مع بدء التحركات نحو الحوارات بين الكتل الفائزة بالانتخابات البرلمانية العراقية 2021، شقت الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر، طريقها لإجراء التفاوض حول آليات تشكيل الحكومة المقبلة، فيما بقيت الأطراف الأخرى منشغلة بالتدقيق وراء الطعون بأصواتها التي تدعي فقدانها بداعي التزوير، وفقًا لبيانات عدة صدرت عنها.
تتوقع عضو في الاتحاد الوطني الكردستاني استمرار الخلافات المالية بالحكومة الجديدة لعدم وجود نية جادة لدى أحزاب المركز والإقليم للحل
وأعلن الصدر، وفقًا لوثيقة صادرة عنه، تشكيل لجنته التفاوضية برئاسة حسن العذاري، وعضوية نصار الربيعي، ونبيل الطرفي، فضلًا عن حاكم الزاملي، فيما شدد بحسب بيانه على "عدم التفاوض مع الجهات التي وضع ملاحظاته عليها".
اقرأ/ي أيضًا: اصطفاف في بغداد وإيرانيون بالإقليم.. خطة "الإطار التنسيقي" لتشكيل الحكومة
وفي إقليم كردستان، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي، هوشيار زيباري، أن حزبه سيكون طرفًا رئيسيًا في تشكيل الحكومة العراقية المقبلة.
وأشار زيباري، في مؤتمره الصحفي، إلى أن "الديمقراطي تلقى مئات الاتصالات الحزبية للتفاوض وتبادل الزيارات والتعاون"، مضيفًا: "لولا إقليم كردستان والكرد، لما نجحت العملية الانتخابية".
وكما جرت العادة، سيسعى جميع الأحزاب الشيعية والسنية في المركز، للإسراع بكسب ود الأطراف الكردية من أجل التحالفات المقبلة، لكن السؤال يكمن بماهية الضمانات التي سيطلبها الأكراد وتستطيع أحزاب المركز تقديمها جديًا بعد التجارب السابقة في 5 حكومات و4 برلمانات متتالية.
ماذا يريد الحزب الديمقراطي؟
من جهته، قال المتحدث باسم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مهدي عبد الكريم، ان "هذه الانتخابات مختلفة كثيرًا عن السابقة منذ 2003 بالنسبة للمكون الكردي"، مبينًا في تصريح لـ"ألترا عراق"، أن "هذا الاختلاف يأتي من وجود الكتلة الكردية الأكبر المتمثلة بالحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستاني والجيل الجديد".
وأوضح، أن "اجتماعات ستكون حاضرة خلال الأيام المقبلة بين الجهات المذكورة للخروج بخطوط تفاوضية سيتم الذهاب بها إلى بغداد بوفد واحد من أجل التحالفات"، مبينًا أن "أي كتلة سياسية وأي حزب في بغداد قريب لروئ واستحقاقات وحقوق الشعب الكردي ستكون قريبة للتحالف معها أولًا، والعمل وفقًا للدستور العراقي بتثبيت الاستحقاقات".
وتابع أنه "لغاية الآن الكثير من حقوق الكرد لا تزال ينقصها التثبيت والتوافق مع الكتل السياسية في بغداد بالجوانب المالية خاصة والسياسية"، مضيفًا أن "المفاوضات في الداخل الكردي تجري بجدية لتشكيل تحالف كبير بين القوى الفائزة بالانتخابات للتفاوض مع أحزاب المكونات الأخرى في اجتماعات بغداد المقبلة".
وبحسب النتائج الأولية للانتخابات/ فإن الحزب الديمقراطي الكردستاني، حصد 32 مقعدًا في مجلس النواب العراقي، توزعت 11 مقعدًا في أربيل، و8 مقاعد في دهوك، و2 في السليمانية، و2 في كركوك، و9 مقاعد في نينوى.
شرطان رئيسيان للاتحاد الوطني الكردستاني
بالمقابل، أكدت النائب السابق، وعضو الاتحاد الوطني الكردستاني، ريزان شيخ دلير، أن "الأحزاب الكردية قبل تشكيل الحكومة والبرلمان تبحث عن أي حزب سياسي يلبي مصالح كردستان للتحالف معه"، مستدركة "لكن للأسف القوى الكردية للآن كل واحد منها يريد التحالف مع طرف حزب معين في الأحزاب الشيعية والسنية ولا يوجد اتفاق بينهم على طرف دون آخر".
وبينت شيخ دلير، في تصريح لـ"ألترا عراق"، أن "الأحزاب الكردية جميعها لديها شروط للتحالف مع القوى في بغداد، وكل حزب كردي شروطه تختلف عن الآخرين، وهذا يحصل لعدم وجود تحالف كردستاني جامع لهم"، مبينة أن "حزب الاتحاد، من شروطه الأساسية لعقد تحالفات هو تطبيق المادة 140 ورجوع البيشمركة بصورة أساسية إلى كركوك والمناطق المتنازع عليها، فضلًا عن تثبيت حقوق الإقليم بالموازنات الاتحادية".
وعن استمرار الخلافات بين أربيل وبغداد، أشارت إلى أنه "من 2005 لغاية الآن لم تتمكن الحكومات المتعاقبة في إقليم كردستان وبغداد من التوصل لحل نهائي للأزمات الموجودة، وهي تتكرر في كل سنة مع قدوم موازنة جديدة"، موضحة أن "موضع الخلاف بوجود بعض الواردات المالية في الإقليم، والتي يجب إعادتها للحكومة الاتحادية، كما توجد بعض النفقات يجب دفعها من المركز للإقليم"، كما توقعت شيخ دلير "استمرار الخلافات المالية بالحكومة الجديدة، لعدم وجود نية جادة لدى أحزاب المركز والإقليم للحل، وذلك لاستفادة الطرفين من المشاكل لتمرير الصفقات السياسية".
وكان رئيس الاتحاد الوطني، بافل طالباني، قد أعلن في يوم الاقتراع بالانتخابات الأخيرة، عن تقاربه وتفاهماته الجادة مع حركة التغيير الكردية، فضلًا عن تأكيده على استحقاق حزبه لمنصب رئاسة الجمهورية، الذي يعتزم تجديد الثقة لبرهم صالح للبقاء في الرئاسة لولاية ثانية.
وحصد حزب الاتحاد، بحسب النتائج المعلنة من مفوضية الانتخابات، على 17 مقعدًا في البرلمان المقبل، ولكن المحاصصة المعتمدة منذ سنوات على الرئاسات الثلاث والمناصب، جعلت تفاهمات الكرد تتمحور في ذهاب رئاسة الجمهورية للاتحاد، ورئاسة إقليم كردستان للحزب الديمقراطي.
ولكن مصادر سياسية تتحدث عن نقض اتفاق إعطاء رئاسة الجمهورية للاتحاد الوطني الكردستاني هذه المرة، وتشير المصادر لـ"ألترا عراق"، إلى أن "الخيارات الأقرب في حال انضمام البارزاني للإطار التنسيقي هي تكليف فؤاد حسين أو هوشيار زيباري برئاسة الجمهورية والذي بدوره سيكلف رئيس الكتلة النيابية الأكثر عددًا بتشكيل الحكومة".
الكرد يراقبون الشيعة
وحول تفاصيل وإمكانيات التحالفات والوعود، يعتقد الصحفي والكاتب المختص في شؤون إقليم كردستان، سامان نوح، بعدم استطاعة الكرد الاتفاق مع أي من التحالفين الشيعيين اللذين برزا بعد انتخابات 10 تشرين الأول/أكتوبر (الصدر ـ المالكي) لأن ذهابهما باتجاه أحدهما، يعني إغضاب التحالف الآخر وهذا سيكون له نتائج سلبية لا يريد الكرد التورط في حساباتها سياسيًا وأمنيًا.
وبشأن السيناريو المفضل لدى الكرد، يقول نوح، في حديثه لـ"ألترا عراق"، إنه "يتمثل بانتظار اتفاق القوى الشيعية داخليًا على الطرف الذي سيشكل الحكومة ليمضي معه الكرد، كما المكون السني، لافتًا إلى أن "الكرد يعتبرون حسم القوى الشيعية لمرشح رئاسة الحكومة سيجنبهم سلبيات عدم اتفاق ذات المكون على شكل الحكومة القادمة والمرشح لقيادتها وانقسامهم إلى جبهتين".
ورغم حصد الكرد لأكثر من 60 مقعدًا في الانتخابات، إلا أن نوح أكد أنهم "بلغة الأرقام يمثلون المكون الثالث من ناحية حجم التمثيل النيابي بعد السنة والشيعة، مؤكدًا أنه "بناءً على ذلك، فإن الكرد والسنة قدرتهما لفرض الشروط على الشيعة محدودة، حيث أن القوى الكردية قد تراجعت قوتها في بغداد بعد رحيل الرئيس الأسبق جلال طالباني، فضلًا عن استفتاء انفصال إقليم كردستان، ولم يعودوا لاعبين أساسيين في تشكيل الحكومات ومكملين لمشهد حكومة المكونات".
وبما يخص الاستحقاقات المالية والسياسية، يقول نوح إن "الأحزاب الكردية حصلت على استحقاقها وفقًا لحجمها البرلماني سابقًا، لكن بالحديث عن حقوق أهالي الإقليم، فهي لا تزال عالقة، ابتداءً من تعطيل المادة 140 دستوريًا، وخروج مناطق من سيطرة إقليم كردستان، وغياب قانون النفط والغاز، مبينًا أن "كل هذه انعكست سلبيًا على حياة المواطنين".
كركوك أولوية
من جهة أخرى، يرى الناشط في إقليم كردستان، لاوان عثمان، أن الحزب الديمقراطي يضع على قائمة شروطه ملف كركوك ومنصب محافظها، مبينًا أنه "يعتبره ملفًا مهمًا لمقايضة أحزاب بغداد، بعد الاتفاق على منح رئاسة الجمهورية للاتحاد الوطني من عدمه".
ويوضح عثمان في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الديمقراطي بدأ بمحاولة إغراء الاتحاد الوطني الكردستاني بدعمه للحصول على رئاسة الجمهورية مقابل قبول حصول الديمقراطي على منصب محافظ كركوك وإعادة فرض سلطة الإقليم على المحافظة، مشيرًا إلى أن "هذا السعي الذي يقوم به الديمقراطي، سببه وجود مخطط تركي للسيطرة على كركوك، حيث يعتبرونها بمثابة العمق الاستراتيجي للدولة التركية، بالإضافة لشروط أخرى ليست واضحة ضمن أجندة الديمقراطي".
وبينما توقع الناشط، أن "الكتلة الصدرية ـ حزب تقدم، هي الأقرب لاستمالة الحزب الديمقراطي بتحالف كبير، وفقًا لسلسلة تفاهمات سبقت الانتخابات، أكد أن الاتحاد الوطني أمام خيارين، "أما الذهاب نحو محور الأحزاب الموالية لإيران (الفتح ـ دولة القانون)، أو الالتحاق بركب الديمقراطي وخياراته ليرضى بكونه مقاعدًا إضافية له، فضلًا عن كون حزب الجيل الجديد أقرب للحزب الديمقراطي وتحالفاته، من الاتحاد الوطني خلال الوضع الحالي".
يرى ناشط كردي أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يضع على قائمة شروطه ملف كركوك ومنصب محافظها
وكان التيار الصدري، قد أرسل وفدًا إلى إقليم كردستان برئاسة حسن الكعبي، قبيل إجراء الانتخابات، حيث ناقش في عدة لقاءات مع رئيس الحزب الديمقراطي، ومسؤولين آخرين الملفات بين المركز والإقليم والتفاهمات حول الانتخابات، فيما قام بذات الوقت رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، بزيارة مماثلة التقى خلالها مسعود بارزاني، وناقش ذات الملفات، وهو ما يؤشر وجود تفاهمات مسبقة كانت حاضرة بين الأطراف المعنية بالتحالفات السياسية لتشكيل الحكومة الجديدة.
اقرأ/ي أيضًا:
نيويورك تايمز: الصدر قد يسمح ببقاء القوات الأمريكية في العراق