05-نوفمبر-2019

يخشى ناشطون ومراقبون من حملة عنف قد تطال المتظاهرين بعد عزل البلاد عن العالم (فيسبوك)

الترا عراق - فريق التحرير

يوم دامٍ آخر مر على البلاد على وقع اتساع الاحتجاجات وتصعيدها، فيما حجبت السلطات خدمة الإنترنت، وسط تحذيرات من "مجازر" جديدة قد ترتكبها قوات الأمن بحق المتظاهرين.

تطورات لافتة شهدتها الاحتجاجات في يومها العاشر، فبعد ليلة عنيفة في كربلاء أسفرت عن مقتل ثلاثة متظاهرين على الأقل وإصابة العشرات، قرب القنصلية الإيرانية، بدأ الصباح في بغداد باختناقات مرورية هائلة، حيث قطع متظاهرون معظم الشوارع ومداخل المدن، شرقي العاصمة، معلنين العصيان المدني.

سقط عشرات القتلى والجرحى في حملات جديدة من العنف شنتها قوات السلطة ضد المتظاهرين في بغداد وكربلاء والبصرة

عصرًا، فتح المتظاهرون جبهة جديدة، حين تحركوا نحو جسر الأحرار وسط بغداد، بعد أن أغلقت السلطات جسري الجمهورية والسنك.

اقرأ/ي أيضًا: فصائل مسلحة ترفع ورقة السيستاني بوجه الاحتجاجات.. والمرجعية ترد فورًا!

تحركت حشود من الشبان بمحاذة نهر دجلة، وأخرى من ساحتي التحرير والخلاني نحو ساحة الوثبة وصولًا إلى ساحة حافظ القاضي وشارع الرشيد، ثم عبروا الجسر وتجمعوا في ساحة الملك فيصل، وباتوا على مشارف مبنى التلفزيون الحكومي، عند مبنى وزارة العدل، وهي منطقة مهمة تقع في قلب بغداد القديمة.

اندفع المتظاهرون أكثر في الرقعة الأهم من جانب الكرخ، وصولًا إلى منطقة العلاوي، حيث مكتب رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، وأظهرت مقاطع مصورة حشود المحتجين على مقربة من المكتب.

 أثار الحراك قلق السلطة، التي تركز قواتها على جسري الجمهورية المؤدي إلى قلب المنطقة الخضراء، وجسر السنك الذي يربط ساحات التظاهر بشارع الصالحية، حيث السفارة الإيرانية ومقار حكومية مهمة، فدفعت بقوات حفظ النظام بوجه المتظاهرين.

فتح المتظاهرون في بغداد جبهات مواجهة جديدة مع قوات الأمن عند جسري الأحرار والجمهورية لتمتد الاحتجاجات على مسافة نحو 3 كيلومترات

فتحت القوات النار على المتظاهرين، ليسقط خمسة قتلى على أقل تقدير، وعشرات الجرحى، ما اضطر المتظاهرين إلى الانسحاب تباعًا ليعودوا إلى الجسر.

ظل المتظاهرون يحاولون عبور الجسر مرات عدة بعد ذلك، لكن قوات الأمن كانت تواصل مواجهتهم بالرصاص وسيل قنابل الغاز "القاتلة"، قبل أن تغلق الجسر بالحواجز الكونكريتية، فيما بقيت حشود من الشبان عند مقدمة الجسر من الجانب الشرقي من العاصمة (الرصافة).

الرصاص والعنف الشديد لم يمنعا المتظاهرين من محاولة أخرى، لكن هذه المرة من جسر الشهداء، المؤدي إلى منطقة الشواكة وشارع حيفا والعلاوي في جانب الكرخ، على مقربة من مبنى هيئة التقاعد ووزارة الثقافة، لكن القوات الأمنية سارعت إلى المنطقة وهاجمت المتظاهرين، ما أسفر عن سقوط قتيل آخر، وفق المرصد العراقي لحقوق الإنسان.

الحراك التصعيدي للمتظاهرين مد جبهة المواجهة مع قوات السلطة إلى نحو 3 كيلومترات، بعد أن ظل مقتصرًا لأيام عدة على نحو 300 متر عند جسر الجمهورية ومقترباته، ثم شمل لاحقًا جسر السنك. وبالمقابل عززت السلطات من الانتشار الأمني في المناطق المقابلة للمتظاهرين بنشر تعزيزات إضافية، وفق مشاهد موثقة اطلع عليها "الترا عراق".

بذلك تعطلت حتى الآن أهم ثلاثة جسور في قلب العاصمة، ويواصل المتظاهرون تحركاتهم نحو الرابع (الشهداء)، ما يعني توقفًا شبه تام لحركة السير في المناطق الحيوية بين جانبي العاصمة، نظرًا إلى بعد الجسور المتبقية عن الوزارات والمراكز التجارية المهمة، باستثناء جسري باب المعظم والجادرية، واللذين يشهدان اختناقات مرورية وتكدسًا للمركبات منذ تصاعد الاحتجاجات في 25 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

سقط 6 قتلى في بغداد على الأقل حين فتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين، فيما قتل ما لا يقل عن أربعة متظاهرين في ذي قار والبصرة

بالأثناء، تشهد مناطق كثيرة من العاصمة عصيانًا مدنيًا، في محاولة لإجبار السلطة على الرضوخ إلى مطالب المتظاهرين، حيث تقطع حشود الشوارع الرئيسية ومداخل المدن، بالتزامن مع حراك مشابه في محافظات ومدن الجنوب، منها البصرة، التي يعتصم فيها المئات قاطين طريق ميناء أم قصر، والتي شهدت سقوط ضحايا في صدامات مع قوات أمنية، صباح الثلاثاء 5 تشرين الثاني/نوفمبر.

اقرأ/ي أيضًا: احتجاجات تصوب نحو مقتدى الصدر وصفحته تحذر من "حرب أهلية"!

في ذي قار سقط قتيلان على الأقل وأصيب 13 آخرون بالرصاص الحي في قضاء الشطرة، حيث يواصل المتظاهرون احتجاجات غاضبة، وفق المفوضية العليا لحقوق الإنسان، والتي دعت إلى حقن الدماء وبدء حوار وطني بإشراف الأمم المتحدة.

من جانبها، تحاول السلطات جاهدة الحفاظ على الدوام الرسمي في المدارس والمؤسسات الحكومية، وتلوج بتهديدات ضد المنادين بالعصيان المدني، فيما أصدر عبد المهدي قبل يومين بيانًا طويلًا يدعو فيه المتظاهرين إلى الكف عن الاحتجاجات لـ "تعود الحياة إلى طبيعتها"، شاكيًا تأجيل معرض بغداد الدولي، ومشيرًا إلى قلق الدول مما يجري في البلاد.

لكن حديث رئيس الحكومة لاقى سخرية عارمة وغضبًا شديدًا، ترجمه ناشطون ومتظاهرون بأشكال عدة من بينها نصب شاشة عملاقة لنقل مباريات كرة القدم في ساحة التحرير، قبل أن ينشر معتصمو ساحة التحرير بيانًا شديد اللهجة، رفضوا من خلاله دعوات ما وصفوها بـ "حكومة القناص"، وحددوا أربعة مطالب لفض الاحتجاجات، هي: استقالة الحكومة، حل البرلمان، تشكيل مفوضية جديدة، وإجراء انتخابات مبكرة.

مع الساعة الأولى من فجر يوم الأربعاء 5 تشرين الثاني/نوفمبر، قطعت السلطات خدمة الإنترنت بشكل تام عن البلاد، باستثناء إقليم كردستان، فيما كشفت مقاطع فيديو ومعلومات عن شن قوات الأمن حملة جديدة ضد المحتجين قرب جسر الأحرار، باستخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز.

عادت السلطات لتقطع خدمة الإنترنت في البلاد وشنت حملة اعتقالات واسعة في بغداد وسط تحذيرات من حملات عنف أشد قسوة قد تشنها السلطة لفض الاعتصامات والتظاهرات العارمة

وكشف المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أن السلطات شنت بعد قطع الإنترنت حملة اعتقالات واسعة طالت عددًا كبيرًا من المواطنين والمتظاهرين في الصالحية والعلاوي، كما شملت أشخاصًا حاولوا الالتحاق بساحة التحرير.

 ناشطون بدورهم، حذروا من حملة قمع كبرى قد تشنها السلطة ضد المتظاهرين في بغداد والمحافظات، خاصة في مواقع الاعتصامات، بعيدًا عن أعين العالم، في ظل دعم دولي وإقليمي تحظى به، وفق مصادر عدة.   

 

اقرأ/ي أيضًا:

طلاب العراق يدخلون الاحتجاجات.. المهندس يترقب والصدر يحذر الحشد الشعبي!

حظر التجوال يلهب احتجاجات بغداد.. مليونية في التحرير وتخوف من "حمام دم"