ألترا عراق ـ فريق التحرير
خلال ثلاثة أيام، تعرض معسكر التاجي شمال بغداد، الذي يضم قوات أمريكية وبريطانية رفقة قوات عراقية إلى قصف صاروخي، أدى الهجوم الأول إلى مقتل جنديين أمريكيين وبريطاني وإصابة آخرين، ردت عليه القوات الأمريكية، بعد يومين، فجر الجمعة 13 آذار/مارس، بقصف جوي على عدة مواقع قالت البنتاغون إنه "استهدف مرافق لتخزين الأسلحة تابعة لحزب الله العراقي، من أجل تقليل قدرتها على شن هجمات في المستقبل ضد قوات التحالف".
الفيصل في الهجمات دائمًا كان وقوع قتلى في صفوف الأمريكيين، وهو ما يُعتبر خطًا أحمرًا بالنسبة لواشنطن
لكن وزارة الدفاع العراقية أكدت في بيان لها أن الاعتداء شمل 5 مقار تابعة لقوات الجيش والشرطة في بابل بالإضافة إلى الحشد الشعبي، فيما قالت خلية الإعلام الأمني إن "الاعتداء الأمريكي طال مقرات تابعة للحشد وأفواج الطوارئ ومغاوير الفرقة التاسعة عشر في الجيش، بمناطق جرف الصخر، المسيب، النجف، الإسكندرية".
اقرأ/ي أيضًا: "الانتقام" الأمريكي يطال مواقع عسكرية رسمية ومنشأة يديرها السيستاني
كما استهدف القصف مطار كربلاء الدولي الذي تتولى العتبة الحسينية عملية تشييده، ما أدى إلى مقتل أحد العمال المدنيين وجرح آخرين فضلًا عن أضرار مادية.
دفع الهجوم الأمريكي، الخارجية العراقية إلى استدعاء السفيرين الأمريكي والبريطاني لتسليمهما مذكرتي احتجاج، وإعداد رسالتين متطابقتين إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة مفادهما أن العراق يعد الهجوم اعتداءً على العراق، بحسب تصريحات متوالية للمتحدث باسم الخارجية العراقية أحمد الصحاف.
في اليوم التالي للقصف الأمريكي، صباح السبت 14 آذار/مارس، سقط 33 صاروخا من كاتيوشا على وحدات الدفاع الجوي العراقية وقرب بعثة التحالف الدولي في قاعدة التاجي، وصفته قيادة العمليات المشتركة بـ"العدوان الغاشم"، وكشفت عن تسببه بجرح عدد من أفراد الدفاع الجوي بينهم حالات حرجة، بالإضافة إلى العثور على "سبع منصاب تم إطلاق الصواريخ منها في مرآب بمنطقة أبو عظام التابعة لقضاء التاجي، ووجدت فيها 24 صاروخًا جاهزًا للإطلاق"، فيما أصيب ثلاثة عناصر من قوات التحالف الدولي في الهجوم.
من جانبها، أعلنت قيادة عمليات بغداد اعتقال مالك المرآب والعاملين معه وإحالة جميع أفراد نقطة التفتيش القريبة منه للتحقيق.
بومبيو يهدد والباتريوت يقترب
نفذ مسلحون عدة هجمات استهدفت منشآت أمريكية أبرزها سفارة الولايات المتحدة في بغداد التي تعرضت لعدد من الضربات الصاروخية، فضلًا عن قاعدة التاجي ذاتها،، لكن الفيصل في الهجمات دائمًا كان وقوع قتلى في صفوف الأمريكيين، وهو ما يُعتبر خطًا أحمرًا بالنسبة لواشنطن.
استُهدفت قاعدة التاجي مخلفةً قتلى، ورد الأمريكيون على خمسة مواقع، ثم تكرر الهجوم على قاعدة التاجي مخلفًا جرحى في صفوف قوات التحالف الدولي، لكن الأخير بقيادة الولايات المتحدة لم يرد. وبعد يومين من العملية الأخيرة كشفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية مورغان أورتاغوس في 16 آذار/مارس عن مضمون اتصال بين الوزير مايك بومبيو ورئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي.
أكد بومبيو في اتصاله مع عبد المهدي على "واجب الحكومة العراقية بالدفاع عن أفراد التحالف الدولي ومحاسبة الجماعات المسؤولة عن الهجمات التي طالت القاعدة العسكرية في التاجي"، وهدد الوزير الأمريكي بالقول، إن "الولايات المتحدة لن تتسامح مع الهجمات والتهديدات التي تطال الأرواح الأمريكية وسوف تتخذ إجراءات إضافية عند الضرورة للدفاع عن النفس".
حملت كتائب حزب الله، في تعليق على قصف قاعدة التاجي "قوات الاحتلال نتائج وجودها غير الشرعي"
وقال قائد القوات المركزية الأمريكية كينيث ماكنزي في وقت سابق إنه "على تواصل مستمر مع الاستخبارات العراقية لمعرفة مواقع حزب الله، ونعمل مع حكومة العراق لملاحقة هذه المواقع"، فيما كشف بعد الاستهداف الأول لقاعدة التاجي عن "البدء بوضع المواد الإعدادية لمنظومة صواريخ باتريوت في مكانها ووضع الأنظمة الدفاعية التي تدافع عن هذه الصواريخ في العراق".
الكتائب تدافع عن المنفذين وأمريكا تتهمها
رغم إعلان بعض الفصائل المسلحة استمرارها بمقاومة الاحتلال، إلا أن فصيلًا منها لم يتبن العمليات التي تستهدف السفارة الأمريكية وكذلك القواعد العسكرية، بل أن بعضها اعتبر هجمات معينة بمثابة مؤامرة أمريكية، بما فيهم سياسيون، إذ اتهم النائب عن كتلة صادقون (الجناح السياسي لعصائب أهل الحق) محمد البلداوي، القوات الأمريكية بـ "الوقوف خلف قصف معسكر التاجي لاستخدامه ذريعة بضرب مواقع الحشد الشعبي واستمرار وجودها داخل العراق، فضلًا عن إيجاد ذريعة لإدخال صواريخ باتريوت لقواعدها العسكرية".
اقرأ/ي أيضًا: النجباء تتوعد بـ"الرعب".. وتلوح بإعلان "الجهاد" ضد القوات الأمريكية
يؤكد البلداوي أن "فصائل المقاومة الإسلامية لا زالت ملتزمة بتوصيات الحكومة ولن تنفذ أي هجمات ضد الوجود الأمريكي وحتى إن نفذت فلا تخشى وتعلن عنه بشكل رسمي".
لكن كتائب حزب الله، في تعليق على قصف قاعدة التاجي، في 12 آذار/مارس، حملّت "قوات الاحتلال نتائج وجودها غير الشرعي"، مؤكدة "حق مقاومة المحتلين والغزاة" وفق الشرائع السماوية والقوانين الدولية.
باركت الكتائب في بيانها "بمنفذي العملية الجهادية الدقيقة التي استهدفت قوات الاحتلال في قاعدة التاجي"، معتبرة "اختيارهم للوقت كان مناسبًا ولا يخلو من التوفيق"، معتقدة أنه "الوقت الأنسب لاسئتناف القوى الوطنية والشعبية عملياتها الجهادية لطرد الأشرار".
جددت الكتائب طلبها من "الذين يعتقدون ضرورة العمل ضد القوات المحلتة في هذه المرحلة أن يعرفوا عن أنفسهم"، وأضافت: "سندافع عنهم، ونحذّر من توسعة دائرة المواجهة في حال استهدافهم".
رغم مباركة كتائب حزب الله للعملية واستعدادها للدفاع عن منفذيها والتحذير من استهدافهم، إلا أنها لم تتبنَ العملية، لكن قائد القيادة المركزية الأمريكية ماكينزي قال في اليوم التالي إن لديهم "معلومات تؤكد أن كتائب حزب الله قامت بالهجمات الصاروخية على معسكر التاجي، وأشار إلى أن الكتائب "شنت 12 هجومًا صاروخيًا على قوات التحالف في الأشهر الستة الماضية".
من يقصف الأمريكان؟
فيما يبدو ردًا على طلب كتائب حزب الله بتعريف الجهات التي تعمل ضد القوات الأمريكية عن نفسها، أعلن تشكيلٌ بمسمى "عصبة الثائرين" تبنيه للعمليات، وقالت العصبة: "استجابةً لطلب اخواننا المجاهدين أننا وإن استجد عنوان مقاومتنا إلا أننا الأوائل في ضرب الاحتلال، ونعلن أن هذه العمليات المباركة هي عملياتنا نحن ولا نخشى أحدًا في إعلانها".
وفيما تؤكد العصبة أن "هذه العملية ما هي إلا بداية، والنهاية قريبة"، توعدت من أسمتهم بالمنافقين من عملاء سفارة الشر، مشيرة إلى أن "اغتيال قادتنا الشهداء حرارة في صدورنا وواعز لضمائرنا لا ينطفئ إلا بجلاء القوات المحتلة بصورة مذلة ومهينة".
صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله التي وصفت عصبة الثائرين بـ"التنظيم الوليد"، أشارت إلى "تماهٍ كبير بين مكونات شعاره البصرية وبين العناصر المكونة لشعارات الفصائل المقاومة الأخرى"، لكنها لم تستبعد أن يكون من رحم الفصائل.
وفي تعليق على إعلان "عصبة الثائرين" قال الخبير الأمني هشام الهاشمي إن "الأسم غير معروف من قبل ضمن عناوين الفصائل المسلحة العراقية وهو مقتبس من أدبيات حركات الجهاد الفلسطينية، ويبدو أنه قريب من الفصائل الثلاثة التي باركت استهداف التاجي".
مصدر لـ"ألترا عراق": مجاميع عسكرية تشكلت بقيادة قائد فيلق القدس الجديد اسماعيل قآني، وبتدريب من حزب الله اللبناني، وبتنسيق مع كتائب حزب الله العراقي هي التي تستهدف الأمريكان
وباستثناء كتائب حزب الله، باركت حركة النجباء على لسان المتحدث باسمها نصر الشمري عملية قصف قاعدة التاجي، الذي اعتبر أنها "فضحت ذيولًا أذلاء يتنكرون بزي الوطنية".
اقرأ/ي أيضًا: الأعنف بعد سليماني.. القصة الكاملة لـ "ليلة الصواريخ" في العراق
وكانت العديد من المصادر الصحفية قد أشارت مطلع كانون الثاني/يناير، بعد اغتيال سليماني والمهندس، إلى قرار اتخذته حركة النجباء بغلق مقراتها العلنية والعودة إلى المقاومة الشاملة".
إضافة للكتائب والنجباء، بارك أمين عام كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي عملية قصف قاعدة التاجي، مشيرًا إلى أن "من يدينها عليه مراجعة أقرب مختبر لفحص (دي أن ايه) وسيجد نفسه لا ينتمي للعراق أو للإنسانية".
لكن مصدرًا أمنيًا رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته، قال إن "مجاميع عسكرية تشكلت بقيادة قائد فيلق القدس الجديد اسماعيل قآني، وبتدريب من حزب الله اللبناني، وبتنسيق مع كتائب حزب الله العراقي"، مبينًا أن "الحكومة العراقية والسياسيين بشكل عام يعرفون من ينفذ تلك العمليات وبالأسماء، لكنهم يخشون الإفصاح عنها أو اتخاذ إجراءات ضدهم".
أشار المصدر في حديث لـ"ألترا عراق" إلى أن "هدف هذه المجاميع هو الاستمرار باستهداف الأمريكيين فقط للإسراع بإخراجهم من العراق، وإحراج الحكومة أكثر للتعجل في تنفيذ قرار البرلمان بإخراج القوات الأجنبية"، موضحًا أن "العديد من الفصائل المسلحة لا تشترك بتلك العمليات ولم تؤيدها في السر أو في العلن".
مصدر لـ"ألترا عراق": الحكومة العراقية تعرف من ينفذ عمليات استهداف الأمريكان، لكنها تخشى الإفصاح عنهم أو اتخاذ إجراءات ضدهم
وردًا على أنباء نصب منظومة صواريخ باتريوت، قال المصدر إن "إتمام الجيش الأمريكي لمنظومة باتريوت في العراق سيمكنهم من التحرك بشكل أكبر على مواقع الفصائل في حال استهدفت القوات الأمريكية، ولديهم (بنك) أهداف كبير أشاروا إليه سابقًا".
اقرأ/ي أيضًا:
القوات المسلحة تهدد الفصائل في بيان ناري.. وتوجه رسالة إلى واشنطن
الرد الأمريكي سيكون قريبًا.. والعراق يصنف هجوم التاجي بـ"الإرهابي"