حين فتحوا الجسر مرت العربات، واختلط هواء الضفتين بين الساحة والحصن، لم ير الجنرال الفارسي الحصن ناتئًا ولا الساحة منبسطة*، استعاد حكمة البقعة والنقاء المغولية، على ذات النهر، خلط القتلة بالمقتولين وقرأ على الاثنين فاتحة واحدة.
حين فتحوا الجسر، استقدموا عمال نظافة أغبياء، يغسلون المجاز بالماء، ويزيلون الكلمات بالبلدوزر، كان الجنرال أقل غباءً، ثبتَّ الجنودَ في أرضهم ورفض فكرة النصر، صوبَّ أسلحتهم ليلًا إلى فضاء الجسر، ونوافذ المطعم الشاهق. كان حين ينام يرى برج بابل يحمل صور القتلى تمس رؤوسُهم السماءَ، ويفز على رائحة إطارات محترقة.
حين فتحوا الجسر، عاد المرابطون إلى بيوتهم، وتركوا دمعًا على الرخام أسفل طلاسم الحرية، هجر الشحاذون والباعة الساحة، وابتلي المكان بالحزن والخوف، تذكر الجنرال لعنتي بابل وكربلاء، واستعاد رواية النيسابوري** وقال: هذا أيضًا سيمرُّ، وبدل أن يبتهج، أدرك التأويل الكامن في حكمة الخاتم، فغص بالبكاء.
*استفادة من قصيدة سعدي يوسف "أمريكا.. أمريكا".
** للشاعر الأميركي إدوارد فيتزجرالد قصيدة بعنوان "خاتم سليمان" مبنية على رواية ينقلها فريد الدين العطار النيسابوري عن سلطان طلب من الملك (النبي) سليمان أن يصنع له خاتمًا يبدل حزنها مسرة، فصنع له خاتمًا كتب عليه بالفارسية "این نیز بگذرد" بمعنى "هذا أيضًا سيمر. تحولت هذه العبارة إلى مثل شعبي ودخلت في حكايات تراثية في العديد من الثقافة، كما دخلت في الكثير من الأعمال الأدبية، ومنها قصيدة "هذا أيضًا سيمر" للشاعر العراقي حميد قاسم.
اقرأ/ي أيضًا: