20-أكتوبر-2019

من أرشيف تظاهرات تشرين الأول/أكتوبر (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

انتهت احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر في جولتها الأولى، ودخل شبابها في هدنة مؤقتة ساعدت عوامل عديدة عليها، مثل قرب موعد الزيارة الأربعينية للإمام الحسين بن علي، وخطاب المرجعية الذي منح الحكومة أسبوعين للتحقيق في قتل المتظاهرين، لتأتي متزامنة مع 25 تشرين الأول/أكتوبر، الموعد الذي حدده الشباب العراقي ليوفر لهم مساحة للتحشيد إلى الجولة الثانية، لكن حكايات الموت لم تنته ولا يكاد الاستغراب أن يفارق أكثر المتظاهرين، حتى يصدمون بقصة ثانية.

في اليوم الثالث من التظاهرات اخترقت رصاصة "قنّاص" قلب المهندس ياسر البزوني لترديه قتيلًا، وتنهي أحلامه التي لم يمض سوى أشهر على تحقيق أولها من خلال خطبته لحبيبته

بعد أن وثق "ألترا عراق" في وقت سابق قصة المقاتل في الحشد الشعبي ليث إبراهيم، يستمر بمحاولات الوصول إلى ضحايا الاحتجاجات وتوثيق قصصهم وظروفهم، وتمكن من الوصول إلى منزل ضحية أخرى ليست بعيدة عن مآسي واقعة إبراهيم، فالمشتركات ذاتها لضحايا الاحتجاج، شبابٌ لم تكتمل دورة أحلامهم بعد، ولدوا وشاخوا مبكرًا من اليأس والفقر في الأزقة الضيقة داخل المدن المُتعبة التي تكتظ منازلها الصغيرة بالعوائل الكبيرة، والتي انطلق الآلاف من شبابها نحو ساحة التحرير ليتحملوا مسؤولية المطالبة بالحقوق.

اقرأ/ي أيضًا: قصة من "ثلاجة الصدر".. رصاص السلطة في رأس "المقاتل المحتج"!

في الثالث من تشرين الثاني/أكتوبر اخترقت رصاصة "قنّاص" قلب المهندس ياسر البزوني لترديه قتيلًا، وتنهي أحلامه التي لم يمض سوى أشهر على تحقيق أولها من خلال خطبته لحبيبته، بحسب أحد أفراد عائلته، والذي يقول في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "ياسر كان سعيدًا لنجاحه بالإيفاء بوعده وخطوبته لحبيبته، والتي كان يعتزم الزواج منها بعد أشهر، بعد أن بدأت أموره المادية تتيسر تدريجيًا".

أكمل ياسر كلية الهندسة قسم الكهرباء في 2016، عمل بعدها في الأعمال الحرة مع والده ليساعده في إعالة عائلته المتكونة 9 أفراد في بيتهم الصغير بمدينة الصدر شرقي العاصمة بغداد، ولأن تلك المدينة لم تبخل على البلاد بشبابها في الملمات تقدم ياسر ورفاقه نحو ساحات الاحتجاجات رافعين العلم العراقي، لكن السلطة لم يرضها ذلك، فامتلأت ثلاجات الموتى بجثثهم، فيما توسد الآلاف منهم أسرّة مستشفيات بغداد جرحى في أجسادهم.

حطم ياسر مشجع نادي الجوية الرياضي متلازمة "ما لي والتظاهر إن كنت مرتاحًا؟"، إذ أن ياسر منتسب في هيئة الحشد الشعبي في مديرية الدعم اللوجستي منذ عام، ويتقاضى راتبًا جيدًا قياسًا بأقرانه وأحلامه البسيطة، منتسبًا في الهيئة التي يتهم رئيسها المتظاهرين بـ"العمالة والمؤامرة".

حمل ياسر هموم أصدقائه الذين كان يتقاسم معهم راتبه شهريًا، بحسب أحدهم، والذي يقول في حديث لـ"ألترا عراق"، إنه "كان يتفقدهم ويهون عليهم بؤس حالهم، ويؤكد لهم أن الله سيفرجها عنهم، ويمازحهم أن خروجه نصرةً لحقوقهم".

كان ياسر منتسبًا في هيئة الحشد الشعبي، ويتقاضى راتبًا جيدًا قياسًا بأقرانه، كان منتسبًا في الهيئة التي يتهم رئيسها الشباب المتظاهر بـ"العمالة والمؤامرة"

استخدمت السلطة ضد ياسر والآلاف من رفاقه الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي، ليدخل القناصون على خط المواجهة فوق المباني وينتقون أهدافهم بعناية بحسب شهود عيان، حيث يستهدف بالدرجة الأولى الذين يصورون بهواتفهم النقالة، ثم المحتجين الأكثر حماسًا وتحشيدًا في الهتافات أو الذين يحملون الأعلام العراقية، بحسب شهود عيان أفادوا أكثر من مرة بأن معظم من سقطوا كانوا يحملون الأعلام العراقية فقط.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

من غرفة "قمع" التظاهرات: 4 جهات رسمية تقاسمت أدوار القتل.. و"قناصة اللواء 57"!

أبو زينب اللامي.. "جزار المتظاهرين" أم "كبش فداء" الحشد الشعبي؟!