21-أغسطس-2020

لا تزال عمليات سقوط صورايخ الكاتيوشا مستمرة مع وجود الكاظمي في أمريكا (فيسبوك)

لا تكاد تمر أسابيع قليلة منذ وصول مصطفى الكاظمي لرئاسة الوزراء، ولم تستخدم فيها الجماعات المسلحة سلاحها المفضل، القصف بالكاتيوشا، وبأهداف متنوعة، مرة نحو المنطقة الخضراء، وأخرى صوب مطار بغداد أو القواعد التي يتواجد فيها الأمريكيون في شتى المناطق، وكان أكثرها "حساسية" من ناحية التوقيت، القصف الذي سبق زيارة الكاظمي إلى واشنطن، والذي رآه مراقبون، رسالة جريئة وواضحة إلى الجميع، خاصة بعد التسريبات عن الاجتماع الذي سبقها بأيام في منزل زعيم تحالف البناء، هادي العامري، بحضور الكاظمي وقيادات من فصائل مسلحة، والذي بحث ـ بحسب التسريبات ـ زيارة الكاظمي إلى أمريكا، فيما يعيد القصف الأخير إلى الأذهان، الضربات في ليلة تدشين الحوار الأمريكي العراقي الذي عقد عبر دائرة تلفزيونية ليلة 11 حزيران/يونيو.

يعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري عمليات القصف المتكررة رسائل بعدة اتجاهات، أهمها رسالة للولايات المتحدة الأمريكية 

يرى مراقبون أن واشنطن بحاجة لمصاديق من الكاظمي حول فرض هيبة الدولة، والسيطرة على السلاح، والحد من دور الجماعات المسلحة، وفي الوقت الذي يعمل رئيس الوزراء على برهنة ذلك، تواصل الجماعات المسلحة قصف مقتربات المصالح الأمريكية في البلاد، ويعقبها تحديد مكان القصف وضبط منصة الإطلاق من قبل القوات الأمنية، دون الإشارة للجهة المنفذة أو إعلان تعقبها.

رسائل متعددة

إزاء تكرار عمليات القصف على المصالح الأمريكية، يثار السؤال عن جدواها، والرسائل التي تحاول الجهات المنفذة أن توصلها، وإلى من؟ وبالوقت نفسه، ما هو وضع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي أمام واشنطن، خاصة بعد استقبال ترامب له في البيت الأبيض.

اقرأ/ي أيضًا: أهداف متشابكة.. هل يُصلح "الحوار الاستراتيجي" ما أفسدته الصواريخ؟

يعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري عمليات القصف المتكررة، هي رسائل بعدة اتجاهات، أهمها، رسالة عابرة للحدود، للولايات المتحدة الأمريكية بشكل دقيق، مفادها أن "الاستهداف للمصالح الأمريكية لن يتوقف إلا في حالة تحقيق الانسحاب، مبينًا "كذلك وترجمة لقدرة وقوة هذه الجماعات، كدليل على أنها تفوق إمكانيات الدولة، ما يعني على واشنطن عقد المفاوضات معها بشكل مباشر".

والرسالة الثانية إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بوصفه قائدًا عامًا للقوات المسلحة، وتفيد بـ"عدم التزام تلك الجماعات بوعوده والتزاماته لواشنطن، فيما يرتبط بحصر السلاح بيد الدولة، وهي من تحدد شكل الدولة أمام المجتمع الدولي وفي الداخل".

أضاف الشمري لـ"ألترا عراق"، أن "الرسالة الثالثة موجهة للجميع، تخبرهم بوجود قوة رديفة توازي الدولة، وعلى الجميع يمضي مع خياراتها ولا  يعارض هذه القوة، لما تمتلكه من إمكانيات كبيرة"، لافتًا إلى أن "الاستهدافات المتكررة للمصالح الأمريكية يهز من صورة العراق وقدرته على ضبط الوضع الأمني، وقدرة هذه المجاميع، وستؤثر على الكاظمي في واشنطن، والأخيرة، ستنظر له من خلال بوابة أزمتها مع طهران، وهي تدرك أن تلك المجاميع هي حليفة لإيران".

ورجح الشمري وجود محاولة لأخذ التزام من الكاظمي في واشنطن فيما يرتبط بهذه العمليات، أو منحه تسهيلات للولايات المتحدة في قضية الدفاع عن النفس كما حصل في نصب منظومة صواريخ الردع التي تتيح الرد على عمليات القصف، مبينًا أن "هذه العمليات لن تؤثر على المستويين المتوسط والبعيد على ملف تواجد القوات الأمريكية في البلاد، وقد يكون جدواها عكسيًا".

حق مشروع

لكن المقرب من الفصائل والمحلل السياسي هاشم الكندي، يبرّر "رسائل الكاتويشا" على أنها "رد فعل على استهداف القوات الأمنية والقيادات العراقية، مثلما حصل قرب مطار بغداد من قبل الأمريكان، فضلًا عن المنشآت المدنية، مثلما حصل في مطار كربلاء، مبينًا أن "هذه الصواريخ من خيارات المقاومة التي يتبناها بعض العراقيين، وهو ما يحقّق الرعب والذعر لدى الأمريكان، ولأنهم لم يحترموا سيادة البلاد، ولم يلتزموا بالاتفاقيات والمواثيق ويقتلون الأبرياء ولا يعاملون العراق كبلد مستقل، فمن الطبيعي أن تكون هناك مقاومة للرد عليهم".

ويضيف الكندي لـ"ألترا عراق"، أن "العديد من فصائل المقاومة احترمت قرار البرلمان والإرادة الشعبية الرافضة للوجود الأمريكي، وأعطت مساحة للعمل السياسي لإخراجهم، ولغاية الآن، المأمول من زيارة الكاظمي هي المباشرة بتنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأمريكية، وهذا ما أكدتاه الكتلتين الأكبر سائرون والفتح في مجلس النواب، بضرورة أن لا تغادر زيارة الكاظمي ملف انسحاب القوات الأمريكية من البلاد".

يبرر المحلل السياسي هاشم الكندي، القصف بالكاتويشا على أنه رد فعل على استهداف القيادات مثلما حصل قرب مطار بغداد من قبل الأمريكان

ويعتبر الكندي، الحوار الإستراتيجي، خديعة جديدة، على حد تعبيره، مبينًا "يراد منه إلغاء القرار وإيجاد تشريع جديد لبقاء القوات في البلاد، وهذا مرفوض، وجزء من العراقيين يمارسون حقهم في الرد على الاحتلال من خلال المادة 52 من القانون الدولي، وهذا الأمر سيتوسع بممارسات أكبر وضربات موجعة أكثر ستستهدف الأمريكان في حالة الإصرار على البقاء، والإرادة العراقية أخذت هذا القرار، مثلما حدث بين 2003_2008، والذي انتهى بخروجهم".

اقرأ/ي أيضًا: اجتماع البيت الأبيض.. ترامب يتحدث عن الانسحاب والكاظمي يرحب بالشركات

وتابع المقرّب من الفصائل، أن "الأمريكان لم يتركوا خيارًا غير المقاومة، فهم لم يحترموا البرلمان والشعب، ولو حدث ذلك لكان الحوار السياسي هو المسار العملي، مستدركًا "لكن سياستهم بهذه الطريقة تجبر العراقيين على المقاومة لإفهامهم ذلك، لافتًا إلى أن "العمليات ستزداد مع قرب موعد الانتخابات الأمريكية، وترامب سيتلقى المزيد من التوابيت، قتلى جنوده".

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ما هو أهم ما تمخضت عنه الزيارة العراقية لأمريكا حتى الآن؟

استئناف الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن.. وتفاهمات نفطية - كهربائية