تمكن العراق قبل نحو أسبوعين، من رفع مستوى إنتاج الطاقة الكهربائية إلى 20 ألف ميغا واط، ضمن خطة وزارة الكهرباء للوصول إلى 22 ألف ميغا واط خلال موسم الصيف هذا العام.
يقترح مختصون إنشاء محطة خاصة بكل محافظة لحل الأزمة وتجنب هدر شبكات التوزيع
ولم تلبث الوزارة طويلاً حتى وجدت نفسها تفقد الطاقة تدريجيًا وبشكل متسارع، وأصبحت أمام تحد يتثمل في الحفاظ على الطاقة المنتجة على الأقل عند حدود 18 ألف ميغا واط، وهو آخر ما حققته وزارة الكهرباء قبل انهيار المنظومة الوطنية بالكامل فجر الجمعة 2 تموز/يوليو.
وتراجع الإنتاج من 20 إلى 18 ألف ميغاواط، بفعل تخفيض إيران للطاقة المصدرة إلى العراق من 1200 إلى 200 ميغاواط، فضلاً عن الاستهدافات المتكررة للأبراج وخطوط النقل ومحطات الكهرباء.
اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي يفجّر 10 أسئلة عن الكهرباء ويعترف: لماذا اقتصر الربط على إيران؟
ويقدر الخبراء والمختصون ومسؤولون في وزارة الكهرباء، الحاجة الفعلية في العراق بنحو 30 ألف ميغاواط عند الذروة، وهو ذات الرقم الذي تستهلكه مصر من الطاقة على الرغم من فارق عدد النسمات الذي يفوق 60 مليون إنسان بين البلدين.
ووصلت مصر في إنتاج الطاقة إلى نحو 58 ألف ميغاواط، تستهلك منها 30 ألفًا فقط، فيما يمثل أكثر من 25 ألف ميغا واط فائضًا جاهزًا للتصدير.
ويقول الخبير في مجال الطاقة علاء الأسدي في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "المقارنة غير ممكنة بين الواقع في البلدين بهذه الطريقة، بالنظر إلى المستوى المعيشي الفقير للشعب المصري مقارنة بالعراقيين"، مبينًا أنّ "معظم المصريين لا يستطيعون شراء الأجهزة الضخمة ذات الاستهلاك العالي للطاقة مثل أجهزة التكييف وغيرها، ويلجأون بدل ذلك إلى أجهزة محلية الصنع لا تستهل أكثر من 3 أمبير من الطاقة عند ذروة التشغيل".
وعلى هذا الاساس يعتقد الأسدي أنّ 40 مليون عراقي يعادلون في استهلاك الكهرباء، وفق قدرتهم الشرائية، ما يغطي 100 مليون مواطن مصري، أيّ أنّ العراقي يستهلك أكثر من الضعف.
ويؤيد هذا الطرح حجم الاستهلاك للطاقة في السعودية ذات الـ 35 مليون نسمة، حيث تنتج وتستهلك أكثر من 300 ألف ميغاواط، ما يعني أنّها تستهلك طاقة تعادل 10 أضعاف ما يحتاجه العراق وماتستهلكه مصر.
شريك خفي يزاحم العراقيين!
وبالإضافة إلى ماتقدم، فإن العراق يضطر إلى إنتاج مستوى أكبر من الطاقة التي تغطي البلاد لسد الضياع، بسبب تهرؤ شبكات التوزيع والأسلاك والتجاوزات والعشوائيات، وهو ما لم تعالجه الحكومات الماضية على الرغم من إنفاق عشرات مليارات الدولارات، كما يقول رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.
ويعتقد مختصون أنّ طاقة منظومة الكهرباء الحالية كافية لحاجة العراق، لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الضائع منها والذي يصل إلى 40% أي ما يقارب 8 آلاف ميغاواط، وليس حجم الإنتاج الذي تحرص الوزارة على رفعه سنويًا، إذ لا تتجاوز الطاقة المزودة لمدن البلاد الآن 12 ألف ميغاواط.
وأكّد المتحدث المتحدث السابق باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس، أنّ مستوى الإنتاج الذي بلغ 19 ألف ميغاواط في عام 2019 كان كافيًا لتجهيز المواطنين بـ 24 ساعة من الطاقة، لولا الضائعات التي قدرها حينها بأكثر من 50%.
اقرأ/ي أيضًا: انهيار منظومة الكهرباء: قبول استقالة الوزير.. وقرارات طارئة من الكاظمي
ويوضح الأسدي، أنّ "أي ماكنة أو جهاز في العالم لا يمكن أنّ يعمل بالطاقة التصميمة القصوى أو الكفاءة الكاملة، وهو ما لا يأخذ بالحسبان عند احتساب طاقة المحطات في البلاد، إذ تعتمد الحكومة على الطاقة التصميمة، والحقيقة أنّ مستوى الإنتاج دائمًا ما يكون دون ذلك، مايعني أنّ ".
ما الحل؟
ويبيّن الخبير، أنّ "الواقع يثبت ذلك بأرقام لا تقبل الشك، فحاجة العراق هي 30 ألف ميغاواط وهو ينتج 20 ألفًا، أي 66% من الطاقة المطلوبة، ما يعني 16 ساعة تجهيز يوميًا، لكن هذا بعيد تمامًا عما يحدث إذ تنقطع الكهرباء لفترات تبلغ أحيانًا أكثر من 14 ساعة، وهذا يعطي مؤشرًا واضحًا على أن الإنتاج لا يتجاوز 15 ألف ميغاواط".
ويرى الأسدي، أنّ "مشكلة الكهرباء في العراق لن تُحل، بالنظر إلى الفائدة التي تجنيها المافيات المتنفذة من الأزمة، مثمثلة بكلف الصيانة سنويًا، فدجاجة الكهرباء تبيض ذهبًا لصالحهم"، مشيرًا إلى أنّ "كلفة إصلاح أبراج الكهرباء فقط بلغت في العام الماضي 12 مليار دينار، في حين لا تتجاوز الكلفة الحقيقة 100 مليون دينار".
ويقول الأسدي، أنّ "الحل يكمن بإنهاء ربط المحافظات مع بعضها، وبناء محطات في كل محافظة تكون هي المسؤولة عن حماية منشأتها، لنتخلص من مسألة نقل الكهرباء عبر مساحات شاسعة، وتجنب هدر الطاقة في الأسلاك".
اقرأ/ي أيضًا:
وزارة الكهرباء تكشف لـ "الترا عراق" سبب انهيار منظومة الطاقة
صيف مرير على العراقيين: إيران تطفّئ الكهرباء.. رصاص وموجات من الجحيم