08-أبريل-2022
الغزو الأمريكي

نحو عقدين على تجربة الغزو  (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

في 9 نيسان/أبريل 2003، أصبح سقوط نظام حزب البعث واقعًا حقيقيًا أمام العراقيين بعد مراقبة لأحداث غير معلومة النهاية، وما إذا كان رئيس النظام سيذهب إلى الأبد حقًا، لكنّ مشهد إسقاط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس وسط بغداد بعد ساعات من تمكّن الدبابات الأمريكية من اقتحام العاصمة بغداد، قد حسم الأمر وفتح مرحلة جديدة أمام العراقيين.

 اختلف العديد من العراقيين حول الغزو الأمريكي بسبب ما تركته فيهم تجربة الاستبداد المتمثلة بحكم صدام حسين لـ35 عامًا

كانت المشاعر متضاربة والآراء متشظيّة، وهو اختلاف اختبره العراقيون في هذه الرحلة الجديدة التي ستضمر لهم المزيد من التشظي والانقسامات التي ستصل لمراحل دموية فيما بعد.

وكما يبدو، تمثّل تضارب المشاعر بين شرائح تمثلهم فئات محتفلة متجمهرة حول تمثال صدام حسين وهو يهوي على الأرض ويستلقي تحت أقدام المحتفلين بعد سنوات من الخوف وعدم التجرؤ على الإساءة لرمزية صدام حسين، وعلى الجانب الآخر كانت الدهشة حاضرة وانعدام التيقن التام من حقيقة ذهاب صدام حسين إلى الأبد، فيما كان آخرون يترقبون ما سيتدفق إلى العراق بعد دخول الأمريكان، من منتجات وأطعمة فاخرة لم يشاهدوها إلا في التلفاز بعد سنوات من الحصار الاقتصادي، فهذه "أم رعد" المرأة الستينية، وهي تسير في إحدى أزقة مدينة الصدر مخاطبة جيرانها لتبشرهم بأن الأمريكان سيدخلون "الماكنتوش واللكستك" إلى العراق، وهي نوعيات فاخرة من الحلويات والمثلجات.

وتتعدّد المشاعر التي ولدت لحظة "السقوط"، كان هنالك العديد من الأشخاص الغاضبين من مشاهد غزو البلاد ودخول الأمريكان إلى بغداد بدباباتهم ومدرعاتهم، بغض النظر عن موقفهم من صدام حسين ونظامه، حتى انعكست وجهات النظر المختلفة هذه على الأطفال، الذين كان بعضهم ينتظر أعطيات الجنود الأمريكان من أطعمة وحلوى غريبة، فيما كان أطفال آخرون يرفضون آخذ شيء من "الجنود الغزاة" ويترفعون عن التقاط ما ينثره الجنود على الأرض إلى الاطفال من على سطح مدرعاتهم.

الأمريكان

وبعد تجربة مريرة، أصبح المتغنون "بالغزاة" موضع سخريّة حين تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي صورًا ومشاهدًا من أحداث 2003، خصوصًا لما أنتجه الغزو الأمريكي من فوضى، وعدم وضع واشنطن لخطط ورؤى لعراق ما بعد صدام حسين، لـ"تحكم الطائفية والمحاصصة والفساد العراق منذ 19 عامًا". 

ومن هنا، تطرح تساؤلات عن رؤية العراقيين بعد هذه التجربة، وكيفية استقبالهم لأي غزو جديد قد يطيح بالنظام الحالي الذي يعيش بالفعل أزمة قبول شعبي عام، أو رؤيتهم تجاه مفهوم الغزو عمومًا.

وفي استفتاء سريع أجراه "ألترا عراق"، كانت 70% من الآراء ترفض الغزو رفضًا تامًا، فيما كان 10% من شريحة الاستفتاء رافضة مبدئيًا إلا أنها رجحت إمكانية القبول بناء على أهداف الغزو للتخلص من النظام الحالي، و10% أخرى كانت موافقة على وقوع غزو جديد لإسقاط النظام الحالي بصفته "حل وحيد"، إما الـ10% الأخيرة من شريحة الاستفتاء، فقد اعتبرت أنّ "حدوث غزو من عدمه هو تسلسل حتمي للأحداث وواقع يجب التعامل معه كما هو".

التغيير الخارجي.. يقتل الدولة بجريرة النظام

بالرغم من ان العراقيين على مدى التاريخ "شعب قلق وغير متصالح مع السلطة وعدم رضوخهم لأي حاكم إلا أنهم لن يستقبلوا التغيير الخارجي المباشر"، بحسب الباحث في الشأن السياسي أحمد الياسري.

ويقول الياسري في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "التغيير الذي حصل في بغداد واسقاط النظام السابق، كان تغييرًا ليس من الداخل بل من الخارج، وأكثر التغييرات المفروضة من الخارج إلى دول تحكمها الأنظمة الدكتاتورية فشلت فيها الديمقراطية، مثل أفغانستان وليبيا وكذلك العراق"، مبينًا أنّ "كل هذه الدول لم تنجح ولم تستقر بسبب التدخل الخارجي".

ويفسر الياسري سبب فشل التغيير الخارجي، لكون "عمليات إسقاط النظام من الخارج أشبه بإسقاط الدولة، حيث أنّ الفاعل الخارجي يعتقد أن كل مؤسسات الدولة هي خاصة بهذا النظام لذلك يتمّ استهدافها، وحينما يسقط النظام تسقط معه جميع مؤسسات الدولة وهذا ما حصل في العراق، مثل حل الجيش العراقي وانهيار المؤسسات الأمنية، لذلك أنّ انهيار المؤسسات مرتبط دائمًا بالتغيير الخارجي".

ويرى الياسري أنّ "العراقيين يرفضون عمليات الفرض والتغيير من الخارج، ويرون أن هذا النظام موجود بآليات ديمقراطية ويشترك الكثير من العراقيين بإنتاج نخبه لكنهم يعتقدون أنه جسم غريب زرع في البيئة السياسية العراقية، لذلك حالة اغتراب النظام السياسي مازالت قائمة". 

بسبب مجيء النظام السياسي الحالي مع تجربة الغزو الأمريكي فهو لا يزال يعيش حالة اغتراب بالرغم من مرور نحو عقدين 

وبينما لا ينكر الياسري وجود ترقب لدى "بعض المتضررين" لتغيير خارجي يزيح هذا النظام، إلا أنّ "السواد الأعظم من العراقيين يتبنون التغيير الداخلي وأبرز مصداق لهذا هو ثورة تشرين وتداعياتها"، بحسب الياسري.