12-يونيو-2019

ما يحكم إقليم كردستان هو أشبه بالحكم العشائري (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لم تكن انتخابات إقليم كردستان ستأتي بجديد على مستوى "المناصب الكبرى" كما رأى مراقبون ومعارضون من الأحزاب الكردية لحكومة الإقليم، الأمر الذي أكدته النتائج التي ظهرت مؤخرًا، حيث حصلت عائلة البارزاني على منصبين من أهم المناصب السيادية في إقليم كردستان العراق، وهو منصب رئيس الإقليم ومنصب رئيس مجلس الوزراء. والمنصبان في الدورات السابقة كانا لنفس العائلة، إضافة إلى مناصب سيادية أخرى، مثل قيادة مجلس أمن كردستان وعشرات المشاريع الاستثمارية الكبرى في مناطق الإقليم.

حصلت عائلة البارزاني على منصبين من أهم المناصب السيادية، وهو منصب رئيس الإقليم ومنصب رئيس مجلس الوزراء. والمنصبان في الدورات السابقة كانا لنفس العائلة

تمتد جذور العائلة البارزانية المنحدرة من بلدة بارزان في أربيل بالأصل السياسي إلى زعيم العائلة الملا مصطفى البارزاني الذي قاتل منذ الستينيات حتى وفاته في السبعينيات من القرن الماضي الحكومات العراقية المتعاقبة في محاولة الحصول على استقلال المناطق التي يسكنها الكرد في شمال العراق.

اقرأ/ي أيضًا: هذا ما حدث بين البعثيين وبارزاني قبل 55 عامًا

رئيس الإقليم السابق هو مسعود بارزاني، الذي يشغل الآن منصب زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، أكبر الأحزاب في إقليم كردستان، واعقبه الآن نيجيرفان البارزاني، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الوزراء لدورتين، وهو نجل إدريس البارزاني الذي كان جزءًا من الحزب في السبعينيات بالإضافة إلى أنه شقيق مسعود البارزاني.

بالإضافة إلى رئاسة الإقليم التي ذهبت إلى عائلة بارزاني، فإن رئيس الوزراء الجديد في الإقليم، هو نجل مسعود البارزاني "مسرور البارزاني"، وكان أيضًا يشغل منصب رئيس جهاز أمن الإقليم ما يعني القائد العام لقوات الأمن في إقليم كردستان.

نيجيرفان البارزاني يكلف مسرور البارزاني بتشكيل الحكومة (ألترا عراق)

إذ صوت برلمان كردستان العراق في 11 حزيران/يونيو على منح الثقة لمسرور البارزاني بواقع 87 صوتًا من أصل 97 نائبًا كانوا حاضرين، وفي البرلمان 111 مقعدًا مقسمة على الأحزاب الكردية وأحزاب الكوتا للمسيحيين والتركمان والأرمن.

وبحسب مصادر كردية مطلعة أبلغت "ألترا عراق" فأن "منصب رئيس مجلس أمن كردستان سيتولى إدارته شقيق نيجيرفان البارزاني في الفترة المقبلة"، لافتة إلى أن "أبناء العائلة الآخرين يقودون أيضًا قطعات في قوات البيشمركة المسؤولة عن الأمن في محيط أربيل "عاصمة إقليم كردستان العراق"، وأماكن حسّاسة، فيما ينشغل الآخرون في مناصب مالية واستثمارية عملاقة أخرى".

يقول مصدر في حراك الجيل الجديد المعارض لعائلة البارزاني وأغلبية الأحزاب التقليدية في كردستان، إن "توريث الحكم لا يقتصر على عائلة البارزاني، إنما يمتد حتى لعائلة الطالباني، وهو ما جعل الحراك وغيرهم يسلكون طريق المعارضة، لأن دخول حكومة العائلة لن تمنح الأشخاص المستقلين أي سلطة يمكّنها من تصحيح الأخطاء التي يرتكبها أبناء تلك العائلات بالطرق الديمقراطية الصحيحة".

أبناء "العائلة البارزانية" يقودون أيضًا قطعات في قوات البيشمركة المسؤولة عن الأمن في محيط أربيل، وأماكن حسّاسة، فيما ينشغل الآخرون في مناصب مالية واستثمارية عملاقة أخرى

أشار المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية تتعلّق بتحركاته داخل إقليم كردستان، إلى أن "العائلتين ـ البارزانية والطالبينة ـ أسستا لنفسيهما "إمبراطوريات" يصعب اختراقها، بالإضافة إلى أنهما يحشدان الجماهير دائمًا حولهما، مستدركًا "لكن بالرغم من ذلك فأن عائلة الطالباني أصبحت أقل تأثيرًا بعد وفاة جلال طالباني وبدء الانشقاقات والانسحابات منها".

اقرأ/ي أيضًا: برلمان كردستان ينتخب نيجيرفان بارزاني رئيسًا للإقليم.. وثلاث كتل تقاطع

بيّن المصدر في حديثه لـ"ألترا عراق"، أن "عائلة طالباني التي تقود الاتحاد الوطني، تسبّبت بتكوين جناحين؛ الأول لها والثاني للسكرتير الأول للحزب كوسرت رسول، وهو الآخر يحاول إدراج نجله في المعترك السياسي". 

كانت الحكومة العراقية أصدرت حكمًا بالقاء القبض في 19 تشرين الأول/أكتوبر على كوسرت رسول، بسبب وصفه للقوات العراقية التي دخلت كركوك بـ"المحتلة". 

كوسرت رسول مع رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي أثناء حفل تنصيب نيجيرفان بارزاني

ولعائلة طالباني مناصب مهمّة من بينها نائب رئيس الوزراء الذي يشغل الآن رئاسة مجلس وزراء كردستان حتى تشكيل الوزارة الجديدة، وهو قوباد طالباني، إضافة إلى بافيل، الشقيق الأكبر لقوباد الذي يشغل منصبًا قياديًا في حزب والده، ووالدتهما التي تتولى إدارة الجناح الخاص بالعائلة داخل الحزب، ولاهور شيخ جنكي ابن شقيق جلال طالباني، رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان، فضلًا عن بيكارد طالباني رئيسة كتلة الحزب في برلمان كردستان وهي من العائلة أيضًا، وهناك نواب ومسؤولين آخرين من العائلة يشغلون مناصبًا مهمة في بغداد والسليمانية وأربيل.

لكن المصدر الذي ينتمي إلى حراك الجيل الجديد يوضح أسباب تراجع عائلة طالباني بالقول، إن "العائلة أقل تأثيرًا بسبب الخلافات داخل الحزب، بعكس الديمقراطي الذي يعد أكثر شدة وهو ما يجعل كوادر الحزب أكثر تأييدًا وطاعة، بل أن لهم تأثيرًا على محافظة دهوك بشكل كامل، إضافة إلى نصف أربيل، والمناطق التي يسكنها الكرد في نينوى".

من جانبه قال عضو البرلمان في إقليم كردستان عن الاتحاد الإسلامي المعارض، سيراون علي لـ"ألترا عراق"، إن "المشاهد في الإقليم تظهر المحاصصة السياسية الفعلية، مبينًا "جميعهم منذ أشهر يتحدثون عن اجتماعات واتفاقات، وجميعها تنتهي بخلافات في حال لم يحصلوا على المناصب التي يسعون إليها".

وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني نظم احتفالًا لتنصيب نيجيرفان بارزاني وأداءه القسم الرئاسي في أربيل، فيما وصف الاحتفال بـ"الفاخر جدًا والأول من نوعه في العراق والمبالغ فيه"، بينما حضره رئيس الجمهورية العراقي برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ورئيس مجلس القضاء الأعلى وشخصيات سياسية واجتماعية وصلت إلى 1200 شخصية، الأمر الذي انتقده نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي بسبب المبالغة والاحتفال بـ"حكم العشائر" والوراثة، على حدّ وصفهم.

يحظى ابن طالباني بمنصب نائب رئيس الوزراء بالإضافة إلى ابنه الآخر الذي يشغل منصبًا قياديًا في حزب والده فضلًا عن رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان ابن شقيق جلال طالباني!

وكتب الشاعر والناشط أحمد عبد الحسين على صفحته في "فيسبوك"، إن "الديمقراطية العائلية في كردستان العراق، مخزية، مبينًا أنها "أكثر خزيًا منها أن يتعامل معها الجميع بتلقائية"، مضيفًا أن "النظام المسخ الديمو - عشائري الذي أنتجه الإقليم لا يستحق إلا الاحتقار، لافتًا إلى أن "شعب كردستان ، كسائر العراقيين، له يوم قيامة منتظر".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

صراع "التخبط والهيمنة".. ماذا ينتظر كردستان؟

بين "داعش" و"الحرب القومية".. "الانهيار" يهدد كركوك!