09-ديسمبر-2021

خطة رفع الإنتاج مهددة.. وقرابة 10 مليار تذهب للمولدات (Getty)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

تبرز مشكلة التمويل المالي كأكبر المعضلات التي تواجه وزارة الكهرباء وتهدّد فعليًا بعدم قدرة الوزارة على تلبية خطتها لرفع الإنتاج الكهربائي، فضلًا عن الخطة الوقودية وانحسار إطلاقات الغاز من إيران، وبينما تعاني الوزارة من نقص التمويل، ففي المقابل تنعدم الجباية بشكل تام، وتتراكم الديون بذمة المؤسسات الحكومية لصالح الكهرباء بنحو 3 تريليون دينار، فضلًا عن ذهاب أكثر من 5 مليار دولار سنويًا من أموال العراقيين إلى أصحاب "المولدات الأهلية" بدلًا من الوزارة.

عدد المنازل العراقية التي تعتمد على المولدات الأهلية يبلغ قرابة 7 مليون منزل (باحتساب متوسط العائلة بـ5 نفرات)

وبينما بلغ الإنتاج الكهربائي نحو 21 ألف ميغا واط هذا العام، عاد لينخفض مع انحسار الغاز الإيراني، فضلًا عن الجفاف وتراجع مستويات المياه التي أخرجت السدود عن العمل تمامًا، وأصبحت غير قادرة على إنتاج الطاقة الكهربائية، في الوقت الذي تخطط وزارة الكهرباء إضافة أكثر من 5 آلاف ميغا واط جديدة العام المقبل، إلا أنّ هذه الخطة قد لا تتحقّق مع ضعف التمويل وعدم توفر الغاز اللازم لتشغيل المحطات.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا يستهلك العراقيون ما يفوق ضعف حاجة المصريين من الكهرباء؟

وتبلغ موازنة وزارة الكهرباء السنوية قرابة 10 مليار دولار، فيما أكدت وزارة الكهرباء حاجتها لـ22 مليار دولار في موازنة 2021، إلا أنّ مجلس النواب قام بتخفيض حصّة الوزارة إلى أقلّ من النصف لتحدّد حصّتها بنحو 10 مليار دولار فقط، في الوقت الذي تقول وزارة الكهرباء إنها "تحتاج لـ20 تريليون دينار سنويًا (أقل من 20 مليار دولار) لشراء الغاز والطاقة وإجراء صيانة للمحطات الكهربائية".

بالمقابل، وفي حساب بسيط لعدد المنازل العراقية التي تعتمد على "المولدات الأهلية"، حيث يبلغ عدد المنازل قرابة 7 مليون منزل (باحتساب متوسط العائلة بـ5 نفرات)، وكحد أدنى؛ يشتري كل منزل 5 أمبيرات من "المولدات الأهلية"، وبسعر 10 آلاف دينار للأمبير الواحد كحد أدنى أيضًا، حيث يصل سعر الأمبير الذهبي إلى نحو 20 ألف دينار أحيانًا، وبذلك يمكن احتساب متوسط ما يدفعه كل منزل عراقي شهريًا قرابة الـ70 ألف دينار عراقي، ما يعني أنّ الـ7 ملايين منزل، يدفعون قرابة 500 مليار دينار، أي نصف تريليون دينار عراقي شهريًا، أي ما يعادل الـ6 تريليون دينار سنويًا (أقل من 5 مليار دولار)، وهو يمثّل نحو 50% من موازنة وزارة الكهرباء البالغة أقل من 10 مليار دولار، أو 30% مما تحتاجه الوزارة فعليًا، والبالغ 20 تريليون دينار سنويًا، ففي الوقت الذي تستحصل الوزارة على قرابة 14 تريليون في موازنتها السنوية، فإن ما يدفعه العراقيون للمولدات يسد تمامًا الحاجة الإضافية للوزارة ليبلغ مجمل ميزانيتها 20 تريليون، وهو الرقم الذي تحتاجه الوزارة بالضبط، فيما تقدر تقارير أخرى أن ما يدفعه العراقيون للمولدات سنويًا نحو 10 مليار دولار أي تعادل ميزانية الوزارة بالكامل.

بالمقابل، تبلغ مبالغ الجباية التي تستحصلها وزارة الكهرباء فعليًا 8% فقط من مبالغ الجباية الحقيقية، بحسب المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى العبادي.

ويقول العبادي في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "معظم ما يسمى بالضائعات من طاقة الإنتاج هي في الحقيقة ليست ضائعة، بل أنها مستهلكة من قبل المنازل غير النظامية في الأراضي الزراعية والمتجاوزة والعشوائيات، وهذه مناطق لا توجد فيها عدّادات لأن نصب العدادات يعتبر اعترافًا رسميًا بأنها مناطق سكنية".

إلا أنّ العبادي أكّد وجود خطة لـ"نصب عدّادات ذكية الكترونية لمعالجة مسألة الجباية، وسوف تشمل هذه العدادات حتى المناطق غير النظامية والتعامل معهم كمستهلكين نظاميين".

وحول سبب عدم التعامل بنفس استراتيجية "المولدات الأهلية" وقطع الكهرباء عن الممتنعين عن التسديد، يقول العبادي إنّ "الكهرباء وزارة خدمية ولا تريد أن تشعل المشاكل بينها وبين المستهلك"، في الوقت ذاته تبلغ قيمة المستحقات لوزارة الكهرباء بذمة مؤسسات الدولة نحو 3 تريليون دينار عراقي ولم تسددها المؤسسات والوزارات بعد، في الوقت الذي تعد وزارة الكهرباء وزارة استهلاكية بشدة وتحتاج للأموال بشكل مستمر للصيانة وشراء الوقود وشراء المحولات والمحطات الإنتاجية لرفع الإنتاج.

كيف يمكن تحويل أموال العراقيين من المولدات إلى وزارة الكهرباء؟

خبير الطاقة الدكتور بلال خليفة يرى أن التخصيصات المجهزة لوزارة الكهرباء كافية وهي تحتاج إلى التخطيط فقط، فيما أشار إلى أنّ "الحل يكمن بخصخصة قطاع الكهرباء ليتم تحويل الأموال الموجهة للمولدات إلى وزارة الكهرباء".

ويقول خليفة في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "التخصيصات المالية في الموازنة العامة الاتحادية لهذا العام تجاوزت 16 تريليون دينار عراقي وهذا يعني أكثر من 10 مليار دولار عراقي وهذا يعني أن 12 % من الموازنة العامة الاتحادية هي مخصصة لوزارة الكهرباء"، مشيرًا إلى أن "التخصيصات المالية لعام 2019 كانت 12 تريليون دينار وكان سعر الصرف آنذاك هو 1182 أي أن المبلغ بحدود 10 مليار دولار أيضًا". 

وأوضح أنّ "الاحتياج الفعلي الآن للطاقة الكهربائية بحدود 11 ألف ميكا واط، وأن سعر إنتاج ألف ميكاواط الواحد هو بحدود 750 مليون دولار في حال بناء محطة غازية و500 مليون دولار في حال بناء محطة للطاقة الشمسية (حسب العقد الموقع مع شركة بورجاينا) وبالتالي أن الاحتياج الفعلي الآن للأموال هي 8 مليار للمحطات الغازية و 5.5 مليار في حال إنشاء محطّات طاقة شمسية".

ويتبيّن من هنا؛ أنّ الأموال المطلوبة لإنشاء هذه المحطات تعادل نحو 70% من موازنة الكهرباء، إلا أن خليفة اشار إلى أنّ "إنشاء المحطة يحتاج أكثر من سنتين وبالتالي أن المبلغ الذي نحتاجه للكهرباء يوزع على سنتين أو أكثر".

واعتبر بالنتيجة أن "التخصيصات المالية كبيرة جدًا ولا تحتاج لتخصيصات أخرى وما ينقص الوزارة هو التخطيط والإدارة الخالية من الفساد فقط"، مشيرًا إلى أنّه "لو فرضنا أن حجم المخصصات المالية في الموازنة للجزء الاستثماري هو 25 %، فهذا يعني أن الوزارة بالإمكان إضافة هذا العام لأكثر من 3 آلاف ميكا واط وتستطيع خلال 3 سنوات من سد النقص في تزويد الطاقة الكهربائية، لكنها لن تصل للاكتفاء حتى بعد عشرة أعوام مقبلة"، إلا أنّ المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي أكد في حديثه لـ"ألترا عراق" عدم تسلم وزارة الكهرباء لدينار واحد من حصتها الاستثمارية في موازنة 2021 بعد.

ويرى خليفة، أن "اللجوء للمولدة الشخصية أو مولدة الشارع يأتي بسبب النقص الكبير في تجهيز المواطن بالكهرباء وأن المبالغ التي يتم دفعها للمولدة كبيرة جدًا، وليتم تحويل هذه الأموال إلى الجباية، وحل مشكلة الجباية تمامًا يتطلب خصخصة شركة التوزيع الكهربائية أو جعلها شركة مساهمة على أن تكون نسبة 51% هي نسبة الشريك الحكومي، وكما حصل في بعض المناطق في بغداد حيث لوحظ أن تلك المناطق التي تم تخصيص جبايتها، قلت أحمالها بنسب كبيرة".

تبلغ مبالغ الجباية التي تستحصلها وزارة الكهرباء فعليًا 8% فقط من مبالغ الجباية الحقيقية

وأوضح أنّ "خصخصة شركات الوزارة يؤدي لجعلها تتكون من ثلاث شركات هي شركة للتوليد والثانية للنقل والثالثة للتوزيع، وأما الوزارة فتكون هيئة وليست وزارة وتدمج مع النفط في تشكيل وزارة الطاقة، وبذلك يتم حصد 4 أهداف، متمثلة بتحويل المبلغ المخصص للوزارة وهو 16 تريليون دينار لمشاريع أخرى دون صرفه على الوزارة، وسوف يكون لدينا مورد آخر للموازنة العامة الاتحادية من ضرائب ونسب أرباح الشركات الكهربائية وإيجار المحطات القديمة، ومن الممكن بيع المحطات القديمة لمستثمرين، وبالتالي الحصول على إيرادات كبيرة ترفد الموازنة، فضلًا عن ضمان حصول المواطن على الطاقة الكهربائية لمدة 24 ساعة يوميًا وبسعر أقل من مولدة الشارع".

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الكهرباء تتحدث عن خطة خلال 5 سنوات: سنصل إلى 45 ألف ميغاواط

نائب يتحدث عن عملية سرقة أكثر من مليار دولار في وزارة الكهرباء