30-يوليو-2022
سجاد والفصائل

يواجه سجاد سالم حملة من زعماء الميليشيات (الترا عراق)

يبدو أن رئيس أركان قوات الحشد الشعبي عبد العزيز المحمداوي "أبو فدك" ورئيس الهيئة فالح الفياض لم يتمكنا بعد، من تمرير "خطة الإغراق" التي يتحدث عنها مؤيدو النائب سجاد سالم، بعد أن ذكّر الأخير باتهامات للشخصيتين بالمسؤولية عن جرائم الاغتيال والقتل بحق متظاهري تشرين ومناهضي السلاح.

وسجاد سالم هو واحد من نحو 40 نائبًا مستقلاً أفرزتهم الانتخابات البرلمانية في خريف 2021، وحاول البقاء قريبًا من الخطاب المساند للاحتجاجات، واتخاذ مواقف ضد السلاح السياسي ودعم مساعي محاكمة المتهمين بجرائم الاغتيال، بينما اتجه مستقلون آخرون للانخراط في مشاريع التحالفات الكبرى مثل الإطار التنسيقي أو التحالف الثلاثي، فيما يواجه آخرون اتهامات بالدخول في تفاهمات مالية أو صفقات حصد مناصب مع القوى السياسية التقليدية.

سجاد

 

"الحشد ذراع الأحزاب"

وأثار سالم غضب فصائل مسلحة حين طالب بالدفاع عن مقاتلي الحشد الشعبي وقال إنّ ذلك غير ممكن مع قيادات متورطة بالفساد وسفك الدماء مثل "أبو فدك والفياض"، وهي "أسماء متهمة من المجتمع العراقي، ونوجه لها اتهامًا مباشرًا بقتل وتغييب وإبعاد المحتجين وحماية الفاسدين "، كما وصف هيئة الحشد الشعبي بأنّها "ذراع مسلح للأحزاب الإسلامية جميعًا، وهي العقدة وجذر المشكلة التي باستمرار وضعها الحالي لن يشهد مجتمعنا مستقبلاً نظامًا ديمقراطيًا واستقرارًا أو حتى انتخابات".

اغضبت تصريحات سالم زعماء الفصائل المسلحة ليطلقوا حملة تهدف إلى سحب الحصانة عن النائب المستقل 

ويقرّ القائد الفعلي السابق للحشد الشعبي جمال جعفر "أبو مهدي المهندس" في تسجيل صوتي بأنّ قواته "ليست رسمية جدًا"، ولا ينكر لعب أدوار سياسية بالفعل، كما في تدخله في مسألة التجديد لرئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، ويشير في التسجيل ذاته إلى سقوط قتلى من المتظاهرين بنيران فصائل أو أحزاب، لكنه يقول إنّ ذلك لا علاقة له بالحشد الشعبي.

ويقرّ أيضًا بتحفظ المرجع الأعلى علي السيستاني على الصيغة الحالية للحشد، ورفضه استخدام مصطلح "الحشد الشعبي" في خطبه، قبل فك الارتباط بين مسلحي الحشد والفصائل والأحزاب، تنفيذًا لأمر ديواني أصدره رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي في تموز/يوليو عام 2019، ولم يُنفذ عمليًا.

 

مسلحون.. وتحذيرات من "عبوة"

ويقول مقربون من سالم، إنّ "مصادر محلية في محافظات عدة، من بينها واسط وبغداد وكربلاء، أبلغتهم بأنّ مسؤولين في الحشد الشعبي وزعوا استمارات شكوى جاهزة على عناصر كتائبهم وطلبوا منهم ملء أسمائهم والتوقيع، بغية الوصول إلى تقديم مئات أو آلاف الشكاوى ضد سالم".

الاستمارة الجاهزة لرفع دعوى على سجاد سالم

ووفقًا للمتحدثين، فإنّ "الفياض وأبو فدك، تجنبا خوض الشكوى شخصيًا، وحركوا عناصر في الحشد الشعبي بغية تشكيل ضغط على القضاء ورئاسة البرلمان، خاصة مع وقوف جهات مسلحة نافذة خلف الحملة التي تستهدف سحب الحصانة من سالم وجعله عبرة لبقية النواب الذين قد يفكرون بإثارة ملف الفساد أو جرائم الاغتيالات والقمع".

سجاد

 

وليست هذه المرة الأولى التي تشن فيها أوساط الفصائل هجمة تحريض ضد سالم، فقد سبق أن شنت جماعة "عصائب أهل الحق" بقيادة قيس الخزعلي، حملة مماثلة مطلع العام الحالي.

ويقول أحد ناخبي سالم، إنّ "مسلحين فصائليين تجمعوا سابقًا في محاولة للهجوم على منزل النائب في محافظة واسط، إلاّ أن احتشاد السكان الرافضين للفصائل حول المنزل، أجهض الهجوم المسلح، وقد أبلغ بعض مسلحي الفصائل بأن لديهم أمرًا بحرق مقر النائب أو تحطيمه على الأقل"، وهي "إجراءات تأديبية" دأبت فصائل الحشد الشعبي على استخدامها كما حصل مع النائب رعد الدهلكي في ديالى، والذي انتقد أيضًا قوات الحشد الشعبي، قبل أن يتم إحراق مقره

تعرض سالم إلى حملة مماثلة سابقة من قبل حركة العصائب بزعامة قيس الخزعلي

ويبدو أن الفصائل قررت اتخاذ المسار الآخر بعد تعذّر الهجوم المسلح، إلاّ أن مقربين من سالم، أكّدوا أنّه "تلقى تحذيرًا من جهات أمنية بضرورة تفحّص سيارته قبل الحركة خشية زرع عبوة لاصقة أسفلها، والانتباه إلى وجود أشخاص يتابعونه أثناء السير".

 

"ليس وحده"

ورغم سطوة السلاح ونفوذ الفصائل، إلاّ أن جبهة من القوى الجديدة والنواب المستقلين في البرلمان العراقي يُظهرون مساندةً واضحة لزميلهم، ويقولون إنّهم "لن يسمحوا بتمرير قواعد اللعب التي يريد المسلحون فرضها على النواب المستقلين".

رئيسة كتلة حراك الجيل الجديد سروة عبد الواحد، تحدثت لـ "الترا عراق"، وأعادت التذكير باستهدافها بسيل من الدعاوى من قِبل مؤسسة الشهداء ووزارة البيشمركة في إقليم كردستان.

عبد الواحد قالت، إنّ "استخدام تضحيات المقاتلين في تصفية خصومات سياسية ليس أمرًا جديدًا، لا في مناطق سيطرة السلطات الاتحادية ولا في الإقليم".

سجاد

 

وشددت، على أنّ "التصريح ضد الشخصيات السياسية والأحزاب التي حكمت البلاد منذ عقدين لا علاقة له باستهداف مقاتلي الحشد الشعبي أو التقليل من تضحياتهم، لكن جميع الأحزاب المتسلطة تستخدم الشعارات وتضحيات الآخرين لكتم الأصوات".

أكّد نواب عدة لـ "الترا عراق" مساندة سالم وعدم السماح باستهدافه في البرلمان أو خارجه 

وفي شأن مساعي رفع الحصانة، قالت عبد الواحد إنّ "كتلتها لن تصوت بالتأكيد على أي محاولة لرفع الحصانة عن سالم، لأن رفع الحصانة ينبغي أن يطال النواب المتهمين بجرائم وليس نائبًا أدلى برأيه".

النائب عن حركة امتداد ضياء الهندي لم يتمكن من التصريح لـ"الترا عراق"، حيث كان في طريقه من محافظته كربلاء، إلى واسط، لمساندة سالم على الأرض، برفقة نواب ونشطاء وشخصيات حقوقية، لكنه أكّد بعبارات مقتضبة أن "نواب حركته (امتداد) وبقية المستقلين المتحالفين معهم، لن يسمحوا باستهداف أي نائب مستقل يرفع الصوت، وهذا يشمل مساعي رفع الحصانة أو محاولات الاستهداف الأخرى".

من جانبه يقول النائب المستقل حسين حبيب، إنّ "لا أحد ينكر دور قوات الحشد الشعبي في تحرير البلاد من تنظيم داعش في فترة استثنائية شهدت انهيار قوات عسكرية أنفقت عليها الدولة المليارات، لكنّي أعتقد أن ما يتحدث عنه الزميل سالم، يتعلق ببعض الشخصيات فقط وليس مقاتلي الحشد إطلاقًا".

أما عن جهود سحب الثقة فيقول، "لا أعتقد أن سجاد سالم شارك في عملية تسليم المحافظات إلى تنظيم داعش أو الاستحواذ على أموال الدولة أو قتل المتظاهرين، بالتأكيد لن نشارك لا أنا ولا جميع زملائي في أي محاولة لإسكاته وسحب الحصانة عنه، هذه الحصانة جاءت من الشعب، ولا يمكن أن نشارك بسحبها إرضاءً لأي جهة".

سجاد
تظاهرة مساندة للنائب سجاد سالم في الكوت مركز محافظة واسط

 

ويربط كثيرون بين تصعيد قيادات الحشد الشعبي ضد النائب سالم، وبين الحرج الذي تسببت به تسريبات رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي التي احتوت عبارة "الحشد يسيطر عليه أمة الجبناء"، إذ لم تعلن أي جهة فصائلية أنّها ستتعامل مع الأمر قضائيًا ضد المالكي الذي ينتمي إلى معسكر الفصائل.