يدير أنور نزار محلًا صغيرًا لبيع الألبسة النسائية في مول المنصور، وفي واجهة محلّه وضع ملصقًا إعلانيًا صغيرًا يشير إلى توفر جهاز الدفع الإلكتروني (pos) وأنواع البطاقات الإلكترونية التي يتعامل معها.. يدرك نزار أهمية ومنافع التعامل بالدفع الإلكتروني، ولطالما وجه سؤالًا لزبائنه عن إمكانية البيع عبر هذا الجهاز، لكنه يتفاجأ في أحيان كثيرة عن أسئلة روّاد محله عن ماهية الجهاز وكيفية التعامل معه.
بلغ عدد الصرافات الآلية في النصف الأول من العام 2018 نحو 800 صراف آلي في عموم العراق، وبهذا يمكن لنحو مليوني عراقي التعامل مع تلك النقاط والصرافات الآلية
مدير عام المدفوعات في البنك المركزي ضحى عبد الكريم، كشفت لـ"ألترا عراق"، عن عدد نقاط البيع المنتشرة في العراق والتي "بلغت 1702 في النصف الأول من العام 2018"، وهو ما يمثل أكثر من ضعفي العدد في العام 2016 حيث بلغ 701 نقطة بيع، فيما بلغ عدد الصرافات الآلية في النصف الأول من العام 2018 نحو 800 صرّاف آلي في عموم العراق، وبهذا يمكن لنحو مليوني عراقي (نفس الإحصائية) يمتلكون حسابات مصرفية التعامل مع تلك النقاط والصرافات الآلية.
اقرأ/ي أيضًا: التسوق الإلكتروني في العراق.. "ماكو رقابة"
يرى نزار في حديثه لـ"ألترا عراق" أن مزايا خدمات الدفع الإلكتروني لا يمكن مقارنتها بـ"الكاش" بأي شكل من الأشكال، مبينًا أنها "سهلة ومضمونة ويمكنها اختزال الوقت وتخلصنا من الروتين الإداري والبيروقراطية، وبدلًا من حمل مئات الأوراق النقدية في جيبك، يمكنك الاستغناء عنها ببطاقة صغيرة محمية ومؤمنة، ويمكنك عبرها الادخار والتسوّق، واسترجاع أموالك، أو الاقتراض، وأكثر من ذلك"، مستدركًا "لكن ثمة تحديات ومشاكل تواجه التجار والزبائن على حد سواء.. نحتاج اليوم إلى دعم الدولة وتعزيز الثقافة المصرفية".
بدأ العراق أولى خطوات استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني الفعلي عام 2013، عندما منح البنك المركزي رخصًا للشركات المتعاملة بالدفع الإلكتروني، وأصدر على إثرها الضوابط لتنظيم عمل الشركات المصارف، بينما قدّم فيها تسهيلات ودعمًا كبيرًا بينها إصدار نظام خدمات الدفع الإلكتروني للأموال رقم (3) لسنة 2014، كما قام بوضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة من أجل نشر ماكينات ATM، وأجهزة نقاط البيع POS، بشكل يتناسب مع عدد بطاقات الدفع الإلكترونية، بالإضافة إلى دعم وتسهيل خدمات الدفع الإلكتروني للعملاء.
وبرغم قطع العراق أشواطًا كبيرة في التوجه نحو الدفع الإلكتروني، إلا أن ثمة مشاكل وتحديات تواجه هذا القطاع.. وبحسب مواطنين وتجار التقاهم "ألترا عراق" فأن غياب المعرفة والثقافة المصرفية أبرز تلك التحديات، بالإضافة إلى الحاجة لتطوير البنى التحتية للشركات والمؤسسات المصرفية، يضاف إليها الحاجة إلى التسهيلات التي تقدمها المؤسسات الحكومية.
يشكو محمد سهيل، صاحب متجر لبيع الأجهزة الإلكترونية في مدينة الكرّادة، من تردد زبائنه باستخدام بطاقاتهم الإلكترونية، ويرى أن ذلك يعود إلى ضعف الوعي وعدم المعرفة بتفاصيل الخدمات في هذه البطاقات، بالإضافة إلى تعوّد الموطنين على الدفع بـ"الكاش"، مشيرًا إلى أن "الحكومة مطالبة بإجراءات وتسهيلات لحاملي البطاقات، فضلًا عن توعية المواطن وأهمية الدفع عبر البطاقات".
غياب المعرفة والثقافة المصرفية هي ما يجعل الناس تبتعد عن استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني في العراق حيث أن المواطن حديث عهد مع هذه التجربة
تحتاج أنظمة الدفع الإلكتروني في العراق إلى تسويق إعلامي وحملات إرشادية، ذلك أن المواطن العراق حديث العهد، وليس لديه التجربة التي تمكنه من التعامل بسهولة مع البطاقات، كما يؤكد الصحافي حسن الشنون في حديثه لـ"ألترا عراق" ، مبينًا أن "هناك حاجة لتعزيز الثقة بين الزبائن والتجار والمؤسسات المصرفية، فالمواطن لا يشعر بالأمان ولا زال يفضل استخدام "الكاش"، كما أنه لا يفرق بين أنواع البطاقات وخدماتها، مضيفًا "على الحكومة توفير كل التسهيلات المالية والرقمية".
اقرأ/ي أيضًا: منافسٌ ابتكاريّ و"شبح" يهدد الأسواق الواقعية: مشاريع إلكترونية يغذيها "اليأس"!
وحول دور البنوك والمؤسسات المالية والمصرفية في تعزيز الثقافة المصرفية والتوجه نحو الدفع الإلكتروني، يؤكد المدير المفوّض للمصرف الأهلي العراقي أيمن أبو دهيم لـ"ألترا عراق"، أن "للبنوك والمؤسسات المالية والمصرفية دور ريادي في قيادة رحلة التحول الرقمي، ومحور هذه الرحلة هو القطاع المصرفي"، مبينًا أن "ثورة التكنولوجيا التي يعيشها العالم اليوم، أعادت هيكلة قطاع صناعة الخدمات بشكل عام والخدمات المالية والمصرفية بشكل خاص، مضيفًا "هذا التطور يجب أن يواكبه تطور مماثل في الأطر القانونية والتنظيمية المتعلقة بالتحول الرقمي".
وشدد أبو دهيم على "أهمية تولي المصارف دورًا فاعلًا في التحول الرقمي، وذلك بهدف الارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للعملاء من جهة، والمساهمة بتحقيق الشمول المالي، وإتاحة وصول الخدمات المالية إلى فئات جديدة من غير المتعاملين مع البنوك من جهة أخرى".
أضاف "لدينا جملة من أهم المشاريع التي ينفذها المصرف الأهلي العراقي حاليًا، والتي تصب في جهود المصرف لتحقيق التحول الرقمي، والنهوض بكافة خدماته ومنتجاته، لتواكب أحدث التطورات العالمية في هذا المجال، ولتمكن عملاء المصرف من القيام بتعاملاتهم البنكية بكل سهولة ويسر".
وأسهم مشروع توطين رواتب موظفي الدولة بزيادة استخدامات الدفع الإلكتروني، ووصل عدد البطاقات المصدرة وفقًا لإحصاءات البنك المركزي إلى 315178 بطاقة في النصف الأول من العام 2018 كما تتجه الحكومة إلى إكمال توطين رواتب جميع المؤسسات، ومن المرجح أن يصل عدد البطاقات المصدرة لتوطين الرواتب نحو 8 ملايين بطاقة.
اقرأ/ي أيضًا:
القصة الكاملة لـ"فضائيي كي كارد" في الحشد.. بغداد تمول 7 أفواج تقاتل في سوريا!
قدرة العراقيين الشرائية.. من مغامرات صدّام إلى فقدان 790 مليار دولار!