22-مايو-2021

إيرادات نهري دجلة والفرات تراجعت بحدود 50% (فيسبوك)

تحولت أزمة المياه إلى موسمية في البلاد، ففي الوقت الذي تتحدث وزارة الموارد المائية عن كون انخفاض منسوب نهري الفرات ودجلة طبيعي، وهو نتيجة للفترة الفاصلة بين موسمي الزراعة الشتائي والصيفي، إلا أن مختصين لا يخفون المخاوف بشأن كارثة مائية وشيكة، والتي سبق وأن تم التحذير منها خلال السنوات الماضية.

يذهب مختصون إلى أن دول المنبع تعمل على توظيف ملف المياه مع العراق كورقة ضغط سياسية في الملفات المشتركة

وانخفضت خلال الأسبوعين الماضيين مناسيب نهري دجلة والفرات، خاصة في المحافظات الجنوبية، آخر محطات النهرين، وحذرت شخصيات سياسية ومنظمات حقوقية ونقابات من آثار كبيرة على القطاع الزراعي، بالإضافة إلى أن شح المياه قد  يصل إلى بعض محطات مياه الشرب في تلك المحافظات.

اقرأ/ي أيضًا: الموارد المائية تحدد ثلاثة أنواع من التجاوزات على المياه

ولا يخلو الموضوع من جنبة سياسية، جراء اعتماد العراق على المياه القادمة من تركيا وإيران وسوريا بنسبة كبيرة، إذ يذهب مختصون إلى أن سياسات أنقرة وطهران ودمشق تعمل على توظيف ملف المياه مع العراق كورقة ضغط سياسية في الملفات المشتركة.

في المقابل، تحاول الحكومة التخفيف من القراءات التي تتعلق بالجانب السياسي، والدور الذي تمارسه بلدان المنبع، إذ قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، علي راضي، إن "التغييرات المناخية أثرت بشكل كبير على المنطقة، وتحديدًا على دول المنبع في تركيا وإيران، فضلًا عن دولة المرور سوريا، وكذلك العراق الذي يكون أكثر تضررًا كونه من دول المصب"، مبينًا أن "إيرادات نهري دجلة والفرات تراجعت بحدود 50% عن معدلاتها خلال العام الماضي، لذلك عقدت الوزارة لقاء مع الجانب السوري، وتواصلت فنيًا مع الجانب التركي، للاتفاق على تقاسم الضرر الناجم عن قلة الإيرادات بسبب تغير المناخ حسب الاتفاقيات الموقعة بين الدول".

ويضيف راضي، في تصريح صحفي، "هناك تحرك فعلي تجاه تركيا وإيران بشأن ملف حصة العراق من المياه، بهدف التوصل إلى اتفاق على تقاسم الضرر خلال فترة شح المياه، وقلة الإيرادات المائية"، لافتًا إلى "خفض إيران نحو 70 بالمائة من واردات رافد سيروان، أبرز روافد نهر دجلة، الذي يصب في بحيرة دوكان شمالي العراق، ما يجعل محافظة ديالى من أكثر المحافظات المتضررة، كونها من المحافظات الزراعية المهمة ومصدر إروائها يعتمد على نهر ديالى- سيروان بحدود 80%، وكذلك نهر دجلة بحدود 19 إلى 20%".

في السياق، حذر النائب عباس صروط، من مخاطر السياسة التي تتبعها تركيا مع العراق من خلال استخدامها لملف المياه في جوانب غير إنسانية.

وقال صروط في تصريح صحفي، إن " تركيا تعتزم إنشاء ما يسمى بسد (جزرة) على نهر دجلة حيث يبلغ حجم الخزن الكلي للسد (1.2) مليون متر مكعب، وفي حال تم إنشاؤه لن تصل 10 % من مياه نهر دجلة إلى الأراضي العراقية" لافتًا إلى أن " تركيا ماضية في إنشاء المشروع ولن تستمع لمطالبات الحكومة العراقية بعدم إنشاء السد".

وأضاف " قمنا بزيارة سد اليسو في تركيا أكثر من مرة واطلعنا على  تفاصيل والهدف من إنشاء السد" مشيرًا إلى أن "سد اليسو يولد 1000 ميكا واط فهو ليس له أهمية كبيرة لدى تركيا، ولكنه يعتبر مشروع سياسي لرصد حزب العمال، فضلًا عن مساومة العراق في ما يخص المياه".

وتابع صروط أن "الحكومة العراقية مقصرة في هذا الجانب ويجب اللجوء إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة والوسائل الاقتصادية والتجارية والدبلوماسية لتثبيت حصة العراق المائية".

من جانبها، طالبت لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، الحكومة باتخاذ الخطوات اللازمة والسريعة للحفاظ على حصص العراق المائية، وقال رئيس اللجنة سلام الشمري في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إن "التناقص الحاصل بمنسوبي دجلة والفرات أمر مقلق وينذر بصيف قليل المياه إن لم تتخذ الإجراءات الحكومية اللازمة مع دولتي المنبع للنهرين والروافد تركيا وإيران". 

وأضاف الشمري أن "البلدين ماضيان بخططهم بإنشاء الخزانات والسدود التي تحفظ لهما القدرة على التعامل مع أي ظروف إروائية وزراعية مهما كانت ونحن ننتظر منهما العطف ليزودونا بالمياه"، لافتًا إلى أن "الأهوار في طريقها للجفاف، وقد دفعنا الظروف أن استمرت بسبب قلة المياه إلى استخدام الخزين في غير وقته لمياه الشرب والزراعة". 

ما الحل؟

في السياق يعتقد الخبير المائي حسن العلي، جذر الأزمة هو الحكومات العراقية السابقة التي لم تعط لملف المياه أهمية على مستوى الإدارة من قبل أعلى جهة في البلاد، مثل تركيا التي تحصر صلاحيات المياه بالرئيس أردوغان، وإيران بالمرشد الأعلى، بالإضافة إلى أن تلك الحكومات لم تضع في أولوياتها التوظيف الصحيح لاستخدام المياه، وهذه النقطة ستضعف موقف الحكومة العراقية أمام المحاكم الدولية، في حالت قررت اللجوء لهذا الخيار.

وقال العلي لـ"ألترا عراق"، إن "المعطيات واضحة من استخدام بلدان المنبع للمياه كورقة ضغط سياسية، ما يجعل الموقف الأجدى من الحكومة العراقية الرد بالمثل، واستخدام أوراق ضغط، مثل التجارة والاستثمارات داخل العراق، ما يجعل جولات التفاوض فيها شيء من التكافؤ، ولا نذهب كضعفاء نستجدي المياه منهم".

يعتقد خبير مائي أن جذر الأزمة هو الحكومات العراقية السابقة التي لم تعط لملف المياه أهمية على مستوى الإدارة

ويرى العلي، وجود مرحلتين في طريق السيطرة على ملف المياه، الأولى تبدأ من معالجة ملف دول المنبع بصورة جذرية، وتجنبنا الأزمات الموسمية، ومحاولات الابتزاز السياسي، وتأتي بعدها مرحلة داخلية، تبدأ من وضع خطة مائية جديدة، يعتمد فيها على أنظمة الري الحديثة، لضمان الصرف المناسب للمياه، والمباشرة بالعمل على إنشاء السدود المخطط لها مسبقًا، مثل سدود طقطق والبغدادي ومنداوة وباكرمان، واستئناف العمل في مشاريع السدود المتوقفة مثل سد بخمة وسد بادوش وسد مكحول، وهذا ما سيمنحنا سعات خزنية وتنظيمية بمقدار 33 مليار متر مكعب/سنة، وهذه الطاقة الخزنية الإضافية ستعوض النقص المتوقع من الواردات، إضافة إلى إنتاج طاقة كهربائية بمقدار الفين ميكاواط.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الموارد: إيران خفضت كميات المياه الواردة إلى العراق.. بل قطعت بعضها

إيران تقطع المياه عن العراق.. نداء إلى وزارة الخارجية للتحرك صوب طهران