06-يوليو-2020

المكتسبات اللبنانية لا تقتصر على التبادل التجاري في التعامل مع العراق (فيسبوك)

وسط الأزمات المتتالية على جدول أعمال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بحث وفد وزاري مع الحكومة اللبنانية التعاون الاقتصادي، وهو تعاون يقايض فيه النفط بمواد غذائية وصناعات زراعية بالإضافة إلى استثمار في السياحة والصحة، بحسب وسائل إعلام لبنانية، فالانهيار الاقتصادي يهدد الحكومة اللبنانية، لكن الحكومة العراقية، مقبلة هي الأخرى على أزمة اقتصادية خانقة، ما يعزز الجدل ويثير الشكوك بوصف العملية "دعمًا" للحكومة التي يرعاها حزب الله.

يعود جذر المباحثات بين البلدين إلى حديث حسن نصرالله عن إمكانية الاتجاه نحو العراق كخيار يمكن أن يساعد لبنان على تخطي أزمته الاقتصادية

وضم الوفد، وزير النفط إحسان عبد الجبار إسماعيل، ووزير الزراعة محمد كريم جاسم، والنائب السابق حسن العلوي، ومرافق وزير النفط سيف طلال عمران التميمي، بالإضافة إلى مرافق وزير الزراعة ضرغام محمد كريم، وعن مكتب رئيس الوزراء عمار صباح مصطفى، بالإضافة القائم بأعمال السفارة العراقية في لبنان أمين النصراوي، والمستشار السياسي في السفارة أحمد جمال.

اقرأ/ي أيضًا: الزراعة تنفي استيراد محاصيل زراعية من لبنان

يعود جذر المباحثات بين البلدين، إلى حديث الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، عن إمكانية الاتجاه نحو العراق كخيار يمكن أن يساعد لبنان على تخطي أزمته الاقتصادية نتيجة الحصار المفروض عليه اقتصاديًا، وكان كلامه مبنيًا على معطيات متوافرة تمت بلورتها بزيارة قام بها مدير عام الأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم إلى بغداد، وبحث مع المسؤولين السبل الممكنة لمساعدة لبنان.

وبحسب الكاتبة اللبنانية غادة حلاوي، استعرض العراقيون  خلال الزيارة آفاق التعاون بين البلدين، وحاجة لبنان إلى النفط وحاجة العراق بالمقابل إلى استيراد مواد غذائية وزراعية، حيث اجتمع اللواء إبراهيم مع مسؤولين عراقيين في وقت سابق ببغداد، وكان الاتفاق المبدئي على أن يزور رئيس الحكومة حسان دياب العراق للبحث في تفاصيل خطة تعاون مشتركة لما فيه مصلحة للبلدين، وكان الجانب العراقي سبق وطرح إعادة ترميم خط النفط العراقي السوري اللبناني، ثم أضيف إليه لاحقًا مشروع جديد للتعاون الاقتصادي، فيما  جمّدت زيارة دياب لانشغال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأمور داخلية حصلت في الآونة الأخيرة، فتم الاتفاق على زيارة وزير النفط العراقي إحسان عبد الجبار على رأس وفد في محاولة لاستطلاع أجواء التعاون.

وتشير حلاوي إلى أن "المكتسبات اللبنانية لا تقتصر على المبادلات التجارية، فهي تأمل وساطة الكاظمي خلال زيارته للولايات المتحدة، لاستثناء لبنان من قانون قيصر وهو قانون شرعه الكونغرس يمنع التعاون الاقتصادي والتجاري مع سوريا بهدف الضغط على النظام، للحاجة إلى التعاون مع سوريا، في مجالات التبادل التجاري، بالإضافة إلى حاجة العراق للترانزيت من لبنان عبر سوريا، ما يعني استثناء لبنان من العقوبات التي يحددها القانون، والبحث لاحقًا في إمكانية التعاون الثلاثي بين لبنان وسوريا والعراق، خاصة بعد استثناء واشنطن لبغداد من العقوبات على طهران، والسماح باستيراد الغاز والكهرباء".

وطرح الوفد العراقي مشروع تكامل اقتصادي بينه وبين لبنان وسوريا واقتراح إجراء محادثات ثنائية لبنانية عراقية، قبل الشروع في أي اتفاقيات ثلاثية، والتفاهم بين لبنان والعراق حول موضوع النفط الذي يبدي العراق تقديمه للبنان بأسعار زهيدة وعلى دفعات أو مقابل تعاون زراعي، ويمكن للبنان أن يستفيد من العراق، أما بالحصول على كميات من النفط الخام وبيعه إلى الشركات المتواجدة في عرض البحر مقابل الحصول على نفط مكرر، ما يحقق أرباحًا وفيرة للدولة، فيما طرح العراق فكرة ترميم مصافي النفط وإنشاء مصافٍ جديدة بدل تلك الموجودة حاليًا، ويمكن أن يساهم الصينيون في تسديد بدل كلفتها، هذا عدا خط غاز آخر جديد متوقف لخلاف أمريكي روسي بشأن امتداد يشمل العراق، سوريا، لبنان وإيران، كما يرى خبراء اقتصاديون.

من جانبه، يرفض النائب يحيى المحمدي "عقد أي اتفاقات اقتصادية قائمة على المحاباة والتفاهمات السياسية بعيدًا عن المصالح المشتركة ودعم اقتصاد البلاد، مبينًا في حديثه لـ"ألترا عراق"، أنه "يساند أي خطوة من شأنها دعم الاقتصاد العراقي وتعززه، لكن يجب أن تكون مدروسة، ويؤخذ بنظر الاعتبار التوازنات الدولية وحجم الاستفادة من تلك التفاهمات".

وبشأن إمكانية توسط العراق حول قانون قيصر، أضاف المحمدي أن "العراق يعاني من مشاكل داخلية وعلاقته بالولايات المتحدة ليس جيدة لدرجة التوسط، فهو يتواصل عبر قنوات محددة، آخرها الحوار الاستراتيجي، مبينًا "يجب أن تكون الأولوية لترتيب البيت الداخلي والاهتمام بحزمة الإصلاحات التي تعمل عليها الحكومة".

المكتسبات اللبنانية لا تقتصر على التبادل التجاري، فهي تأمل وساطة الكاظمي خلال زيارته للولايات المتحدة، لاستثناء لبنان من قانون قيصر

لكن الخبير الاقتصادي حسن السراي يعتقد أن "الدول التي تمر بأزمات اقتصادية تكون أفضل فرصة لها استثمار ما لديها مقابل النفط، وهذا ما ينطبق على التعاون الاقتصادي بين العراق ولبنان، فأي منتج لبناني ينفع العراق أو خدمة أو سلعة يمكن شراءها بسعر تنافسي"، مبينًا أن "الاستفادة العراقية تتمثل بمجالات عديدة مثل الأدوية والاستشارات الطبية، ورسوم الطلبة الدارسين في لبنان تسدد في داخل البلاد من قبل الطالب العراقي، وتسهيلات أخرى ممكن أن تُقدم للعراقيين، كذلك يمكن للعراق استثمار الخط الساحلي في لبنان مثلما فعلت قطر بالخط الساحلي في سوريا".

اقرأ/ي أيضًا: رويترز: إيران خفضت تمويلها للفصائل المسلحة في العراق.. ما هي الأسباب؟

ويضيف السراي في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "العراق لا بد من أن يسارع استثمار هذه الفرصة لترسيخ نفوذ اقتصادي عراقي داخل لبنان، قبل تدخل منافسين دوليين آخرين لديهم تفاهمات مع قوى لبنانية، خاصة وأن خلفيات أعضاء الوفود التفاوضية للبلدين تؤثر في إمكانية تمريره واصطدامه بتحالفات سياسية في لبنان مع دول أخرى".

وبشان آلية الفائدة التي يمكن للعراق جنيها قال السراي إن "العراقيين مرضى وطلبة، يدفعون حاليًا (كاش) وبالدولار حصرًا، دون وجود إحصائيات لدى البلدين عن أعدادهم وحجم الأموال التي يدفعونها، مستدركًا "لكن يجب الاتفاق على أن يبقى الدولار داخل العراق، ويتم الدفع من قبل الطلبة والمرضى للحكومة العراقية، وتقبض المستشفيات والجامعات اللبنانية من حكومتها بالليرة، بعد استقطاعها لتلك المبالغ من قيمة النفط المتسورد من العراق".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قانون قيصر.. تعرّف على أبرز البنود التي تحاصر نظام الأسد وحلفاءه

قيصر وصوره ووعوده