30-أبريل-2020

اشتعلت الأزمة مجددًا بين بغداد وأربيل في ظل ظروف حرجة تمر بها البلاد

الترا عراق - فريق التحرير

بينما غير كورونا وجه رمضان في أربيل وعموم إقليم كردستان، وعطل الحياة بشكل شبه تام، أطل كابوس أزمة الرواتب ليرفع من مستوى القلق ويعمق من الركود الاقتصادي.

خيم كابوس أزمة الرواتب على إقليم كردستان بعد عام من الرخاء 

فمع انهيار أسعار النفط قررت الحكومة الاتحادية إيقاف الرواتب التي ترسلها إلى حكومة الإقليم، بسبب امتناع أربيل عن الإيفاء بالتزامها النفطي، ما انعكس مباشرة على أصحاب الدخل المحدود وموظفي الإقليم الذين يبلغ عددهم نحو 1.2 مليون شخص.

وسارعت حكومة الإقليم إلى استنكار قرار بغداد وإلقاء مسؤولية الأزمة على عاتق الحكومة الاتحادية، كما أبدت استعدادها إلى تقديم الحصة النفط اليومية المتفق عليها والبالغة 250 ألف برميل إلى بغداد، لكن التحرك جاء متأخرًا كما يبدو، حيث شددت عدة أطراف سياسية على ضرورة عدم استلام النفط من الإقليم بعد أن فقد قيمته.

اقرأ/ي أيضًا: عبد المهدي والكرد.. "صداقة" قديمة و"تفريط" قد يؤدي إلى حرب!

يقول عماد باجلان عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، إن "حكومة الاقليم عملت دومًا على إذابة الخلافات مع بغداد، خصوصًا في ملف النفط منذ سنوات لكن الضغوط السياسية عادة ما تتحكم بمصير البسطاء من الموظفين".

ويضيف في حديث لـ"الترا عراق"، إن "الحكومة في إقليم كردستان باشرت بتصدير النفط في 2014 عندما قطعت الميزانية الاتحادية ولم يكن لها حل سوى إيجاد حلول بديلة من بينها الاستدانة من شركات النفط وحتى الموظفين ضمن ما يعرف بالادخار الإجباري".

لكن حديث القيادي في الحزب الكلام تدحضه تقارير ووثائق رسمية يشير بعضها إلى أن سلطات الإقليم تسبب بأضرار تقدر بـ 128 مليار دولار نتيجة استيلائها على النفط في كركوك خلال سنوات صعود تنظيم "داعش".

كما يؤكد مسؤولون ومراقبون، أن حكومة الإقليم دائمًا ما تلجأ إلى أسلوب "المراوغة" في ما يتعلق بملف النفط وإيرادات المنافذ الحدودية.

تتهم أربيل بغداد بالتقصير في ما يتعلق بإيجاد حل نهائي لأزمة النفط والرواتب مقابل اتهامات لسلطات الإقليم بـ"المراوغة"

وحلت الأزمة الجديدة لتنهي أكثر من عام من الرخاء الذي نالته أربيل باستلام عادل عبد المهدي للسلطة في بغداد، وهو المتهم بـ"التراخي" مع السلطات الكردية ومنحها امتيازات كبرى على حساب المحافظات الأخرى، خاصة وأن حقيبة وزارة المالية خضعت لإدارة أحد صقور الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين.

على الفور، أرسلت كردستان وفدًا تفاوضيًا إلى بغداد على أمل التوصل إلى حل للأزمة، لكن الأجواء المتوترة في العاصمة واستياء أطراف سياسية من المواقف الكردية لا يبشر بانفراجة سريعة.

وخاض الوفد عدة جولات بدأها من السفارة الأمريكية مرورًا بلقاءات مع قادة كتل وأطراف سياسية. ويقول عباس فاضل عضو الاتحاد الوطني الكردستاني لـ"الترا عراق"، إن "من الممكن أن يتوصل الوفد إلى صيغة تفاهم مشتركة تجنب الموظفين مشكلة الرواتب، وكذلك الإقليم الأزمة الاقتصادية".

تبرر الأطراف الكردية امتناعها عن تسليم الحصة المتفق عليها من النفط، بتخويل بغداد اقتطاع قيمة تلك الحصة من موازنة كردستان، لكن ذلك لم يحصل على مدى أكثر من عام وفق أطراف سياسية في بغداد، في وقت تتهم أطراف سياسية سلطات الإقليم بتصدير كميات من النفط تفوق بعدة أضعاف ما هو معلن.

وبالتزامن مع وصول وفد الإقليم نشرت حكومة كردستان رسالة من 10 نقاط موجهة إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، تضمنت مطالبات بصرف تعويضات عن الأضرار التي خلفها نظام حزب البعث على مدى أكثر من 40 عامًا والتي قدرتها السلطات الكردية بنحو 400 مليار دولار، كما طلبت أكثر من 7 مليارات دولار أخرى كبدل عن تكاليف إيواء النازحين.

بالمقابل، أصدرت كتل كبرى، ائتلاف دولة القانون وكتلة النصر وصادقون، بيانات حذرت فيها من "التساهل" مع وفد الإقليم الذي قد يحاول استغلال ما تبقى من عمر حكومة تصريف الأعمال برئاسة عبد المهدي، والأزمة التي تعصف بالعملية السياسية التي ترجمها العجز عن تشكيل حكومة جديدة منذ أشهر.

ووجهت تلك الأطراف رسالة حادة إلى وزير النفط ثامر الغضبان الذي سيترأس فريق بغداد خلال المفاوضات، دعته فيها إلى عدم منح الإقليم أي "امتيازات"، أو تحميل الحكومة الاتحادية أي أعباء إضافية. 

ويحذر مختصون من كارثة غير مسبوقة في الإقليم في حال استمرار الأزمة لمدة طويلة. ويقول خبير الاقتصاد محمد إحسان إن "أزمة الإقليم في حال استمر انهيار أسعار النفط وقطعت بغداد الرواتب ستكون كارثية لدرجة لا تطاق".

بدأ الوفد الكردي جولاته في بغداد ضمن أجواء متوترة وتحذيرات من تنازل جديد قد تقدمه حكومة عبد المهدي 

ويضيف إحسان لـ "ألترا عراق"، إن "الإقليم ليس له خطة لمواجهة الأزمة، بل يعتمد بشكل تام على إيرادات النفط والأموال التي ترسلها الحكومة الاتحادية".

وتتهم السلطات الكردستانية بالفساد والاستيلاء على الجزء الأكبر من الموارد والإيرادات، وفق أطراف سياسية كردية معارضة من بينها حراك الجيل الجديد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نفط و"صديق قديم".. كيف يبدو إقليم كردستان بعد عامين من محاولة الانفصال؟

"سر" كردستان الكبير في "بئر" عبد المهدي.. نفط عراقي "رخيص" إلى إسرائيل!