ألترا عراق ـ فريق التحرير
هربًا من الجيوش الالكترونية والسب والشتم والتهديد والتحريض، لجأ عدد كبير من العراقيين إلى تطبيق الدردشة الصوتية "كلوب هاوس"، في الوقت الذي أشر مراقبون ارتفاع في خطاب الكراهية والتهديد مع توجه جمهور الأحزاب السياسية للتسجيل في التطبيق.
تلقى عدد من الصحفيين والنشطاء في تطبيق "كلوب هاوس" تهديدات بالتصفية الجسدية من قبل فصائل مسلحة
وعلى ما يبدو أن ما اسماها نشطاء "أشهر عسل التطبيق" قد شارفت على النهاية، مع تسجيل عدد من التهديدات التي طالت عدد من المدونين والناشطين الذي كانوا يرون "كلوب هاوس" نافذة للنقاش والحوار بعيدًا عن تهديدات "الميليشيات" وحوادث الاغتيال التي تطال أصحاب الرأي.
اقرأ/ي أيضًا: "كلابهاوس" في العراق.. الجيوش الالكترونية تتراجع ومواجهة مباشرة مع السياسيين
عمر الجنابي وهو صحفي عراقي، تعرّض إلى تهديد بالقتل والتصفية الجسدية على إثر إبداء رأيه في أحد الغرف الصوتية لبرنامج "كلوب هاوس".
ويقول الجنابي في حديث لـ "الترا عراق"، إن "الأحزاب والميليشيات تحاول خلق رأي عام وضغط داخل منصة كلوب هاوس، عبر زج أشخاص يتبعون لها ومعرفين بصفة (صحفي، محلل سياسي، باحث، مدون، الخ..) حيث يقوم هؤلاء بدخول غرف المحادثة والتحدث بفكر وأسلوب الجهات التي يتبعون لها، وإذا حصل أي تماس بينهم وبين من يعارضهم الفكر ينتقلون بشكل مباشر إلى أسلوب التهديد والوعيد والطعن بوطنية وأخلاق وشرف من يعارضهم".
ويضيف الجنابي "على الصعيد الشخصي تعرّضت بشكل مباشر لتهديد وتحريض من قبل أشخاص ينتمون لإحدى الميليشيات المنضوية في هيئة الحشد الشعبي، بمجرد أن قلت رأيي بصراحة حول ما يرتكب من جرائم في العراق من قبل الميليشيات، وقال لي 2 منهم إنهم يتابعون حسابي على تويتر وخطابي بشكل عام على منصات التواصل الاجتماعي ويجدونه خطابًا يجب إسكاته".
ويتابع "في نفس السياق وباليوم ذاته بعد ساعات تعرضت لحفلة تحريض من قبل أشخاص ينتمون لميليشيات وأحزاب متطرفة بعد أن فتحوا غرفة محادثة على تطبيق كلوب هاوس، ووضعوا اسمي في عنوان الغرفة مع كلام بذيء ومسيء، وصاروا يتحدثون بلغة بذيئة ويقذفون في المحصنات ويهددون ويتوعدون بالوصول إلي في أي مكان أتواجد فيه، في تهديد صريح وواضح بالقتل، بحسب ما نقل لي أصدقاء تواجدوا في غرفة المحادثة".
وتتخذ بعض الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة آليات عدة للسيطرة على المنصة الصوتية، من خلال تسجيل حسابات وهمية بأسماء وصور بنات لغرض رصد ما يدور من حديث في الغرف الصوتية للشخصيات المعارضة للنظام السياسية، ويقول الصحفي العراقي محمود النجار لـ"ألترا عراق"، إن "سلاح الجماعات المتطرفة من الميليشيات وأبواق الأحزاب الفاسدة تعكس فقرها وانحدارها الفكري والأخلاقي، فتحاول تحشيد رعاياها لاستفزاز الشباب المعتدلين في منصة Clubhouse، وهذا ما نشهده يوميًا، عندما يتداخل في الحوارات شخصيات رخيصة بأسماء وصور وهمية"، موضحًا أن "هذه النماذج تعكس مدى هبوط خطابات الميليشيات وأحزابها، إذ يحاولون جرّ النقاشات نحو عبارات الاتهامات والتخوين، ويستخدمون عبارات الحياء وينتهكون بكلامهم خصوصية الإنسان، وهذا يدل على فراغ ثقافي وخلفية فكرية خاوية لا تستند على المنطق".
عمر الجنابي يتفق مع النجار بالتأكيد على رواية الحسابات الوهمية للنساء بالقول إنه "في الآونة الأخيرة لاحظت وجود حسابات بأسماء بنات ويضعن صور مميزة لكنهن لا يتحدثن ولا يطلبن الصعود إلى منصة التحدث، وهذا إن دل فيدل على وجود هذه الحسابات لغرض المتابعة وتسجيل الأحاديث والنقاشات التي تدور في غرف المحادثة، وهذا يمكنهم من جمع تسجيلات صوتية لجميع الناشطين والصحفيين والمدونين وتهديدهم وعائلاتهم بها في أي وقت".
رصد مركز الإعلام الرقمي DMC تدفقًا عراقيًا كبيرًا على تطبيق كلابهاوس للدردشة الصوتية
ويحذر مختصون في مجال الأمن الرقمي من خصوصية وأمن التطبيق الشهير، لأنه يجري في غرف مفتوحة للمشاركة العامة، حيث يمكن تسجيل جميع المداخلات الصوتية، كما أن التطبيق مرتبط برقم الهاتف والموقع الجغرافي، ويعتمد التسجيل فيه على الدعوة الخاصة، وهذه الدعوات متاحة للجميع مما يسهل مراقبتها، ورصد مركز الإعلام الرقمي DMC تدفقًا عراقيًا كبيرًا على تطبيق كلوب هاوس للدردشة الصوتية، باعتبارها منصة جديدة للتواصل الاجتماعي بميزات فريدة قد تبدو جديدة للمستخدمين.
اقرأ/ي أيضًا: "جيش الأضحكني" في العراق.. احتجاج ساخر ضد المحتوى الالكتروني "المحرض"
واشار المركز في بيان إلى أن "مئات العراقيين أقبلوا على التسجيل في هذا التطبيق الذي بدأ بالانتشار الكبير والمفاجئ منذ مطلع 2021 خصوصًا بعد المحادثة التي أجراها ايلون ماسك مسؤول شركتي Tesla و SpaceX مع فلادمير تينيف المدير التنفيذي لتطبيق Robinhood".
ويقلّل المدون والمبرمج الرقمي حيدر المرواني من "أهمية ارتفاع أعداد الحسابات الوهمية العائدة للأحزاب والميليشيات في البرنامج"، مؤكدًا "صعوبة تشكيل جيوش الكترونية في البرنامج كما في فيسبوك وتويتر".
وخلال حديثه لـ"ألترا عراق"، يقول المرواني إن "الاستراتيجية التي نستخدمها تجعل جميع أشهر السنة عسل في التطبيق، من خلال مقاطعة السياسيين وأنصار الميليشيات والمحرضين والقتلة وعزلهم اجتماعيًا في هذا البرنامج، وبهذه الطريقة نبقى بشهر عسل يدوم للأبد".
ويضيف المرواني "في مثل هكذا برامج لن يكون لوجودهم قيمة لأنه يصعب تشكيل الجيوش الالكترونية، فكل شخص يدخل بصوته ويكون وحده، ليس كما في باقي البرامج التي يسهل فيها تشكيل الجيوش الالكترونية بحسابات وهمية وإدارتها من شخص واحد"، وفي الحديث عن جدوى الحسابات الوهمية يقول المرواني إن "جهة تملك السلاح والسلطة ولا تخاف وتدخل بحسابات وهمية، ماذا يعني دخول المسيطر على الساحة العراقية بحساب وهمي؟ أعتقد أنه يريد استخدام حقيقته بالتهديد والضغط والسب والشتم من دون أن تعرف الناس من هو لأنه يخاف من الرأي العام".
لكن ورغم ما يقال عن التهديدات ودخول الجماعات المسلحة للتطبيق، يرى الصحفي محمود النجار، تطبيق "كلوب هاوس" بأنه "متنفس للشباب الطامح للتغيير، من خلال تحويل نشاطهم الإعلامي والمدني من الشوارع إلى المنصات العالمية".
ويشير النجار إلى أن "منصات التواصل الاجتماعي تتعرض لهجمات شرسة بشكل مكرر، وهذا ما يفتعله أنصار الميليشيات المسلحة، والجيوش الالكترونية المرتبطة بالأحزاب السياسية في العراق"، لافتًا إلى أن "هذا التحدي يشوه حركات حرية التعبير التي تحاول تشكيل الرأي العام الوطني الموحد بهدف مناصرة القضايا الإنسانية العادلة، حيث أثبت ثوار وشباب تشرين بأحقيتهم في الدفاع عن حقوقهم المشروعة عن طريق الاحتجاج الالكتروني عبر تطبيق كلوب هاوس".
وبرزت مؤخرًا تسريبات عن إمكانية حظر التطبيق عن المستخدمين بالعراق من خلال مجلس النواب.
ويقول عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية عباس صروط، في تصريح صحفي إن "حظر تطبيق (كلوب هاوس) في العراق من قبل الجهات الحكومية المختصة، وارد جدًا، إذا كان هذا التطبيق يشكل تهديدًا على الأمن القومي، من خلال استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية في التواصل ولعدم وجود رقابة عليه من قبل جهات محددة لمنع استغلاله من قبل الجماعات الإرهابية".
ويضيف صروط أن "لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، ستناقش هذا الأمر مع الجهات الحكومية المختصة، ثم سيكون قرارًا بعد المناقشة والدراسة، وقضية حظر التطبيق واردة إذا لم يتم مراقبته لمنع استغلاله في تواصل الإرهابيين فيها بينهم دون أي رقابة".
ورصد "ألترا عراق" غرف داخل التطبيق حملت أسماء تبث على الكراهية والتحريض ضد ناشطين ومدونيين عراقيين، وعلى ما يبدو حملات التشهير والتسقيط في "فيسبوك" و"تويتر" قد انتقلت للتطبيق الجديد وبشكل صوتي.
ودعا الصحفي عمر الجنابي الشباب المعارضين للنظام السياسي لا سيما الطبقة الواعية والمثقفة إلى "التعاضد ومساندة بعضهم لمواجهة خطاب الكراهية والتهديد الذي يتصاعد بشكل مخيف في العراق وتسبب بقتل واختطاف وتغييب عدد كبير من صناع الرأي والمؤثرين في الرأي العام، وحتى أولئك الرافضين لخطاب الكراهية والذين على تماس مع متبني خطاب الكراهية والتحريض".
ويضيف "للأسف أجهزة الدولة العراقية وخصوصًا الأمنية منها، نأت بنفسها عن التدخل لوقف حملات التحريض والكراهية، بل عجزت عن إيقاف جرائم بدأت بتحريض علني ولم تردع الجهات المتورطة بارتكاب هذا النوع الخطير من الجرائم على المجتمع العراقي".
وأُطلق تطبيق (كلوب هاوس) في آذار/مارس من العام 2020، على يد رائدي الأعمال بول ديفيدسون وروهان سيث، وزادت شعبية هذا التطبيق الالكتروني، الذي يشترط لتحميله على الهاتف دعوة من مستخدم فعلي له، في الفترة الأخيرة بعد أن أكد عدد من المشاهير استخدامه.
اقرأ/ي أيضًا:
"هوتلاين": تطبيق دردشة صوتية جديد من فيسبوك تحت الاختبار لمنافسة "كلوب هاوس"