01-ديسمبر-2021

موقف الشباب بات أكثر قوة من ذي قبل (فيسبوك)

استذكر أبناء ذي قار مجزرة جسر الزيتون التي وقعت في فجر يوم 28 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019 ، أي في خضم ثورة تشرين الشعبية، والتي راح ضحيتها العشرات من المتظاهرين الشباب، بعد أن فتحت عليهم النار قوة جاءت من خارج المحافظة يقودها جميل الشمري، إذ تسابقت مدن المحافظة على إقامة تأبين للشهداء الذين كان عددًا منهم من أبناء تلك المدن، لأن الشهداء لم يكن ينتمون إلى مدينة واحدة من مدن المحافظة، بل إلى عدة مدن، فضلًا عن المركز، أي مدينة الناصرية.

لقد حصلت هذه المجزرة المروعة بعد أن شعرت الحكومة بالعجز عن إيقاف التظاهرات على الرغم من استخدامها للعنف المفرط، فضلًا عن إطلاقها وسياسيها الوعود والعهود بتنفيذ المطالب التي قدمها المتظاهرون، وهي وعود وعهود كان يتكرر إطلاقها عند كل مواجهة مع الشعب، لكنها سرعان ما تتبدّد عندما يعم الهدوء مرة أخرى، وهو أمر كنا نحذر منه في مقالاتنا ومنشوراتنا، ولأن ذي قار تصدرت مشهد التظاهر آنذاك، وباتت ساحاتها وشوارعها مركزًا لأشد التظاهرات والاعتصامات المطالبة بالحقوق ضراوة، فقد كان المتوقع أن تأخذ الحصة الأكبر من العنف في محاولة لإسكات صوتها الأكثر صدوحًا كمقدمة لإيقاف الثورة وإنهائها في المحافظات الأخرى، فكان ما كان.

لقد كانت هناك قناعة لدى كثير من المتظاهرين بأن أصحاب القرار ليسوا راغبين بالقيام بأي خطوة لإصلاح العملية السياسية أو تحسين ظروف الناس، لأن ذلك معناه ضرب نفوذهم وتقليل امتيازاتهم، لذا رأوا في استمرار التظاهرات السبيل الوحيد لتوجيه الأمور إلى الوجهة الصحيحة، وقد زادت قناعتهم بذلك بعد حصول تلك المجزرة، إذ باتوا بعدها أكثر عزمًا على تحقيق الأهداف ولو كلفهم ذلك حياتهم، وقد أدركت ذلك بنفسي بعد أن ألتقيت بعدد من الشباب الذين كانوا يحثون بعضهم البعض للذهاب للمشاركة في حصار مركز الشرطة الذي انسحبت إليه القوة المهاجمة، إذ دعوتهم للعودة إلى ساحة الحبوبي لأنها أفضل مكان للتظاهر والمطالبة بالحقوق، دفعني إلى ذلك إيماني بالسلمية وحرصي على سلامتهم، وكان مما قلته لهم: إن حياتهم أهم من أي هدف يمكن تحقيقه، وأن الحرص عليها يجب أن يتقدم على أي شيء آخر، لكنني واجهت صلابة لم أعهدها من شباب بمثل عمرهم، إذ خاطبني أحدهم بصوت ملؤه الحماس: حياتنا ليست بأفضل من حياة من أريقت دماؤهم في المجزرة.

واليوم وبعد مرور سنتين على الواقعة، بت على يقين بأن موقف الشباب بات أكثر قوة من ذي قبل، وأنهم غدوا أكثر تصميمًا على توجيه الدفة إلى ما يخدم مصالح البلاد ويضمن حقوق العباد، وفي المقدمة من ذلك: ضمان حق الشهداء في محاكمة عادلة لقتلتهم.  

 

 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

وثائق سرية تكشف عن أوامر جميل الشمري إلى ضباطه قبيل "مجزرة الناصرية"

بعد "مجزرة" ذي قار.. الدفاع "تبرئ" جميل الشمري من الدماء