزيعها من قبله لمراكز الناخبين من قبل بموجب لجنة ستقوم بجرد المتبقي من البطاقات، ثم يسلم المحضر للمفوضية لضمان أصولية وقانونية عدد البطاقات المشاركة والمتبقية وعدم السماح باستخدامها للتلاعب". 

ويشار إلى أن انتخابات 2018، شهدت نسبة مشاركة 44.52 %، وفقًا للأرقام الرسمية، في وقت كانت الجاليات في دول الخارج مشاركة بالانتخابات، وهو ما لن يكون في الانتخابات المبكرة 2021 بعد إلغاء تصويت الخارج. 

من جهته، يرى المحلل السياسي علي البيدر، أن "بلاسخارت حاولت في تصريحاتها الأخيرة عن تزوير الانتخابات السابقة، الحديث بشفافية عن واقع يعرفه العراقيون، فضلًا عن كونها لا تريد تلطيف الصورة لهم، مبينًا أن "مشكلة الأمن السيبراني والاختراقات الكثيرة حول العالم تهدد تجربة الانتخابات العراقية المقبلة، ما يستوجب وجود ضمانات وتطمين للناخبين بتحصين عملية الاقتراع لمنع تغيير إرادة العراقيين". 

ويضيف البيدر في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "هناك عدة عوامل تجعل انتخابات 2018 تختلف عن 2021،  أولها عدم مشاركة رئيس الوزراء بالانتخابات وهذا يعد نقطة كبيرة لضمان عدم تسييس أموال المؤسسات الحكومية لصالح المرشحين، كما أن مجلس المفوضين مشكل من القضاة كليًا، فضلًا عن ضغط احتجاجات تشرين وجماهيرها، لتعتبر جميعها وغيرها نقاط لتهيئة الأجواء بشكل أحسن لهذه الانتخابات، مستدركًا "لكن جميع التطمينات ربما لا يمكنها منع عمليات التزوير الممنهجة التي قد تكون مخطط لها". 

وبيّن أن "فقدان الثقة في الحكومات والبرامج السياسية وعمل المفوضية السابقة، ولد حالة من عدم الاطمئنان لدى الناخبين للمشاركة بالتصويت، ولهذا نجد نسبة مقاطعة ربما لن تكون هينة في يوم الانتخابات، مشيرًا إلى أن "جهات عدة ليست مقتنعة بجودة أجهزة الاقتراع وعد وفرز الأصوات المزودة للمفوضية من قبل شركة أجنبية، عكس أطراف أخرى تجهدها استعدادات وإمكانيات أفضل من السابقة، بالتالي أي رقم قد يكون صفر يغير نتيجة مرشح خاسر أو فائز". 

كما أوضح أن "البطاقات الانتخابية الموجودة للآن بلا استلام من قبل الناخبين في المفوضية، ممكن أن يتم استخدامها للتزوير وجلب مواطنين لا يحق لهم التصويت ليدلوا بأصوات غير صحيحة، فيما أكد أن "التعويل كله منصب على استقلالية المفوضية ومنعها لحدوث التلاعب". 

وعن الرقابة الدولية، أشار إلى أن "المراقبين عددهم بالمئات وهو قليل مقارنة بالمراكز والمحطات الانتخابية ولهذا فهم لا يستطيعون تغطيتها جميعًا، لافتًا إلى أن "قضية التزوير يمكن حصولها بلحظة واحدة داخل المحطات، علمًا أنها دائمًا تكون في مناطق بعيدة، كما رجح البيدر "إمكانية وجود مراقبين محليين للكيانات هم جزء من عملية التزوير ما قد يدفع للكثير من السلبيات التي ستكون مثلبة قانونية على المنافسة الشريفة وشفافية العملية الانتخابية". 

عدد المراقبين الذين يراقبون الانتخابات يصل للمئات وهو قليل مقارنة بالمراكز والمحطات الانتخابية

ويؤكد البيدر: "هناك خطط وتجهيزات سياسية دقيقة لعبور جميع البروتوكولات التي اعتمدتها المفوضية لتنفيذ أجندة التزوير، مشيرًا إلى أن "وجود نية التزوير والتلاعب بحد ذاتها لدى بعض الجهات السياسية هو يشكل خطرًا كبيرًا على شفافية ونزاهة الاستحقاق المقبل".

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

التصويت العقابي.. طريقة انتخابية لـ"إسقاط المسلحين" وخشية من انتقام مضاد

بيان عالميّ حول اقتراع تشرين: أكبر بعثة دولية تراقب انتخابات العراق