12-فبراير-2024
رواتب موظفي إقليم كردستان

أزمة رواتب موظفي الإقليم لا زالت مستمرة (ألترا عراق)

مع إعلان الحكومة العراقية، برئاسة محمد شياع السوداني، إرسال مستحقات موظفي إقليم كردستان بين فترة وأخرى، إلا أنّ مسؤولين وسياسيين من الإقليم يتحدثون عن عدم كفاية هذه الأموال، وأن الأزمة لا تزال مستمرة في محافظات الإقليم. 

رأى قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن بغداد تخلق الأعذار تباعًا لعدم تسوية ملف رواتب موظفي إقليم كردستان

وكمثال، في منتصف الشهر الماضي، كانون الثاني/يناير،  أعلنت الحكومة العراقية "تمويل إقليم كردستان العراق، على وفق الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2024 وحسب الانفاق الفعلي، بمبلغ (618587029346) دينارًا". 

الأموال التي ترسلها بغداد أقل

ويؤكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، مهدي عبد الكريم، عدم كفاية الأموال المرسلة من الحكومة الاتحادية إلى إقليم كردستان لتغطية رواتب الموظفين، معتبرًا أنّ "بغداد تخلق الأعذار تباعًا لعدم تسوية هذا الملف". 

والمبلغ المطلوب لتغطية نفقات رواتب موظفي إقليم كردستان يبلغ 963 مليون دينار شهريًا، بحسب الكريم الذي استدرك بالقول: "ولكن بغداد ترسل 700 مليون أو أكثر من 600 مليون بقليل وهي غير كافية بالتأكيد".

ووفق عبد الكريم، فإنّ "ايرادات منافذ الإقليم والجمارك عندما تجمع فهي لا تكفي أيضًا لسداد نقص المبلغ المرسل من بغداد، لأن 50 % منها يذهب للحكومة الاتحادية".

يتحدث قيادي في "البارتي" عن أنّ زيارات وفود الإقليم الأخيرة لبغداد توصلت لنتائج تتمثل بإرسال وتنفيذ بنود الموازنة لحل جميع الإشكاليات العالقة 

ويتمثّل حل مشكلة الرواتب بالنسبة لعبد الكريم بـ"إرسال أموال الموازنة التي أقرها البرلمان، وهي كافية بدل السلف التي يتم منحها للإقليم وسيتمّ فيما بعد استقطاعها من حصته ضمن نسبة 12.67 % في الموازنة المالية"، مبينًا أنّ "الإقليم سلم لديوان الرقابة المالية الاتحادية عند زيارة وفد منه لأربيل مؤخرًا قاعدة ببيانات الموظفين كاملة، ولهذا فالأعذار التي تطلقها وزارة المالية الاتحادية غير مبررة".

ولفت عبد الكريم إلى أنّ "الحكومة الاتحادية مطلعة حتى على القروض التي تمنح للموظفين في إقليم كردستان، ولا يوجد ما هو مخفي لغاية الآن"، مؤكدًا أنّ "زيارات الوفود الأخيرة توصلت لنتائج تتمثل بإرسال وتنفيذ بنود الموازنة لحل جميع الإشكاليات العالقة".

حديث عن "أعذار معيبة"

ويتفق القيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، غياث سورجي، مع حديث حكومة إقليم كردستان عن عدم كفاية المبالغ المرسلة من بغداد لتغطية رواتب الموظفين، حيث أنه حديث "صحيح ويجب معالجة هذا الخلل". 

ويقول سورجي لـ"ألترا عراق"، إنّ "حصة إقليم كردستان في الموازنة المالية الاتحادية البالغة 12.67 % ليست بالكافية مقارنة بنسبة 17 % التي كانت تمنح سابقًا خاصة مع الزيادة السكانية للإقليم"، مبينًا أنه "لا يفهم كيف وضعوا هذه النسبة الجديدة".

وبالنسبة لسورجي، فإنّ "التلاعب الذي حصل بأرقام الموازنة ليس له أي تبرير، وقد ظلم سكان الإقليم، في وقت كان يجدر بالحكومة الاتحادية تخصيص موازنة في كل عام لتعويض المتضررين من النظام السابق، وقد تدمرت مناطقهم واستشهد ذويهم في المقابر الجماعية وغيرها، ولكن ذلك لم يحصل أبدًا".

ويرى سورجي أنّ "وضع إقليم كردستان مختلف تمامًا عن محافظات الوسط والجنوب، وقد مر على سكانه ما لم يمر على بقية المناطق في العراق".

وينتقد سورجي ما ظهر في الآونة الأخيرة من حديث عن عدم صحة قاعدة بيانات موظفي الإقليم وكتابتها باللغة الكردية عند إرسالها لبغداد، وهو أمر يعلّق عليه بالقول إنّ "من المعيب الحديث عنه وجعله أحد اسباب عدم إرسال رواتب الموظفين، لأن اللغة الكردية هي الثانية بعد العربية في دوائر الدولة ويجب احترامها والتعاطي بها".

ولفت سورجي إلى أنّ "تعذر وزارة المالية الاتحادية أيضًا بتكرار أسماء موظفي الإقليم في قاعدة البيانات أمر اعتيادي ويحصل في الكثير من قواعد البيانات حتى في الانتخابات، وعلى سبيل المثال ما حصل مع 6 مرشحين عن حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في إحدى الانتخابات خلال السنوات الماضية لحين تصحيح الموقف والتأكد من بياناتهم الكاملة".

وأضاف سورجي أنّ "سكان الإقليم يعيشون أوضاعًا مأساوية نتيجة عدم صرف رواتبهم لأشهر وقلة الأموال المرسلة من الحكومة الاتحادية وهم ليس لهم ذنب ليتحملوا هذه السياسات الخاطئة".

يرى قيادي في "اليكتي" أنّ الحديث عن عدم صحة قاعدة بيانات موظفي الإقليم وكتابتها بالكردية عند إرسالها لبغداد هو "أمر معيب"

وهناك خطوات يتحدث مسؤولون عن أنها لحل أزمة الرواتب، منها ما صدر في نهاية العام الماضي 2023، وهو كتاب رسمي، من قبل رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، حول عدم ممانعة توطين رواتب موظفي إقليم كردستان في البنوك والمصارف الاتحادية. 

إلا أنّ توطين الرواتب أيضًا شهد خلافات، حيث اعترض القيادي في الحزب الديمقراطي، مهدي عبد الكريم، في حديث سابق لـ"ألترا عراق"، على ما يسميها بـ"عمليات الدفع السياسي" باتجاه "سلخ الصلاحيات الدستورية" لإقليم كردستان بسحب رواتب موظفيه للحكومة الاتحادية. 

المشكلة في الفضائيين

أما الباحث في الشأن السياسي، لاوان عثمان، فقد رأى أنّ إشكالية رواتب موظفي إقليم كردستان تتمثل في وجود "فضائيين" غير معروف عددهم. 

والفضائيون هو مصطلح شائع عن الموظفين الوهميين في العراق، حيث تعمد فصائل مسلحة كمثال إلى وضع أسماء وهمية وغير حقيقية لأخذ رواتبهم، كما يشير أيضًا إلى دفع بعض الموظفين لنصف رواتبهم مقابل عدم الدوام أيضًا. 

وقال عثمان في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "البيانات الرسمية لعدد موظفي الإقليم توضح وجود مليون و251 ألف موطف، تنفق رواتبهم من الأموال التي تدفعها بغداد، بالإضافة لأموال واردات خزينة حكومة الإقليم من المنافذ الحدودية والضرائب وغيرها".

ويكشف عثمان عن أنّ "الإشكالية تتمثل برواتب الفضائيين حيث لا توجد الأرقام الدقيقة التي تخمن عددهم في وزارات الإقليم أو من يتقاضون أكثر من راتب".

وبحسب عثمان، فإنّ "من يتقاضون أكثر من راتب قد تصل مبالغهم الشهرية لكل واحد ما مجموعه 5 ملايين دينار، وهذا هو أحد أسباب حديث الحكومة عن عدم كفاية الأموال"، مضيفًا أنّ "حكومة الإقليم برئاسة مسرور بارزاني عندما باشرت مهامها في 2018، أعلنت عن حزمة إصلاحات ولكنها لم تشمل مساحة الفضائيين لوجود بعد سياسي فيها، حيث يمثلون ركيزة أسياسية في النظام القائم بالإقليم".

ويقول عثمان إنّ "من يتسلم راتبين لا يفكر بالانضمام إلى أية تظاهرة قد تخرج ضد حكومة الإقليم، ولذلك فهذه الفئة من الفضائيين تعتبر مؤثرة بالنسبة لحكومة كردستان، ولو فكر بالتظاهر سيشكل ضغطًا على تلك الحكومة بشكل أكبر".

وحوالي 750 ألف موظف في الإقليم هم في القوات الأمنية و"البيشمركة"، بحسب عثمان. 

ويفصّل عثمان أنه "بمرور السنين وزيادة السكان في الإقليم كان من المفترض زيادة نسبة حصة الموازنة من 17 % إلى أكثر وليس تقليلها، ولكن ذلك حصل لأسباب سياسية بين أحزاب بغداد والإقليم  تتعلق بعدم التزام الأحزاب الكردية بالتعهدات منذ 2018 وقبلها، وإلا فقد تم إضافة محافظة أخرى مثل حلبجة ما يزيد زخمًا جديدًا بملف الأموال". 

رأى باحث في الشأن السياسي أنّ الإشكالية بين بغداد وإقليم كردستان تتمثل بوجود "فضائيين" بين الموظفين

وبالإضافة إلى ذلك، فإنّ أحد أسباب "تأزم" علاقة بغداد وأربيل هو "الدور الذي تلعبه الشركات المنتجة للنفط في الإقليم، لأن بغداد تقرّر كلفة استخراج برميل النفط الواحد بمبلغ حوالي 6 إلى 8 دولارات، حيث يجب شمول تلك الشركات بها في كردستان، بينما هذه الشركات قد تصل كلفتها لاستخراج البرميل 11 أو 13 دولاراً "، وفق عثمان الذي يشير إلى أنّ ذلك "يتسبب بمشكلة أيضًا بين الإقليم وهذه الشركات لوجود عقود مسبقة تتطلب الالتزام بها، فضلًا عن مصيبة التعاقد مع الشركات التركية، حتى على أجور نقل النفط لميناء جيهان بمعية رجب طيب أردوغان عام 2018، وهذا هو اللبس الحاصل في كل الملفات المالية بين المركز والإقليم".