04-نوفمبر-2019

اقتراح الحلول الافتراضية قد يمهد الطريق إلى وجود جهات تنفيذية من رحم الحراك الشعبي (فيسبوك)

يعيش العراق الآن مرحلة الأزمة السياسية والاجتماعية، الحراك الشعبي الذي يجتاح العاصمة بغداد والحافظات الجنوبية، يعبر عن غضب غير مسبوق إضافة إلى العنف غير المسبوق الذي رافق هذا الحراك.

 العراق بحاجة إلى إداريين أكفاء يستطيعون توظيف الطاقة الشبابية في إحداث تطوير ملموس للبلاد

يطلق المتظاهرون على حِراكهم هذا "الثورة ضد الفساد"؛ معبّرين عن رفضهم التام للنظام السياسي برمته، والذي من المفترض أنه نظام ديمقراطي يعبر عن طموحات 40 مليون نسمة عن طريق 329 نائبًا في البرلمان، إلا أن ذلك كان صعب التحقيق في ظل دولة منقوصة السيادة، وحكومة تتكون من تحالفات دول الجوار مع قادة سياسيين عراقيين.

تتساءل النخب القانونية والثقافية رغم تأييدها للحراك ضد الفساد، ماهي الخطوة القادمة التي من الممكن تطبيقها لتحقيق تقدم في حياة الفرد العراقي، هل يرتبط الأمر بإدخال إصلاحات قضائية تُحاسب المسؤولين المتهمين بالفساد؟ أم أن الإصلاحات تبدأ كما تبدأ جميع المشاكل من الجانب الاقتصادي؟ أم أن المشكلة تقع على عاتق النظام السياسي الذي لم يعد يحقق أدنى طموح للمواطنين؟ إذ يرى بعض المتظاهرين أن الديمقراطية قد فسحت مجالًا حيويًا للأحزاب السياسية لممارسة الفساد، والسيطرة على المؤسسات الحكومية من خلال حصر الوظائف الموجودة كمكافأة لأتباعِهم، في ظل هذا الانقسام حول ماهي الخطوة القادمة التي يجب على الحكومة العراقية اتخاذها، أو في حال وجود حكومة جديدة، ما الإجراء الأنجع لإرضاء الشعب العراقي بعد 16 عامًا من التراكمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية؟

اقرأ/ي أيضًا: إيران و"فوبيا" العراق

بدايةً، إن "الثورة هى عملية تغيير سريع وجذري للنظام السياسي مما يؤدي للإطاحة بالنظام القديم والنخبة التابعة له". وهنالك تساؤل يطرح من قبل النخب القانونية والثقافية والنشطاء، هل ستؤدي هذه الثورة ضد الفساد، إلى الإطاحة بالنظام السياسي والأحزاب الدينية الحاكمة منذ عام 2005؟ أم أن الحراك الشعبي والذي لا يمتلك قائدًا أو مطالب واضحة محددة له قد يؤدي إلى انهيار الدولة، وعودة إمكانية تقسيم البلاد إلى ثلاثة أقاليم، كردي في الشمال، إقليم سني في الوسط، وإقليم شيعي في الجنوب، بالأخص بعد زيادة وتيرة المطالبة بتعديل الدستور العراقي الدائم، والذي قد يفتح بابًا واسعة لخلافات متجذرة تطالب المحافظات الغنية فيها مثل (البصرة وكركوك) بواردات النفط فيها، لإعادة انعاشها، حيث تعاني من سوء الخدمات وانخفاض مستوى المعيشة.

وهنا سنتتبع أهم الحلول المقترحة من قبل الخبراء الاقتصاديين والنخب القانونية والنشطاء في الحراك الشعبي العراقي ضد الفساد أو ما يسمى بـ (ثورة تشرين)، وسيتم تقسيم الحلول المقترحة الى ثلاثة محاور (اقتصادي، سياسي و قانوني)، آخذين بذلك الإجماع حولها من قبل متظاهري الميدّان في العاصمة بغداد:

الحلول الاقتصادية:

  • نص الدستور العراقي وفق المادة (١١١) و (١١٢) أولًا: إن الثروات ملك للشعب العراقي، ويتم توزيعها على أساس الثقل السكاني في المحافظات والأقاليم، في حال استمرار العمل في الدستور المذكور، يتم توزيع راتب شهري للمواطن العراقي العاطل عن العمل بمعدل أدناه ٣٠٠ دولار شهريًا، وفق سقف زمني، يشمل ذلك الطلبة في المدارس والجامعات، والخريجين الذين لا يمتلكون مصدرًا للدخل.
  • الإسراع بمنح الإجازات للشركات الاستثمارية Online وبطريقة تكفل سرعة تشغيل الشركة، مع ضمان أن يكون العاملين فيها بنسبة 75% من العراقيين حصرًا.
  • لدى العراق كتلة نقدية هائلة، فبحسب بيانات البنك المركزي العراقي هنالك ما لا يقل عن 30 مليار دولار مخزنة في البيوت، وإذا اعتمدنا بطاقات الائتمان (الكريديت كارد) بدل النقد بنسبة 100%، هذا سيجبر الناس على أن تودع نقودها في البنوك.

هذا الإجراء سوف يمنح حافزًا إلى البنوك العالمية للاستثمار في العراق، بسبب توفر كتلة نقدية هائلة مع عمولات التحويلات المالية لبطاقات الائتمان.

  • سيستفيد القطاع الخاص من قروض البنوك العالمية لانه سيتوفر 50 مليار كقروض من رأسمال البنوك تلك، ومدخرات المواطنين، إضافة إلى القروض الشخصية التي سيكون (الفرد العراقي) المستهدف بها، مثل قروض السكن وقروض السيارات التي تعتبر عمل البنوك الأساسي (منح قروض)، هذا سيجعل المواطن يمتلك بيتًا قبل امتلاكه مبلغه.
  • هذا الإجراء سيكون بحاجة إلى شبكة إنترنت بسرعة جيدة، وأن توفر شبكة الإنترنت بشكل مستمر و بتكلفة منخفضة قد يشجع معظم الناس على استخدام البطاقات في تحويلاتهم المالية، وهذه التكنلوجيا متوفرة في أغلب بلدان العالم بالاعتماد على الهواتف الذكية. من المرجح أن تقضي هذه الإجراءات على 90% من الرشاوي اليومية المقدمة للموظفين، وهذهِ أولى خطوات التقليل من مستوى الفساد وتحقيق الشفافية في المؤسسات .
  • تحفيز القطاع الزراعي والصناعي المحلي وإجباره وفق قروض ميسرة على إنتاج كمية تسد الطلب المحلي لكل محافظة.
  • البدء باستثمار (الغاز) الذي يرافق استخراج النفط من قبل شركات متخصصة في إنتاج الغاز .
  • تعديل قانون الاستثمار وحماية المستثمر ودعم المواطن عن طريق قروض من قبل وزارة الإسكان أو البنوك.
  • تقليل الميزانية لوزارتي الداخلية والدفاع.

مع دعم قطاع التعليم والصحة والخدمات، إضافة إلى ربط القطاعات المذكورة مع بعضهم في الاستثمارات، أي مقابل كل مستشفى جديد يتم بناؤه من قبل شركة، هنالك مدرسة جديدة، أو معهد مهني.

  • احالة ملف الكهرباء والماء والمجاري والطرق والجسور والنفايات لشركات أجنبية وبعقود طويلة الأمد تصل إلى 20 عامًا.
  • دعم الموهوبين والطلبة الأوائل بشكل خاص ومنحهم مقاعد البعثات للجامعات العالمية وضمان عودتهم للدوائر الرسمية لتطويرها.

الحلول القانونية، السياسية:

  • اجتماع أهم القانونيين العراقيين (في الداخل والخارج) وكتابة دستور عراقي جديد، يحرص على تقسيم المسؤولية وضمان تماسك العراق والابتعاد كليًا عن التقسيم، إضافة إلى ذلك الاستفادة من الدستور العراق 1969، كونه يحتوي مواد يمكن اعتبارها خارطة طريق للخبراء والقانونيين في حال كتابة دستور جديد .
  • ضمان وجود قانون انتخابي جديد، يركز على الانتخاب الفردي، وتقليص الدوائر الانتخابية، وتحديد وجود الأحزاب السياسية.
  • تغيير النظام السياسي العراقي من نظام برلماني إلى نظام شبه رئاسي، يحدد فيه عدد النواب بنصف العدد الحالي، ويتم انتخاب رئيس جمهورية يتولى المهام التنفيذية.
  • إلغاء امتيازات كلًا من (مدير عام، وكيل وزير، نائب سابق، وزير سابق، مستشار قاضي).
  • تفعيل الشرطة الرقابية، والاستخبارات المدنية، وسحب الجيش من المدن تمامًا وإلغاء نقاط التفتيش.
  • دعم الحوكمة الإلكترونية وتشكيل لجنة لإنهاء روتينيات الدوائر وفق آلية وبتدخل التكنولوجيا الحديثة.وفق مدة لا تتجاوز سنة واحدة .
  • استثناء كلًا من (نائب سابق، محافظ سابق، وزير سابق) من تولي أي منصب في العملية السياسية المستقبلية.
  • إمكانية الاستفادة من النخب التي تمتلك خبرة في العمل السياسي والحزبي لإدخال تطوير يستهدف النخب السياسية الشابة.

اقرأ/ي أيضًا: نظرة إيران إلى احتجاجات تشرين.. عداء لشيعة العراق

إن اقتراح الحلول الافتراضية، قد يمهد الطريق إلى وجود جهات تنفيذية من رحم الحراك الشعبي الحالي، لكن التخوف هو من عدم قدرتها -تلك القيادات-على إدارة ما فشل به أسلافهم. إن تراكمات الـ16 عامًا، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، قد لا تكون هيّنة لمن يتبنى حلها، حيث أكد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عدم وجود (حلول سحرية) للمشاكل التي يعاني منها العراق، ويبدو أنه كان صادقًا في تعبيره هذا.

على المتصدين للفساد والنخب التي قد تتسيد المشهد السياسي المستقبلي أن تتبنى الخطط التي يمكن تطبيقها

على المتصدين للفساد والنخب التي قد تتسيد المشهد السياسي المستقبلي، أن تعترف بذلك، وأن تتبنى الخطط التي يمكن تطبيقها، كما أن الشعارات الحماسية التي تحرك المتظاهرين قد لا تكون حلولًا مناسبة للتطبيق، بالأخص تلك التي ترتبط بالرغبةِ (بوطن)، أو الرغبةِ بشخصٍ واحد يحكم العراق بأكمله، العراق بحاجة إلى إداريين أكفاء، يستطيعون توظيف الطاقة الشبابية في أحداث تطوير ملموس للبلاد. أخيرًا إن الوطن الذي يبحث عنه المواطن العراقي موجود، لكنه يفتقر للإدارة السليمة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فصائل مسلحة ترفع ورقة السيستاني بوجه الاحتجاجات.. والمرجعية ترد فورًا!

الثابت والمتحوّل في احتجاجاتنا: دروس للمشرق العربي