بالوقت الذي تراقب فيه الأحزاب السياسية خطوات واستعدادات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وآلية تسجيل الكيانات الجديدة لخوض الانتخابات المبكرة، فضلًا عن ضمان إجراء التصويت عبر البطاقة البايومترية بشكل يمنع التزوير، تظهر على الساحة مطالب نيابية قد تؤدي للعودة إلى المربع الأول للرغبة بتعديل قانون الانتخابات الذي مرّر مؤخرًا بعد سلسلة جلسات برلمانية طويلة.
رأى مراقبون أن هناك قوى سياسية متنفذة تسعى لعرقلة الانتخابات المبكرة لأسباب عديدة منها كونها ترى الأرضية الحالية غير مناسبة لها بسبب خسارتها الكثير من قاعدتها الجماهيرية
هذه المطالب، كشف عنها عضو اللجنة القانونية بهار محمود، النائب عن كتلة التغيير، قائلة إن "تطبيق قانون انتخابات مجلس النواب على أرض الواقع بصيغته الحالية صعب جدًا لوجود إشكاليات كثيرة من الناحية الفنية وهناك وقت لتلافيها، مشيرة إلى أنه "على الرغم من وجود قضاة محترفين في مجال عملهم ولكن الانتخابات مجال جديد بالنسبة لهم، فيما لفتت إلى أن "التعديلات المدرجة بطلب كتلها تتعلق بفقرة التصويت البايومتري والعد والفرز اليدوي".
اقرأ/ي أيضًا: خلافات وتزوير.. هل ستجري الانتخابات المبكرة بلا تصويت الخارج؟
ويرى مراقبون أن هذه التعديلات في حال أجريت فهي محاولة جدية وواضحة للدفع باتجاه عرقلة إجراء الانتخابات بموعدها في 10 تشرين الأول/أكتوبر 2021 المقبل، بحسب الكاتب والصحافي، حسن حامد.
ويقول حامد لـ"ألترا عراق"، إن "ما يحصل حاليًا من تحركات سياسية لتعديل القانون، والذي سيصل عبر مشروع التعديل من رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب قد يكون أحد العوامل الأساسية لتغيير موعد الانتخابات، وهناك إشارات واضحة أرسلتها مفوضية الانتخابات للجميع تدلل على ذلك، ومنها ضعف إقبال الأحزاب السياسية على التسجيل ضمن المنافسين في الاستحقاق".
وبيّن أن "هناك قوى سياسية متنفذة تسعى لعرقلة الانتخابات المبكرة لأسباب عديدة منها كونها ترى الأرضية الحالية غير مناسبة لها بسبب خسارتها الكثير من قاعدتها الجماهيرية، وهي أحزاب إسلامية كبيرة بسبب تظاهرات تشرين منذ عام 2019، مشيرًا إلى أن "تلك الأحزاب تسعى على الأقل لدفع موعد الانتخابات للوقت الدستوري المعتاد، وهو في العام المقبل، وبذلك ستموت فكرة الانتخابات المبكرة تمامًا حتى ينهي البرلمان دورته كاملة".
وبهذا الصدد، أعلنت مفوضية الانتخابات الأسبوع الماضي، في بيان لها، تمديد فترة تسجيل التحالفات السياسية لغاية 1 أيار/مايو 2021، وفترة استقبال قوائم المرشحين لغاية 17 نيسان/أبريل 2021، مؤكدة أن "هذه المواعيد تعد نهائية لتسجيل التحالفات واستقبال قوائم المرشحين يتعذر معها التمديد مطلقًا لأسباب فنية".
وحول تعديلات القانون، يرى القيادي في تيار الحكمة، النائب السابق محمد اللگاش أن "الكتل السياسية التي تحاول عرقلة الانتخابات هي متضررة بالأساس مما طرحه القانون خلال مناقشاته في البرلمان قبيل التمرير، مبينًا أنها "لم تستطع إيقافه واكتفت بمعارضته، والآن تريد من خلال التعديلات تغيير بعض الفقرات لصالحها".
ويشير اللكاش إلى أن "قانون الانتخابات جاء بوقت حرج تلبية لمطالب الشارع، وأفرز فكرة الدوائر المتعددة التي لا تخدم الأحزاب السياسية المتسيدة للبرلمان منذ سنوات، ولهذا أدركت أنها ستخسر الكثير من مقاعدها النيابية في الانتخابات المبكرة بوقت هي كانت تخطط للمضاعفة وكسب المزيد، فيما رجح عدم "نجاح هذه المحاولات بصورة أو بأخرى".
يرى باحث في الشأن السياسي أن كتلة سائرون قد تكون هي المعترض الأكبر على مقترحات التعديل لقانون الانتخابات كونه يخدمها بشكل كبير لقاعدتها الجماهيرية الثابتة
لكن الباحث في الشأن السياسي، حيدر الموسوي، يكشف عن الكتل السياسية الرافضة للقانون، والتي تتمثل بـ"الأطراف الكردية وائتلاف دولة القانون وبعض الأطراف الأخرى، وهي تقوم بتجديد ممانعتها الموجودة والمثبتة سابقًا، مبينًا أن "أصل فكرة القانون الجديد هي كانت بضغط من الشارع المحتج لذلك فقد تم تمريره على عجالة".
اقرأ/ي أيضًا: المفوضية تخفض مبلغ التأمينات للمرشحين في الانتخابات المبكرة
ولفت الموسوي في حديث لـ"الترا عراق" إلى أن "الجهات الساعية لتعديل قانون الانتخابات لديها أسباب تكمن بأنه سيعقد الخلافات السياسية وبناء عملية جديدة لإدارة البلاد على اعتبار أن البرلمان المقبل سيولد بصعوبة، خاصة بما يتعلق بالتحالفات السياسية والتوافقات بالنسبة للنواب الجدد أو الحاليين في حال فوزهم مرة أخرى".
وبيّن أنه "إذا كان الأمر في الدورات السابقة جرى بصعوبة متناهية رغم وجود كتل بمسميات وقيادات واضحة، فكيف سيكون الوضع بعد الانتخابات المبكرة وفق قانونها المرفوض حاليًا من الأساس، لأنه سيقسم المقاعد بشكل لا يجعل هيمنة لأحد، وربما سيشهد المجلس عدد نواب مستقلين تمامًا كل واحد منهم يمثل دائرته ورأيه بعيدًا عن الكتل، مضيفًا أن "هناك مشكلة كبيرة في حال جرت الانتخابات بهذا القانون، ولذلك تسعى بعض الكتل لتقليل عدد الدوائر الانتخابية على سبيل المثل أن تصبح بغداد فيها دائرتان فقط، واحدة في الكرم وأخرى في الصرافة، ويعد هذا مقبول إلى حد ما".
ويشير الموسوي إلى أنه "قد تكون كتلة سائرون هي المعترض الأكبر على مقترحات التعديل لقانون الانتخابات، كونه يخدمها بشكل كبير لقاعدتها الجماهيرية الكبيرة والثابتة، وسيوفر لها مقاعد نيابية أكثر في الدورة المقبلة، مستدركًا "لكن بشكل عام، غالبية الكتل تستشعر الخطر من القانون الحالي وتحاول التحذير منه بطرق مختلفة، فيما يتفق الموسوي مع الترجيحات بـ"عدم إجراء الانتخابات بموعدها المحدد سواء بالقانون الحالي أو في حال تعديله أيضًا، لافتًا إلى أن "موعدًا جديدًا يحدد خلال الفترة المقبلة تفرضه الظروف المالية والصحية في البلاد".
وحول موقف تحالف سائرون، كشف النائب رياض المسعودي في تصريح صحفي تابعه "ألترا عراق"، عن "وجود توجه للقوى السياسية العراقية لتأجيل الانتخابات المبكرة، مبينًا أن "حل مجلس النواب يجب أن يكون قريبًا من موعد الانتخابات، وقد انطلقت الحوارات بهذا الصدد، فيما لفت إلى "عدم إمكانية حل البرلمان بحسب الدستور إلا بطلب رئيس الجمهورية وموافقة أكثر من ثلثي أعضاء مجلس النواب".
ويتضح موقف المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من خلال تصريح للمتحدثة باسمها، جمانة غلاب، إذ أشرت "وجود معرقل وحيد أمام إجراء الانتخابات بموعدها وهو تعطل قانون المحكمة الاتحادية لأهميتها بالمصادقة على نتائج الانتخابات، فيما نفت وجود "أي حديث عن تأجيل الانتخابات".
وفي كانون الثاني/يناير صوت مجلس الوزراء العراقي بالإجماع على تحديد العاشر من شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، موعداً لإجراء الانتخابات المبكرة، بعد أن كان موعدها في حزيران/يونيو من هذا العام.
اقرأ/ي أيضًا:
الإشراف الأممي على الانتخابات: بين الرغبة والرفض.. حسمٌ منتظر من النجف