12-سبتمبر-2019

تقول مصادر عراقية وإيرانية أن الصدر وخامنئي اتفقا على "تأديب إسرائيل" (فيسبوك)

الترا عراق - فريق التحرير

لا يبدو أن الأجواء العراقية ستشهد هدوءًا قريبًا، حيث تزدحم بالطائرات المسيرة "المجهولة" كما تصر الحكومة على إظهار الأمر، في ظل تحركات برلمانية للتسلح بمنظومة صد متطورة، وتحرك آخر تلمح إليه طهران نحو "حرب شاملة" ضد إسرائيل لن يكون العراق بمنأى عنها.

تعتمد الفصائل الحشدية على أسلوبين في مواجهة الطائرات المسيرة، الأول تقني والثاني عسكري "قاصر" وغير مؤثر

منذ آخر قصف استهدف موقعًا للحشد الشعبي في آب/أغسطس الماضي، أعلنت فصائل في الحشد الشعبي عدة مرات استهداف طائرات مسيرة حامت فوق مواقع تابعة لها، في بغداد وديالى وصلاح الدين، قبل أن يكشف نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي عن تشكيل قوة جوية للحشد الشعبي، حيث لا تزال الهيئة تواصل جهودًا حثيثة لإتمام الأمر، على الرغم من النفي الرسمي للقرار ورفضه، وفق مصادر مطلعة.

اقرأ/ي أيضًا: بغداد تدين " إسرائيل" والحشد يرتدي "قناع المقاومة".. ماذا عن عبد المهدي؟!

في الوقت الراهن تعتمد الفصائل الحشدية على أسلوبين في مواجهة الطيران المسيرة، الأول تقني تبرع فيه بعض الفصائل حيث أعلنت مرارًا اختراق أنظمة طائرات وتبنت في آخر مناسبة إجبار طائرة أمريكية على الهبوط قرب بغداد، إما الثاني فهو المضادات الأرضية والتي تبدو عاجزة وقاصرة عن الردع.

قالت فرقة العباس، يوم الأربعاء 11 أيلول/سبتمبر، إن "الفريق التكتيكي" التابع لها، والمرابط في قاطع عمليات ديالى – منطقة كنعان تمكن من إسقاط طائرة مسيرة "حاولت استهداف قطعات الجيش العراقي"، مبينة في بيان لها أن "الفريق التكتيكي رصد تلك الطائرة وعلى الفور سارع باستخدام المعدات التقنية التي يمتلكها ونجح في إسقاط الطائرة".

أضاف البيان، أن "الطائرة كانت تستطلع تمهيدًا لاستهداف قطعات الجيش العراقي خلال الأيام القادمة، لكن قدرة قواتنا وسرعتها حالت دون ذلك". في السياق أعلنت هيئة الحشد الشعبي، استهداف طائرة مسيرة أخرى، الأربعاء، حلقت فوق مقر لقوات "الشهيد الصدر" في محافظة صلاح الدين، عبر المضادات الأرضية، مؤكدة أن المضادات أجبرت الطائرة على الهروب إلى موقع مجهول، دون أن تتمكن استخبارات الحشد الشعبي من معرفة الجهة التي تعود إليها الطائرة، على حد تعبير بيان رسمي من الهيئة.

تحرك نحو روسيا

يبدو مستبعدًا جدًا تصور نجاح العراق في إقناع روسيا بصفقة تسليحية استراتيجية بمستوى منظومة "أس – 400"، كما يقول مراقبون، بأخذ الأوضاع والتوازنات العسكرية في المنطقة بنظر الاعتبار، فيما لا يوجد شك في الموقف الأمريكي الذي سيكون "عنيفًا" تجاه بغداد لو مضت في أي صفقة من هذا النوع، لكن أطرافًا برلمانية لها رأي.

حيث أكدت أطراف في تحالف "البناء" بقيادة الفتح ودولة القانون، وجود حراك حثيث تسانده الكتل الأخرى، لتبني قرار برلماني يجبر حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي على التوجه لشراء المنظومة الروسية، بهدف حماية الأجواء العراقية.

قال النائب عن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، منصور البعيجي، الأربعاء، إن البرلمان سيعمل على توفير الإجراءات اللازمة لشراء منظومة الدفاع الجوي الروسية "أس – 400"، وتذليل العقبات التي تفرضها واشنطن، مشددًا أن "الولايات المتحدة الأمريكية ليست وصية على العراق، وأن الحكومة العراقية لها حرية اختيار البلد التي ترغب بشراء الأسلحة منه، أو تجهيزها بأي منظومة دفاع للعراق".

أعلنت أطراف برلمانية التحرك لإلزام الحكومة بشراء منظومة "أس - 400" الروسية في تحد للممانعة الأمريكية

ورفض البعيجي، أي "ضغوط تحاول ممارستها أمريكا على العراق"، متعهدًا بالعمل، خلال الفصل التشريعي المقبل على طرح قانون إخراج القوات الأجنبية، إضافة إلى توفير الأجواء والإجراءات المناسبة كافة لتسليح البلد و"حمايته من أي اعتداء خارجي".

من جانبه، أكد عضو مجلس النواب عن تحالف الفتح فاضل جابر، في تصريح صحفي، عزم كتلته إلى جانب قوى سياسية أخرى تشريع قانون "يُجبر" الحكومة على التعاقد مع روسيا لشراء منظومة الدفاع الجوي "أس – 400"، مؤكدًا أن "زيارة مستشار الأمن الوطني فالح الفياض الأخيرة إلى روسيا كانت من أجل إجراء تفاهمات حول تزويد العراق بالأسلحة التي يمكن من خلالها حماية سيادة الأجواء من العدوان الخارجي".

لكن جدول أعمال جلسة البرلمان الأولى والتي ستعقد في 14 أيلول/سبتمبر، لم تشهد إدراج أي من الملفات التي أشار إليها البعيجي وجابر، كما خلت من مشروع طرد القوات الأجنبية، على الرغم من أن زعيم حركة النجباء أكرم الكعبي، كان قد قال إن الجلسة ستشهد تحركًا ضد وجود القوات الأمريكية.

العراق في محور "التأديب"!

في سياق متصل بالأزمة، تكثر التكهنات والتأويلات حول ظهور زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، إلى جانب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، وقائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، في طهران، ضمن مجلس عزاء أعقبه اجتماع "قمة".

لكن أي من أطراف القمة الإيرانية أو الصدرية لم تتبن أي من التأويلات التي تتعلق بالنفوذ الإيراني في العراق، أو مستقبل العلاقات بالتيار الصدري والفصائل الموالية لطهران، باستثناء ما يتعلق بإسرائيل، حيث أجمعت أطراف في الحشد الشعبي ومصادر إيرانية على أن القمة كانت تتعلق باتخاذ قرار "موحد لتأديب إسرائيل".

قال المتحدث العسكري لحركة عصائب أهل الحق، أحد أبرز الفصائل "الموالية" لإيران، جواد الطليباوي، إن "الصدر اجتمع مع خامنئي لأمر عظيم وكبير ويهم مصلحة الإسلام كله وليس موضوع خاص بالعراق"، فيما أشارت معلومات جرى تسريبها من مصادر سياسية، أن "لقاء خامنئي بالصدر تطرق إلى مواضيع غاية في الأهمية تركز على أن إسرائيل هي عدوة الإسلام والبلدان الإسلامية وأنها ماضية باتجاه الحرب".

اقرأ/ي أيضًا: العراق يتحرك دبلوماسيًا وعسكريًا.. ماذا بعد "الكاتيوشا" وقصف الحشد الشعبي؟

عضد تلك المعلومات حديث أمير موسوي، الدبلوماسي الايراني السابق، عن كواليس لقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالمرشد الأعلى في إيران. قال موسوي خلال استضافته في حوار تلفزيوني، إن "لقاء الصدر بخامنئي وجلوسه معه حسم أمر تأديب الكيان الصهيوني من الآن فصاعدًا".

أضاف، أن "العراق في حال تعرض لأي تجاسر صهيوني مجددًا أو قصف لمقار الجيش العراقي أو الحشد الشعبي، فإن الموقف سيكون مختلفًا هذه المرة"، مؤكدًا أن "جلوس الصدر بجانب قائد فيلق القدس قاسم سليماني والمرشد الأعلى خامنئي كان رسالة واضحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني.. وقد وصلت الرسالة".

تتفق روايات عدة أطراف حول لقاء الصدر بخامنئي على أن "القمة" حسمت أمر "تأديب إسرائيل" من الآن فصاعدًا

بالأثناء، جدَّد السفير الأمريكي في العراق، ماثيو تولر، حراكه لضمان عدم صدور قرار برلماني بطرد قوات بلاده، بلقاء رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، حيث نفي مسؤولية واشنطن عن الخروقات العسكرية للأجواء العراقية وضرب بعض المواقع العسكرية ومخازن العتاد، لكن أطراف سياسية وعسكرية تصر أن تلك الضربات جرت بعلم واشنطن على أقل تقدير.

عن المستوى الحكومي، ما يزال الصمت هو السائد رسميًا، حيث يتجنب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الظهور الإعلامي، باستثناء النشاطات والاجتماعات الروتينية، لكن أطرافًا مؤثرة في الحشد الشعبي تؤكد بشدة تمسكها بعبد المهدي، حتى الآن، ما قد يشي بأن الأخير ربما لن يمانع انخراط تلك الفصائل في عمل معلن ضد إسرائيل، لا تزال طبيعته مجهولة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

ليلة البيانات "النارية".. "انشقاق" داخل الحشد الشعبي عشية التهديد بـ "الحرب"!

انقسام وسخط داخل الحشد الشعبي مصدره "إسرائيل"!