يعتبر قانون العفو العام، من أبرز شروط الكتل السياسي التي تقول إنها تمثل "المكوّن السني"، في اتفاق تشكيل الحكومة وبنود الاتفاق السياسي بينها وبين قوى الإطار التنسيقي، إلا أنّ القانون تأخر ولم يتمّ تشريعه، مع وجود عشرات آلاف السجناء في العراق الذين ينتظرون تشريع القانون.
قال عضو في اللجنة القانونية إنّ المضي بقراءة تعديل قانون العفو العام يتطلب قرارًا سياسيًا
وفي أيلول/سبتمبر 2023، أرسلت اللجنة القانونية النيابية، إرسال مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام إلى رئاسة مجلس النواب، لكنّ لم يصدر بعدها أي توضيح حول عدم إدراجه في الجلسات.
وفسّر عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب رائد المالكي، أسباب تأخر تعديل مشروع قانون العفو العام، متحدثًا عن "جانب سياسي كبير" في الأمر.
وقال المالكي لـ"ألترا عراق"، إنّ "تعديل قانون العفو العام يوجد فيه جانب سياسي كبير، لأن التركيز ليس على العفو عن الجرائم العادية، وإنما على المحكومين بجرائم الإرهاب".
وأضاف أنّ "المضي بقراءة تعديل القانون يتطلب قرارًا سياسيًا وربما يؤجل بعد انتخاب رئيس البرلمان".
ومن الناحية القانونية، فإنّ المالكي يرى أنّ "مشروع تعديل القانون المقدم من الحكومة ليس فيه تحديد للجرائم المشمولة به أو المستثناة منه"، معتبرًا أنّ "النسخة المقدمة فيها غموض كبير لأنها لا تحتوي سوى على التعريف فقط".
وفي حزيران/يونيو الماضي، هاجم الأمين العام لحركة "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، ما اسماها "محاولات تعديل قانون العفو العام"، والتي تهدف إلى "شمول عتاة الإرهابيين"، وفق تعبيره، عادًا ذلك "استهتارًا بالأرواح البريئة التي أزهقت، وتعريضًا للأمن الداخلي للخطر، ودوافعها انتخابية ليس إلا".
وفي الأثناء، اعتبر النائب عن دولة القانون، محمد الزيادي، الشروع بتعديل قانون العفو العام دون "وجود تعاريف واضحة لمفردات عدة غير مفهومة يضعه بشكل مستمر في خانة الرفض"، مبينًا أنّ "الدورة النيابية الحالية عازمة على تشريعه بحال اكتمال متطلباته".
وقال الزيادي لـ"ألترا عراق"، إنّ "تعديل قانون العفو العام مطروح دائمًا في الأروقة السياسية، وهو ضمن تعهدات الحكومة وأطراف ائتلاف إدارة الدولة، مستدركًا بالقول: "ولكن يجب الخوض في إيجاد تعاريف توضح مفردات الإرهابي والمتهم بالفساد المالي وغيره"، مبينًا أنّ "النواب لن يسمحوا بإخراج آلاف الأشخاص الذين عليهم تهم الإرهاب والقتل والفساد وكل من تورطت يده بدماء العراقيين ضمن اتفاق سياسي".
وبحسب الزيادي فإنّ ما يسميها بـ"الأطراف السنية" تطالب بـ"التعديل دون وجود حديث واضح عن الفئات التي يجب شمولها وترك من لا يمكن شموله لتورطه بالإرهاب وعليه قضايا يحكمها الحق الشخصي وليس العام فقط"، مبينًا أنّ "نسخة مشروع تعديل القانون مرسلة من الحكومة وموجودة تحديدًا في خزنة مكتب رئيس البرلمان لغاية الآن".
ولفت الزيادي إلى أنّ "اللجنة القانونية عليها التحرك لنقل ملف مشروع القانون ودراسته من جديد بالتشارك مع بقية اللجان النيابية لوضع التوضيحات اللازمة، إضافة لمناقشة التعديلات سياسيًا بين الأطراف جميعًا والاستماع للآراء"، مؤكدًا أنه "بعد إكمال جميع المتطلبات يمكن الشروع بالتعديل وتشريعه لأنه يعتبر التزامًا سياسيًا ضمن اتفاقات تشكيل الحكومة والبرلمان عازم على تمريره بهذه الدورة".
قال نائب عن "دولة القانون" إنّ قانون العفو العام يعتبر التزامًا سياسيًا ضمن اتفاقات تشكيل حكومة السوداني
وفي 19 أيلول/سبتمبر 2023، أكد رئيس مجلس النواب السابق، محمد الحلبوسي، تشريع قانون العفو العام لاحقًا، قائلًا إنّ القانون "سيُشرع، وهو مثبت في ورقة الاتفاق السياسي والبرنامج الحكومي"، وإنه "أحد المطالب الأساسية لنا؛ لإنصاف الأبرياء والمغرر بهم".
لكنّ في 14 تشرين الثاني/نوفمبر، قررت المحكمة الاتحادية العليا، إنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ليبقى منصب رئيس البرلمان شاغرًا حتى الآن.
وتحدثت النائب عن حزب "تقدم"، مها الجنابي، عن استياء كبير لدى "المكون السني" لتأخر ومماطلة الكتل السياسية بتنفيذ اتفاقات تشكيل الحكومة وأبرزها تعديل قانون العفو العام.
وقالت الجنابي لـ"ألترا عراق"، إنّ "ائتلاف إدارة الدولة قد تهشم بنقض الاتفاقات وتغير المواقف التي آخرها ما حصل في إقصاء رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من منصبه، فضلًا عن الحديث غير المجدي لتشريع تعديل قانون العفو العام وغيرها الكثير من الأمور التي وضعت على الطاولة وجرى التعهد بها من أجل تشكيل حكومة محمد شياع السوداني"، مبينة أنّ "الأطراف التي شكلت الحكومة من الشيعة والسنة والكرد يجب مشاركتها جميعًا في صنع أي قرار، ولكن ما حدث هو التفرّد".
وقالت الجنابي إنّ "المكون السني لا يطالب بإخراج الإرهابيين من السجون الذين عليهم أدلة وإثباتات دامغة، ولكن الغرض من تعديل القانون هو وضع إيضاح لمعنى تهمة 4 إرهاب والنظر بقضايا الأبرياء الذين سجنوا لسنوات طويلة بسبب المخبر السري الذي كانت قضاياه كيدية وغرضها تصفية مناطق معينة من ساكنيها، ولذلك يجب إعادة المحاكمات والنظر بالأدلة كي تتضح الحقائق".
وقالت أيضًا إنّ "سكان المناطق المحررة الذين جرى زجهم بالسجون منذ دخول القوات الأمنية لمناطقهم، أغلبهم قد تم اعتقالهم ربما فقط لبقائهم وسط داعش بالإجبار واتهامهم بالانضمام لداعش أو ممارستهم أعمالهم وسط المدن التي كان يسيطر عليها التنظيم، وهذا بحد ذاته لا يمكن اعتباره جريمة 4 إرهاب لأنهم كانوا مجبرين ولا يستطيعون الخروج أو المقاومة".
وهناك فئات أخرى من "الأبرياء" تحدثت عنهم الجنابي، "وهم الذين حملوا السلاح ضد الأمريكان عندما دخلوا العراق في 2003 والجميع كان يقول عنهم إنهم قوات محتلة، ولكن عندما تغيّرت المصالح وأصبحت هذه القوات تسمى بالقوات المحررة للبلاد من النظام السابق، أصبح كل من حمل السلاح متهمًا بالإرهاب وجرى اعتقالهم لأنهم نفذوا عمليات ضد القوات الأجنبية، وبالتالي فهؤلاء المعتقلين من المكون السني يوجد مثلهم من المكون الشيعي أيضًا في السجون"، لافتة إلى أنّ "تطبيق تشريع تعديل قانون العفو العام الآن الأجواء له مهيئة بالكامل، لأن القضاء لم يعد معبئًا كما في السابق، والقضاة يعملون بأريحية وتحت مظلة الدستور والقانون، إضافة إلى أن القوات الأمنية لم تعد تحت الضغط كما في السابق ومستقرة ومستقلة بعملها، وخرجت من دائرة الطائفية ما يؤشر إمكانية إعادة المحاكمات والنظر بقضايا الآلاف من المعتقلين دون عرضهم على القضاء لغاية اليوم".
توقعت نائب عن "تقدم" عدم إمكانية تشريع تعديل قانون العفو العام في هذه الدورة النيابية لـ"وجود ضعف نيابي وإنجاز صفري بعمل مجلس النواب"
وتحدثت النائب عن "تقدم"، أنّ "الحكومة يجب ألا يقتصر عملها وشعاراتها على الخدمات كما تم تسميتها، بل التركيز أيضًا على حقوق وواجبات المواطنين بالعيش الكريم والرفاهية والعدالة والتربية والتعليم وغيرها، إضافة للمحافظة على الكيان الأسري للمجتمع وعدم تهديم العوائل بالسكوت على الظلم الحاصل سابقًا بسجن أرباب الأسر وتغييبهم".
وفي قانون العفو العام، 3 نسخ سابقة منذ عام 2017 ولكن اختفت وفق الجنابي التي تحدثت عن "نسخ أخرى قبل تلك السنوات استغلتها كتل سياسية متنفذة لإخراج الفاسدين وأصحاب الأموال الكبيرة من السجون، لأنهم ينفذون أجندات ومصالح لها، ثم أقفلت الأبواب بحق الأكثر استحقاقًا لإطلاق سراحهم من الفاسدين والسياسيين".
واعتبرت الجنابي، اتهام ما اسمتهم بـ"بعض النواب الشيعة لنواب المكون السني" بأنهم يريدون إخراج الإرهابيين من السجون أو أخذ تعديل قانون العفو العام لمساحة إخراج من تورطت أيديهم بدماء العراقيين، بأنه "افتراء ولا يتعدى كونه تملصًا من الهدف الحقيقي، بل ويمكن اعتباره حديثًا للتغطية على جرائم وقضايا فسادهم وكتلهم قد ارتكبوها وسيكشفها خروج الأبرياء".
وتوقعت الجنابي "عدم إمكانية تشريع تعديل القانون في هذه الدورة النيابية لوجود ضعف نيابي وإنجاز صفري بعمل البرلمان ومهامه المتراكمة، نتيجة إقالة الرئيس، فضلًا عن تفكك الكتل السياسية وضعف القرار ".