28-ديسمبر-2019

شهدت ساحات الاحتجاج جدلًا بشأن قانون الانتخابات وهل يلبي الطموح أم أنه جاء بشكل واقعي للمرحلة (Getty)

بمطالبٍ واضحة، اعتصم المحتجون في ساحات التظاهر، وبتسويفٍ أوضح جابهت الطبقة السياسية تلك المطالب. هكذا يقول المتظاهرون في خضم الاحتجاجات الغاضبة التي يشهدها العراق في عدة محافظات، ولعل قانون الانتخابات يعد من أبرز نقاط الخلاف بين مطالب المحتجين ورغبات الكتل السياسية.

قبل بعض المعتصمين بقانون الانتخابات الجديد وقالوا إنه ثمرة جهود متواصله فيما رفضه البعض الآخر كونه لا يلبي طموحات الاحتجاجات وما سالت فيها من دماء

أثار قانون الانتخابات الذي صوّت عليه مجلس النواب وباركته بعض الكتل، لغطًا كبيرًا في ساحة التحرير وساحات الاعتصام في بقية المحافظات، فقد قبل به معتصمون بدعوى أنه "ثمرة جهود متواصلة وأنه أفضل من القانون السابق"، ورفضه البعض الآخر كونه "لا يلبي طموحات الاحتجاج ولا يستحق كل الدماء التي قدمها الشعب العراقي في سبيل الخلاص من هذا النظام"، بينما اتفق الجميع تقريبًا على انتظار رأي أهل الاختصاص لتحديد موقفهم بناءً عليه.

اقرأ/ي أيضًا: خطوات تصعيدية في 8 محافظات.. هل ينجح مجلس النواب بتمرير قانون الانتخابات؟

تتجه جميع الأنظار إلى المواد الخاصة بالدوائر الانتخابية والترشيح الفردي من قانون الانتخابات. حيث تم إغفال المادة الخاصة بالشرائح المستثناة من حق الترشح، والتي استثنت فقط القضاة وأعضاء الادعاء العام، وأفراد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وموظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أثناء فترة عملهم من الترشيح للانتخابات، فيما لم تمنع الوجوه القديمة من الترشح بحسب مطالب المتظاهرين.

المحامي فؤاد العايدي، وهو معتصم في ساحة التحرير، أوضح لـ"ألترا عراق"، أن "تلك المادة لا تقل أهمية عن مواد الترشيح الفردي والدوائر الانتخابية بالنسبة لمطالب المتظاهرين، فهنالك بعض الشخصيات السياسية جثمت على صدور العراقيين لـ16 سنة، وهم الآن يريدون استبدالها بكل قوة لارتباطها الوثيق بالفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة"، لافتًا إلى أن "مقترح القانون كان يحتوي على منع الشخصيات العسكرية والقضاة وأعضاء الادعاء العام وموظفي المفوضية والنواب السابقين والوزراء والمسؤولين من هم بدرجة مدير عام فما فوق من الترشح للانتخابات"، مستدركًا "لكن جرى في مجلس النواب تعديل هذه المادة وحصر المنع بالشخصيات العسكرية والقضاة وأعضاء الادعاء العام وموظفي المفوضية فقط، وهذا ما لا يرضي طموحات الشارع المنتفض".

مختص لـ"ألترا عراق": قانون الانتخابات الجديد أفضل بكثير من قانون الانتخابات السابق، وستبقى المراهنة على وعي الناخبين لإبعاد الطبقة السياسية 

وبيّن العايدي أنه "على الرغم أن القانون الجديد لا يلبي جميع طموحات المعتصمين، إلّأ أنه أفضل بكثير من قانون الانتخابات السابق، وستبقى المراهنة على وعي الناخبين لإبعاد الطبقة السياسية عن السلطة بواسطة صناديق الاقتراع".

اقرأ/ي أيضًا: قانون الانتخابات.. صراعٌ حزبي وغيابٌ جماهيري

ما يميّز ساحات الاحتجاج ـ بحسب نشطاء ـ أنها هتفت ضد الجميع ولم تستثن أية جهة أو شخصية من هتافاتها، وهذا ما جعل جميع خيارات الطبقة السياسية مرفوضة من قبل الشارع، الأمر الذي صعّب الوصول إلى حلول وسطية يمكن أن تسمح بها الكتل السياسية ويرضى بها الشارع.

في السياق، رأى المحامي أحمد نجاح، والمعتصم في ساحة الساعة بمحافظة الديوانية، أن "قانون الانتخابات الجديد في جهة، ومطالب المعتصمين في جهة أخرى"، مضيفًا لـ"ألترا عراق"، إن "قانون الانتخابات الجديد سيؤثر بشكل ضئيل جدًا على هيمنة الأحزاب على السلطة، بينما لن ينعكس بصورة إيجابية على الجهات المستقلة إلا في حالات نادرة، وهذا ما يخالف المطالب التي رفعت في ساحات الاحتجاج".

وأضاف أنه "رغم الضوابط المشروطة للدوائر الانتخابية، لكن ستكون هنالك مساحة كبيرة للصفقات السياسية والتقاربات على أساس مذهبي أو عشائري، فضلًا عن كون القانون حدد نظام القرعة في حال تساوي الأصوات، ولم يعتمد نظام الجولة الثانية، وهذا ما لا يرضي الشارع"، مشيرًا إلى أن "تقسيم الدوائر الانتخابية على أساس الأقضية سيخلق مشاكل كبيرة في محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها بين سلطة بغداد وسلطة الإقليم قد تتطور إلى نزاعات مسلحة".

مواقع التواصل الاجتماعي كانت لها حصة كبيرة في جدل القانون، فانقسمت شأنها شأن ساحات الاحتجاج، بين التأييد والرفض، ولنفس الأسباب المتداولة في الساحات، بينما انتشرت عدة منشورات موحدة ترفض اعتبار الحاصل على أعلى الأصوات في الدائرة الانتخابية هو الفائز، وتطالب بجولة انتخابية ثانية لاختيار الفائز عن طريق حصوله على 50%+1 من الأصوات، فيما اعتبر آخرون أن نظام الجولة الثانية بوجود السلاح خارج سلطة الدولة لا يمكن أن ينجح في العراق.

الدكتور أثير إدريس، والمختص بمجال العلوم السياسية، نشر مقطع فيديو على صفحته الشخصية شرح فيه إيجابيات قانون الانتخابات الجديد وسلبياته، وبيّن أن "من الأمور الجيّدة في هذا القانون هو الحصول على فقرة الدوائر المتعددة والترشيح الفردي، حيث سيخلّصنا ذلك من القوائم الانتخابية التي تتوزع الأصوات على أساسها"، مضيفًا "أما اعتبار القضاء دائرة انتخابية واحدة فهو نقطة سلبية في قانون الانتخابات، فجميع مراكز المحافظات عبارة عن أقضية كبيرة، إضافة إلى أن عدد النواب سيبقى نفسه وربما سيزيد أيضًا بسبب زيادة عدد السكان، وذلك سيجعل للمال السياسي دورًا قويًا في التلاعب بالانتخابات".

وأضاف أن "من السلبيات الأخرى هي أن مجلس النواب منح لنفسه قضية تحديد الدوائر الانتخابية، وهذا سيفتح بابًا كبيرًا للتوافقات السياسية، بينما هذا الأمر من الأمور الفنية التي يجب أن تكون ضمن مسؤوليات المفوضية"، وبخصوص كوتا النساء، كشف إدريس أن "أمرها لم يحدد بوضوح وسنقابل مشاكل مثل استبعاد رجال حاصلين على أصوات أعلى واستبدالهم بنساء حاصلات على أصوات أقل"، كما سلّط ادريس الضوء على فقرة اعتماد الفائز بكونه حاصلًا على أعلى الأصوات، معتبرًا أنها سلبية إضافية في القانون، كونها "ستوصل إلى مجلس النواب شخصيات سياسية بعينها فضلًا عن شخصيات ذات ثقل عشائري".

مختص لـ"ألترا عراق": قانون الانتخابات الجديد سيؤثر بشكل ضئيل جدًا على هيمنة الأحزاب على السلطة، ولن ينعكس بصورة إيجابية على الجهات المستقلة

أثناء ذلك، وكما يرى مراقبون، تتموج مواقف الطبقة السياسية للخروج بأقل الخسائر من هذه الاحتجاجات، فيما تصطدم جميع محاولاتها برفض المعتصمين وموقفهم الصامد ضد أي محاولة للاتفاف على المطالب الجماهيرية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قبل "الكارثة".. ما هي خيارات سلطة الخضراء؟

وزير الصدر يضع البرلمان على "المحك".. ويقترح شكل قانون الانتخابات