23-فبراير-2021

تضارب بالمعلومات الحكومية وواشنطن تتوعد طهران (فيسبوك)

لم يمض وقت كثير على الهدوء الوجيز الذي شهدته العاصمة بغداد، حتى شهدت ليلتها الماضية سقوط عدد من الصواريخ على المنطقة الخضراء، وهو ما أثار تفاعلًا واسعًا على المستوى السياسي والاجتماعي، لكن التفسيرات والأدلة حول الجهات القاصفة باتت "شبه روتينية"، ويتناقلها كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي، بالوقت الذي تتدفق التصريحات الحكومية باستنكارات وتضارب معلومات، ووعيد رآه مراقبون وسياسيون أنه ليس مجديًا مع استمرار القصف بين فترة وأخرى. 

يقول قيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني إن الحكومة باتت عاجزة عن إيقاف هذه الهجمات على المصالح الأمريكية والبعثات الدبلوماسية رغم معرفتها بالجهات القاصفة

وأعلنت خلية الإعلام الأمني بعد دقائق من سقوط الصواريخ، أنه "من خلال التدقيق تبيّن سقوط 3 صواريخ، منها صاروخان على المنطقة الخضراء والثالث في منطقة الحارثية، مشيرة إلى أن "انطلاقها كان من حي السلام (الطوبجي) ونتج عنها أضرار في 4 عجلات مدنية"، لكن في هذه الأثناء، صرح المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي في مقابلة متلفزة، أن "الصواريخ سقطت داخل المنطقة الخضراء ولم تحدث أية إصابات وانطلاقها كان من اتجاه منطقة الكرادة وسط بغداد"، ولم يتضح بعد هذه المعلومات، أي المكانين المذكورين لانطلاق الصواريخ هو الصحيح، إلا أن قيادة عمليات بغداد، قالت في بيان رسمي، إنها "عثرت على منصات إطلاق الصواريخ من قبل استخبارات القيادة في منطقة حي السلام الطوبجي".

اقرأ/ي أيضًا: أزمة وشنطن - طهران تتصدر اجتماعًا جديدًا حول مهمة "الناتو" في العراق

ويعلّق القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني عماد باجلان، أن "الحكومة العراقية باتت عاجزة عن إيقاف هذه الهجمات على المصالح الأمريكية والبعثات الدبلوماسية في المنطقة المحصنة رغم معرفتها بالجهات القاصفة، مشيرًا إلى كون هذا العجز يأتي "من عدم قدرة الحكومة على مواجهة قوة الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق والتي تتمتع بتجهيز عسكري كبير ودعم مالي غير محدود".

ويقول باجلان لـ"ألترا عراق"، إن "هذه الهجمات بات هناك يقين تام بعدم توقفها إلا بحصول إتفاق بين الإدارة الأمريكية والإيرانية حول الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية، مشيرًا إلى أن "مطلب الفصائل المسلحة والجهات السياسية التي تتفق معها على ضرورة إخراج القوات الأمريكية ممكن أن يتبدد ويختفي في حال حلحلة الخلافات بين طهران وواشنطن، مبينًا أن "طهران قد لا تحبذ انسحاب القوات الأجنبية من العراق لكونها هدف سهل ودائم لقصفها ما يشكل ورقة ضغط تمتلكها دائمًا بالقرب منها".

وبشأن بيانات الإدانة الصادرة من جهات سياسية "حليفة لطهران" للقصف الصاروخي، في حين تقف بموقف المؤيد لإخراج القوات الأمريكية، يقول باجلان إن "هذا يأتي للحفاظ على مصالح معينة، كون هذه الجهات لديهما تمثيل سياسي في البرلمان وهرم الدولة، لذلك عليها مراعاة التوازن في المواقف"، لافتًا إلى "كون عصائب أهل الحق بشخص قيس الخزعلي كان قد خرج للعلن ووجه لرئيس الوزراء رسالة صريحة بضرورة (السكوت) عن عمليات قصف فصائل المقاومة للسفارة الأمريكية".

وأصدر رئيس تحالف الفتح هادي العامري بيانًا أدان فيه عمليات قصف المنطقة الخضراء والعودة إلى استهداف البعثات الدبلوماسية وإرهاب المدنيين، معتبرًا هذه الأمر "عملًا غير مبرر تحت أي ذريعة كانت".

رأى مراقبون أن رسالة القصف هي لتعطيل الانتخابات المبكرة في العراق إلى أبعد فترة ممكنة

ويرى الباحث في الشأن السياسي رحيم الشمري، أن "انعكاس الصراعات الدولية والإقليمية على الوضع العراقي الداخلي تؤشر دائمًا إلى عدم إمكانية إيقاف عمليات الاستهداف هذه إلا بوجود خطط عسكرية جديدة وتحديث لمعلومات القوات الأمنية والمتابعة الدقيقة، وعدم الاكتفاء بتحديد أماكن الإطلاق وضبط منصات الصواريخ".

اقرأ/ي أيضًا: الكاظمي يتوعد مطلقي "الصواريخ العبثية": سنعرض الجناة قريبًا

وقال الشمري لـ"ألترا عراق"، إن "هناك ضرورة لتفعيل العامل السياسي من خلال قيام رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي بسلك الطريق الصحيح في احتواء هذه الأزمات، لكون هذه العمليات تصيب المدنيين أكثر من أهدافها المنطلقة لأجلها، مشيرًا إلى "ضرورة الابتعاد بالعراق عن صراعات".

وفي ذات السياق، اعتبر الباحث في الشأن السياسي كتاب الميزان، خلال حديث لـ"ألترا عراق"، أن "رسائل الكاتيوشا أغلبها رسائل داخلية، وبالتحديد سياسية، وهي بشقين، الأول؛ إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي قبيل استئناف الحوار العراقي الأمريكي لجدولة انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وللضغط على الكاظمي أيضًا للإسراع بإجلاء هذه القوات".

وأضاف أن "الشق الثاني هو لإرباك الوضع السياسي في البلاد وتعطيل الانتخابات المبكرة في العراق إلى أبعد فترة ممكنة، وإعطاء الرسائل للمجتمع الدولي بأن الوضع مربك وخطر وغير صالح لإجراء الانتخابات، فضلًا عن تقويض الدعوات التي توجه لمراقبة الانتخابات أمميًا ما يشكل وجود خطر يهدد وجود فرق المراقبة في العراق".

وفي الأثناء، قال رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، إنّ العراق لن يكون "ساحة لتصفية الحسابات"، في تعليق على القصف الصاروخي في بغداد، مبينًا أنّ "أرض العراق لن تكون ساحة لتصفية الحسابات، والصواريخ العبثية هي محاولة لإعاقة تقدّم الحكومة وإحراجها"، لافتًا إلى أنّ "أجهزتنا الأمنية ستصل إلى الجناة وسيتم عرضهم أمام الرأي العام".

وتفاعل الأمين العام لعصائب أهل الحق، قيس الخزعلي، مع عمليات القصف في تغريدة له على موقع تويتر، قائلًا إن "استمرار استهداف المنطقة الخضراء رغم القرار الواضح من الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية، وبهذه الكيفية التي يحدث فيها في كل مرة سقوط صواريخ على المناطق السكنية دون حدوث أي إصابات حقيقة أو خسائر في السفارة، تضع الكثير من علامات الاستفهام حول الجهة المستفيدة من ذلك"، مضيفًا "بالنسبة لنا، فنحن نمتلك معلومات قد نفصح عنها في الوقت المناسب".

قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس إن الصواريخ التي استخدمت في الهجمات الأخيرة صنعت في إيران ونقلت إلى العراق

من جهته، طالب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في تغريدة له على "تويتر"، الحكومة العراقية بـ"عدم الوقوف مكتوفة الأيدي إزاء تعاظم استعمال السلاح والقصف واستهداف البعثات الدبلوماسية".

اقرأ/ي أيضًا: هجمات تحمل "بصمة واحدة".. القصة الكاملة للهجوم الصاروخي على أربيل

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس "سنحمّل إيران المسؤولية عن أفعال أتباعها الذين يهاجمون الأمريكيين في العراق، موضحًا أن القوات الأمريكية ستتجنّب المساهمة في "تصعيد يصبّ في مصلحة إيران"، فيما لفت إلى أن "الصواريخ التي استخدمت في الهجمات الأخيرة صنعت في إيران ونقلت إلى العراق".

ويعتبر الهجوم الأخير هو الهجوم الثالث خلال أسبوع الذي يستهدف منشآت دبلوماسية أو عسكرية أو تجارية غربية، خاصة بعد قصف القاعدة الأمريكية في مطار أربيل، وآخر طال قاعدة بلد الجوية في محافظة صلاح الدين.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

السفير البريطاني في بغداد: نتمنى أن تتعامل إيران مع الدولة وليس مع الفصائل

تقرير: إدارة بايدن ستراجع قرار سحب القوات الأمريكية من العراق