27-يناير-2019

تعلم السلطات العراقية بوجود عملية سرقة نفط منظمة من قبل الحشد الشعبي (تويتر)

الترا عراق ـ فريق التحرير

في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2018، كان 30 نائبًا عن محافظة نينوى، شمال العراق وثاني أكبر محافظة فيه، التقوا برئيس الوزراء عادل عبد المهدي، واشتكوا وقتها لعبد المهدي من عمليات "تهريب النفط" المستمرة من محافظة نينوى، والتي تقوم بها جهات تدعي انتماءها إلى الحشد الشعبي، الفصائل المسلحة، والتي صار لها جناح سياسي في البرلمان العراقي بعد انتخابات أيار/مايو 2018، باسم "ائتلاف الفتح"، أو "تحالف البناء".

تعلم السلطات العراقية والحكومتان الحالية والسابقة بوجود عملية سرقة نفط منظمة من قبل فصائل تنتمي إلى الحشد الشعبي، لكنها تغض النظر عنها

قال برلمانيو نينوى لعبد المهدي وقتها، إن تلك "العصابات التي تدعي بأنها جزء من الحشد لديها موافقات حكومية لسرقة النفط". لم يمض وقت كثير، حتى نشرت قناة "الحرة عراق" تقريرًا في كانون الأول/ديسبمر الماضي، عن عمليات تهريب النفط التي يقوم بها الحشد الشعبي، والذي أدى إلى أن تصدر هيئة الحشد نفيًا لما ورد في التقرير، مؤكدة على حقها في مقاضاة القناة، قائلة في بيان، إنها "تبدي استغرابها واستنكارها الشديدين لتقرير إحدى القنوات الأمريكية بشأن تهريب النفط والذي تعمد الزج باسم قوات الحشد الشعبي بشكل مسيس"، مشيرة إلى أنه "في الوقت الذي تنفي فيه ما ورد في التقرير من اتهامات بحق الحشد الشعبي، تؤكد أن التقرير تضمن مغالطات كبيرة لا أساس لها من الصحة، خصوصًا أن ملف تهريب النفط هو أحد أبرز الملفات الشائكة في البلاد منذ عام 2003".

أصدقاء "الحشد الشعبي" يكشفون هذه المرة

لكن الاتهامات هذه المرة كانت أكثر مباشرة وتأثيرًا، إذ إنها تأتي من نائب في البرلمان العراقي، ينتمي إلى تحالف "البناء"، الذي يضم الأجنحة السياسية لفصائل الحشد الشعبي، ويعتبر صديقًا لهم، حيث نشر النائب أحمد الجبوري تغريدة على حسابه الرسمي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" دعا فيها إلى إنقاذ العراق من عمليات تهريب النفط، تحت وسم "هاشتاغ" #انقذوا نفط العراق.

اقرأ/ي أيضًا: كيف تُهرب مخصصات الحشد الشعبي إلى إيران؟

أوضح الجبوري أن "حقول نفط منطقة القيارة (جنوب الموصل) فيها 72 بئرًا نفطيًا"، مشيرًا إلى أن "داعش كانت تهرب النفط من هذه الآبار وتبيعه لحسابها"، أما "منذ تحرير المحافظة من داعش وحتى الآن، (فإن) الحكومة الحالية والسابقة تعلم بأن جهات مسلحة ونافذة محسوبة على فصائل الحشد الشعبي تسرق يوميًا 100 صهريج من النفط الخام"، لافتًا إلى أنها "تبيعه لصالحها والحكومة صامتة".

كتب بعده بساعات النائب عن محافظة نينوى، حسن العلو، على صفحته في "فيسبوك"، عن قضية "بيع النفط"، قائلًا إن "نينوى تسرق في وضح النهار"، وأن "70 إلى 100 صهريج نفط تُسرق يوميًا من حقول القيارة جنوب الموصل، وتُهرب إلى دول الجوار وبعلم الأجهزة الأمنية والإدارية في محافظة نينوى".

وأضاف العلو أن "الأدهى من هذا أن تقوم الجهات الإدارية بتسوية الطريق بطول 10 كم بآليات البلدية لتسهيل مرور حركة سراق النفط"، وأن "هذا ما تم اكتشافه من خلال لجنة تقصي الحقائق"، مستدركًا "لن نسكت مهما كلفنا الأمر. هذه الأموال المسروقة كفيلة بإعمار مدينة الموصل وكفيله بتوفير الآلاف من فرص العمل في محافظة نينوى"، خاتمًا منشوره بالقول، إنه "كفانا صمتًا وكفانا تسرق محافظتنا ولا نستطيع أن نحرك ساكنًا".

"الحشد الشعبي" الذي لا يقدر عليه أحد

بعد تغريدته، عاد النائب أحمد الجبوري، وهو مقرر في لجنة تقصي الحقائق البرلمانية أيضًا، في تصريحات على شاشات التلفاز، ليوضح ما كشفه في تغريدته، قائلًا إن هذا "الفصيل التابع إلى الحشد الشعبي لا يستطيع الوصول إلى أماكنه ومقراته أحد حتى الجيش العراقي"، لافتًا إلى أنه "قام بإحكام السيطرة على حقول النفط في منطقة تصل مساحتها إلى 400 كيلو متر، ويقوم بالتهريب باتجاه منطقتي مخمور وبيجي"، وأننا "تكلمنا (كنواب عن المحافظة) مع قيادات الحشد الشعبي ورئيس الوزراء السابق والحالي وتحدثنا حتى مع المرجعية الدينية العليا في النجف، وأظهرنا لها تجاوزات فصائل الحشد الشعبي لكن دون جدوى".

في هذا السياق، كشف مقرر لجنة تقصي الحقائق البرلمانية "عن قيام الأمريكان بقصف تحذيري إلى الصهاريج التي تهرب النفط لكن دون جدوى أيضًا"، مضيفًا أن "حتى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي قال سأحل الموضوع بغضون أسابيع، لكن مر أكثر من شهرين دون حل"، لافتًا إلى أن "الأمر ليس خافيًا على الجميع".

وتابع أن "رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، قطع جسر القيارة لمنع التهريب لأنه لا يستطيع الوصول إليهم"، مضيفًا أن "قائد العمليات في لجنة تقصي الحقائق قال إننا بعثنا بقوة لمنع تهريب النفط لكن القيادة العامة في بغداد قالت انسحبوا خشية من الصدام مع هذا الفصيل".

اقرأ/ي أيضًا: الحشد الشعبي..الميليشيا في مواجهة الدولة

ولفت الجبوري إلى أنهم "تعرضوا حتى إلى منتسبي الجيش العراقي، وأن أحد ضباط الجيش العراقي ذهب إليهم ليمنعهم وقتل هناك"، مشيرًا إلى أن "الحادث أصبح ضد مجهول"، في إشارة إلى أنه لا يستطيع أحد أن يمنع هذا الفصيل مما يفعله من "جريمة" وفق الدستور العراقي.

يُسرق 70 إلى 100 صهريج نفط يوميًا من حقول القيارة جنوب الموصل، تُهرب إلى دول الجوار وبعلم الأجهزة الأمنية والإدارية في محافظة نينوى

وكان رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية، حاكم الزاملي، كشف في كانون الثاني/يناير 2018، عن قيام جهات بتهريب النفط من منطقة طوزخورماتو وجنوب محافظة كركوك، وأن "الجهات التي تقوم بتهريب النفط ومستفيدة من الأوضاع هي محسوبة على بعض قيادات الحشد الشعبي".