27-يونيو-2023

الربح 3 ملايين شهريًا "غير مقبول" (فيسبوك)

لم يتبق سوى ثلاثة أيام على موعد دفع أجور المولّدات في العراق، والذي يبدأ مطلع كل شهر جديد، إلا أنّ الأشهر الثلاثة الأخيرة لم يكن الأمر يجري بسلاسة، وسط استمرار شكاوى المواطنين وإحراج السلطات الحكومية، باتهامات "التواطؤ" مع أصحاب المولدات الذين لا يلتزمون بالتسعيرة المحددة من الجهات الحكومية.

يقول أصحاب المولدات إنّ التسعيرة الحكومية تتسبب بخسارتهم وغير عادلة حتى مع شمولهم بالحصص الوقودية

وشهدت الأشهر الأخيرة حملات لإزالة مولدات مخالفة واعتقال أصحابها، بسبب عدم الالتزام بالتسعيرة وفرض الأسعار المرتفعة للأمبير رغم تحسين تجهيز الكهرباء نسبيًا، وبينما كانت اعتراضات أصحاب المولدات واضحة بحجة عدم استلامهم لحصص وقودية، وأن التسعيرة لا تكفي لشراء الوقود، قرّرت السلطات المختصة شمول جميع المولدات بالحصص الوقودية.

ووفقًا لذلك، تم شمول أكثر 4 آلاف و560 مولدة جديدة غير مسجلة سابقًا، بالحصص الوقودية، ليعلن محافظ بغداد أنه "سيتم تحديد تسعيرة نهائية للأمبير، ولا يمكن منح صلاحيات بزيادة التسعيرة بقدر ألف أو ألفين دينار للمولدات التي ليس لها حصة وقودية، كما كان معمولاً بالأشهر السابقة".

ويوحي هذا التصريح، إلى أنّ التوجه الحكومي ينذر بتشدد أكبر تجاه قضية التسعيرة خلال الشهر المقبل والفترات القادمة، بعد شمول جميع المولدات التي قدمت طلباتها بالحصص الوقودية.

لكن أصحاب المولدات، لا يزالون "غير راضين" بما يحصل، ويصرّون على أنّ التسعيرة الحكومية تتسبّب بخسارتهم وغير عادلة حتى مع شمولهم بالحصص الوقودية، لأنها غير كافية، فيما يعيشون قلقًا بالغًا من كيفية التعامل أو تحديد التسعيرة للشهر المقبل.

وحاول "ألترا عراق" تفكيك هذه العملية الجدلية بالأرقام، للتوصل إلى حقيقة "ربح وخسارة" أصحاب المولدات بفعل التسعيرة الحكومية.

30 لترًا للـKV

تخصّص الجهات الحكومية وتحديدًا شركة توزيع المنتجات النفطية 30 لترًا لكل KV شهريًا، ولو أخذنا مولدة بإنتاجية ألف أمبير كمثال، والتي تعادل 220 KV، فإنها تستلم 6600 لتر شهريًا.

وبحسب مواقع متخصصة، فإنّ مولدة الـ220 KV تستهلك 50 لترًا في الساعة، وباحتساب متوسط تشغيل المولدات 10 ساعات يوميًا بأسوأ الأحوال، باعتبار أنّ وزارة الكهرباء تؤكد أن ساعات التجهيز في معظم المحافظات لا تقل عن 16 ساعة يوميًا، فإنّ مولدة الألف امبير "220 KV"، ستستهلك 500 لتر خلال يوم، أو 15 ألف لتر في الشهر.

مولدات

ويظهر أن ما توفره الحكومة من الوقود يشكل 44% فقط مما تستهلكه المولدات بالفعل "في حال شغلت 10 ساعات يوميًا".

كم تبلغ الكلفة؟

وتبيع الحكومة الوقود المدعوم للمولدات بـ450 دينارًا للتر الواحد، ما يعني أنّ صاحب المولدة 220 KV يشتري الحصة الوقودية المدعومة بـ2.97 مليون دينار، ومن ثمّ يكمل المتبقي الذي يحتاجه من الوقود والبالغ 8400 لتر، من السوق السوداء، وبسعر 750 دينارًا للتر الواحد، لتكون كلفة الوقود المشترى من السوق السوداء 6.3 مليون دينار.

وبذلك تكون الكلفة الكلية للوقود "المدعوم وغير المدعوم" تبلغ 9 ملايين و270 ألف دينار، بالنسبة لمولدة تنتج ألف أمبير، وبتشغيل 10 ساعات يوميًا، ومن هنا، يظهر أن الوقود فقط سيكلّف صاحب المولدة أكثر من 9 آلاف دينار شهريًا لينتج أمبيرًا واحدًا، فضلًا عن كلفة العاملين المشغلين في المولدة، ومصاريف الزيوت وغيرها، ربما ترتفع كلفة إنتاج الأمبير لنحو 12 ألف دينار.

ووفق ذلك، فإنّ الكمية التي ستوفرها الدولة من الوقود التي لا تسد سوى نحو 45% من كمية الاستهلاك الحقيقي، وبتشغيل 10 ساعات يوميًا، يصبح سعر الأمبير عند 12 ألف دينار سعرًا "غير عادل"، أما إذا تم تحديده بـ15 ألف دينار، فسيكون ربح صاحب المولدة 3 ملايين دينار عراقي في الشهر.

المولدة

وعلى ما يبدو، فإنّ جلّ الإشكالية وتحديد الربح والخسارة سيكون بعدد ساعات التشغيل، وهو الحلقة المفقودة في هذه القصة، حيث أنّ عدد ساعات التشغيل هو الرقم الوحيد غير المعلوم وغير المحدد.

لكن يمكن الحساب نظريًا وبشكل تقريبي عدد ساعات التجهيز التي توفرها الدولة، وبالتالي معرفة عدد ساعات تشغيل المولدات يوميًا.

تقول وزارة الكهرباء إنه للوصول إلى تجهيز كهربائي لـ24 ساعة، فالعراق يحتاج أن يكون إنتاجه قرابة 35 ألف ميغا واط.

وبما أن إنتاج العراق حاليًا تجاوز الـ24 ألف ميغا واط وفق ما أعلنت وزارة الكهرباء مؤخرًا، فهذا يعني أن الإنتاج الحالي يعادل 68% من الإنتاج المطلوب، وبذلك فإنّ التجهيز الحالي يعادل نفس النسبة من أصل 24 ساعة، أي تبلغ 16 يوميًا، وهذا يقود إلى أنّ أصحاب المولدات يشغلون 8 ساعات يوميًا من أصل الـ24 ساعة المتبقية لليوم الواحد.

وبهذا فإن المولدة ذات الـ220KV  "ألف أمبير"، التي تستهلك 50 لترًا في الساعة، وبتشغل 8 ساعات يوميًا، ستقوم باستهلاك 400 لتر يوميًا، أي 12 ألف لتر شهريًا.

وبينما توفر الدولة 6600 لتر لهذا الحجم من المولدات باحتساب عدد الـKV وبكلفة تبلغ 2.97 مليون دينار، فهذا يعني أن أصحاب هذا النوع من المولدات سيحتاجون لشراء 5400 لتر إضافي فقط من السوق السوداء، وبكلفة أكثر من 4 ملايين دينار، ليكون مجموع كلفة الوقود خلال شهر، أكثر من 7 ملايين دينار فقط، أي أن مولدة الألف أمبير ستكون كلفة وقود إنتاج الأمبير الواحد فيها 7 آلاف دينار، ومع إضافة كلف العاملين والزيوت وغيرها، ستكون الكلفة لا تتجاوز الـ9 الاف دينار.

وبالرجوع إلى هذه الحسابات، فإنّ تسعيرة الـ12 ألف دينار للأمبير الواحد، وفق تشغيل 8 ساعات يوميًا، ستحقق ربحًا يبلغ 3 ملايين دينار عراقي لأصحاب المولدات شهريًا.

يحتاج العراق أن يكون إنتاجه قرابة 35 ألف ميغا واط حتى يستطيع تجهيز المواطنين بكهرباء 24 ساعة

ولحسم هذه الجدلية التي يتضح أنها مرتبطة بشكل وثيق بعدم معرفة عدد الساعات التي يتحملها أصحاب المولدات خلال اليوم الواحد، مقابل ما تتحمله الكهرباء الوطنية، فإنّ الحل الوحيد هو بوضع عدادات تحسب عدد ساعات التشغيل في المولدات نهاية كل شهر، أو أن تقوم دوائر الكهرباء الوطنية، ووفقًا لكل منطقة بإعطاء تقارير شهرية أو يومية عن عدد ساعات الإطفاء والتشغيل، بالتالي ستعرف الجهات المختصة عدد الساعات التي قام أصحاب المولدات بتشغيل مولداتهم، لتكون الكلفة محسوبة وواضحة بشكل دقيق.